<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]--><!--<!--

 

 

 

 

 

 

التحولات الصوتية في بنية الكلمات العربية

دراسة في باب الإعلال

 

 

 

 

 

دكتور/أحمد محمد الصغير

كلية دار العلوم ـ جامعة المنيا

 

 

 

 

 

 

مقدمة الكتاب

الحمد  لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله أشرف الخلق أجمعين ،وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ،،،            وبعد

نعيش خلال صفحات  هذا الكتاب مع موضوع من أهم  الموضوعات الصرفية وأدقها، وهو موضوع التحولات الصوتية التي تطرأ على حروف العلة والهمزة فيما يعرف في الدرس الصرفي بـ (باب الإعلال) ، فالإعلال هو مجموعة التحولات الصوتية التي تطرأ على بنية الكلمة الواحدة ، تهدف تلك التحولات إلى رفع الثقل والتنافر بين الوحدات الصوتية المكونة لبنية الكلمة  ومقاطعها الصوتية ، وتحقيق الانسجام الصوتي .

ويعد علم الصرف أو (التصريف) من العلوم العربية المهمة ؛ وترجع أهمية هذا العلم إلى أهمية المجال الذي يتعامل معه علم الصرف العربي ، فهو علم يتعامل مع البنية الصرفية المجردة ، حيث يعنى بدراسة بنية الكلمة في ذاتها ، ويقوم على رصد التغييرات البنيوية التحتية (العميقة) التي تمس بنية الكلمات ، وتحديد ما يطرأ على الأبنية من تحولات تأتى سابقة على مرحلة التركيب اللغوي.

        وإذا كان النحو العربي يهتم بتحديد أحوال أواخر الكلمة العربية داخل معترك التراكيب النحوية ، فإن علم الصرف العربي يهتم بكل جزء مكون لبنية الكلمات العربية أولها وأوسطها وآخرها ، وهذا أدعى إلى القول بأن علم الصرف ينبغي أن يأتي في المقام الأول وقبل علم النحو العربي ؛ لأنه يمد التركيب النحوي بمفرداته وعناصره اللغوية الصحيحة التي تندمج وتتواصل مكونة أجزاء التراكيب اللغوية.

        والبحث الصرفي بحث في جوهر اللغة ، مبحثه الأساسي هو تحديد المتغيرات الطارئة على الكلمة أيا كان موضعها ، سواء كانت سابقة أو لاحقة أو واقعة داخل السلسلة الصوتية للكلمة العربية ، وهو بهذا التصور يختلف عن كثير من اللغات التي لا يطرأ عليها التغيير البنيوي إلا في إطار السوابق واللواحق ، وعلى ضوء هذه المتغيرات التي يعنى الدرس الصرفي بالكشف عنها تتجلى الفائدة الحقيقية لهذا العلم العربي الأصيل .

مفهوم علم الصرف :

        الصرف في اللغة هو التغيير من حالة إلى حالة ، وهو أيضا بمعنى التقليب ، ومنه تصريف الرياح أي تقلبها وتغيرها في أنحاء وجهات مختلفة ، ومنه قول المولى تعالى: (وتصريف الرياح آيات) أي تغييرها من جهة إلى جهة ومن حالة إلى أخرى فيه آيات لمن يتدبر ويتعظ في مخلوقات الخالق جل في علاه .

فمادة : صرَّف ç يصرِّف ç  تصريفا ، بمعنى غَيَّرَ وقَلَّبَ.

        وعلم الصرف في الاصطلاح هو العلم الذي يعنى بالأصول التي تعرف بها أحوال الكلمات العربية ، والإجراءات الصرفية التي تطرأ على أبنيتها ، وعمليات تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة بعيدا عن مستوى التركيب الجملي وما يتعلق به من الإعراب والبناء.  

        فهو علم يبحث في بنية الكلمة العربية ، وموضوعه هو ضبط القواعد التي تتصل بأوزان الكلمات العربية واشتقاقها وتصريفها ، وتغير أبنيتها بتغير المعنى ، وذلك نحو:

(الأصالة والزيادة ، والصحة والاعتلال ، والقلب والإبدال ) ونحوها.

وهذا التغيير الذي يقع في أبنية الكلمات لا يجرى على سنن واحد فهناك تغيير يقع لغرض معنوي ، كتحول المصدر إلى الفعل أو إلى الوصف ، وتحول المفرد إلى التثنية والجمع ، وتغيير الاسم المكبر إلى التصغير من خلال ياء التصغير.

