أيهود اولمرت ليس شخصا آخر من السياسيين يتم التحقيق معه، بل انه بقدر كبير يرمز الى الطريقة بأسرها. في مدرسة اولمرت للسياسة يمكن ان نتعلم كيفية الارتباط بأثرياء العالم اليهودي، كيفية تجنيد الدعم للحزب الذي يتنافس فيه المرشح في لحظة معينة، كيفية العمل على طرف حدود القانون، ولا سيما من خلال المبعوثين، كيفية تنمية عاطفين ومعجبين ومقربين وكيفية مهاجمة المنتقدين بنزعة من الشر، كيفية اخذ القروض التي لا يوجد لها موعد للتسديد، كيفية ادراج المتبرعين من الماضي في مشاريع اقتصادية في المستقبل، كيفية النجاة على مدى 35 سنة دون ادانة جنائية، فيما أن شركاءكم يسقطون الواحد تلو الاخر.
في احدى الحملات الانتخابية لليكود عمل اولمرت كأمين صندوق، وقع على تصريح كاذب لمراقبة الدولة، تحت أنفه ادير صندوق جمع التبرعات بطريقة ملفقة حيث عرض على المتبرعين فواتير وهمية لاغراض الضريبة، ومع ذلك خرج بريئا بينما ادين كل المتورطين الاخرين. فقد اقنع اولمرت القاضي عوديد مودريك بانه لم يعرف ولم يرَ، اعتمد على آخرين ووثق بانهم يعملون حسب القانون. خط دفاع مشابه سمع هذا الاسبوع في رده على التحقيق الحالي. موشيه (موريس) تلنسكي جلب التبرعات، اما المحامي اوري ميسر فكان ينبغي أن يحرص على سلامة تلقي الاموال، شولا زكين نسقت اللقاءات، ولكن مع أنهم جميعا عملوا بتكليف منه ومن أجله، الا انه لم يعرف. والان عليهم أن يختاروا بين السقوط معه، بدونه أو تحته.
اولمرت يعمل كنائب منذ العام 1973، موظف أجير عادي في الخدمة العامة. وفي هذا الزمن فان الفارق بين راتبه ونمط حياته أخذ في الاتساع. مع دخوله للكنيست أسس اولمرت مكتب محامين عرف فيه كيف يدمج بين مصالح عملائه ونشاطه البرلماني. في العام 1984 سن القانون الذي يحظر على النواب العمل في مصلحة بيوتهم في الوقت الذي يؤدون فيه الولاية في الكنيست، وانتقل المكتب الى شركائه الذين واصلوا التمتع بعلاقاته. السير على الحافة نجح حتى اليوم، ولكن لم يحصل في الماضي أن بدا بانه تحطمت النواة الصلبة لمخلصيه القريبين.
حتى قبل تحقيق تلنسكي، زكين وميسر، تحطم السور في القرار برفع لائحة اتهام ضد ابراهام هيرشيزون، من مقربي المقربين، فنان تجنيد الاموال والاستمتاع بالحياة بحد ذاته.
ليس هكذا ينبغي أن تدار السياسية، واذا قال اولمرت ان لا مفر من تجنيد التبرعات من الاثرياء فانه سيظلم سياسيين آخرين، كفؤين بقدر لا يقل عنه ومستقيمين ومتواضعين اكثر منه بكثير، يكتفون باموال تمويل الاحزاب. القانون يقرر الممنوع والمسموح في تجنيد التبرعات في البلاد وفي الخارج، والانتهازيون ورجال السير على الحافة يفسرونه ويخضعونه لاغراضهم ويضحكون على محترمي القانون في وجوههم. وعليه فحتى لو قال اولمرت المرة تلو الاخرى "هذا ليس أنا"، بل هي الطريقة، وهو الواقع، وهم المقربون، الشركاء، رجال ثقتي، المتبرعين لي، الاصدقاء، الصحافيين، الحاسدين، المنافسين، رجال اليمين، كلهم مذنبون وفقط أنا عنيت بمستقبل الدولة، فانه سيخطيء الحقيقة. اولمرت يمثل طريقة خاسرة، لعلها تنقضي أخيرا من السياسة بعد أن يقدم المزيد فالمزيد من الاشخاص مثله الحساب.
ساحة النقاش