في إطار توثيق مشروع ' ذاكرة مصر المعاصرة ' لتاريخ مصر الحديث والمعاصر في مختلف جوانب الحياة المصرية، يأتي مشروع قناة السويس في مقدمة الموضوعات التي اهتم بها المشروع، وتم تخصيص قسم خاص بالموقع الإلكتروني للمشروع لتوثيق تاريخ قناة السويس وإتاحة مجموعة ضخمة من المواد التي توثق للقناة.
ويكتشف من يتجول في موقع ' ذاكرة مصر المعاصرة ' العديد من الصور والوثائق وأفلام الفيديو التي توثق تاريخ قناة السويس منذ أحداث حفر قناة السويس - والتي بدأت بأول ضربة فأس رمزية في 25 أبريل 1859 - حيث استغرقت عمليات الحفر عشر سنوات، ثم افتتاحها في عهد الخديوي إسماعيل في 17 نوفمبر 1869، مرورًا بالملك فؤاد والملك فاروق ثم تأميمها في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وما تبع ذلك من عدوان ثلاثي علي مصر ثم حرب أكتوبر 1973 وإعادة افتتاح الرئيس السادات للقناة عام 1975.
ويأتي توثيق الموقع لمشروع قناة السويس نظرًا لأهميتها في تاريخ مصر الحديث، حيث جذب مشروع حفر قناة السويس المهندسين الفرنسيين والفنيين الأجانب - الذين تركوا أعمالهم وحصلوا علي إجازات للعمل في مصر - نظرا لأن عملية حفر القناة كانت عملية جريئة ومعقدة ولزم لنجاحها تطبيق تنظيم علمي للعمل وتفعيل مناهج إدارية متطورة وتحديث الميكنة والابتكار في صحراء مصر.
وفي عهد الخديوي سعيد باشا نال ' فرديناند دي ليسبس' الموافقة علي تأسيس الشركة وساندته الحكومة المصرية بالإضافة إلي منحه العديد من المزايا، ولم يكن 'فرديناند دي ليسبس' مهندسًا ولكن كان دبلوماسياً، إذ شغل في عام 1833 منصب نائب قنصل فرنسا في الإسكندرية - وذلك قبل أن يُكلف بمسئولية القنصلية العامة لفرنسا بمصر حتي إبريل 1837 - وتعّرف أثناء عمله في مصر علي سعيد باشا أحد أبناء محمد علي، وبعد أن ترك العمل بوزارة الخارجية - بسبب عملية استنكرتها الحكومة الفرنسية - جاء إلي مصر بعد أن تولي سعيد باشا الحكم وعرض عليه مشروع حفر قناة السويس وحصل منه علي موافقة شفهية قبل أن يمنحه امتياز حفر قناة السويس وتأسيس شركة عالمية حسب القانون التجاري الفرنسي.
وكان حفل افتتاح قناة السويس بمثابة إعلان رسمي وفعلي لانتهاء العمل في المشروع وتتويج لجهود 11 سنة من العمل الدؤوب، حيث دامت الاحتفالات من 17 إلي 21 نوفمبر 1869.
ويعتبر مشروع حفر قناة السويس صفحة بالغة الأهمية من تاريخ مصر، فقد استفادت مصر من الخبرات المكتسبة في عملية حفر قناة السويس واستطاع أبناء مصر أن يستثمروها في بناء البنية التحتية في حفر الترع وإقامة الجسور وتعمير المدن باستخدام الآلات في بناء البنية التحتية - وخاصة استخدام الكتل الخرسانية التي عرفها العالم لأول مرة في بناء أرصفة ميناء بورسعيد -
و استيعاب المصريين لأهمية هذه التجربة، ظهر ذلك جليا علي أثر تأميم قناة السويس في يوليو 1956.