«إوعوا تقولوا البابا مات.. البابا انتقل للسماوات».. هكذا كان هتاف عشرات الآلاف من الأقباط داخل الكاتدرائية المرقسية وخارجها، فى 18 مارس من السنة الماضية، أثناء إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، وهو فى كامل هيئته الكهنوتية على كرسى القديس مار مرقس.. ذلك الهتاف الذى اهتزت له جنبات الكاتدرائية، ربما كان تعبيراً صادقاً عن حقيقة آمنوا بها وتمسكوا بوجودها لتخفف عنهم ألم الفراق.

وبعد عام على رحيل البابا شنودة، ينتظر الأقباط الأرثوذكس احتفالات الكنيسة القبطية بذكرى تنيح البابا الذى جلس على كرسيه 40 سنة و4 شهور، ويعد سابع بابا من حيث طول العمر، حيث عاش 88 عاماً و7 شهور، وكان أول بابا عضوا بنقابة الصحفيين، وأول بابا تفتتح فى عهده أديرة فى المهجر، وأول من صدر فى عهده لائحة أساسية للمجمع المقدس.

وتمتع البابا شنودة بحب كل المصريين والعرب، فكان راهباً وأديباً، وأصدر أكثر من 100 كتاب، ونوقشت 4 رسائل ماجستير ودكتوراه عن أعماله وإنجازاته، فكان بالفعل «الراهب الأسطورة» و«البطريرك المعلم»، الذي بكاه جميع المصريين، مسلمين وأقباط.

مواقف البابا شنودة السياسية تطفئ حرائق الوطن المشتعلة

دافع البابا شنودة عن القضية الفلسطينية على نحو غير مسبوق، حتى سبقت الكنيسة بعض المؤسسات الدينية الإسلامية فى مواقفها القوية تجاه الحقوق الفلسطينية، فهو البابا العربى الذى منع زيارة الأقباط للقدس رغم كل المعارضة من اتجاهات متعددة قائلا: « لن ندخل القدس إلا وأيدينا فى أيدى إخواننا المسلمين»

كان موقف البابا واضحاً من الاحتلال الإسرائيلي، كما أنه كان محل الاحترام من ياسر عرفات الرئيس الفلسطينى الراحل الذى كان يزوره فى العباسية كلما جاء إلى القاهرة وقد عقد مؤتمر شعبيا كبيرا فى الكاتدرائية المرقسية عام 2002 بعد تحديد إقامة عرفات دفاعا ودعما منه للقضة الفلسطينية والقضايا العربية، وموقفه الحاسم ذلك يحسب له.

اتسمت وصاياه بالوطنية الصادقة والقومية المخلصة، وبإدراك عميق كان البابا شنودة حريصاً على المشاركة فى كل المناسبات الوطنية، ومنها قيامه بزيارة«الجبهة» عدة مرات قبل حرب أكتوبر 1973 والتقى القادة والجنود، كما قام بتوفير الأدوية اللازمة أثناء الحرب والمساعدات الإنسانية.

وشارك أيضا فى الاحتفال برفع علم مصر على طابا فى 19 مارس 1989 كما بدأت الكنيسة فى عهده إقامة موائد الوحدة الوطنية فى شهر رمضان وهو ما سمى موائد العائلة المصرية، كما أنه وقف أمام بعض الأقباط رافضاً إنشاء حزب مسيحى سياسى يكون أعضاؤه على أساس دينى.

كان البابا، أثناء فترة عزله فى وادى النطرون، قال إن أوجه الاختلاف بينه وبين الرئيس السابق أنور السادات عديدة وإن أسبابا سياسية وقفت وراءها، خاصة أن السادات أراد تثبيت سلطته بوسائل أثارت مخاوف الأقباط، فقام البابا من ناحيته بإبلاغ الرئيس فحوى تلك المخاوف، معتبرا أن نقله مطالب الأقباط ومخاوفهم ليس هدفه أن تلعب الكنيسة دوراً سياسياً.
وفجر البابا مفاجأة تتمثل فى أن هذا الخلاف كان من الممكن لجمه فى أضيق الحدود، لكن الوسطاء بين الرئيس والبابا، ومعظمهم كانوا مسيحيين، وسعوا الفجوة بينهما، حتى سحب السادات اعتراف الدولة بمنصب البطريرك، وأوقف القرار الإدارى وفرض عليه الاعتكاف فى الدير وحدد إقامته ولم يستطع خلعه من الكرسى البابوى، إذ إنه يأتى بـ«قرعة هيكلية» من اختيار الله، ورغم هذا لم يحرض البابا الأقباط للخروج للتظاهر ضد السادات كى يعود لموقعه.

كان البابا دوما يخمد حرائق الوطن، فبعد مشكلة جريدة النبأ ومشكلة وفاء قسطنطين بذل البابا محاولات لضبط الأعصاب والحرص على سلامة الوطن وتماسك وحدته، لوعيه بأن العقائد تتعلق بالإيمان وقلوب مشبوبة بالعاطفة وبأن العلاقة الطيبة المتينة بين مسلمى مصر ومسيحييها، هى حصن الأمان الذى يربطنا، لذلك كان البابا عنصر توازن وحكمة واعتدال يبادر ويتحرك، وامتدت جهوده لقضية مياه النيل مع الكنيسة الإثيوبية.

وكانت عظاته دوما تحمل رسائل لأبنائه فى المهجر، حتى لا ينصتوا إلى الشائعات التى تتسرب إليهم دون أساس من الحقيقة عن أوضاع الأقباط فى مصر، وكثيراً ما تعرض البابا لانتقادات حادة واتهامات بأنه مسالم أكثر مما ينبغى، ورحل في هدوء وكبرياء كما عاش.

 

المصدر: جريده المصرى اليوم / الأحد 17 مارس 2013
hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 263 مشاهدة

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,789,622