وثائق سرية تكشف أساليب التعذيب المعتمدة في غوانتانامو

الإيهام بالغرق.. وصندوق الحشرات.. والدفع نحو الحائط.. والحرمان من النوم

واشنطن: غريغ ميلر، جوش ماير *
كان يمكن الإبقاء على المعتقلين مستيقظين لأكثر من أسبوع كامل، كما كان يمكن تجريدهم من ملابسهم، ولا يُقدم لهم طعام سوى السوائل، علاوة على هذا كانوا يلقى بهم تجاه الحائط 30 مرة متتابعة. وفي إحدى القضايا، أُخبرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن بمقدورها استغلال خوف أحد كبار معتقلي القاعدة من الحشرات، وذلك عبر تعذيبه بوضعه داخل صندوق مليء بالبق. وعند فشل كل السبل الأخرى، تحولت الاستخبارات المركزية إلى ما وصفته مذكرة وزارة العدل بأنه «أكثر أساليب التعذيب إيذاء»؛ وهو استخدام أسلوب الإيهام بالغرق خلال التحقيقات. وبالكشف عما أسماه «بالفصل الأكثر ظلمة وألمًا في تاريخنا»، أماط الرئيس أوباما يوم الخميس اللثام عن مجموعة من وثائق وزارة العدل السرية، والتي تتضمن تعليمات كتابية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بخصوص أقصى مدى يمكن أن تصله إليه من أجل استخلاص المعلومات من المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية. وتعرض هذه المذكرات تقريرا يعد الأكثر تفصيلا حتى وقتنا الحالي عن وسائل التحقيق التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مع المشتبه في تبعيتهم لتنظيم القاعدة داخل سجون سرية منتشرة حول العالم، بالإضافة إلى المسوغات القانونية التي اعتمدت عليها إدارة بوش لتبرير استخدام هذه الأساليب. وفي ذات الوقت، طمأن أوباما موظفي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وباقي العملاء الأميركيين أنه ستتم حمايتهم من الخضوع للمحاكمة أو التعرض لأي إجراء قانوني آخر بسبب الأدوار التي اضطلعوا بها في جهود البلاد لمكافحة الإرهاب على مدار الثمانية أعوام المنصرمة. وقال أوباما في رسالة حُملت إلى موظفي وكالة الاستخبارات المركزية، مفسرًا قراره بالإفراج عن هذه المجموعة من الوثائق التي حارب كبار موظفي الوكالة وبعض كبار المسؤولين داخل إدارته للإبقاء عليها طي الكتمان: «حان وقت الكشف، وليس وقت العقاب».

وصاغ هذه المذكرات مكتب المستشار القانوني بوزارة العدل، وهي الوحدة التي كانت في بؤرة سلسلة من النقاشات خلال عهد إدارة بوش بشأن حدود السلطة التنفيذية ووسائل مكافحة الإرهاب. ومن مؤلفي هذه المذكرات الجنرال جاي بايبي, والذي كان وقتها مساعد المحامي العام، ثم عُين قاضيًا بعد ذلك في محكمة استئناف الدائرة التاسعة. وكان ينظر إلى الكشف عن تلك المذكرات على أنه اختبار التزام بالشفافية، كانت إدارة أوباما تعهدت به، بالإضافة إلى وعد بتغيير سياسات مكافحة الإرهاب التي اتبعتها إدارة بوش. ومع ذلك، كانت هناك انتقادات لهذا القرار من قبل المحافظين وكبار مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية، إذ حذروا أن هذه الوثائق المفصلة شديدة السرية يمكن أن تتحول إلى ما يشبه كتيب التدريب على الصمود أمام عمليات التحقيق بالنسبة للقاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى. وقال مايكل هايدن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية, إن الكشف عن هذه الوثائق سيجعل الدولة أقل أمنًا، حيث علم الأعداء هذه الأساليب التي من المحتمل أن يتم الموافقة عليها مرة أخرى في المستقبل. ومضت تلك الوثائق إلى ما هو أبعد من سرد الأساليب التي حصلت وكالة الاستخبارات المركزية على تفويض لاستخدامها، واتجهت إلى الكشف عن تفاصيل كيفية إدارتها وتوجيهها.

