بقلم: أمل خيري
العمل الخيري أو الطوعي لا يتأسس فقط على النوايا الحسنة والقلوب الرحيمة بل لابد له من إدارة جيدة واعية بالمتغيرات المحلية والدولية حتى يتسنى لها البحث عن البدائل الملائمة للتمويل وتتعدد هذه البدائل في الأشكال والصور بدءا من الهبات والتبرعات المقدمة من الأفراد والقطاع الخاص بأشكال مختلفة وحتى الدعم الحكومي والمؤسسات الدولية إلا أنه تظل الحقيقة أن التبرعات والهبات هي المصدر الأساسي لموارد أي مؤسسة طوعية.
ثقافة التطوع
وتختلف ثقافة التطوع عن غيرها من المشروعات التجارية حيث أن المتبرع هنا لا يتلق عائدا ماديا ملموسا لذلك فإن مشاركته في العمل التطوعي أو إنفاقه المال مرتبط بثقته في المؤسسة وهذه الثقة يستمدها من جلاء أهمية عمل المؤسسة وجدواه وبروز انجازات المؤسسة بشكل ملموس ليكون حافزا له للتبرع بأمواله لذلك كان لابد للمؤسسة أن تضع الخطط اللازمة لجلب التمويل وزيادة حجم التبرعات وإعداد الحملات اللازمة لجمع المال وسبل التأثير على المانحين وهذا يتطلب أفرادا لديهم القدرة العالية على الاتصال والإقناع والتأثير على المتبرعين.
تخطيط الحملة
قبل البدء في تنفيذ حملة جمع التبرعات يجب التوقف قليلا وإدارة الحملة بشكل منظم مع محاولة الاستفادة من علوم الإدارة في التخطيط والتنظيم والتنفيذ وأولى خطوات التخطيط للحملة إعداد دراسة جدوى للقيام بالحملة وتعبر دراسة الجدوى عن مسح موضوعي للمؤسسة لتحديد الهدف من الحملة وتقييم احتماليّة نجاح حملة جمع التبرعات وحجم المال المتوقع كما يتم تحديد الأساليب التي ستتبع في تنفيذ الحملة ومدى جدواها مع تحديد الجهات التي يمكن أن تدعم الحملة .
وهذه الدراسة من شأنها أن تكشف عن مدى استيعاب المجتمع لعمل المؤسسة وتحديد قادة الرأي المؤثرين في مجال جمع التبرعات وما هو الوقت الأنسب لبدء الحملة وأهم الوسائل والأدوات اللازمة لتنفيذ الحملة مع التقديرات المحتملة لحجم المال المتوقع الحصول عليه من خلال كل وسيلة بعد تحديد الجمهور المستهدف للحملة ودراسة خصائصه جيدا وما إذا كان هناك جهات أخرى تتنافس لجذب نفس المتبرعين ودراسة احتمالية التنسيق مع هذه الجهات أو إتباع أساليب أخرى أشد تأثيرا.
كما يمكن لدراسة الجدوى أيضا أن تكشف عن بعض المشاكل الخاصة ببرامج المؤسسة المستقبلية فقد تكشف الدراسة أن التوسع في نوع ما من النشاط قد يفقدها المتبرعين أو يقلل من أعدادهم فتتجه بالتفكير إلى برامج أخرى.
وتتم دراسة الجدوى بواسطة عدد من المستشارين عبر مجموعة من الاستبيانات المشتملة على أسئلة موجهة لمجموعة من المتبرعين القدامى أو قادة الرأي في المجتمع أو الشركات التي ربما تدعم الحملة للوصول إلى دراسة مستفيضة للمجتمع المحيط للاطلاع على مدى إدراكه لنشاط المؤسسة وجدواه وينبغي أن تشتمل الدراسة أيضا على تحديد الأشخاص القائمين بالحملة ومهاراتهم المختلفة وكيفية تطوير هذه المهارات.
جدد نفسك
هناك مجموعة من الأساليب التقليدية لجمع المال مثل وضع الصناديق في المساجد أو المدارس أو المستشفيات مع وضع ملصق بجوارها يحتوي علي بعض الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية التي تحث على فعل الخير مع نبذة تعريفية بالمؤسسة ومجال عملها كرعاية الأيتام أو أطفال الشوارع أو تشغيل الأرامل.....
إلا أنه لاشك أن تطوير الأساليب التقليدية وتحديثها سيساعد في جلب المزيد من الموارد مثل البوسترات والأسواق والمعارض الخيرية والحفلات ودعوات العشاء لرجال الأعمال والحصول على رعاية الشركات والحملات البريدية المنظمة وأيضا الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة.
