منبر من لامنبر له

موقع للتواصل وتبادل الأراء والأفكار وللنشر .

 

شيماء.. حسين.. بدر الدين.. سلمى.... وغيرهم كثيرون، قدموا من ولايات متعددة، تتفاوت أعمارهم، بين من لا زالوا في سن الطفولة، وبين الشباب وكبار السن، نظراتهم واحدة، وآلامهم واحدة، ومطالبهم واحدة أيضا، قد يتساءل سائل، عن القاسم المشترك بينهم جميعا، قبل أن يدرك أنهم جميعا يمثلون"ضحايا الأخطاء الطبية"، أشخاص دفعوا من حياتهم حينا، ومن صحتهم وسلامة أجسادهم حينا آخر، ثمنا لإهمال طبيب، أو خطا جراح، أو غفلة آخر، ضحايا، أدركوا أن ما وقع قد وقع، وانه ليس بأيديهم أن يغيروا شيئا، لكن من حقهم، ألا يتعذبوا أكثر، وألا يتكبدوا مزيدا من المعاناة على معاناتهم، وألا يضيفوا لآلامهم وأمراضهم، آلاما أخرى وأمراضا أخرى، فرضت عليهم بأيدي، من وضعوا أجسادهم أمانة بين أياديهم.

إذن فبعد اخذ ورد، وجولات ماراطونية، بين المستشفيات والعيادات الخاصة وأروقة المحاكم والعدالة، قرروا أخيرا ألا مناص لهم من الاعتصام والاحتجاج للتعبير عن معاناتهم وإسماع أصواتهم للقاضي الأول في البلاد لعله يتدخل لينصفهم مثلما أنصف الكثير من المظلومين قبلهم، قدموا وتكبدوا مشاق السفر، رغم كل ما يسببه لهم من أذى وتعب، ورابطوا بالقرب من رئاسة الجمهروية، كي يسمعوا أصواتهم، ويطالبوا بحقوقهم كاملة غير منقوصة.

ربما رأينا الكثير من الحالات المرضية المؤلمة، وشاهدنا صورا مرعبة لكثير من المصابين، بأمراض متعددة، تحسرنا عليهم وأسفنا كثيرا لحالتهم، لكن ما قد تسمعه وتشاهده بالنسبة لضحية الأخطاء الطبية، أقسى من أي آمر آخر، أقسى، لأنه عليك أن تذكر نفسك ألف مرة، وأنت تتحدث إلى ذلك الشخص، انه كان إنسانا معافى، يتمتع بكامل قواه وصحته، وان خطأ واحدا، خطأ، ماكان ليقع، تسبب في إفساد حياته كلها، وفي قلبها رأسا على عقب.

من التهاب اللوزتين إلى الإعاقة الكاملة..

التهاب اللوزتين، من منا لم يعان من التهاب اللوزتين، أو لم يشهد أحداً من أقاربه أو أفراد عائلته يعاني منها، خاصة الأطفال الصغار، بل لعله يكون ابسط ما يمكن أن يتعرض إليه كل طفل، في أنحاء المعمورة، واستئصالهما، ابسط عملية جراحية عرفها الطب، مع ذلك، فإنها انتهت بشيماء صاحبة الخمس سنوات الآن، والتي قامت بإجراء العملية قبل نحو عام ونصف، إلى إعاقة دائمة، أفقدتها القدرة على الحركة والكلام، وأي أمر آخر، شيماء ذات الأربع سنوات حينما دخلت مصلحة الأنف، الأذن والحنجرة التابعة لمستشفى سعادنة عبد النور بسطيف، لنزع اللوزتين، ولكن الأمور تطورت إلى أكثر من ذلك، وتعرض الطفلة إلى نزيف حاد، تطلب إدخالها غرفة الإنعاش ثلاث مرات، ثم غيبوبة دامت 13 يوما، انتهت بها إلى هذا الشكل.

