أمة العرب بين بداوة الماضي
وحداثة الحا ضر
أعداد / الهاشمي العدناني
حمدي عسكر
بسم الله الرحمن الرجيم
الحمدلله رب العالمين.. والصلاة والسلام علي خير ولد اسماعيل سيدنا محمد العداني القرشي الهاشمي سيد العرب
وافضلهم نسبا صلوا عليه وسلموا تسليما
أما بعد،،،،،
أخوة العروبة هيا بنا نغوص بالوجدان في عمق
الاصالة العربية القديمة لنعيش سويا نستنشق عبق الماضي
ورحيق النخوة والمرووءة العربية
لم يكن العرب في الجـاهلية - فيما أظن - ذوي حضـارة عقلية متبلورة واضحة المعالم - بالمعنى الدقيق الصـارم - كالإغريق والهنـود والفرس - ولم تكن بلادهم القاحلة الماحلة تداني جمال مصر أو أوروبا أو ما وراء النهر، ولم يكونوا أكثر عدداً من أولئك، ولا عدة..
لكنهم كانوا يملكون ما لم تملكه كل الحضارات الأخرى، ولعل هذا - والله أعلم حيث يضع رسـالته - هو الذي أهّل العـرب لأن تظهر بينهم النبوة، وليكونوا هم حَمَلتها، والناشرين لأنوارها، والحاملين لهمومها وأعبائها .. كانوا يملكون جملة أخلاق رجولية باهرة ميّزتهم عن غيرهم:
فحين كان الفارسي يستبيح أن يطأ أمه أو ابنته، كان العربي على استعداد لأن يموت دفاعـاً عن عرض جارته، أو ابنة عمه، أو حريم رجلٍ استجار به.
وفي حين كان العربي - نفسه - سلاّباً نهاباً، ولصّاً فتاكاً، كان يكره الكـذب، والنذالة، والطعن في الظهر، ولطم النساء، وأن يؤخذ عليه شيء يشين عرضه، أو يسيء إلى مروءته .
وفي حين قامت بعض الحضارات على قهر الأتباع، وإذلال العامة، وكسر إرادتهم، عاش العربي عيوفا، أنفا، كالجواد البري، الذي اعتاد الحرية، ولم يعتد أن يُركب ظهره!
لذلك ظهرت منهم سلوكيات عجيبة جداً، قد توحي - لغير المتأمل المتعمق - بالتناقض والاضطراب - لو لم نقرأ ما وراءها - فعلى رغم حربهم الشرسة ضد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وحرصهم على خنق أو استئصـال الدين الجديد، كانت تصدر عن جبابرتهم وأساطينهم تصرفات نبيلة، تدل على المروءة ورفعة الخلق:
فعلى حين كان أبو سفيان من أشدّ الناس عداوة للمسلمين، يقود حملات الحقد على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنه أجـاب بالحق الذي لا شائبة فيه، حين سأله هرقل عن (عدوه) محمد صلى الله عليه وسلم.. ولم يُرد أن تؤثَرَ عنـه كذبة تعيره بها العرب!!.
وعلى حين تبرم قريش صحيفة جائرة لمقـاطعة المسلمين - على طريقة عقوبات الأمم المتحدة الآن - وحبسهم في الشِّعب، حيث العزلة، والجـوع، والحـاجة والحصار، ينهض خمسةُ رهطٍ من الكفار، ساعين في نقض الصحيفة الجائرة، ولا يهدؤون حتى يزيلوها.
وعلى حين يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه تاركين وراءهم نساءً وأطفالاً وشيوخاً وعجائز، لم يكونوا يخشون أن يعتـدي عليهم معتدٍ، ولا أن يستبيح حرماتهم مستبيح، ولا أن تهجم عليـهم مجموعة من المنحرفين، وقطاع الطرق، وعديمي الأصل، لهتك أستارهم، والنكاية بهم.
وعلى حين يخرج الصّديق رضي الله عنه أول مرة مهاجراً، يقابله ابن الدُّغُنَّة - الكافر - فيثنيه عن عزمه على الخروج، ويقول له: مثلك يا أبا بكر لا يخـرج، ويجيره ويحميه.
حتى هند بنت عتبة – رضي الله عنها – على شدة خصومتها للنبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلامها ، حرصت جهدها على أن تواسي الزهراء فاطمة رضي الله عنها لما أرادت الهجرة، وسألتها إن كانت تحتاج شيئاً - في هجرتها - مما تحتاج النساء ؟!!