شركات راعية
للحصول على دعم ورعاية الشركات لابد أن تضع نفسك مكان الشركة الراعية لتحديد ما الذي يحفزها على استقطاع قدر من المال لدعم أنشطة المؤسسة ومما يساعد على ذلك رسالة واضحة تعدد مزايا هذه الرعاية والفوائد التي تعود على هذه الشركة وكلما حددت مجالا معينا يمكن للشركة أن تدعمك من خلاله كلما ساهم ذلك في جذب الشركات نحو الرعاية ولابد من اختيار الوسيلة المناسبة لهذه الرعاية سواء كانت عن طريق الدفع النقدي أو عن طريق تخصيص جزء من أوقات العاملين للتطوع أو الاستفادة من خبراتهم التي تنقصك أو حتى استغلال مبنى أو شقة يملكها بعضهم لإقامة معرض أو سوق خيرية أو تقديم جوائز من منتجات الشركة للمتسابقين أو للمتفوقين أو الحصول على خصم لأعضاء المؤسسة كخصومات في أسعار تذاكر الأطباء أو تخفيض سعر الدواء من قبل الصيدليات أو عروض مجانية أو مخفضة للفئات التي تشملها المؤسسة برعايتها بتقديم الأدوات المدرسية أو الزي المدرسي للطلاب من الأيتام أو الفقراء......
الحملات البريدية
تلعب الحملات البريدية دورا هاما في جلب التبرعات إلا أن نجاح هذه الحملة يعتمد إلى حد كبير على ويعتمد نجاح الحملات البريدية على الإخراج الفني للحملة وسمعة المنظمة ونوعية الجمهور المستهدف لذلك لابد من صياغة جيدة لمحتوى الرسالة والتي ينبغي أن تشتمل على التأثير العاطفي وجذب انتباه القارئ وتبدأ الرسالة عادة بالتذكير بثواب الله وفضله للمحسنين وجزاء الصدقة والإحسان مع عرض المشكلة في صور قصصية أو عرض مجموعة من الصور المؤثرة كصور مجموعة من المشردين أو أطفال الشوارع أو اللاجئين أو النازحين أو سكان المناطق العشوائية أو سكان المقابر .....حسب نوع نشاط المؤسسة ووضع رسالة مؤثرة تحث على التبرع لهؤلاء ومدى حاجتهم الشديدة .
وتختلف المشاعر التي تؤثر في المتبرعين من خلال الحملات البريدية من شخص لآخر فهناك من تثيره مشاعر الغضب تجاه الظلم الواقع على الفئة كمشاعر الغضب تجاه إسرائيل التي ألجئت الفلسطينيين أو اللبنانيين إلى النزوح من أراضيهم ، وهناك من تثيره مشاعر الشفقة أو الخوف من التعرض لنفس الظروف أو الخوف من تعرض أبناءه لنفس المصير كالأيتام أو مرضى السرطان ، وهناك من يتطوع بدافع الفضول وذلك يتطلب قدرا من الابتكار في عنوان الرسالة بدرجة تشد انتباه القارئ فمثلاً في إحدى الحملات لكفالة الأيتام في الهلال الأحمر الإماراتي وضعت عبارة " بطاقة دعوة " على المغلف الخارجي الأنيق للحملة البريدية، مما دفع آلاف الأشخاص للنظر في محتوى الرسالة ليجدوا أن أول جملة تستقبلهم كانت: ( دعوة نوجهها إليك لقضاء أجمل الأوقات برفقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة عبر كفالة واحد أو أكثر من عشرة آلاف يتيم ينتظرون من يكفلهم، مصداقاً لحديثه عليه الصلاة والسلام: " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى…إلى آخر الحديث).
وهناك من يستجيب فقط من خلال عرض منجزات المؤسسة بحيث يتيقن من حكمة قراره بالتبرع لهذه المؤسسة لذلك ينبغي أن تتعدد أشكال الرسائل لجذب المزيد من المتبرعين.
إعلام التطوع
من أهم أساليب الدعوة إلى عمل الخير استخدام الإمكانات المتاحة لوسائل الإعلام المختلفة بدءا من الصحف والمجلات والإذاعة وقنوات التليفزيون الأرضي وصولا إلى القنوات الفضائية والفضاء الشبكي المتاح من خلال شبكة الانترنت.
فمن خلال الصحافة المحلية يمكن أن تقوم التحقيقات والحوارات الصحفية في جذب الأنظار للمؤسسة والإحاطة ببرامجها ونشاطاتها ونجاحاتها المختلفة وأيضا من خلال الإعلانات ، ويشبه دور الإذاعة دور الصحف المحلية إلا أن دعم الحملة بالصوت يزيد التأثير على المتبرعين فإذا أضيفت إليها إمكانيات الصورة والحركة فمن الممكن إيجاد رأي عام حول مشروعات المؤسسة وضرورة دعمها.