وأوضحت الوثائق أن السجناء كان من الممكن أن يتم تصفيدهم وإبقاؤهم واقفين لأكثر من 180 ساعة. وأشارت أيضًا إلى أن أكثر من 12 معتقلاً لدى وكالة الاستخبارات المركزية حرموا من النوم لمدة 48 ساعة على الأقل، وثلاثة منهم لأكثر من 96 ساعة، وأحدهم حرم من النوم لحوالي 8 أيام، وهو الحد الأقصى المسموح به. وبدا أن هناك وثيقة أخرى توافق على الحرمان من النوم لأكثر من 11 يومًا. وفي بعض الحالات، تحدثت المذكرات عن خطط استجواب محددة، فعندما اقترحت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وضع أحد المشتبه بانضمامهم إلى القاعدة في صندوق مملوء بالحشرات، وافقت وزارة العدل على الفكرة، لكن اشترطت أنه من الضروري تفادي انتهاك الوكالة للمعاهدة الدولية ضد التعذيب. وذكرت وثيقة يرجع تاريخها إلى عام 2002، وأُرسلت إلى القائم بأعمال المستشار العام لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: «إذا فعلتم ذلك.. يجب عليكم إخباره أن لدغ هذه الحشرات لن يفضي إلى الموت أو يتسبب في ألم مبرح». وأوضحت ملحوظة على هامش المذكرات أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تنفذ أبدًا خطة الاستجواب باستخدام الحشرات تلك. وتضمنت الوثائق أيضًا نقاشًا قانونيًا مفصلاً حول أسلوب الإيهام بالغرق، حيث أشارت مذكرة يرجع تاريخها إلى 10 مايو (أيار) 2005، وهي واحدة من المذكرات العديدة التي بدا أنها تجتهد لإيجاد مسوغات قانونية للأسلوب الموضح أنه يمكن إيهام المعتقل بالغرق ست مرات على الأكثر خلال جلسة استجواب تدوم لساعتين. واشترطت الوثيقة وجود طبيب في الخدمة عند الطلب في حال لم يتعاف المعتقل بعد إعادته إلى الوضع القائم من جديد. وفي هذه الحال ذكرت الوثيقة: «وسيكون تدخل الطبيب عبر عمل تجويف في القصبة الهوائية» للسماح بعملية التنفس. وتغطي الوثائق الأربعة فترة زمنية تمتد ما بين عامي 2002-2005، وذلك خلال الفترة التي كانت تعيد فيها الحكومة حساباتها بشأن نهج أساليب الاعتقال والاستجواب بعد افتضاح حقيقة سجن أبو غريب. وسبق نشر هذه الوثائق شهور من المناوشات بين مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة العدل حول كيفية نشرها. وصرح مسؤول بالوزارة بأن وزير العدل إريك هولدر حث على أن تتم عملية نشر كاملة لهذه الوثائق للمساعدة في عملية استعادة الثقة بوزارة العدل من جديد، والتي نالتها انتقادات من كل جهة بأنها التفت حول القانون لمواكبة الرغبات السياسية لإدارة بوش. ويوم الأربعاء، أصدرت الوزارة مذكرة تتبرأ فيها من الآراء المذكورة في الوثائق الأربعة، مشيرة إلى أنها لم تعد تمثل آراء مكتب المستشار القانوني.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»

hanyembaby

مهندس / هاني امبابي 00966548220741

  • Currently 168/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 1607 مشاهدة
نشرت فى 4 سبتمبر 2009 بواسطة hanyembaby

ساحة النقاش

هاني امبابي

hanyembaby
TEL +966548220741 [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,369,155