سوف نتعلَّم كيف نَصِف أهمية الأوكسينات في نموِّ النبات وتطوُّره، ونفسِّر تأثير الأوكسينات على الانتحاء الضوئي للنبات.
عندما نفكِّر في النباتات، فإننا نفكِّر في حقيقة أن النباتات تنمو في اتجاه ضوء الشمس، ولها جذور تنمو تحت سطح التربة لمساعدتها على امتصاص الماء والمغذيات. كما أننا نفكِّر أيضًا في حقيقة أن بعض النباتات تُنتِج ثمارًا، وأن هذه الثمار تَنْضَج وتسقُط على الأرض. لكن هل تساءلتَ يومًا كيف يقوم النبات بكل هذه الوظائف؟ وكيف تنسِّق النباتات أجهزتها المختلفة لتنمو وتتطور وتستجيب للمثيرات؟ إن هرمونات النبات هي التي تتحكم في جميع هذه الوظائف.
تعريف: الهرمونات
الهرمونات هي نواقل كيميائية تنتقل عبر جسم الكائن الحي، وذلك من خلال الدم عادةً أو من خلال أيِّ وسط ناقل آخر.
الهرمونات هي جزيئات، غالبًا ما تُسمى بالنواقل الكيميائية، تحفِّز شكلًا ما من أشكال التغيُّر في جسم الكائن الحي. وفي النباتات، توجد عدة فئات مختلفة من الهرمونات التي تؤدي مجموعة كبيرة من الوظائف، بدءًا من تحويل لون الأوراق إلى اللون البُنِّي في الخريف وصولًا إلى التحكُّم في فتح الثغور وإغلاقها.
على عكس الهرمونات الحيوانية التي تُنتَج في غدد معينة، فإن هرمونات النبات يمكن أن تُنتَج في معظم أجزاء النباتات، وبخاصة الأجزاء النامية. وللوصول إلى الخلايا المستهدَفة، يمكن أن تنتشر هرمونات النبات موضعيًّا إلى هذه الخلايا، عن طريق الجاذبية أو عن طريق الانتقال عبر أنسجة النقل في النبات. كما سنتعلم، فإن بعض الهرمونات لها آليات نقْل تتأثَّر بالضوء. وفي هذا الشارح، سنلقي نظرة على مجموعة من هرمونات النبات هذه؛ وهي الأوكسينات.
الأوكسينات هي مجموعة من الهرمونات التي تؤدي مجموعة كبيرة جدًّا من الوظائف في النباتات، بما في ذلك استطالة الخلايا وتحفيز السيادة القِمِّيَّة، واللذان سنتعرف عليهما أكثر في هذا الشارح. عادةً ما تُنتَج هذه الهرمونات بواسطة الخلايا الموجودة في أطراف الجذور وقمم السيقان.
مصطلح رئيسي: الأوكسينات
الأوكسينات هي هرمونات نباتية تتحكم في استطالة الخلايا، إلى جانب أدوارها العديدة الأخرى التي تشمل الحفاظ على السيادة القِمِّيَّة واستجابات الانتحاء الضوئي.
الأوكسينات مشتقة من كلمة يونانية تعني «النمو» أو «الزيادة». وتلعب الأوكسينات دورًا مهمًّا في تحفيز النمو في اتجاهٍ ما، وهو نمو النبات في اتجاهِ مثيرٍ معيَّنٍ في بيئته أو بعيدًا عنه. هذا النوع من استجابة النبات بالنمو يُسمى بالانتحاء.
تعريف: الانتحاء
الانتحاء هو النمو في اتجاهٍ ما أو الاستجابة الحركية إما بعيدًا عن المثير وإما اتجاهه.
هل سبق لك أن لاحظتَ أنه إذا وضعتَ نباتًا في وعاء بجوار النافذة، فإن النبات ينحني بصورة طبيعية نحو النافذة لامتصاص المزيد من ضوء الشمس؟ هذا النوع من استجابة النبات بالنمو يُعَدُّ مثالًا على الانتحاء الضوئي، ويساعد النباتات على تَلقِّي ضوء الشمس الذي تحتاجه للقيام بعملية البناء الضوئي. في الشكل 1، يمكنك رؤية حوض من بادرات الطماطم وُضع بجوار النافذة. يمكنك أن ترى أيضًا أن جميع البادرات تنحني نحو النافذة، وهذا يوضِّح الانتحاء الضوئي.
تعريف: الانتحاء الضوئي
الانتحاء الضوئي هو استجابة الكائن الحي بالنمو في اتجاه الضوء أو بعيدًا عنه.
