تُعد الملوخية من أقدم النباتات التي عرفها المصريون القدماء، حيث كانت تُستخدم في البداية لأغراض علاجية. وعلى الرغم من انتشارها كطبق رئيسي، إلا أن فوائدها الصحية لا تزال مصدر دهشة للعلماء. فهي غنية بالبروتينات والفيتامينات والمعادن مثل المنجنيز الذي يساعد على تنظيم السكر في الدم، ويُعد ضروريًا لمكافحة هشاشة العظام والعقم.

ما يميز الملوخية هو أنها تحتفظ بقيمتها الغذائية حتى بعد الطهي، على عكس العديد من الخضروات الورقية الأخرى. كما أن المادة الغروية الموجودة فيها تعمل كمليّن طبيعي ومهدئ للجهاز الهضمي، مما يساعد في علاج الإمساك والتهابات القولون. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي الملوخية على الكاروتين بنسبة تفوق الجزر، وهو ما يتحول في الجسم إلى فيتامين (أ) الذي يقوي البصر ويعزز مناعة الجسم.

الملوخية المصرية في اليابان: قصة نجاح وعلامة استفهام

في الثمانينيات، قام عالم نبات ياباني يُدعى كوسوكي إيموري بأخذ بذور الملوخية إلى اليابان، ومنذ ذلك الحين تحولت الملوخية إلى مكون أساسي في صناعات متعددة هناك. لم يقتصر اليابانيون على استخدامها في الطهي، بل قاموا بابتكار أكثر من 25 صنفًا منها، وأدخلوها في صناعة الكعك، والخبز، والمكرونة، وحتى الآيس كريم والعصائر.

الأمر لم يتوقف عند الأغذية، فقد استُخدمت الملوخية في صناعة:

كبسولات علاجية مضادة للسموم.

مكملات غذائية للأطفال.

منتجات تجميلية للشعر والبشرة.

رغم أن مصر هي الموطن الأصلي للملوخية، إلا أن اليابان سجلتها كـ"ابتكار ياباني" في عام 2002، مما دفع مصر للانضمام لاتفاقية "اليوبوف" الدولية لحماية الأصناف النباتية، في محاولة للحفاظ على هذا التراث.

قرية جردو بالفيوم: نموذج يُحتذى به لتصدير الملوخية

تُعد قرية جردو بمحافظة الفيوم نموذجًا ناجحًا في زراعة وتجفيف وتصدير الملوخية. يعمل معظم سكان القرية في هذه الصناعة، حيث يقومون بقطف أوراق الملوخية وتجفيفها في الظل للحفاظ على لونها الأخضر.

تضم القرية أكثر من 20 مكتبًا للتصدير و 5 منشآت صناعية متخصصة في التعبئة والتغليف، مما يجعلها مصدرًا رئيسيًا للملوخية المجففة عالية الجودة. يُنتج الفدان الواحد من الملوخية الصعيدي حوالي 500 كيلوغرام من الأوراق الجافة. هذا النموذج الناجح يثبت أن التخصص في محصول معين يمكن أن يحقق نجاحًا اقتصاديًا كبيرًا ويوفر فرص عمل.

الملوخية العملاقة (الجوت): فرصة استثمارية وصناعية

تُعرف الملوخية العملاقة بـ "الجوت الأخضر"، وتصل أطوالها إلى أكثر من مترين. هذه النبتة لا تُستخدم فقط في الغذاء، بل يمكن استخلاص ألياف قوية من ساقها تُستخدم في صناعة أكياس قابلة للتحلل الحيوي، مما يُعد حلاً مبتكرًا لمواجهة التغيرات المناخية.

إحياء صناعة الجوت في مصر يمكن أن يخلق فرصًا استثمارية وصناعية جديدة، خاصة وأن الشركة العامة لمنتجات الجوت كانت موجودة بالفعل في منتصف القرن الماضي.

كيف يمكن للملوخية أن تحد من البطالة؟

بناءً على النموذج الناجح لقرية جردو، يمكن تعميم تجربة "القرى التصديرية المتخصصة" في مختلف المحافظات. من خلال:

التوسع في زراعة الملوخية.

الاستثمار في مصانع التعبئة والتغليف والتصنيع.

تطوير منتجات جديدة قائمة على الملوخية (مثل المكملات الغذائية ومستحضرات التجميل).

تسويق الملوخية المصرية كمنتج أصيل وعالي الجودة في الأسواق العالمية.

 

 

المصدر: مقالات عن انضمام مصر إلى اتفاقية اليوبوف
  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 343 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

4,345