ماذا لو لم يغفر الله لنا في رمضان ؟؟
( أتاكم رمضان سيد الشهور , فمرحباً به وأهلاً , قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك , كتب الله عليكم صيامه , تفتح فيه أبواب الجنان , وتغلق فيه أبواب الجحيم , وتغل فيه الشياطين , فيه ليلة خير من ألف شهر , فمرحباً به وأهلاً ) .
بهذه الكلمات المنيرات الجامعات , كان يستقبل النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان , فهو موعدنا السنوي مع الله , ليغفر لنا الخطايا , ورضي الله عن عمر بن الخطاب , حينما كان يفرح بقدومه , ويقول : " مرحباً بمطهرنا من الذنوب " .
فهل رمضان فعلاً مطهرنا من الذنوب ؟
- في رمضان كتب الله علينا الصيام , وهو العمل الذي اختصه الله لنفسه , يقول صلى الله عليه وسلم عن ربه : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ) متفق عليه , فالصيام مكفر للذنوب يوم القيامة , كما قال البيهقي : حيث لا يأخذ أحد شيئاً من أجر الصيام , في رد المظالم , دون سائر الأعمال والطاعات .
- وهاهي فرصة رمضان بين أيدينا , حيث توزع الأجور بلا حساب , من الجواد الكريم , وعلى الفور , يقول صلى الله عليه وسلم : ( من تطوع فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن تطوع بفريضة فيما سواه , ومن أدى فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ) , ومن أخص وأعظم خصال الخير , سيد الأعمال : الاستغفار .
- وهاهي فرصتنا جميعاً ليغفر لنا الله الذنوب , كما قدمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , حيث يقول : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري , ويقول : ( الصلوات الخمس , والجمعة إلى الجمعة , ورمضان إلى رمضان , مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) مسلم , ويقول : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً , غفر لهما تقدم من ذنبه ) متفق عليه .
فيامن تريد المغفرة :
- ليكن صومك صوم القلوب , لا صوم الأجساد , في ترك الشهوة والطعام من أجل الله , وبذلك تحقق الصوم الحقيقي , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من لم يدع قول الزور , والعمل به , فليس لله حاجة , أن يدع طعامه وشرابه ) البخاري .
- وليكن قيامك طلباً للمغفرة , واحذر من قول التبي صلى الله عليه وسلم : ( رب قائم حظه من قيامه السهر ) رواه أحمد .
- وليكن فرحك عند الإفطار , بتحققك من مغفرة الله لذنبك , وليكن شعارك اليومي , في قوله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته , فبذلك فليفرحوا , هو خير مما يجمعون ) يونس 58 .
- وليكن الصيام والقرآن من أخلص أصدقائك , فهما الوحيدان اللذان يشفعان لك في رمضان , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ) رواه أحمد .
فإلى موسم الطاعات :
- إلى انتهاز الفرصة , وإلا الندم على الخسران , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( رغم أنف عبد أدرك رمضان , ثم انسلخ رمضان ولم يغفر له ) متفق عليه .
- إلى الجود والبذل والعطاء والمواساة , يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه ) رواه ابن خزيمة في صحيحه .
- إلى عشرة أيام في ضيافة الرحمن , وهن العشر الأواخر من رمضان , حيث الاعتكاف والتماس ليلة القدر , فمعنى الاعتكاف كما أشار العلماء , في قولك : " لا أبرح عن بابك حتى تغفر لي " .
- إلى دعاء ليلة القدر , حيث العفو الشامل , وأنت في تهجدك تناجي الغفور : " اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني " , ففي الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
- إلى طلب المغفرة في كل لحظة , حيث إن الملائكة تساعدك وتستر عليك الذنوب , وتعينك على الاستغفار والمغفرة , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ) رواه أحمد .
- إلى ليلة المغفرة الشاملة , وهي آخر ليالي رمضان , روى أحمد قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يغفر لهم في آخر ليلة فيه , فقيل : أهى ليلة القدر ؟ قال : لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا انقضى عمله ) .
وأخيراً : هذه فرصتك
إلى الفرصة قبل فوات المغفرة , ففي صحيح ابن حبان : صعد النبي صلي الله عليه وسلم المنبر , فقال : آمين آمين آمين , فلما سُئل عن ذلك , قال : إن جبريل أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له , فدخل النار , فأبعده الله , قل : آمين , قلت : آمين .
وكان الاستغفار , من أعظم ما كان يذكر به , عمر بن عبد العزيز الأمة في شهر رمضان , ففي كتابه للبلدان إذا جاء رمضان :
- قولوا كما قال أبوكم آدم : ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) الأعراف 23 .
- وقولوا كما قال نوح عليه السلام : ( وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) هود 47 .
- وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام : والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) الشعراء 82 .
- وقولوا كما قال موسى عليه السلام : ( رب ظلمت نفسي , فاغفر لي ) القصص 16 .
- وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام : ( لا إله إلا أنت سبحانك , إني كنت من الظالمين ) الأنبياء 87 .
وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة , يقول كعب : " من صام رمضان وهو يحدث نفسه , أنه إذا أفطربعد رمضان , أن لا يعصى الله , دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب , ومن صام رمضان , وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان , عصى ربه , غصيامه عليه مردود .
فإن لم يغفر الله لنا في رمضان , وقد عرفنا طريق المغفرة , فمتى يغفر الله لنا ؟ بل ماذا لو لم يغفر لنا الله في رمضان ؟ .
جمال ماضي
ساحة النقاش