الثروة المعدنية ونظام المقاطعات
دكتور حسن بخيت
رئيس اتحاد الجيولوجيون العرب
رئيس قطاع المساحة الجيولوجية – هيئة الثروة المعدنية
01228224563
نسمع كثيرا عن المحميات الطبيعية تلك البقاع التي تحتوى على ظواهر طبيعية نادرة يمكن ان تتعرض للانقراض أو التدمير تحت تأثير النشاط البشرى او الكوارث الطبيعية ومن ثم تفرض عليها الحماية من اجل بقائها وعلى الرغم من اتفاق الكثير حول فكرة الحماية ولكن هناك تباين في الآراء حول آليات التطبيق بين دولة وأخرى او بين دول العالم المتحضر ودول العالم النامي وأصبح التحدي هو كيف نحمى هذه المقاطعات بدون أضرار تصيب القطاعات الأخرى وعلى راسها قطاع الثروة المعدنية الذى تتشابك مواقعه مع مواقع هذه المحميات و الذي يعانى الأمرين مع أجهزة شئون البيئة من اجل الحصول على التراخيص اللازمة تحت دعاوى حماية البيئة دون مبررات منطقية وتلك نقطة مفصلية لابد ان تجد لها توافق يسمح باستغلال امثل للخامات مع المحافظة على البيئة ولا يسمح ان تستغل البيئة ككرت ارهاب فى وجه من يريد استغلال الثروات بدون مبررمادام هناك اشتراطات بيئية يتم الالتزام بها .
وعلى الجانب الاخر فإذا كانت الظواهر الطبيعية النادرة تجد من يحميها فان بعض المواقع التعدينية ذات الطبيعة الخاصة تنادى بل تستغيث من يعتني بها ويمنع إهدارها وينظم شئون استغلالها كونها مناطق ذات خامات فائقة الجودة مثل خامات الحجر الجيري بمحافظة المنيا بمصر او خامات استراتجيه ذات احتياطيات بسيطة مثل خام الالمنيت بمنطقة ابو غلقة بالصحراء الشرقية بمصر فالحجر الجيرى بمنطقة سما لوط يتمتع بجودة عالية ومواصفات قياسية تؤهلها للاستخدامات عالية المستوى منها الطبية والغذائية تعانى من سوء وعشوائية الاستغلال من ناحية الاستخراج و الاستخدام فسكاكين القطع تنهش هذا القطاع على مسافات مترامية الأطراف بلا رقابة او ضمير لإنتاج قوالب طوب ناصعة البياض ونراها كمن يسكب براميل من اللبن على الأرض مما يعرض ثروات البلاد للضياع وحرمان الأجيال القادمة منها وليس هناك عذر يقبل فى هذا الصدد بحجة وجود احتياطيات كبيرة فهذا عذر اقبح من ذنب فهل يعقل أن تسكب دول الخليج النفط فى البحر بحجة وجود احتياطيات كبيرة فالحجر الجيري فائق النقاوة عندنا بمثابة النفط عندهم وبمثابة الذهب عند غيرنا لذا كانت الحماية مطلوبة من قبل الجهات المعنية من اجل وقف هذا النزيف وإعادة الأمور الى نصابها بتولى هيئة الثروة المعدنية مقاليد الامور لقطاع المحاجر بما لديها من الخبرات الفنية المتراكمة عبر ما يزيد مائة وخمسة عشرة عاما مما يؤهلها لقيادة هذا القطاع بكفاءة عالية مع ايجاد صيغة توافقية مع وزارة التنمية المحلية فيما يخص النواحى المالية .....
ومن ناحية أخرى فان هناك حماية من نوع اخر تتمثل فى الإبقاء على الخامات التعدينية الإستراتيجية ذات الاحتياطيات الصغيرة ومنع تصديرها مثل خام الالمنيت الذي يدخل في العديد من الصناعات التكنولوجية العالية فان تصديره إلى الخارج لا يحقق الفائدة المرجوة منه بل يجب إجراء الدراسات التي تساعد على استغلاله محليا وان لم تساعدنا قدرتنا التكنولوجية لاستغلاله حاليا فحمايته للمستقبل أفضل من تصديره.
نأمل ان نجد خرائط للجودة لكل خامة من خامات ثرواتنا التعدينية محددة المساحات والحدود والأركان والاحتياطيات والتحاليل الكيمائية وخلافه فى اطار منظم لقواعد معلومات متكاملة ويتم تقسيم جمهورية مصر العربية على هيئة مقاطعات تعدينية ( مناجم ومحاجر وملاحات ) محددة المعالم اسوة بما هو متبع عند تقسيم الاراضى ويتم طرحها مقاطعة تلو الأخرى للاستثمار كاملة البنية الأساسية تحت إشراف فنى من هيئات متخصصة للوقوف على حسن الاستغلال والاستخدام ونستطيع فى هذه الحالة تحميل مصاريف البنية الأساسية على المستثمرين داخل المقاطعة الواحدة حيت وفرة المواقع التعدينية و تقارب المسافات مما يقلل التكلفة و الوقت والجهد بالإضافة الى تسهيل مهمة الإشراف الفني عليها .
لا أكون مبالغا ان قلت ان عمليات استخراج الثروات التعدينية من باطن الأرض أدق واخطر من إجراء عملية جراحية لمريض حيث الضرر الذى سينتج من جراء الاستغلال العشوائي سيقضى على ثروات كان يمكن ان نحافظ عليها و نستفيد منها فى بناء مستشفى او نصنع بها الآلات للجراحة او سيارات إسعاف يمكن ان تنقذ حياة آلاف من المرض قد نستطيع استخراج فوطة نسيها طبيب فى بطن المريض ولكن لا نستطيع استخراج طن خام تم ردمه تحت أنقاض الآلاف الأطنان من جبال النفايات الا بخسارة محققة ....... إنها الحقيقة فهل من مجيب نأمل ذلك
ساحة النقاش