يمكن أن تُظهر أجزاءُ النبات المختلفة الانتحاءَ الضوئي بعدة طرق. يوضِّح الشكل 2 كيف تختلف استجابة جذور النبات وسيقانه للضوء. دعونا نتعلم كيف تساعد هذه الاستجاباتُ المختلفة النباتَ على النمو والبقاء.
في معظم النباتات، عندما تنمو السيقان فوق سطح الأرض وتكون معرَّضة للهواء، تلعب الأوكسينات دورًا في تمكين الساق من الانحناء في اتجاه ضوء الشمس. وهذا ما يُسمى الانتحاء الضوئي الموجب. فكما ترى في الشكل 2، يسقُط الضوء على جانب واحد من الساق، في حين يظل الجانب الآخر في الظل. تُفرَز الأوكسينات من قمة الساق. وأثناء انتشارها لأسفل، تنتقل من الجانب المُشْمِس إلى الجانب المُظَلَّل من الساق. ويرجع ذلك إلى وجود بروتينات خاصة (تُسمى البروتينات المستقبِلة للضوء) على الجانب المُشْمِس تَنْشَط بواسطة الضوء، وتحفِّز نقل الأوكسينات بعيدًا عن هذه المنطقة. نتيجة لذلك، تحتوي الخلايا الموجودة على الجانب المُشْمِس على قليل من الأوكسينات. ومن ثم، يقل تحفيز استطالة هذه الخلايا مقارَنةً بالخلايا الموجودة على الجانب المُظَلَّل. يؤدي هذا النمو غير المتماثل إلى انحناء الساق في اتجاه الضوء.
الآن، كيف تؤدي الأوكسينات وظيفتها في الجذور؟ ثمة حقيقة مثيرة للاهتمام حول الأوكسينات، وهي أن التركيزات المختلفة لنفس الهرمونات يمكن أن يكون لها تأثيرات مختلفة على أجزاء النبات المختلفة. على سبيل المثال، وجود الأوكسينات بتركيزات عالية في سيقان النباتات يمكن أن يحفِّز استطالة الخلايا، بينما العكس هو الصحيح في جذور بعض النباتات. فوجود الأوكسينات بتركيزات عالية في جذور النباتات يمكن أن يؤدي إلى تثبيط نمو خلايا الجذور.
في الجذور، تتراكم الأوكسينات عند الجانب السفلي من الجذر وعند الطرف. عند وجود الأوكسينات بتركيزات عالية، فإنها تثبِّط نمو الجذور عند الطرف السفلي، كما يوضِّح الشكل 2. أما الخلايا الموجودة في الطرف العلوي من الجذر، فيُسمح لها بالنمو بصورة طبيعية. هذا النمو غير المتماثل يمكِّن الجذور من النمو بعيدًا عن ضوء الشمس ومن التعمُّق في التربة. هذا النوع من الانتحاء يُسمى الانتحاء الأرضي أو الانتحاء الجذبي، وهو ما يساعد في نمو جذور النباتات لأسفل في اتجاه قوة الجاذبية.
تعريف: الانتحاء الأرضي (الانتحاء الجذبي)
الانتحاء الأرضي، والمعروف أيضًا بالانتحاء الجذبي، هو استجابة الكائن الحي بالنمو في اتجاه الجاذبية أو بعيدًا عنها.
ومع ذلك، فإن الجاذبية ليست ضرورية لتوجيه الجذر. قد تتساءل، ماذا يحدث للنباتات في الفضاء؟ حسنًا، لاحَظ رواد الفضاء أنه حتى في غياب الجاذبية في الفضاء، تنمو جذور النباتات في اتجاهٍ ما. حيث تنمو هذه الجذور بعيدًا عن مصدر الضوء. وهذا ما يُسمى الانتحاء الضوئي السالب.
دعونا نفكِّر في سبب حدوث ذلك. نظرًا لأن الجذور لا تقوم بعملية البناء الضوئي، فإنها لا تحتاج إلى النمو في اتجاه مصدر ضوء. في الحقيقة، بما أن الوظيفة الأساسية للجذور هي الحفر في التربة لامتصاص الماء والمعادن، فإنها تنمو دائمًا بعيدًا عن مصدر الضوء وتتعمَّق تحت سطح الأرض.
مثال ١: فهْم تأثير التركيزات المختلفة للأوكسينات على أعضاء النبات المختلفة
ما التأثير الذي تُحدِثه الأوكسينات على خلايا الجذر، عند وجودها بتركيزات مرتفعة؟
- تُثبِّط الأوكسيناتُ استطالةَ ونموَّ خلايا الجذر.
- تُحفِّز الأوكسيناتُ استطالةَ ونموَّ خلايا الجذر.
