اذاعت وزارة الدفاع الامريكية قبل يومين خمسة مقاطع من اشرطة تلفزيونية مسجلة عثرت عليها في منزل الشيخ اسامة بن لادن بعد اقتحامه واغتيال صاحبه ونجله واثنين من اتباعه، وقالت ان هذه المقاطع تقدم صورة تؤكد ان الشيخ بن لادن كان يقود تنظيم 'القاعدة' طوال الاعوام العشرة الماضية، وبالتحديد منذ احتلال افغانستان بعد احداث الحادي عشر من ايلول/سبتمبر عام 2001.
المقاطع لا تتضمن اي جديد، وابرز ما فيها لقطة غير واضحة لكهل يتابع برنامجاً لقناة 'الجزيرة' الفضائية يتضمن شريطاً مصوراً ظهر فيه زعيم تنظيم 'القاعدة' قبل عام، ويتحدث فيه عن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والتواطؤ الرسمي العربي معه.
فما هو الغريب او الجديد في ان يتابع رجل مطارد لا يغادر منزله على الاطلاق، برامج التلفزيون، وما هو العيب في ان يشاهد شريطاً مصوراً سربه الى محطات التلفزة الدولية لشرح وجهة نظره، حول عدوان اسرائيلي غاشم على قطاع فلسطيني محاصر ادى الى استشهاد 1400 شخص، نسبة كبيرة منهم من الاطفال والنساء؟
الادارة الامريكية بالافراج عن هذه الاشرطة، وفي مثل هذا التوقيت، اي بعد اسبوع تقريباً من اغتيالها زعيم تنظيم 'القاعدة'، ارادت ان تحول الانظار عن الشريط الاهم الذي يطالب به الملايين، بل مئات الملايين، من المسلمين وغير المسلمين، ومن المفترض ان يكشف عن جثمان الشيخ بن لادن، وكيفية دفنه غير الاسلامي في مياه المحيط.
العالم لا ينتظر لقطات لزعيم تنظيم 'القاعدة' يشاهد التلفزيون، هذا اذا كان الشخص الذي في اللقطات هو نفسه اسامة بن لادن، وانما ينتظر الرد الامريكي على الانتقادات والشكوك المتعاظمة حول كيفية تنفيذ عملية الاغتيال والظروف المحيطة بها، والمتورطين فيها.
بمعنى آخر فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على ألسنة مئات الملايين هو حول المبررات التي دفعت الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر، للاقدام على اغتيال شخص اعزل امام اطفاله، بدلاً من اعتقاله وتقديمه الى محاكم عادلة، اسوة بالآخرين، بمن في ذلك القادة النازيون، او سلوبودان ميلوسوفيتش زعيم صربيا؟
الامريكيون يطالبوننا دائماً، نحن ابناء العالم الثالث، بضرورة الاحتكام الى القانون واحكامه، والتحلي بالشفافية، بل اقصى درجاتها، فأين شفافيتهم تجاه قضية اغتيال زعيم تنظيم 'القاعدة'، ولماذا لا نرى الحقيقة كاملة حول عملية الاغتيال هذه وجثمان ضحيتها، فهو في نهاية المطاف يظل انساناً، رغم اختلافنا كلياً مع تنظيمه وادانتنا لقتل المدنيين، ويستحق ان يحاكم في محاكم دولية عادلة، من قبل قضاة محايدين مع الحق الكامل في الدفاع عن النفس حول جميع الاتهامات التي قد توجه له.
ساحة النقاش