ماما مدير عام!
بقلم: أمل خيري
أحد المشكلات الأساسية التي تواجهها الأم في عملها كيفية رعاية الأطفال دون إخلال بمسئوليتها تجاههم، وفي نفس الوقت دون تقصير في وظيفتها، وهي المشكلة التي جعلت الكثيرات يقررن الاستقالة من الوظيفة والاتجاه للعمل من المنزل، لكن إذا كنت اتخذت هذا القرار فلا تظني أن كل الأعمال تناسب كل الأمهات وتلائم كل الظروف.
يجب أن تحددي أولا طبيعة العمل الذي تختارينه، وتتأكدي إن كان يلائم المرحلة العمرية التي يمر بها أبناؤك أم لا، وبالتالي من الوارد تماما أن تغيري من نوعية العمل المنزلي الذي تحترفينه في كل مرحلة من مراحل حياتك وحياة أبنائك، فالمرونة مطلوبة سواء في التفكير أو التنفيذ، وتذكري أن المرونة أحد السمات الأساسية للعمل المنزلي، فلا تضحي بها وتصري على السباحة ضد التيار، فتختاري عملا لا يناسب ظروفك، فتجدي نفسك وقد فشلت في عملك، فتحكمي على التجربة كلها بالفشل.
من موظفة لصاحبة مشروع
إحدى صديقاتي عانت الأمرين قبل أن تدرك هذه الحقيقة، وحين أدركتها عاشت تجربة ناجحة بحق، فبعد حصولها على بكالوريوس التجارة تزوجت وعملت محاسبة في شركة خاصة بدوام ثماني ساعات يوميا، وقبل نهاية العام كانت قد رزقت بطفلها الأول، وبعد انتهاء إجازة الوضع فكرت في العودة لوظيفتها، إلا أن زوجها رفض بشدة أن تترك طفلها في الحضانة يوميا لأكثر من عشر ساعات يوميا، خاصة أن مكان العمل بعيد عن البيت، ولا يوجد دار حضانة في الشركة التي تعمل بها.
ظلت على علاقة سيئة بزوجها على مدى عام كامل هو يتهمها بالإهمال وتفضيل مصلحتها الشخصية على مصلحة طفلها، وهي تتهمه بتدمير مستقبلها الوظيفي، والوقوف ضد طموحاتها وأحلامها، حتى قالت لي صراحة لقد كرهت طفلي لأنه السبب في هذه المشاكل!.
عرض عليها زوجها راتبا شهريا كي تتفرغ لرعاية طفلها فرفضت بشدة، واعتبرت ذلك إهانة، وكأنه يعتبرها جليسة أطفال مستأجرة أو خادمة، وأتتني باكية لتقول هذه هي نهاية حياتي معه، لن أعيش معه بعد اليوم، سأتركه وأعود لوظيفتي، وأترك طفلي في الحضانة، وأحقق نجاحا في عملي فلا حاجة لي بسيطرته بعد اليوم وتحكماته الفارغة.
طلبت منها أن تقبل هذا الراتب بلا حساسية على أن تدخره كاملا، وبعد عدة شهور حين يكتمل لديها مبلغا معقولا تأتيني لنكمل نقاشنا، بالطبع قبلت الأمر على مضض، ثم عادت فأشرت عليها بعمل مشروع حضانة أطفال، لتجمع بين عملها ورعاية طفلها، ونصحتها باستئجار شقة في الدور الأرضي لتفتحها حضانة أطفال بعد أن تدرس جدوى المشروع، وبالفعل استعانت ببعض الأصدقاء لإعداد دراسة جدوى، وبدأت مشروعها بأثاث بسيط، وعدد أطفال لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، وكانت مفاجأة لها أن زوجها لم يبد أي اعتراض على هذا المشروع، بل شجعها غاية التشجيع، وقدم لها الدعم المادي والمعنوي؛ فمن ناحية سيضمن لطفله رعاية دائمة في حضن أمه، ومن ناحية أخرى -وهي الأهم- سيودع النكد اليومي من حرمه المصون!.