        وهناك تغيير يقع لغرض لفظي هدفه إحداث التناغم الصوتي بين أصوات البنية المفردة ، مثلما هو الحال في الإجراءات التحويلية في أبواب الإعلال والإبدال والإسناد.

        وهذا العلم العربي الأصيل يختص بالتعامل مع أبنية الكلمات العربية التي تتسم بسمة التصرف والمرونة وهذا لا يتحقق إلا من خلال قسمين أساسيين هما:

1- الأسماء المتمكنة المشتقة ( غير المبنية ) .

 2- الأفعال المتصرفة ( غير الجامدة ) .

ولا يتطرق هذا العلم لدراسة :

-أسماء  : الاستفهام ، والشرط ، والموصولات، والإشارات ، والضمائر.

-الأفعال الجامدة نحو: ليس ، وعسى ،  ونعم ، وبئس 0000ونحوها.

-أسماء الأفعالç   نحو: هيهات ، وبله ، وصه ، وأف 0000ونحوها.

- الحروف نحو : من ، و عن ، وما ، ولو 000 ونحوها.

        فالتصريف مما سبق علم عربي أصيل ، مباحثه الأصلية هي تحديد ما يطرأ على  الكلمات العربية المرنة (المشتقة والمتصرفة) من تغيير بنيوي ، وهو بهذا يهدف إلى الاحتراز عن الخطأ اللساني في بناء المفردات ، ويسعى إلى وضع الضوابط التي تعين على فهم قوانين اللغة وأصول التحويل الصوتي داخل السلسلة الصوتية المورفيمية (بنية الكلمة المفردة) ،خلال عمليات الاشتقاق أو الإعلال والإبدال ، أو التثنية والجمع ، أو الزيادة اللغوية التي يترتب عليها الكثير من التغيرات الدلالية والبنيوية.

*********************

واضع علم الصرف:

         تذكر بعض المصادر أن أول من تكلم  في علم الصرف هو:( معاذ ابن مسلم الهراء الكوفي المتوفى سنة 90هـ). غير أن هذا الأمر ليس له دليل يسنده من الواقع التاريخي ؛ لأنه لا يوجد مصدر لغوى واحد يذكر للهراء أي جهد في مجال التصريف أو مسائله ، ولعل هذا القول يرجع إلى بعض تأثيرات الفكر الشيعي.

وقد نشأ علم الصرف بداية في أحضان علم النحو ، وقد تكلم سيبويه في كتابه عن جل مسائل الصرف إبان دراسته لبعض قضايا التركيب النحوي وقد بدأ علم الصرف ينفصل عن كتاب سيبويه ليخرج إلى النور كعلم مستقل فظهر في ذلك العديد من المؤلفات نحو :

- كتاب التصريف لعلى بن المبارك الأحمر الكوفي .

- كتاب في التصريف  للفراء .        - التصريف للأخفش الأوسط

- الأبنية والتصريف للجرمي .         - التصريف للمازني

- المنصف لابن جنى .

وثمة اعتقاد شائع بين بعض الباحثين أن أول كتاب مستقل في التصريف هو كتاب (التصريف ) لأبى عثمان المازني ، وهذا الكتاب مفقود في الأصل فلا توجد منه نسخ مخطوطة وما حفظه من الزوال والنسيان ، إلا ما ورد إلينا من شرح ابن جنى له وذلك في كتابه (المنصف) ، وقد ذكرت بعض الدراسات أن اسم الكتاب الأصلي هو (المصنف) وذلك أسوة بكتاب ( المصنف في الغريب ) لأبى عبيد القاسم بن سلام .

والجدير بالذكر أن مصطلح ( الصرف ) يستخدم كثيرا مرادفا لمصطلح (التصريف ) ، فقد نشأ كلا المصطلحين وشاعا في أحضان المتون والمصنفات وجمع بينهما كثير من العلماء ، غير أن مصطلح ( الصرف ) أكثر انتشارا من مصطلح ( التصريف ) ، ولعل ذلك راجع إلى أن بناء ( فعل ) أخف في الكلام من بناء ( تفعيل ) فأدى هذا إلى انتشار علم أبنية الكلام العربي تحت مصطلح (الصرف).              

******************

أقسام الكلمة في الصرف العربي:

أبنية الكلمات العربية تختلف وتتباين فيما بينها بحسب الهيئة التي ترد عليها الكلمة من حركة وسكون وعدد حروف وترتيب .        وقد حصر العلماء أقسام الكلمة العربية في ثلاثة أقسام أساسية هي :

1- الاسم : وهو الكلمة التي وضعت للدلالة على معنى مستقل بالفهم ، من غير أن تكون الكلمة حاوية لأي دلالة زمنية وذلك نحو :

كتاب ، رجل ، محمد ، فاطمة ، هذا ، الذي ...

