زمةالوعي في الموجة الثانية من الربيع العربي
نظرة فاحصة لما يجري في بعض الدول العربية ،نجد اننا امام تحول هائل في درجات الوعي، بل في مستوي التحدي والإصرار علي التغيير الأوضاع الداخلية ،ولكن من الجهة اخري تقوم النظم التعسوفية برد فعل شديدة القسوة
أوضح التاريخ خلال القرن الماصي عن تحولات عظيمة في النظم السياسية اكانت في الدول الغربية والأكثر نموا، وكذلك في الدول الأقل نموًا اقتصاديا بما فيها الدول العربية.
تطور الفكر الغربي
انتهي العصر الوسيط او ما يعرف بعصر الظلام
الذي تميز بالجمود الفكري والحروب الدينية وانهيار منظومة القيم الأخلاقية، الي الحد قام الباباوات الي بيع أماكن في الجنة او ما يعرف بصكوك الغفرانIndulgence ،وانتشار الشذوذ الجنسي داخل الكنائيس الكاثولوجية
ان سقوط الكنيسة الكاثلوكية وصعود الفكر الديني المتحرر ممثلا في الكنيسة البروتستانتية ، ومن ثمه الفكر التجريبي في إنجلترا ،من جهة والعفلاني في ألمانيا من جهة اخري، أدي الي سرعة التحولات الاقتصادية. وهنا نشير الي النقلة الفكرية الكبرى ممثلة في إحلال الإنسان مركزا للمعرفة والتخلي من مركزية الله او ما يعرف بالسؤال الأساسي لماذا تحدث الظواهر الطبيعية الي كيف تحدث هذه الظواهر، وبالتالي تفكيك الظاهرة الي عناصرها الأولية ثم الافتراض العلمي الذي أدي الي القانون
أزمات ام فوضي
نظرة عميقة لما يحدث في شرق العالم خاصة في الصين والحروب الكبرى التي قادها ماو سي تونج من حرب الأفيون الي التحرر من الاستعمار الي الثورة الثقافية مما أدي الي حدوث الفوضى وسيطرة الفكري الهمجي، وانهيار منظمومة القيم الأخلاقية، ومعايير السلوك الاجتماعي ، ولكن هده التحولات مهدت الطريق الي المجتمع الجديد الممثل في مواكبة الثورتين العلمية و الصناعية.بعبارة اكثر وضحا بان الهمجية تبلورت خلال بدايات نصف الثاني للقرن الماضي من ثمه كانتا ضرورتان لتمهيد الطريق لمرحلة جديدة،ولم تكن الفلسفة بعيدة بل في المقدمة من احلال اطرحات الفلسفة النفعية والكانتية الجديدة والفكر المتعالي والاهتمام بالفرد كعالم مستقلا ممثلا في فرادريك نيتشة والإنسانيات الوجودية ليهدجر وجان بول سارتر وسيمون دي بوفوار واخيرا كامي حيث قام هؤلاء الفلاسفة في طرح أفكارهم من خلال قالب ادبي خاصة سارتر وألبرت كامي
الانسان الغربي والهروب من البؤس والهيمنة الدينية
يبدو ان حرية الإرادة هي المحور الأساسي لانطلاق الانسان في الغرب فعلي سبيل المثال يري سارتر ان الانسان يتمتلك حرية الإرادة وبالتالي يختار قرارته بدون وصي علية ،وهو يعني بهذا تعاليم الكنيسة وبالتالي فهو مسؤؤلا عن هذا الاختيارات، فلا مكان للبؤس والخرافات في الفكر بل انت
كأنسان حرًا في اختيار العبث ولا معني او التغيير المنطقي .وهنا يمكن ان نقول ان الفكر الغربي المعاصر يقوم علي التمسك بالحرية ومسؤلية الاختيار، ولكن هذا لا يعني ان يظهر ألبرت كامي وينادي بالعبثية والامعقول في رويته الطاعون.لابد من الإشارة الي وليم جمس والفلسفة النفعية كقيمة أخلاقية مادية. ان كل هذه المتغيرات في الفكر الغربي تقوم علي افتراض ان الانسان هو محور لمركزية العالم فهو هو الذي يختار السعادة والبؤس والجمال و القبح والتغيير الإيجابي او التراجع السلبي
انبثقت الماركسية كفكرمن المفكر الأماني هيجل ولكن تحولت علي يد ماركس الي وجود فعلي داخل الحركات التحررية في العالم
العالم العربي
يمكن دراسة العالم العربي من خلال مرحلتين ما فبل الحرب العالمية الاولي وما بعد الحرب العالمية الثانية.المرحلة الاولي تتمثل في سيطرة الفكر العثماني وتابعيه الدول التي كانت آنذاك تحت حكم السلطنة العثمانيه السنية أي ان الخطاب الفكري كان دينيا بامتياز الي ان أتت المرحلة الثانية.