فضاء الخير
ومع التطور المذهل في وسائل الاتصال الالكترونية أصبح هناك ضرورة ملحة لاستغلال هذا الفضاء الشبكي في الدعوة لعمل الخير بدءا من الدعاية عبر البريد الالكتروني لفئات مستهدفة مرورا بإنشاء موقع الكتروني للمؤسسة يسهم في عرض رؤية ورسالة المؤسسة وبرامجها وصور للفعاليات والأنشطة التي قامت بها ، وانتهاءً بإعداد حملات منظمة للتبرع عبر الانترنت وقد يتطور الأمر للتواصل والتفاعل بين المؤسسات الأهلية المختلفة المتشابهة في الأنشطة والبرامج لمحاولة الوصول للتعاون فيما بينها والتشبيك لإقامة تحالف منظم للدعوة لعمل الخير .
ولكي تصمم حملة تبرع ناجحة عبر الانترنت لابد أن تجعل هذه المناشدة فعالة مستغلا كافة إمكانات الانترنت من الدعاية عبر المواقع المختلفة خاصة المواقع ذات الانتشار والتأثير فكثير من المؤسسات تضع رابطا لعبارة مثل " ادعمنا " أو "ساهم معنا " .... وكلما كانت العبارة مؤثرة كلما جذبت المزيد من المتبرعين إلا أنك كي تتقبل التبرعات عبر شبكة الانترنيت فيجب أن يكون موقعك مجهزاً لاستقبال هذه التبرعات مباشرة من خلال البطاقات الائتمانية مع التأكيد على خصوصية وسرية البيانات .
كما يمكنك تنفيذ الحملة عبر دعوة الشركات الكبيرة لرعاية موقعك أو طلب متطوعين لتصميم الموقع ولن يكتب لذلك النجاح إلا من خلال رسالة واضحة عبر البريد الالكتروني من خلال القوائم البريدية أو المجموعات الالكترونية لذلك لابد من الاجتهاد في الحصول على أكبر عدد من عناوين البريد الالكتروني سواء من خلال الشركات الداعمة أو من خلال دعوة المزيد للاشتراك في النشرة البريدية للموقع أو من خلال مسابقة شهرية سواء كانت مسابقة معلوماتية أو فنية مع تشجيع القراء على الاشتراك فيها وتجميع البريد الالكتروني الخاص بهم .
كما يمكن البيع من خلال الانترنت للكتب أو الأشرطة أو الترويج لمنتجات الفئة المستفيدة من برامج المؤسسة كالمشغولات اليدوية أو التطريز للأرامل أو النساء الفقيرات أو الوجبات السريعة التي تعدها فتيات متسربات من التعليم ......
كما يمكن الحصول على عمولات من مبيعات شركات أخرى عبر موقعك ومن الأساليب التي انتشرت مؤخرا في العالم الغربي إقامة الأسواق الخيرية أو المجمعات الخيرية التجارية عبر الانترنت مثل "greatergood " حيث تجمعت أكثر من 100 شركة تبيع منتجاتها عبر الانترنيت لتشكل مجمعاً تجارياً عبر الانترنيت يخصص ما نسبته 5 إلى 10 % من الإيرادات لصالح المؤسسات الخيرية على أن تقوم المؤسسات الخيرية بالمقابل بتوجيه جماهيرها نحو الشراء من هذه المجمعات.
أيضا الاستفادة من مواقع الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر وغيرها وهذا مما يحتاج لتفصيل أكبر سأخصص له موضوع في وقت لاحق إن شاء الله.
كيف تدير حملة فاشلة؟
· لا تعد دراسة جدوى للحملة.
· استشر شخصا غير خبير في الحملة .
· لا تحدد هدفك من الحملة.
· تجاهل التقاليد والأعراف المجتمعية.
· اختر توقيتا غير مناسب.
· حاول جمع التبرعات لقضية بعيدة عن اهتمام الناس.
· اقتصر على وسيلة واحدة لجمع المال.
المصادر:
- نشرة نماء لتنمية الموارد المالية، التابعة لمركز التميز للمنظمات غير الحكومية بالأردن.
- جواد مرقه ، أساليب الدعوة لعمل الخير العربي المعاصر، مركز التميز للمنظمات غير الحكومية.
لا تنس تسجيل إعجابك بصفحة غراس على الفيس بوك
ساحة النقاش