وأكد أن مصر ليست في موضع اتهام أو مساءلة في جلسة المجلس الدولي لحقوق الإنسان, وأنها رحبت بعرض ملفها لرغبتها في إدارة حوار دولي عن الجهود التي بذلتها طوال5 سنوات, وطرحها لأهم التحديات والمصاعب التي تواجهها بكل شفافية وموضوعية.
* كيف تعاملت الحكومة مع إعداد ملف حقوق الإنسان المصري الذي تبدأ مناقشته غدا في المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف بحضور194 دولة؟
تم التعامل مع ملف مصر بصورة جدية باعتبارها مهمة قومية يتم من خلالها لأول مرة عرض ملف كامل عن جهود الحكومة في مجال حقوق الإنسان خلال خمس سنوات ماضية, وشرح لأهم التحديات وأوجه القصور والسلبيات التي نواجهها في التطبيق العملي علي أرض الواقع, والتي يجب أن يتم العمل علي تلافيها مستقبلا, لأن تطوير منظومة حقوق الإنسان ليس عملية سهلة بل تراكمية ومستمرة وتظهر نتائجها بشكل متدرج, ولا يمكن أن نعتبر أننا وصلنا لحد الكمال بها مثل إنجلترا وفرنسا وأمريكا, لذلك فنحن نتعامل مع هذه القضية بشفافية وموضوعية, ومن هذا المنطلق أصدر رئيس الوزراء قرارا بتشكيل لجنة ضمت ممثلين عن13 وزارة وهيئة حكومية لإعداد ملف مصر في مجال حقوق الإنسان منذ مايو الماضي, وقامت خلال خمسة أشهر بإعداد الصورة النهائية للملف من خلال عقد جلسات استماع مكثفة لكل وزارة لتقييم حالة وأوضاع الحقوق والحريات, وتقديمها لحصر شامل للخطوات التنفيذية والتشريعية والإدارية التي قامت بها كل هيئة حكومية ووزارة, وبعدها تم تشكيل لجنتين فرعيتين, الأولي تولت تقييم أوضاع الحقوق المدنية والسياسية في مصر, والثانية لتقييم أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, ثم تبعها إعداد التقرير بصورته النهائية من خلال خبراء بوزارتي الخارجية والشئون القانونية واعتماده من مجلس الوزراء الذي أدخل عليه عددا من التعديلات, وتم رفعه إلي المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف يوم11 نوفمبر وأعقبها بأيام قيام الأمم المتحدة بترجمته إلي جميع اللغات الأجنبية وتقديمه إلي194 دولة استعدادا لبدء إجراءات مناقشته التي تبدأ اعتبارا من غد.
* ما أسلوب مناقشة المجلس الدولي لحقوق الإنسان لملف مصر؟
مصر ذهبت لشرح الإجراءات والجهود التي قامت بها الدولة علي المستوي التشريعي والتنفيذي والقضائي في مجال إعلاء الحقوق والحريات, وتنفيذ الالتزامات الدولية التي وقعت عليها بمواثيق حقوق الإنسان, كما أن جلسة المناقشة لا تعد محاكمة توجه فيها الاتهامات, ولكن تمثل نوعا من الحوار بين أعضاء المجلس الدولي لحقوق الإنسان والحكومة المصرية بصورة فعالة لتعزيز حقوق الإنسان في مصر, والتغلب علي المصاعب التي تواجهها وسوف نستمع بعناية لكل المقترحات والتوصيات التي يعرضها ممثلو الحكومات في المجلس الذي يضم في عضويته47 دولة, وتم حتي الآن مناقشة ملفات80 دولة منذ بدء أعمال المراجعة الشاملة لملفات الدول منذ3 سنوات, وسيتم خلال السنوات الأربع المقبلة استكمال مناقشة ملفات باقي دول العالم.
وأريد أن أؤكد نقطة شديدة الأهمية أمام الرأي العام في مصر, وهي أن الوفد الحكومي المصري يذهب إلي المناقشة وليس لديه أي إحساس بأنه في موقع مساءلة أو اتهام, فعملية مراجعة ملف مصر هي عملية طوعية, وأن مصر من أوائل الدول التي أسهمت في وضع نظام, وقواعد هذه الآلية الدولية وتحرص علي نجاحها والتعامل معها من خلال المشاركة في تقديم ملفها ورحبنا بشدة بتقديم ملف مصر في موعده المحدد.
* هل دور الدكتور مفيد شهاب في رئاسته للوفد يعد محاميا للحكومة أمام المجلس الدولي بجنيف؟
لست محاميا وليست مصر متهمة أو هناك اتهام لها في مجال حقوق الإنسان تسعي لتبريره والدفاع عنها فيه أمام المجتمع الدولي, فدوري في رئاسة الوفد الحكومي الذي يضم ممثلين عن مجلس الشعب ووزارة الخارجية ووزارة الشئون القانونية, ومستشارين بمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا, هو عرض حالة حقوق الإنسان في مصر بإيجابياتها وسلبياتها حتي نستفيد مما يطرحه ممثلو الدول والحكومات داخل اجتماعات المجلس الدولي من أجل تلافي هذه السلبيات, وأي منصف يشعر بأن مصر نجحت خلال السنوات الماضية في إيجاد تحسن في حالة حقوق الإنسان بصورة أفضل مما كانت عليه, وإن ظلت أقل من طموحاتنا, وكمسئول ومواطن مصري فإن هدفي الحقيقي هو الاستفادة من أسلوب المراجعة الدولية للارتقاء بحالة حقوق الإنسان في مصر وتنفيذ التوصيات التي تقبلها الحكومة المصرية من أجل تحسين الحقوق الإنسانية ودعم الديمقراطية, وهذا تعهد أساسي من جانب مصر تم النص عليه في قرار لجنة إعداد التقرير بأن عملها سوف يستمر عقب مناقشة ملف مصر والعودة إلي أرض الوطن وسنقوم بوضع خطوات تنفيذية لتطبيق التوصيات علي أرض الواقع.