بدأت المرحلة الثانية بعد الحرب العالمية الثانية ممثلة في حركات التحرر من الاستعمار ولكن تواكبت هذه المرحلة مع نمو الوعي الثقافي والسياسي لدي الشعوب العربية
النفط نعمة ام نقمة في انتشار الوعي
يختلف الباحثون عن دور النفط في بعض بلدان العالم العربي ما بين متفائلا لما ما ينبغي ان يحدثه النقط من متغيرات إيجابية في تحول هذه المجتمعات البدوية الي سكان المدن، ولكن بين ثراء غير إيجابي بسبب غياب مفهوم العمل وانتشار النمط الاستهلاكي ،ويري باحثون اخرون بان النفط عطل النمو التدرجي لعمليات التحول الاجتماعي ومن ثمه توسعت مطامع الدول الغربية في الثروة النفطية من خلال التشجيع علي الحروب الحدودية مثل الحرب العراقية الإيرانية وغزو العراق لدولة الكويت.كان الهدف ولازال الاستلاء علي هذه الثروات من خلال عمليات بيع مكثف للأسلحة كما هو الحال في بعض الدول
ثروات مالية بلا انتاج
المعروف ان ثروات الشعوب تنمو من خلال عملية تراكنية للعمل والإنتاج، ولكن ما حدث ويحدث ان بعض الدول العربية التي تراكمت ثرواتها المالية دون ان يقابلها تراكم تراثي معرفي
الفكر السلفي
تحالف السلفيون مع السلطة السياسية لدعم التراث السلبي من خلال التمحور حول الدين وتعميق الخطاب الديني ،لكي يخدم السلطوية السياسية مقابل الابتعاد عن التحول الإيجابي، وخلق مفاهيم وقيم جديدة،لا تتواكب مع التحولات الثقافية والعلمية في العالم المتطور، ومازال الحطاب الثقافي في العالم العربي يعاني من أطروحة الثابت والمتحول او من يصرون علي البحث عن مشاكل الحاضر في ثوابت الماضي وبغض النظرعن وضع الزمان والمكان فعلي السبيل الأزمات المالية التي حلها عمر بن الخطاب وإستراتجية الحرب في تجربة عمر بن العاص الخ
ان هذا الوضع نال ودعم النظم الاستبدادية طالما ان الثابت يدعم بالحجة من الماضي بعدم وجود ابدع عن هو كائن، وان الاستبداد اختيار الله لكي يختبر البشر وما عليهم أي البشر سوي الانتظار والانتقال الي حياة اخري تتحق العدالة فيها وهي العدالة السماوية
رؤية جديدة
انني اري ان هناك ضرورة دعم عمليات الوعي من خلال المتحول في الثقافة العربية ،ويتم ذلك من خلال التعليم القائم علي أسس علمية وتفكير علماني، من اجل بناء العقل النقدي في أبناء الجيل الحالي والقادم .
قد حان الوقت من تقليل عدد المدارس الدينية وتنقيح مناهجها بحيث تفرق بين ما هو تاريخي كإحداث تتميز بالعفوية ولا معرفية ومأهو معرفي تراكمي يودي الي تحولات إيجابية علي مستوي التقدم العلمي وانتشار الوعي
بين الثابت والمتحول
كتب عدد من الباحثين العرب في محاولة لفهم التراث العربي الإسلامي ومحاولة لصياعة خطاب عربي علي أساس مفهوم المتحول في الثقافة العربية
وقد استخدم هؤلاء روية المعتزلة في التاريخ الإسلامي من خلال تحريك مفاهيم اسلاميه ونصوص دينية وإعطاءها بعد جديد للتماشي مع طبيعة العصر مثل مشكلة الخيار والإجبار، ومن ثمه مشكلة الحكم وبالتالي حرية المسلم في الاختيارالتي أصبحت في مواجهه مع نظام الحكم المستبد مما أدي الي تصفية فكر المعتزلة خلال هذه الفترة الحرجة في الفكر الإسلامي
الثابت او متحول
بيد ان مشكلة الثاب والمتحول مرتبطة بمراحل الوعي خاصه في القرن الماضي والتحولات التي حدثت كنتيجة للحرب العالمية الاولي والثانية، ولهذا فإنني اري ليس هناك الثابت او الجامد ولكن تحول مستمر في درجات الوعي في المجتمعات العربية الإسلامية، وكلما ارتفعت مراحل الوعي وكلما زاد حراك التحول
الدكتور حسن عثمان دهب
عمل أستاذا عدة جامعات عربية ومنظمات أوروبية
الأميل [email protected]
لم
ساحة النقاش