2- الفعل : وهو الكلمة التي وضعت لتدل على معنى مستقل بالفهم وجمعت في تكوينها بين الدلالة على حدث ، والدلالة على الزمن المصاحب لحدوث الحدث ، وذلك نحو :

سمع ، يقرأ ، افهم

3- الحرف : وهو مجموعة الأبنية الصرفية التي وضعت للدلالة على معنى في غيرها ، فلا تدل بمفردها على معنى مستقل بالفهم ، وذلك نحو :

من ، إن ، هل ، لم ، إن

ويدخل تحت طائلة علم الصرف من هذه الأقسام الثلاثة قسمان :

القسم الأول: الاسم وخاصة الاسم المتمكن وهو المعرب المصروف وهو ينقسم بدوره إلى قسمين:

أ- المتمكن الأمكن : وهو كل اسم قبل الصرف والتنوين نحو :

 كتاب ومحمد

ب- المتمكن غير الأمكن : وهو كل اسم منع من  الصرف والتنوين نحو:                       أحمد و سيـبويه .

القسم الثاني : الفعل المتصرف : وهو ذلك الفعل الذي تختلف بنيته لاختلاف زمانه ، فيصاغ منه ما يدل على المضي والحال والاستقبال ، ويصاغ منه الأسماء المشتقة كاسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل ....

فعلم التصريف علم لا يشمل الأسماء المبنية غير المتصرفة نحو :

( الضمائر ، والإشارات ، والموصولات) للزومها صورة صرفية واحدة ، ولا الأفعال الجامدة نحو: (ليس ، عسى ، نعم ، بئس ) ، ولا الحروف جميعا لخروج هذه الأبنية عن دائرة التصريف بمجيئها على صورة صرفية واحدة لا تتغير مهما تغيرت السياقات اللغوية.

 

ويقع هذا الكتاب في مقدمة و تمهيد وثلاثة فصول :

في المقدمة: يتحدث الكتاب حول مفهوم علم الصرف العربي ، وتاريخ نشأته ، وأول الكتب العلمية التي ألفت في مجال الصرف ، وأهم المباحث الصرفية والأقسام الكلامية التي يعنى بدراستها الصرف العربي .

وفي التمهيد : يعرض المؤلف لمفهوم الإعلال الصرفي وأسسه وأنواعه ، كما يعرض لتعريف حروف العلة والهمزة التي تشملها تحولات الإعلال الصرفي بأقسامه المختلفة.

وفي الفصل الأول : يتحدث الكتاب حول تحولات الإعلال بالقلب بأنواعه المختلفة ، حيث يبين الكتاب بدقة مع التمثيل والتوصيف أسس التحول الصوتي ومراحله المختلفة التي تطرأ على حروف العلة داخل الكلمات من الأصل العميق للكلمة إلى البنية السطحية الظاهرة لها.

وفي الفصل الثاني : يتحدث الكتاب حول تحولات الإعلال بالنقل وأنواعه المختلفة ، والأسس الصوتية التي يتم من خلالها تسكين حروف العلة ، أو نقل حركاتها إلى الحروف الصحيحة السابقة عليها طلبا للتخفيف والانسجام الصوتي بين وحدات البنية الصرفية الواحدة.

وفي الفصل الثالث : يتحدث الكتاب حول تحولات الإعلال بالحذف ، حيث يقوم المؤلف برصد مظاهره وأسسه الصرفية ، كما يقوم بالتوصيف الدقيق لمراحل الحذف وأسبابه الصرفية.

وقد عنى الكتاب بتيسير قواعد الإعلال وعرضها على القارئ في سهولة ويسر مع الدقة في التمثيل ووصف قواعد التحويل بأنواعه الثلاث . معتمدين في ذلك على ما جاء في كتب الصرف المعتمدة والمراجع الحديثة التي تحيط بذلك الموضوع.

ونسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العمل طلاب العربية ، وأن ينفعنا بما علمنا . والله من وراء القصد                                                   د . أحمد الصغيـــــر

 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تمهــــيد

رؤية عامة للتحولات الطارئة على الكلمة العربية:

 ثمة كثير من التحولات الصوتية التي تطرأ على أبنية الكلمات العربية ، هذه التحولات لا يمكن فهمها إلا من خلال الفهم الدقيق لأصل البنية العميقة للكلمة ؛ لمعرفة التحولات الطارئة عليها .