- ليس للأوكسينات تأثير على نمو خلايا الجذر.
الحل
الأوكسينات هي أحد أنواع هرمونات النبات التي تشارك في العديد من الوظائف الخاصة بالنباتات، بما فيها النمو والتطور وتكوين الثمار والزهور. كما أنها مسئولة أيضًا عن الانتحاء، وهو استجابة النبات بالنمو في اتجاهِ مُثيرٍ. ويُعَدُّ الانتحاء الضوئي أحد أنواع الانتحاء الشائعة، وهو استجابة النبات للضوء بالنمو في اتجاه مصدر الضوء أو بعيدًا عنه.
تستجيب ساق النبات فوق سطح الأرض للضوء من، خلال النمو في اتجاه مصدر الضوء. وتلعب الأوكسينات دورًا رئيسيًّا في السماح بهذا النمو. ففي السيقان، يتسبب وجود الأوكسينات بتركيزات عالية في سرعة النمو. واستجابةً لضوء الشمس، تحفِّز الأوكسينات ساق النبات لتنمو بشكل غير متماثل، مما تمكِّنه من الانحناء في اتجاه ضوء الشمس، وتساعده في الحصول على المزيد من الضوء اللازم لعملية البناء الضوئي.
ومع ذلك، فإن جذور النبات لا تحتاج ضوء الشمس؛ لأنها لا تقوم بعملية البناء الضوئي. فالأوكسينات تؤثر تأثيرًا عكسيًّا على الجذور؛ لأن وجود الأوكسينات بتركيزات عالية في الجذور يمنع استطالة الخلايا ونموها. تتراكم الأوكسينات بشكل غير متماثل في الجذور، استجابةً لضوء الشمس. وهذا يمنع نمو الخلايا واستطالتها على جانب واحد من الجذر، كما يوضِّح الشكل الآتي. ونتيجةً لهذا النمو غير المتماثل، ينحني الجذر بعيدًا عن ضوء الشمس ويتعمَّق تحت سطح الأرض؛ لكي يتمكن من امتصاص الماء والمغذيات التي يحتاجها النبات.
إذن، الإجابة الصحيحة هي: تُثبِّط الأوكسيناتُ استطالةَ ونموَّ خلايا الجذر.
الآن، بعد أن ألقينا نظرة على بعض وظائف الأوكسينات التي تؤديها، دعونا نتناول مثالًا محدَّدًا على الأوكسينات. إندول-3-حمض الأسيتيك (إندول حمض الأسيتيك) هو نوع من الأوكسينات التي تُنتَج بصورة أساسية في خلايا البرعم القِمِّي للنبات. البرعم القِمِّي هو البرعم العلوي للنبات، والذي يوجد عند قمة الساق ويحفِّز الساق على النمو لأعلى، كما يوضِّح الشكل 4. إندول حمض الأسيتيك هو المسئول عن تنظيم كلٍّ من الانقسام الخلوي واستطالة الخلايا الضروريَّيْن لنمو النبات.
مصطلح رئيسي: إندول-3-حمض الأسيتيك (إندول حمض الأسيتيك)
إندول-3-حمض الأسيتيك (إندول حمض الأسيتيك) هو أحد أنواع الأوكسينات التي تُنتَج عادةً في القمة (أو البرعم) وفي أوراق النباتات الصغيرة النامية؛ مما يؤدي إلى تحفيز الانقسام الخلوي واستطالة الخلايا.
تتمثل إحدى وظائف إندول حمض الأسيتيك المثيرة للاهتمام في الحفاظ على السيادة القِمِّيَّة. دعونا نفهم ما المقصود بهذا المصطلح. هل سبق لك أن لاحظتَ أن معظم النباتات تميل إلى النمو لأعلى بصورة أكبر من النمو الجانبي؟ يساعد ذلك على زيادة طول النباتات ويعرِّضها أكثر لضوء الشمس الذي تحتاجه للقيام بعملية البناء الضوئي. ويُطلَق على ذلك اسم السيادة القِمِّيَّة. ينمو البرعم القِمِّي أو الطرفي في الجزء العلوي من الساق رأسيًّا لأعلى، في حين يُثبَّط نمو البراعم الجانبية أو الإبطية الموجودة على جانبَي الساق بصورة غير مباشرة. يوضِّح الشكل 3 السيادة القِمِّيَّة في شجرة الصنوبر؛ والتي يكون ارتفاعها أكبر من عرضها. في الغابات الكثيفة، تتنافس الأشجار للوصول إلى ضوء الشمس من خلال الاستمرار في النمو لارتفاعات أكبر. وبهذه الطريقة، يمكن أن تكون السيادة القِمِّيَّة مفيدة لبقاء النبات على قيد الحياة.