مواقف كثيرة، قد أسعى لاستقصائها يوما ً - إن أراد ربي تبارك وتعالى - لكن من أعلاها شرفاً، ومن أعظمها عظمة، ومما يدفع دموع التأثر إلى العين مباشرة، ذلك الموقف الرجولي الذي واجهته أمي هندُ بنت أبي أمية، أم سلمة، رضي الله عنها وأحسن إليها، حين كانت في طريقها للهجرة، بعد أن أنهكتها قريش نفسيّاً، فحرمتها من زوجها، ثم من ولدها، وأبقاها الكفار سنة كاملة في عناء وكَبـَدٍ، لا يعلم مداه إلا رب الأرض والسماء سبحانه، ثم انتوت أن تهـاجر، وجهزت نفسها للخروج، بعد أن مرّ بها رجل نبيل من بني عمها - الكفرة - فلما رأي حُرقة قلبها، وسخونة دمعهـا، خرج على قومه غضبـان يستجيشهم ويستنخيهم (يثير فيهم النخوة): أوَ لستم رجالاً؟ هل عدمتم المروءة والشهامة؟ أليس فيكم رجل رشيد؟ هذه المسكينة هند : باعدتم بينها وبين عبدالله بن عبد الأسد زوجها، ثم قطعتم قلبـها حين سلبتموها ابنها، ثم هـأنتم تمنعونها الخروج إلى زوجها…
وطابت نفوس القوم أن يعطوهـا (عفواً عامّاً) فيأذنوا لها بالهجرة، فعجلت ورَحّلت بعيرها، ووضعت ابنها في حجرها، ثم همزت جنب الجمل برجلهـا - كأنها كانت تخشى أن يغيروا رأيهم في لحظة شيطانية - فولى الجمل وجهَه شطرَ المدينة، وسط صحراء قاسية، وحرارة لاهبـة، وطريق أطـول من الليل على الوحيد، ولم يكن يرافقها في سفرها إلا الله رب العالمين.
وخارج حدود الحرم عند (التنعيم) يصادفها (رجل ٌ) من مشركي قريش مَلَك رجولة نادرة، تقصر عن دَركها الدعاوي والتشدقات، هو عثمـان بن طلحة، الذي كان حاجب الكعبة في الجاهلية، فيراها على جملها وحيدة، خفيفة الزاد، غزيرة الدمعة، بادية اللهفة، وحين سألها: إلى أين يا بنت زاد الراكب - وكان أبوها من أجواد العرب المعدودين - قالت له: أريد زوجي بالمدينة.
- أوَ ما معكِ أحد يا هند؟
- قالت: لا والله، إلا الله ثم ابني هذا.
- فقال: والله مالكِ من مَتْرَك.. ولست عثمان بن طلحة إن لم أبلغك مأمنك عزيزة حرة كريمة، فلا المروءة، ولا همة الرجال ترضى أن تُترك امرأة مثلك وحيدة في هذه الصحراء العريضة.
وأخذ عثمان بخطام البعير فانطلق به دون تردد، ولا تفكير، ولا موازنات..
تقول أمي أم سلمة عليها الرحمة والرضوان:
(والله ما صحبت رجلاً من العرب كان أكرم منه ولا أشرف:كان إذا بلغ منزلاً من المنازل أناخ بي البعير، ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فأعده ورحَّله، ثم استأخر عني وقال: اركبي، فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقاده، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة).
الغريب - بمقاييسنا - أن الرجل لم يفكر أن (يسجّل) مأثرته، ولم يستدع الإذاعة والتلفزيون، وقناة الجزيرة، والسي إن إن، ولم يرسل رسلاً إلى مضـارب القبائل العربية يخبرها - "في تواضع" - أن من مآثره حفظه الله كذا وكذا ؛ بل انصرف عائداً مباشرة دون أن يراه أحد، ليواصل مسيرةً طولها 900 كم - ذهاباً وعودة - دون أن ينتظر من أحد جزاءً ولا شكوراً..
فحين وصـل إلى المدينة نظر إلى قرية عمرو بن عوف عند قباء، حيث كان أبو سلمة يقيم، وقال للمرأة : إن زوجك في هذه القرية، فادخليهـا على بركة الله، ثم وضع الخطام على عنق البعـير، وضرب كفله، لينطلق البعير إلى المدينة، ولينطلق هو عائداً إلى مكة على طول السفر ووعثاء الطريق.
قارن هذه الافعال..... قارئي الكريم - الذي كان يفعله أهل الجاهلية مع شدة العداوة للمسلمين - بحال الذين يعتبرون النذالة (تمشية حال) واضطهـاد الضعفاءة، وقارنه بحال (الرجال البواسل) أصحـاب المروءة.....قارن هذه الافعال
بين من يقولون نحن من قبيلة كذا وكذا بين كاتب وامسند
ومحسوب علي القبائل وهو يستبيح الاموال والاعراض بغير
وجه حق والنظرة الدونية لكل من يخالفه العرق او اللون
و ومدعي العروبة كثير بين بربر ومرتزقة وعبيد
ذابت اصولهم واختفت بسبب قبول هؤلاء قديما واضافتهم
زورا وبهتانا وحسبوهم علي اشرف القبائل وقد ارتكبوا بهذه الافعال اثما عظيما ......اصلك ليس ابدا في اسم قبيلتك
اصلك في طباعك....اصلك في مروئتك اصلك في كرمك(الرجل سفينة يحمل فيها كل اسلافه
ارق تحياتي
حمدي عسكر
وغش القلوب يظهر في ذلا ت اللسان
رضي الله عن عثمان بن طلحة، وعن أم سلمة، وسائر أمهاتي أمهات المؤمنـين، ورحمة الله على المروءات وأصحابها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