 والتحولات التي تطرأ على بنية الكلمة هي تحولات تطرأ على أصولها الثابتة المكونة لها ونعنى بها ( ف ع  ل ) ، تلك التحولات تختلف ما بين حذف للحرف ، أو إسكان له بعد أن كان مستحقا للحركة  ، أو إبداله بحرف آخر معتلا أو غير معتل ، أو قلب لمكان الحرف .

وهذه التغيرات يشملها مصطلحي : ( الإعلال والإبدال ) . 

فالإعلال : هو تغيير  يطرأ على حروف العلة ( الواو ، والألف ، والواو )-  ويشترك معها في هذا النوع من التحولات صوت الهمزة- دون غيرها من حروف العربية ، وهو تحويل لأصول الكلمة عن طريق الحذف أو النقل أو القلب ، وقد سمى هذا التحول إعلال لتعلقه بحروف العلة والهمزة وما يطرأ عليها من تغييرات وتحولات بالقلب أو الحذف أو النقل ، ويعد الإعلال  الصرفي بهذا المفهوم السابق مجرد إحالة للحرف ؛ لأنه لا يخرج الحرف مطلقا عن دائرته المخرجية الصوتية .

والإبدال : هو تحويل طارئ على حروف العربية جميعا بلا استثناء فهو يشمل المعتل و الصحيح، وهو يحدث عن طريق حذف أحد الحروف الأبجدية العربية ووضع حرف آخر بدلا منه لعلة صرفية محددة ، ويعد الإبدال الصرفي بهذا التصور السابق عملية إزالة كاملة للحرف؛ لأنه من خلال الإبدال الصرفي تتغير الصفة المخرجية الأساسية للحرف.

والإبدال كما نرى أعم من الإعلال ؛ لأنه يشمل جميع الحروف العربية معتلها وصحيحها ، أما الإعلال فهو يتعامل مع حروف العلة وحدها.

والإعلال والإبدال من الموضوعات الصرفية التي يتعلق البحث فيها بمسألة الأصل والفرع ، حيث إن الدراسة في هذا المضمار تعد دراسة للتحولات الصوتية التي تقع بين أصوات الكلمة الواحدة ، حيث ينقل حرف إلى آخر ، أو تنقل حركة الحرف إلى سكون ، أو يحذف الحرف كلية دون أن يبدل بغيره ، وكل هذه التحولات هدفها الوحيد هو تحقيق التماثل والانسجام الصوتي بين جزئيات الكلمة الواحدة .

والإعلال والإبدال من المسائل التي تتحكم فيها بشكل خاص الدراسة الصوتية لأن التحويل بالحذف أو النقل أو القلب أو الإبدال ما هو إلا تحويل صوتي ، وهذه الظواهر لا تحدث إلا على أساس التقارب بين الأصوات  المتبادلة ، والغاية منها تحقيق نوع من الاقتصاد في عمليات النطق المتتابعة .(1)

 وهذه التحولات جميعها تعتمد في المقام الأول على مجموعة من القواعد الصوتية ، تلك القواعـد هي  :

أولا : اللغة العربية لغة لا يسمح فيها بالابتداء بحرف ساكن كما لا يسمح فيها بتوالي الساكنين أو توالى الأمثال وهى أمور أدعى إلى جلب حرف زائد كهمزة الوصل فرارا من البدء بالساكن ، أو الحذف والتخفيف منعا من التقاء  الساكنين أو توالى الأمثال :

                عْلم çاِعْلَمْ    -  قال ç قوُلْتُ  قُلْتُ   -  يكتبوْنَ نّç   يَكْتُبُنُّ . 

ثانيا : اللغة العربية لغة لا تميل إلى التخالف الصوتي لما يترتب عليه من إجهاد عضلات الجهاز الصوتي وأعضاء الكلام ، ولهذا فهي تؤثر التماثل والانسجام والتناغم بين الأصوات المتجاورة وتنأى عن الثقل والتنافر .   

                   يُؤكْرِم   ç  يُكْرِم   / قاضيون ç قاضون

                  اصتبر ç اصطبر   ç   حرف مفخم مطبق .

وسوف نقتصر في حديثنا في هذا الكتاب حول تحولات الإعلال فقط .

 

مفهوم الإعلال :

الإعلال مصدر على وزن (إفعال) من الفعل أعل ، ومعناه المرض والضعف ، ولهذا سميت حروف الجوف الهوائية ( و ا ى) بحروف العلة لضعفها عن مرتبة الساكن والمتحرك من الحروف الصحيحة .