* ما أهم الأسئلة التي قدمتها دول المجتمع الدولي إلي مصر خلال الساعات الماضية وينتظر أن تقوم بالرد عليها في اجتماعات المناقشة؟
قدم عدد من الدول تصل إلي11 دولة مجموعة من الأسئلة الرئيسية إلي مصر تم تصنيف هذه الأسئلة إلي عدد من القضايا بسبب وجود أسئلة مكررة فيها, وإعداد ردود شاملة عنها, وشملت هذه الدول السويد وبريطانيا وألمانيا والنرويج وسويسرا وهولندا والدانمارك والتشيك وإيرلندا والأرجنتين ولاتفيا, وتناولت القضايا التي طلبت بيانات ومعلومات عنها وردودا من الحكومة المصرية بشأن أسباب استمرار حالة الطوارئ حتي الآن ومواد مشروع مكافحة الإرهاب وأسباب عدم انضمام مصر للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وطرق محاسبة المسئولين عن التعذيب, وأساليب تدريب القائمين علي إنفاذ العدالة وتطبيق القانون في مجال حقوق الإنسان من ضباط الشرطة ووكلاء النيابة والقضاة, وأسباب حالة الاحتقان الطائفي في بعض مناطق الصعيد وطريقة تعامل الحكومة معها وأسباب محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري ومدي الضمانات المتوافرة في هذا القضاء, وضمانات مراقبة الانتخابات من المجتمع المدني والدولي ومدي تقبلها للمراقبة الدولية للانتخابات, والإشكاليات التي تحدث في حرية الرأي والتعبير والصحافة, ومدي ترحيب مصر بدعوة المقررين الدوليين في مجال حقوق الإنسان لزيارة مصر والحوار مع الوزارات المعنية.
كما شملت الأسئلة سؤالا عن كيفية مواجهة مصر للهجرة غير الشرعية علي الحدود المصرية ـ الإسرائيلية, وأسباب تحفظ مصر علي بعض نصوص الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية القضاء علي أشكال التمييز ضد المرأة, وما رؤية مصر للتغلب علي العنف ضد المرأة, وأسباب استمرار تطبيق عقوبة الإعدام برغم حظر القانون الدولي لها, ووجود مخاوف من القيود الحالية علي عمل منظمات وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في مصر, والشكوي من تدخل جهة الإدارة في عملها, ومدي التنسيق بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان في مصر, وأسباب عدم زيادة تمثيل المرأة في المناصب القيادية.
* ما أهم التعهدات الطوعية التي قدمتها مصر للأمم المتحدة قبل إجراء مناقشة ملف حقوق الإنسان وترغب في تنفيذها؟
قدمت مصر11 تعهدا طوعيا شمل مجموعة من المبادرات والخطوات التي تعتزم تطبيقها لتدعيم جهودها في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية, وتشمل إجراء مواجهة شاملة للقوانين المصرية ذات الصلة بحقوق الإنسان لضمان ملاءمتها مع التزاماتها الدولية التي وقعت عليها, ودراسة الانضمام للاتفاقية الدولية للحماية من الاختفاء القسري, والبروتوكول الإضافي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, والبروتوكول الإضافي لحقوق لذوي الإعاقة ومراجعة تعريف التعذيب في القانون المصري, لضمان اتساقه مع التعريف بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب, ودراسة القانون المقترح بصدور تشريع موحد لدور العبادة, والنظر في تعديل قانوني المرافعات والإجراءات الجنائية لإيجاد ضمانات تحول دون تحريك الدعاوي القضائية, ممن ليس لهم مصلحة مباشرة في فرض الوصايا علي حرية الفكر والإبداع, والانتهاء من إعداد قانون مكافحة الإرهاب بصورة متوازنة, والتنسيق مع المجتمع المدني كشريك في جهود الارتقاء بحقوق الإنسان, وتعزيز برامج بناء القدرات ونشر الثقافة والتعليم بحقوق الإنسان.
* ما أهم التحديات التي اعترفت بها مصر في تقريرها؟
إن مصر مازالت في حاجة لبذل مزيد من الجهود للارتقاء بمنظومة حقوق الإنسان, والتأكد من تمتع المواطنين بها برغم تعاظم الإرادة السياسية للارتقاء بحالة الحقوق والحريات, وهو ما عكسته جهودها في الإصلاح والتطوير التشريعي والتوسع في البنية المؤسسية لحقوق الإنسان, فمازالت مخاطر الإرهاب بالمنطقة تؤثر علي مناخ الاستقرار, كما أن الأزمات المالية والاقتصادية والغذائية العالمية تؤثر علي جهودها في مجال مكافحة الفقر والبطالة, ودعم حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية, كما تؤثر الزيادة السكانية المطردة علي خططها في التنمية, ويمثل نقص التعليم حجر عثرة أمام نشر ثقافة حقوق الإنسان, وشيوع الموروثات الثقافية والعادات التقليدية بسبب الأمية يؤثر علي زيادة الوعي بقضايا حقوق الإنسان وتمتع المواطنين بحقوقهم, وتدرك الحكومة أن التشريعات والسياسات لا تضمن وحدها تعزيز الحقوق والحريات, بل تحتاج إلي جهود مستمرة من جانبها بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية لإقامة عمل مؤسسي جماعي وشراكة متواصلة, لتنفيذ توصيات المراجعة الدولية لدعم مسيرة حماية حقوق الإنسان بمصر*
ساحة النقاش