وهي حاليا على كرسي متحرك، يتولى والداها القيام بكل أمورها، بانتظار التكفل الجدي بحالتها، مع كل ما سببه لهما ذلك من

ضغوط نفسية وصحية كبيرة، وهما يشاهدان ابنتهما على هذه الحالة، التي حولتها من طفلة كانت تملأ البيت حيوية وبهجة ونشاطا، وضحكا، إلى طفلة مقعدة.سلمى.. "الكولاب" الطبي يتسبب في إعاقتها

سلمى، 7 سنوات، هي الأخرى تعاني من إعاقة حركية كاملة، مع عجزها عن النطق أو عن استعمال أي من حواسها، إضافة إلى ضعفها الجسدي الكبير، وتأخر نموها الواضح، يقول والدها الذي كان يحملها كرضيعة صغيرة، أنها تعاني من هذه الحالة منذ ولادتها، في عيادة خاصة ببومرداس، حيث تم استعمال، "الكولاب" الطبي  أو مثلما هي معروفة بـ"الفورسبس"، كما أضاف أن الأطباء الذين اشرفوا على عملية ولادتها لم يبلغوهم بالأمر في حينه، ولم يلاحظوا إلا بعد مرور حوالي 5 أشهر، أن الطفلة عاجزة عن التحكم بأعضاء جسدها، ولا تحركها، كما تأخر حبوُها ومشيها، وعدا عن المعاناة الكبيرة التي يتكبدها لأجل القيام بعملية إعادة تاهليها الحركي، فانه يعاني كثيرا لأجل جعلها تلتحق بأية مدرسة، حيث وحد صعوبات كبيرة، نتيجة لرفض مدراء المؤسسات التربوية التي قصدها استقبالها.

ختانه يقضي على حياته الجنسية

أما بدر الدين، فربما معاناته ادعى للحسرة والأسف، فحياته ومستقبله الأسري قد تحطما نهائيا، الخطأ الطبي الذي وقع ضحيته، جاء خلال عملية ختانه، بمستشفى مفتاح بالبليدة، حيث أصيب عضوه التناسلي بضرر شديد بفعل العملية أدى إلى تشوهه، رغم خضوعه لعملية لإعادته إلى ما كان عليه، لكن تأثير ذلك الخطأ لم يتوقف عند ذلك الحد، بل هو يخيم على حياته باجمعها، لأنه وحسب والده، الذي تحدث إلينا بكثير من الحسرة والغضب الممزوج بالأسى، انه لا يريد تعويضا، ولا يريد أي أمر آخر، بل يريد فقط معرفة مصير ابنه، الذي حكم عليه بالعجز بقية حياته، وهو لا زال طفلا، وحرم من حياته الزوجية ومن إنجاب الأطفال، ومن كل ما قد يفكر فيه أي شاب في المستقبل، وكل ذلك بسبب خطا طبي.

أخطاء طبية تخطف منهن أمومتهن

سيدات كثيرات كن حاضرات أيضا، سيدات في مقتبل العمر، انتزعت منهن البسمة والأمل وكل معاني الحياة، بعد أن حُرمن من اكبر وأغلى أمنية في حياة كل أنثى، أن تكون أما، من أسعفها الحظ منهن، خطفت، اجل نقول "خطفت" بهذا التعبير، طفلا أو طفلة، أما الأخريات، فقد اختطفت منهن هذه القدرة إلى الأبد.

السيدة" بيشاري نسرين" 23 سنة، تسبب "الكولاب" الطبي، في تمزيق مثانتها، أثناء عملية ولادتها بمستشفى الولادة ببلفور، العملية التي كلفتها متاعب صحية جمة حاليا، أفقدتها القدرة على التحكم باحتياجاتها الطبيعية، وأثرت على حياتها كلها، كل ذلك لأن من اشرفوا على توليدها أهملوا القيام بعملية إفراغ المثانة، التي تعتبر خطوة ضرورية جدا، قبل استخدام "الكولاب" الطبي في أية عملية توليد، لنتهي بها الأمر حاليا إلى ما هي عليه.

"الكولاب" الطبي، تسبب أيضا في استئصال رحم السيدة "حبيبة" بالكامل، التي قصدت عيادة السعادة بالمرادية، لوضع مولودتها الأولى، ولكن القوة والعنف الذي تم التعامل بهما من طرف من اشرفوا على عملية توليدها، تسبب في تمزيق رحمها، بحوالي 10 سم، أما الأدهى من كل ذلك، فإنها تركت على تلك الحالة ساعات طويلة، رغم صراخها ونزيفها، لتكون النتيجة في الأخير تعفنا كليا برحمها استدعى التدخل الجراحي لاستئصاله كليا.

آثار هذا الخطأ الطبي الفادح، اثر على حياة السيدة "حبيبة" بالكامل، ولعل ضررها النفسي يضاهي ضررها الجسدي بل ربما أكثر، حيث أضحت عصبية للغاية، كما أنها صارت سريعة التأثر وحساسة للغاية.