والإعلال في الاصطلاح الصرفي هو تغير يطرأ على أحد حروف العلة وهى ( الواو ، والألف، والواو ) ويشترك مع حروف العلة في هذا المضمار صوت الهمزة (ء).

وهذا التغيير أو التحويل له ثلاث صور :

أولها : الإعلال بالقلب :

وهو التحول بقلب حرف العلة إلى حرف آخر من حروف العلة ، فهو تحويل للحرف المعتل إلى حرف آخر معتل مثله لسبب بنيوي صرفي نحو:

و ç ء     ،     ى  ç  و      ،   وç ى      ،    ء  ç ى

ثانيها : الإعلال بالنقل :

وهو التحول بحذف حركة حرف العلة نفسها وذلك بتحويله من حرف متحرك إلى حرف ساكن ، حيث ينقل المعتل من مصاف المتحرك إلى مصاف السواكن وهذا سبب تسمية هذا النوع من أنواع الإعلال بـ(النقل) ، فالنقل تسكين حرف العلة  بعد أن كان متحركا.

ىَُِ ç ىْ       ،         وَُِ ç و

ثالثها : الإعلال بالحذف :      

وهو حذف حرف العلة كلية من بنية الكلمة  دون قلبه أو نقل حركته .

و   ç  0 ×    ،    ى    ç 0 ×

 

التعريف بحروف العلة :

حروف العلة هي الألف والواو والياء – ويضاف إليها في مجال دراسة التحويل الصوتي بالإعلال حرفا آخر هو الهمزة - ، وقد سميت هذه الحروف بالعلة لكثرة ما يطرأ عليها من تحويلات وتغييرات داخل الأبنية الصرفية ، ولضعفها عن مرتبة الحروف الصامتة الساكنة ، في أنها لا تسلك مسلك الحروف الصحيحة الصامتة  في تحملها للحركات وانفصالها عنها دون لبس أو غموض .

 

 

 

 

 

وقد سمى الخليل بن أحمد هذه الحروف بـ (حروف الجوف الهوائية) ؛ والسبب في هذه التسمية يرجع إلى أن هذه الأصوات الثلاثة المعلة ( و ا ى) تتسم بسمة أساسية أثناء النطق بها وهى حرية مرور الهواء أثناء النطق بها ، وعدم انحباسه عند أي نقطة خلال مجرى الهواء داخل الجهاز الصوتي ، فليس لهذه الأصوات حيز هوائي تنسب إليه سوى الهواء ، وسميت بالجوفية لأنها تخرج من الجوف .

        وقد وسم الخليل الهمزة بأنها (حرف معتل ) ، إلا أنه لا يعنى مطلقا أنها حرف علة جوفي هوائي لا مخرج له ، بقدر ما يعنى أنها من أكثر الأصوات اللغوية اعتلالا وانقلابا وحذفا، وأنها كثيرا ما تتحول إلى حروف العلة ، أو تتحول إليها حروف العلة ، والدليل على هذا أنه قد حدد مخرج الهمزة ، فذكر أنها تخرج من أقصى الحلق من عند العين.(2)

وقد أطلق سيبويه على هذه الحروف الثلاثة مصطلح (حروف المد واللين) ، وهو يعنى بهذا المصطلح فيما أظن أن الهواء في أثناء النطق بهذه الحروف يمر دون أي إعاقة أو انحباس مخرجي .(3)

        وقد نظر المتأخرون من علماء الصرف إلى هذه الأحرف على أنها أصوات ضعيفة ؛ لأنها من أكثر الأصوات تأثرا وانقلابا وسكونا وحذفا .

وسوف نعرض على مدى الصفحات التالية للصفات الصوتية لهذه الحروف التي نتناولها في دراستنا للإعلال الصرفي :     

        ثمة حقيقة تجدر الإشارة إليها في هذا المقام وهى أن الدرس الصوتي القديم وجد صعوبة بالغة في وصف هذه الأحرف الثلاثة المعلة ( و ا ى ) ؛ والسبب في ذلك يرجع إلى أن هذه الأصوات الثلاثة تخلو من ظاهرة الاحتكاك الصوتي التي يمكن أن تكون وسيلة سهلة لتبين مخارج هذه الحروف .(4)

        ***************

وسوف نعرض فيما يلي لمخرج كل صوت من هذه الأصوات لنقف على طبيعته الصوتية ، وأثر تلك الطبيعة فيما يعتريه من تحولات الإعلال الصرفي:

أولا : الواو :

صوت معل يقع في الاسم والفعل والحرف على حد سواء نحو  :

                  (روض ، حوض ، حاول ، ناول ، أو ، لو )

وهى حرف جوف هوائي ؛ لأنه يخرج من الجوف مباشرة حيث يمتد الهواء المنطلق بالصوت من الجوف إلى الفم دون عائق . وهذا هو سبب اعتلال الواو أي عدم وجود مخرج للحرف يجعله ساكنا أو متحركا .

