سلسلة
البنات الصالحات
عائشة بنت سعد بن أبى وقاص
المُهاجرة الأخيرة
1- الطالبة النجيبة
ـ درجت بنت الإيمان عائشة وهى تسمع الحديث وترويه عن أبيها سعد بن أبى وقاص ، ومن أمهات المؤمنين ، وفى مقدمتهن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها , فكانت الطالبة النجيبة التى روت الحديث , والتى عرفت بتفوقها وعلمها وحفظها , فقد ولدت فى أواخر خلافة عثمان بن عفان فى المدينة المنورة ، وكانت تفخر بأبيها وتقول :
( أنا ابنة المهاجر الذى فداه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالأبوين ) .
ففى صحيح البخارى أن سعيد بن المسيب قال : سمعت سعدًا يقول : نثل
( استخرج ) لى رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد , وقال :
( ارم فداك أبى وأمى ) .
ـ وعاشت عائشة بنت سعد سعيدة , لأنها تلميذة أم المؤمنين عائشة وأمهات المؤمنين , وكانت تقول :
( أدركت ستًا من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم )
وظلت على تفوقها حتى ذكرها ابن حبان فى الثقات , وقد روى لها الإمام البخارى ، وقال العجلى : عائشة بنت سعد مدنية تابعية ثقة .
ويكفينا أنها أصبحت فى العلم أستاذة ، فنهل الكثير من العلماء من علمها ، ومنهم الإمام مالك بن أنس صاحب المذهب المالكى , حيث أنه لم يروعن امرأة غيرها .
2- العالمة العابدة
ـ ومع اتساع علمها كانت مشهورة بالمحافظة على أداء الصلوات فى المسجد النبوى الشريف , خاصة صلاتى الصبح والعشاء ، وذكر حبيب بن أبى مرزوق قوله : لقيت امرأة بالمدينة معها نسوة وضوء نار يعنى
( شمعة) , خارجة من المسجد , فسألت عنها فقالوا : هذه بنت سعد بن أبى وقاص .
ـ واشتهرت كذلك برواية الشعر , فقد روت أن أباها قال فى أحد معاركه :
ألا هل أتى رسول الله أنى
حميت صحابتى بصدور تبلى
أذود بها عدوهم ذيادًا
بكل حُزُونَة وبكل سهل
فما يعتد رامٍ من قعدّ
بسهمٍ مع رسول الله قبلى
ـ ومن ثقة العلماء بحفظها وتحصيلها وروايتها ، أخرج لها البخارى قول أبيها سعد : اشتكيت بمكة فدخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودنى , فمسح وجهى وصدرى وبطنى , وقال :
[ اللهم اشف سعدًا ]
فما زلت يخيل إلىّ أنى أجد بَرْدَ يده صلى الله عليه وسلم , على كبدى حتى الساعة .
ـ واعتمد المؤرخون على روايتها فى وفاة أبيها ، قالت عائشة : ( مات أبى رحمه الله فى قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة , فحُمل إلى المدينة على رقاب الرجال , وصلى عليه مروان بن الحكم , وهو والى المدينة وذلك فى سنة ” 55 هـ ” , وترك يوم مات , مئتى ألف وخمسين ألفا ) .
فتوفرت فى روايتها كل شروط العرض التاريخى قبل تقسيمات العلماء .
3- فى مدرسة النبوة
وكانت على صلة دائمة بزوجات النبى صلى الله عليه وسلم , فنقلت إلينا أجمل حياة فى مدرسة النبوة تقول عائشة : أدركت ستًا من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم , وكنت أكون معهن , فما رأيت على امرأة منهن ثوبًا أبيض , وكنت أدخل عليهن وعلىّ الحلل فلا يعبن ذلك علىّ , فقيل لها : ما هو ؟ قالت : قلائد الذهب .
ومن ثم كان اقتداؤها الدائم بأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فى صلاتها أو نوافلها , فقد أخرج الإمام أحمد فى مسنده عن عائشة بنت سعد عن أم ذرّة قالت : رأيت عائشة رضى الله عنها تصلى الضحى وتقول : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى إلا أربع ركعات .
4- المهاجرة الأخيرة
وبعد أن قاربت عائشة تسعين عامًا إلا قليلاً ، قضتها ثابتة على العلم ونشره ، وافتها المنية سنة 117 هجرية , وما بقى من بنات المهاجرين إلا إياها , حتى أنها كانت تقول :
( والله ما بقى على وجه الأرض بنت مهاجر
ولا مهاجرة غيرى ) .
فكانت عائشة المهاجرة الأخيرة , كما قالت بحق على وجه الأرض بأكملها , وبذلك أصبحت ( قدوة الثابتات ) .
وأخيراً … تذكرى
ـ حرص البنت الصالحة على التفوق وتحصيل العلوم , يجعلها عنوانًا للفخر والسعادة وتعليم الأجيال , ويسهل نشرها للعلم وتصبح من المتخصصات .
ـ حرص المرأة الصالحة على الثقافة والفكر والأدب , وأن تكون محل الثقة فى علمها ودراستها حث عليه الإسلام .
ـ الصالحات لهن قدوة فى الصحابيات خاصة أمهات المؤمنين , فى الطاعة والعبادة والعلم والخلق .
ـ الصالحات طائعات لله يحرصن على أداء الفريضة , وارتياد المساجد وصحبة الصالحات .
ـ الصالحات يثبتن على دينهن والتزامهن وأخلاقهن , إلى آخر لحظة فى حياتهن .
همسة عائشة
الثبات الثبات … ولتعلمى حبيبتى أن النجاح ليس فى الحصول على الأمر وتخفيفه , بل فى الثبات عليه والاستمرار به , إلى آخر حياتنا فى الدنيا , وبذلك أصبحت أنا , بثباتى على العلم والعبادة والاقتداء بأمهات المؤمنين , ( قدوة الثابتات ) ( والمهاجرة الأخيرة ) .



ساحة النقاش