كما تعلمنا، فإن خلايا البرعم القِمِّي للنبات تنتِج كميات كبيرة من إندول حمض الأسيتيك. ينتشر إندول حمض الأسيتيك لأسفل في الساق ويتراكم في العقد الموجودة بين البراعم الجانبية، كما يوضِّح الشكل 4. من المعتقد أن هذا يثبِّط النمو الجانبي من خلال نقل السكريات أو الكربوهيدرات الضرورية للنمو بعيدًا عن البراعم الجانبية وفي اتجاه البراعم القِمِّيَّة. ينتُج عن ذلك السيادة القِمِّيَّة، حيث تحصل البراعم الجانبية على سكريات غير كافية للنمو، في حين تنمو البراعم القِمِّيَّة نتيجةً لحصولها على السكريات الأساسية.
يمكننا إجراء تجربة بسيطة لإثبات أن البرعم القِمِّي هو المسئول عن إنتاج هذا الهرمون. عند إزالة قمة الساق، كما هو موضَّح في الشكل، والسماح للنبات بالنمو، نلاحظ أن النمو الجانبي لم يعُد مثبَّطًا، وتبدأ هذه البراعم في النمو، كما هو موضَّح الشكل 5.
إلى جانب دورها في التحكم في النمو والانتحاء والحفاظ على السيادة القِمِّيَّة، تؤدي الأوكسينات مجموعة كبيرة من الوظائف المتنوعة الأخرى. فهذه الهرمونات ضرورية لنمو الثمار والزهور وتطوُّرها، كما أنها تعمل مع هرمونات أخرى للنبات لمساعدة الأوراق على التساقط في الخريف وتحفيز نضج الثمار.
مثال ٢: تحديد المنطقة التي تُنتَج فيها الأوكسينات في النبات
في أيِّ جزء من النبات توجد أعلى تركيزات الأوكسينات؟
- في الخلايا الحارسة للثغور
- في جدار نسيج الخشب
- في قمة الساق
- في حبوب اللقاح في الأزهار
الحل
الأوكسينات هي أحد أنواع هرمونات النبات التي تشارك في العديد من الوظائف الخاصة بالنباتات، بما في ذلك النمو والتطور وتكوين الثمار والزهور. تتمثل إحدى الوظائف الرئيسية للأوكسينات، وبخاصة إندول-3-حمض الأسيتيك (إندول حمض الأسيتيك)، في الحفاظ على السيادة القِمِّيَّة.
يُنتَج إندول حمض الأسيتيك بصورة أساسية في البرعم القِمِّي للنبات، وهو البرعم الموجود عند قمة الساق في النبات. يحفِّز هذا الهرمون نمو النبات لأعلى، ويثبِّط النمو الجانبي. ينتشر إندول حمض الأسيتيك الذي يُنتِجه البرعم القِمِّي لأسفل في الساق ويثبِّط نمو البراعم الجانبية. ومن المعتقد أن إندول حمض الأسيتيك يقوم بذلك بسبب نقل الكربوهيدرات بعيدًا عن البراعم الجانبية وفي اتجاه البراعم القِمِّيَّة للنبات.
إذن، الإجابة الصحيحة هي أن أعلى تركيزات الأوكسينات توجد في قمة الساق.
أُجرِيَت العديد من التجارب للتحقق من تأثير الهرمونات على استجابات النبات. وفي الحقيقة، فإن العديد من هذه التجارب بسيطة بما يكفي لتجرِّبها بنفسك. في عام 1880، أجرى تشارلز داروين وابنه فرانسيس داروين تجارب على الانتحاء الضوئي في الغلاف الورقي. الغلاف الورقي هو غلاف يحمي قمة الساق الصغيرة في نبات عشبي، كما هو موضَّح في الشكل 6.
عندما تَعرَّض النبات للضوء من اتجاه واحد، لاحَظ تشارلز داروين وابنه أن ساق النبات تنحني في اتجاه الضوء، كما هو موضَّح في التجربة الضابطة الموضَّحة في الشكل 7. بعد ذلك، قامَا بتغطية قمة الساق بورق معدني ولاحظَا أن السيقان لم تُظهر أيَّ استجابة نمو للضوء. لكن عند تغطية باقي أجزاء النبات بورق معدني ما عدا قمة الساق، لاحظَا أن الساق لا تزال منحنية في اتجاه الضوء. هذه التجربة، الملخصة في الشكل 7، أَثْبَتَت بوضوح أن قمة الغلاف الورقي هي المسئولة عن التحكم في النمو استجابةً لمثير ضوئي.