وهى حرف أو صوت نصف حركي أو نصف صامت ، ولهذا فهو قد يكون أصلا في الأسماء والأفعال حيث يصح أن تقع منها موقع الفاء أو العين أو اللام نحو :                            ( ولد ، وجب  ، روم  ، سوم ) .

فهو قد يشبه الحرف المتحرك حيث يبدو وكأنه خارج من أقصى اللسان .

        والواو حين تتحمل الحركة ، تصبح هذه الحركة جزء منها لا تملك الاستقلال عنها ، بل لا يتصور انفصال الحركة عن بنيتها ؛ فالواو في  (وَعَدَ) مفتوحة ، وهى لا يمكن أن تنفصل عن هذه الفتحة مطلقا ، وإلا فقدت أحد عنصريها الصوتيين ؛ لأن الواو المفتوحة تتكون من:

                  (ضمة + فتحة ) ç  a + u )  

فمتى اتصلت الضمة بالفتحة نشأ صوت الواو المتحركة بالفتح     

                              (a + u  )

                                                                    w

فالمتكلم حين ينطق بهذه الواو يدور لسانه بالضمة أولا ثم يصل تلك الضمة بالفتحة وهى التي تسمى بمرحلة شبه الفتحة ، ولهذا لا يتصور انفصال هذه الفتحة عن الواو مطلقا ، فالواو من الناحية الصوتية شبه حركة ، ومن الناحية الصرفية شبه صامت .(5)

ويتم النطق بالواو على النحو التالي :

تأخذ أعضاء الكلام الوضع المناسب للنطق بالضمة ، ثم يتحول عنها فجأة فتضم الشفتان وتدوران كالدائرة ، ثم يرتفع الحنك اللين لأعلى فيسد الطريق المؤدى إلى الأنف فيمتنع خروج الهواء من جهة الأنف ، ويحدث أثناء ذلك تذبذب في الوترين الصوتيين ،فالواو صوت نصف حركي من أقصى اللسان مجهور ثنوي ؛ لأن انضمام الشفتين يجعل الصوت أقرب ما يكون من الثنايا.

***************

ثانيا الياء :

الياء صوت معتل يقع في الأسماء والأفعال والحروف نحو :

              (بيت ، دين ، قين ، بايع ، داين ، كي ، أي ).

وهى صوت جوفي هوائي معتل ، يوصف بأنه نصف حركي أو نصف صامت ولهذا يقال عنه إنه قد يقع أصلا من أصول بنية الاسم المتمكن أو الفعل فيقع منها موقع الفاء أو العين أو اللام نحو :                        ( بيت ، يسر ، طي ، لي )

فالياء تقترب من الحركة في صفاتها النطقية ، ولكنها تسلك مسلك الصوت الصامت،وهى مثل الواو في تحملها للحركة حيث لا يتصور انفصال هذه الحركة عن الياء، ففي كلمة مثل: (يَنَعَ )

تتكون الياء من:    (كسرة + فتحة) ç    (a + I)

فمتى اتصلت الحركتان نشأ عن اتصالهما صوت الياء :

                      ( a   +  i ) 

                                                                                y                                                            

فالياء من الناحية الصوتية شبه حركة ، ومن الناحية الصرفية شبه صامت.ويتم النطق بالياء على النحو التالي :

تتخذ أعضاء الكلام الوضع المناسب للنطق بالكسرة ، ثم يتغير هذا الوضع حيث تنفرج الشفتان وتتباعدان ، ويتجه وسط اللسان نحو وسط الحنك ليسدان الطريق المؤدى إلى الأنف ، ثم يتذبذب الوتران الصوتيان  . فالياء صوت جوفي هوائي نصف حركي حنكي وسيط مجهور .

*************

ثالثا :الألف :

الألف حرف علة يقع في الاسم المتمكن والفعل والحرف نحو :

                 ( سال ، مال ، قال ، قاد ، ما ، لا .)

