جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
ماذا يريدون لهذا البلد، كلما تقدمنا خطوة عدنا إلى نقطة الصفر من جديد، لم يلبث أن يشعر المواطن ببصيص من الأمل إلا وتحول هذا الأمل إلى جحيم، لم يهنأ بشىء من الأمن إلا وعاد الخوف يسيطر على كل جنباته، من محمد محمود إلى ماسبيرو والمجمع العلمى ثم مجلس الوزراء، وأخيرا بورسعيد، فما رأيناه بالأمس عندما تحولت مباراة كرة قدم إلى حرب شوارع راح ضحيتها أكثر من سبعين قتيلاً ومئات المصابين، والذى تزامن فى نفس الوقت مع حريق إستاد القاهرة، ومع جرائم السطو المسلح فى الايام القليلة الماضية ينذر بأن شيئا يدبر ضد نجاح الثورة وتحقيق أهدافها، ويتحدى تقدم هذا البلد، وأن هناك من لا يريدون لهذا البلد أن تقوم له قائمة أو يخطو خطوة إلى الأمام، ونراهم يتحدثون بعد كل كارثة عن ذلك اللهو الخفى، الذى يعلقون عليه فشلهم فى كل مرة، ويطالبوننا أن نصدقهم، ولم نتمكن من معرفة ذلك اللهو الخفى أو من يقف وراءه أو من يموله. حزنت كثيرا وبكيت طويلا، وأنا أسمع أرقام ضحايا مجزرة بورسعيد،وحزنا على هؤلاء الأبرياء الذين قتلوا بيد الغدر فى أسوأ طريقة للانتقام أو لاستثمار مباراة رياضية فى تصفية حسابات سياسية.
وحزنت أكثر بعد أن استمعت لكلمات المشير طنطاوى خصوصا حين قال "هو الشعب ساكت ليه"، وأتساءل هل كان المشير يتحدث إلينا أم إلى شعب آخر؟
هل يقصدنا نحن أم يقصد آخرين؟
ماذا يفعل الشعب يا سيادة المشير؟
هل الشعب مطلوب منه حماية الاستادات والبرلمانات والوزارات والهيئات نيابة عن الشرطة والجيش؟
وماذا عن جيش الشرطة الذى يصل إلى نصف مليون بنى آدم؟
ألسنا نحن من ندفع لهم رواتبهم ومكافآتهم ومعاشاتهم؟
أو ندفع لهم لكى يتركونا نهبا للبلطجة وتصفية الحسابات مع جماهير الكرة التى تهتف بما تراه وتصرخ من شدة المعاناة؟
هل تريد من الشعب أن يقف ليحمى بوابات الملاعب بينما رجال الشرطة الأشاوس يتفرجون على المجزرة وهى تقع؟
لو غابت الشرطة لقلنا للشعب اخرج يا شعب واحمى منشآتك، ولكن الشرطة كانت موجودة تجلس على كراسيها وتتفرج بكل برود، بينما المعلق الكروى الشهير يقول لو تدخلت الشرطة بتوع حقوق الإنسان ليفضحونا، أى أنه وبكل وضوح أعطى الشرطة المبرر والدافعية للقتل.
الشعب المصرى مش ساكت يا سيادة المشير، الشعب المصرى متحرك ونشيط وشايف وعارف وفاهم قوى اللى بيحصل ولن يمكن أحدا من "يفسد عليه فرحته".
الشعب المصرى فى الثورة كان موجودا وفى الانتخابات موجود ومشارك، وفى المظاهرات موجود ومشارك، وفى المباريات موجود ومشارك، وفى الحروب مشارك، وموجود وفى الأزمات مشارك وصابر وساكت.
الشعب المصرى العظيم يدفع الآن فاتورة ثورته التى لم ولن يرض عنها البعض ويراها ثورة عيال أو هوجة على غرار "هوجة عرابى"، ولا يزال البعض يسخر من ثورتنا ويعمل ما فى وسعه من أجل إجهاضها. فلم يتم المحاسبة أو المحاكمة الثورية لمبارك وأعوانه ولم يتم تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والعيش من مطالب الثورة، فلاتزال بقايا النظام البائد تتحكم فى مصير البلاد وتتقاضى رواتبها بالملايين فى مقابل رواتب بالملاليم ! ولا تزال أموال التأمينات والمعاشات منهوبة من قبل الحكومة التى استولت عليها وقامت بضخها فى مشروعات لا تأتى بأرباح للدولة باعتراف رئيس الوزراء نفسه
ولم يتم إعادة هيكلة الوضع المهترئ فى وزارة الداخلية، ولم تتغير أوضاع الضباط الموالين للنظام السابق الذين استفادوا منه كثيرا، وتوقفت الرشاوى التى كان بعض الضباط يتحصلون عليها من المواطنين قبل الثورة ..
أسوأ ما فى المجزرة هو مشهد أولئك الذين يتنقلون من فضائية إلى أخرى لكى يحققوا هدفا شخصيا رخيصا على حساب الدماء التى سالت والتى لا تزال تسيل. بعض نفر من محدثى النعمة (البرلمانية)، اتخذ من الفضائيات منصة لتصفية حسابات لا علاقة لها بالحادث وبعض الفضائيات بالطبع وجدتها هى الأخرى فرصة للنيل من خصومها عبر استدراج هؤلاء إلى (المكلمخانة الفضائية)، ليبثوا سمومهم، وفى رأيى أن هؤلاء مجرمون ومذنبون تماما مثل من سمح لمجزرة بورسعيد أن تحدث.
ورغم كل السواد الذى تتشح به مصر اليوم إلا أننى دائما أقول إن مصر قادرة على تجاوز محنتها، وستنهض من كبوتها وستروى دماء الأبرياء شجرة نهضتها، وعلينا نحن ألا نخون دماء الشهداء وألا نقبل إلا بالقصاص العاجل والعادل.
ساحة النقاش