دخل المستشفى مبصرا وخرج منه أعمى

حسين هو الآخر شاب في مقتبل العمر، كان يعاني من ضعف بسيط في الرؤية، دخل على إثره إلى مستشفى بني مسوس، لخرج منه فاقدا القدرة على الإبصار نهائيا، خاصة بعد أن حوله الأطباء الذي اشرفوا على حالته هناك، إلى حقل تجارب بإخضاعه، إلى 7 عمليات جراحية على مستوى العين في اقل من شهر ونصف، ولم تفلح حتى قاعات الجارحة في فرنسا، التي حمله والده إليها في إصلاح ما أفسدته الجراحة في الجزائر، وهو الآن لا يستطيع الرؤية مطلقا، وتخلى عن دراسته مرغما، ويعتمد في كل تحركاته على والده، الذي تساءل بصوت يملؤه الألم والأسى، عمن سيتكفل به من بعده.

وفي نفس الإطار تقريبا أيضا، فقدت إحدى ضحايا الأخطاء الطبية عينها، بمستشفى بارني بالعاصمة، الذي قدمت إليه من ولاية سطيف، لعلاج عينها التي كان بها بعض الضرر البسيط، ولكنها لم تعتقد أبدا، أنها ستفقدها إلى الأبد، بعد أن قام المشرفون على العملية بانتزاع قرنيتها السليمة، التي لم تتفطن لها إلا بعد أن تفاقمت حالتها، وقصدت المستشفى بمقر سكناها حيث ابلغا الطبيب بان عينها مفقودة.

أما آخر عينة لدينا فتتعلق بسيدة في العقد السادس من العمر، دخلت عيادة "القدس" بحيدرة، لأجل استئصال أكياس على مستوى جهازها التناسلي، لينتهي بها الأمر إلى تخريب كلي في أعضائها الداخلية، تسبب لها حاليا، في عجزها عن قضاء حاجاتها الطبيعية بصورة عادية، بل كل حاجاتها تقضيها من جهازها التناسلي، وهو ما اثر سلبا على حياتها بشكل عام، حيث لا تستطيع التوجه إلى أي مكان، وتأثرت علاقتها بزوجها، واثر ذلك على نفسيتها بصورة كبيرة.

 

أخطاء... ولكن

طبعا قد يقول قائل، كلنا مخطئون، وجل من لا يخطئ، ولكن مثل الأخطاء السالفة الذكر، أخطاء فادحة، بالنظر إلى نتيجتها المرعبة على ضحاياها، هؤلاء الضحايا الذين لا يطالبون بغير إنصافهم، واخذ حقوقهم، والتكفل بهم، وحسب ممثلهم السيد "محي الدين أبو بكر الصديق"، وهو الآخر ضحية من ضحايا الأخطاء الطبية، يؤكد على وضرورة التكفل بهذه الفئة، التي دفع أصحابُها حياتهم، أو أصيبوا بإعاقات وعاهات مستديمة، حرمتهم من ممارسة حياتهم الإنسانية والمهنية والدراسية وكل إطار آخر، بشكل طبيعي، نتيجة للوضعية الكارثية التي آلت إليها مختلف المؤسسات الاستشفائية والعيادات الخاصة التي أصبح المواطن يدخلها، وهو يدعو أن يخرج منها على الأقل محافظا على سلامة أعضائه، إن لم يخرج منها ميتا. وعليه لخص محدثنا مطالبهم بالتدخل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لإيجاد حل لهم، ووضع إطار قانوني يحمي ضحايا الأخطاء الطبية، ويعاقب المتسببين فيها، لاسيما وان هذه النقطة بالذات لازالت تطرح الكثير من التساؤل، خاصة وانه رغم جميع الشكاوى المقدمة، والقضايا الموجودة أمام المحاكم في هذا الإطار، إلا انه لم يسبق وان عرفت أية واحدة منها الحل.

المصدر: حنان قرقاش جريدة أخبار اليوم
hammza2420

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في الموطن الخشن

ساحة النقاش

حمزة وعزيز

hammza2420
كلمة شكر اقدمها لمن استضاف موقعي ,وهذا المنبر هو للعموم للاطلاع على المستجدات والأخبار المحلية والجهوية والوطنية والدولية في ميادين شتى كالنقابات والجمعيات والأحزاب والمنظمات و......., ولتبادل الأفكار والمقترحات وتحية خالصة للجميع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

219,193