والألف صوت معتل جوفي هوائي ، يمتد به النفس من الجوف إلى الشفتين دون أن يعترضه عائق ، والألف دون باقي حروف العلة لا تكون أصلا في الأسماء والأفعال ؛ لأنها تقع إما على سبيل الزيادة ، وإما على سبيل الإبدال من الياء أو الواو ، فالغالب في الألف أن تكون منقلبة عن أصل هو الواو أو الياء أو الهمزة

***************

رابعا : الهمزة :

الهمزة هي الحرف الوحيد من حروف الأبجدية العربية الذي يعامل معاملة حروف العلة، ويرجع هذا إلى طبيعة التغييرات التي تطرأ عليها والتحولات التي تصادفها ، حيث إن الهمزة كثيرا ما تتحول عن طريق الإعلال بالقلب إلى واحد من حروف العلة .

والهمزة صوت حنجري انفجاري وسيط بين الهمس والجهر ينطق به حينما تنسد الفتحة الهوائية الموجودة بين الوترين الصوتيين ، فينحبس الصوت عند الحنجرة ثم ينفرج الهواء فجأة فيحدث الصوت الانفجاري ويتم حدوث صوت الهمزة.

        وقد ذهب بعض القدماء إلى أن الهمزة حرف جوف هوائي مثل حروف العلة (و ا ى) والصواب أنها ليست كذلك للأسباب التالية :

1-تباعد المخرج الصوتي ؛ لأن الهمزة تخرج من الحنجرة ، والعلل تخرج من منطقة الفم بعيدا عن الحنجرة والحلق.

2-اختلاف الصفة الصوتية ؛ لأن صوت الهمزة انفجاري مهموس أو وسيط بين الهمس والجهر ، أما العلل الثلاث فهي أصوات مجهورة  انطلاقية .

        3-الهمزة صوت صامت مستقل ، والعلل الثلاث أصوات حركية انتقالية.(6)

...بعد هذا العرض السابق لمفهوم الإعلال وأنواعه ، والتوصيف الدقيق لحروف العلة ، يأتي دور الحديث العملي عن التحولات التي تقع للكلمة العربية عن طريق القلب أو الحذف أو النقل.

الهوامش:

(1) المنهج الصوتي للبنية العربية   عبد الصبور شاهين ص 168 .

(2) انظر : العين 1/49  ، في الأصوات اللغوية لغالب فاضل المطلبي ص 16 .

(3)الكتاب 2/111  ،2/315 .

(4)في الأصوات اللغوية   ص 63 .

 (5) انظر : علم الأصوات  لبرتيل مالمبرج    ص 80 .

 (6) المنهج الصوتي   لعبد الصبور ص 172 .

 

 

********************************

الفصل الأول

الإعــــــلال بالقلـب

        الإعلال بالقلب هو تحول طارئ على الألف والواو والياء وتشترك معهما في هذا المضمار الهمزة الحنجرية ، هذا التحول يحدث عن طريق التحول بقلب أحد هذه الحروف الأربعة إلى حرف آخر من نفس طائفة حروف العلة. وهذا يعنى أن التحولات الصوتية بالقلب يصل عددها إلى اثني عشر تحولا على النحو التالي  :             

                                          واو

            الهمزة                        ياء

                                         ألف

 

                                          همزة

                الواو                       ياء         

                                           ألف

 

                                         الهمزة 

                 اليـاء                  الواو 

                                        الألف

 

                                         الهمزة

                 الألف                  الواو

                                        الياء

        وسوف نعرض على مدى الصفحات التالية للتحولات الصوتية التي تطرأ على كل واحد من تلك الحروف الأربعة عن طريق الإعلال بالقلب لنرى كيف تتم إجراءات هذا التحويل ونتعرف على الأسس الصوتية والصرفية والقواعد العامة التي تتم في نطاقها هذه التحولات الصرفية

القسم الأول : التحولات الصوتية في باب الهمزة :

        التحول الصوتي في باب الهمزة يحدث بقلبها واوا أو ياء أو ألفا ، والسبب الأساسي للتحول في باب الهمزة يكمن في أنها حرف حنجري أقرب ما يكون إلى مخرج الجوف ، وهو ما دعا القدماء إلى عده ضمن حروف الجوف الهوائية . 

ولتحول الهمزة أسس وقواعد يتم على هداها عملية التحويل :

الأساس الأول : الثقل الناتج عن تجاور الهمزتين :

فإذا تجاورت همزتان نتج عن هذا التجاور الثقل وعدم الانسجام ، ومرجع هذا إلى أن الهمزة حبسة حنجرية ثقيلة في نطقها ، مرهقة لأعضاء النطق ولا سيما عند منطقة الحنجرة ، فإذا تجاورت همزتان نشأ عن تجاورهما ثقل اجتماع حبستين حنجريتين مستثقلتين ،هو أمر يدعو إلى وجوب التحول الصوتي بقلب الهمزة الثانية  حرف مد من جنس حركة الهمزة الأولى عملا على الانسجام الصوتي