كوني مرنة
في البداية ظنت صديقتي أن هذا المشروع سيكون أبديا، وأنها لن تفكر في غيره، لكنها بالتدريج اكتشفت أن أطفالها يكبرون فغادروا الحضانة، والتحقوا بالمدارس ومشروعها ما زال ناجحا، وتوسعت واستعانت بعدة مدرسات وتفرغت للإدارة، مما أتاح لها وقتا للدراسة عبر الإنترنت، فحصلت على عدة دورات ودبلومات في التسويق الإلكتروني، وبدأت ممارسة عملها عن بعد من داخل الحضانة، واليوم تفكر في إغلاق الحضانة والتفرغ لعملها الجديد، وأن تفتح شركة للتسويق عن بعد، وتقدم تدريبا في هذا المجال للراغبين فيه.
ما أريد التأكيد عليه من هذه القصة أن طبيعة المراحل العمرية التي يمر بها أطفالك تلعب دورا فاعلا في اختيارك للعمل المنزلي الذي ستقررين احترافه، فما يناسبك حين يكون أطفالك في المراحل الابتدائية أو الإعدادية ربما لا يناسبك حين يكون لديك أطفال رضَّعًا حديثي الولادة.
وقد تجدين نفسك بعد مرور السنوات قد جمعت بين وظائف مختلفة، واكتسبت خبرات عديدة لا تتوفر للموظفة خارج البيت بدوام كامل، ففي مرحلة قد تكونين مدربة، وفي أخرى مترجمة، وفي ثالثة مصممة مواقع إنترنت، وفي رابعة صاحبة مشروع صغير وهكذا.
ما عليك سوى أن تضعي لنفسك خطة واضحة المعالم قبل أن تختاري نوعية العمل، وأن تحددي مهاراتك وخبراتك وما يمكنك أن تمارسي من أعمال، ثم تحددي طبيعة ظروف المرحلة التي يمر بها أطفالك، وما إن كانت تتناسب مع أي الوظائف التي حددت إياها.
اختاري ما يلائمك
ارسمي جدولا من ثلاثة أعمدة، يضم العمود الأول الوظائف التي يمكنك ممارستها عن بعد تبعا لمهاراتك وخبراتك، فعلى سبيل المثال أنت تحفظين القرآن الكريم، وتجيدين أحكام تلاوته، كما لديك مهارات في تدريس اللغة الإنجليزية، وفي نفس الوقت تترجمين جيدا إحدى اللغات الأجنبية، ولديك مهارات كمبيوتر وإنترنت كافية لكي تدربي جيرانك أو صديقاتك أو حتى الأطفال على استخدام الكمبيوتر، لكن لديك الآن طفلا في الثالثة من عمره، وآخر رضيعا؛ مما يعني أنك لن تستطيعي التحكم في أوقات نومهما، ومن ثم لا تضمنين هدوء المكان في أوقات محددة، والذي يتطلبه تحفيظ القرآن أو التدريس أو التدريب، فيكون الخيار الأفضل لك في هذه المرحلة الترجمة؛ لأنك ستختارين الوقت الذي تمارسين فيه عملك حين يهدأ الأطفال أو ينامون.
الوظيفة |
متطلبات الوظيفة |
مدى توفر المتطلبات |
تحفيظ القرآن للأطفال أو النساء |
مكان هادئ في أوقات محددة |
غير متوفر حاليا |
دروس خصوصية |
مكان هادئ في أوقات محددة |
غير متوفر حاليا |
تدريب كمبيوتر |
مكان هادئ في أوقات محددة |
غير متوفر حاليا |
ترجمة |
هدوء في أي وقت |
متوفر حاليا |
بالطبع هذا الجدول مجرد نموذج استرشادي، وفي كل مرحلة من مراحل أطفالك يمكنك تغيير أعمالك بما يتوافق مع ظروف كل مرحلة، فبعد دخول الأطفال المدرسة سيصبح لديك وقتا كافيا في الصباح لممارسة التدريب على مهارات الكمبيوتر أو تحفيظ القرآن الكريم، كما يمكنك أن تقومي بتدريس اللغة الإنجليزية لأطفالك وزملائهم في المدرسة في المساء، المهم أن تكوني مرنة في اختياراتك لتحققي النجاح.
طالع الحلقات السابقة
"بيتي مكتبي".. مفهوم جديد لعمل المرأة
للباحثات عن عمل: كوني رئيسة نفسك
موظف بالبيجامة ومكتب في المطبخ!
رابط النشر
http://www.onislam.net/arabic/adam-eve/women-voice/126913-2010-12-02-12-50-29.html
ساحة النقاش