 

( ءُ+ءْ )   ç    (أُو)     ،   (ءَ+ْءْ)  ç   ( أَا = آ )

(ءِ+ءْ) ç     (إِيـ)

 

الأساس الثاني: الثقل الناتج عن توسط الهمزة بين ألفين:

فالهمزة إذا تجاورت صوتيا مع أحد حروف العلة كان هذا أشبه باجتماع حرفي علة وهو ما ينتج عنه الثقل وعدم الانسجام الصوتي ، فإذا توسطت الهمزة بين ألفين كان هذا أوقع في الثقل وأكثر تطلبا للتحول بقلب الهمزة ، فيلزم حدوث تحول صوتي بقلب الهمزة إلى  حرف معل مناسب لما  يسبقها

              ( ا ء ا ) ç           (ا و ا )  ، ( ا ى ا )

 

ويشترط في التحول بقلب الهمزة أن تكون الهمزة- في الغالب - طارئة وليست همزة أصلية لأن الأصلي لا يقع فيه التحول غالبا ، وعلى هذا نجمل شروط التحول بقلب الهمزة فيما يلي :

1ـ أن تكون الهمزة طارئة .                  2ـ تجاور همزتان أُأْ /  أَأْ /  أِأْ  .

3ـ توسط الهمزة مع حروف العلة ا ء ا .

توصيف تحولات الهمزة :

1ـ قلب الهمزة واو : 

        تقلب الهمزة واو إذا كانت الهمزة طارئة غير أصلية وفق قانون التحويل الصوتي ، وذلك من منطلق أن الحرف الأصلي لا يحول ولا يغير ، ولتحويل الهمزة إلى (واو) نمطان صرفيان هما :

النمط الأول : تجاور همزتين الأولى مضمومة والثانية ساكنة :

أُأْ ç            أُو

فإذا التقت همزتان أولاهما متحركة بالضم والثانية ساكنه وذلك كما هو الحال في الفعل الماضي المبنى للمجهول على وزن ( أُفْعِلَ) نحو :ـ

                 أُأْ من çأومن .               أُأْ تى ç أوتى .

                 أُأْخذ çأوخذ .                 أُأْذى ç أوذي .

        فالتجاور الصوتي للهمزتين في الأفعال السابقة  نتج عنه الثقل وعدم الانسجام الصوتي مما اقتضى التحول بقلب الهمزة الثانية واوا كي تتناسب مع ضمة الهمزة الأولى ، حيث تصبح الهمزة المستثقلة حرف مد من جنس حركة الهمزة الأولى فينتج عن هذا التحول الانسجام والتخفيف وقلة الإجهاد الصوتي لأعضاء الكلام .  

ويندرج تحت هذا النوع من التحول أيضا تجاور الهمزتين في أول المضارع على وزن أُفْعِلُ نحو:ـ

                     أُأْ ثِرُ ß أوثر ،       أُأْ ِمُن ß أومن

النمط الثاني: توسط الهمزة بين ألفين:

ا ء ا   ß ا و ا

فإذا وقعت الهمزة  بين ألفين ينشأ عن ذلك ثقل اجتماع ما يشبه الثلاث علل وهو أمر شديد الثقل، يستلزم التحول بقلب الهمزة إلى حرف علة يتناسب إلى حد ما مع الألفين فتخف بهذا التحول حدة الثقل ،ويقع هذا النمط في التحول من المفرد إلى الجمع في وزن فعائل ، حيث تقع الهمزة بعد ألف فعائل (جمع تكسير) ، ثم تتلوها ألف أخرى فتتوسط الهمزة بين ألفين وذلك نحو :

جمع (هراوة) حيث تجمع على هراءا ، ثم تتحول إلى (هرا و ى).

 توصيف التحول :

الأصل في جمع ( هراوى) هو ( هرائِو)  على وزن ( فعائل ) ، فتحولت الواو المتطرفة المسبوقة بالكسرة إلى ياء طبا للتماثل الصوتي:

هرائِو ç   هرائِى

ثم قلبت كسرة الهمزة فتحة مناسبة للمد بالألف قلبها :

هرائِى ç      هراء َى

text-al

المصدر: بحثي
  • Currently 82/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 7348 مشاهدة
نشرت فى 23 أكتوبر 2010 بواسطة hamadsagier

ساحة النقاش

أ.د/ أحمد محمد الصغير على

hamadsagier
أ.د/أحمد محمد الصغير على -- أستاذ النحو والصرف والعروض -- كلية دار العلوم -- جامعة المنيا. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

60,394