قصة نجاح شباب فى ريادة الاعمال

authentication required

قصة نجاح دوف موران

دوف موران

يتذكر دوف موران لحظة الإحراج التي تعرض لها والتي أشعلت عنده الفكرة لأكثر ابتكاراته نجاحا. ففي عام 1998، عندما كان يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة “إم-سيستيمز” الإسرائيلية، كان على موران أن يتحدث أمام جمع كبير من المستثمرين القائمين والمحتملين في نيويورك. ولكن عندما واجه الحضور البالغ عددهم نحو 200 شخص، وجد أن جهاز الكمبيوتر المحمول (لابتوب) الذي خزن عليه العرض الذي كان يعتزم تقديمه قد أصيب بعطل مفاجئ مما جعل من المستحيل تشغيله. وأثناء قيامه بعصبية بالضغط على زر البدء (start) رأى بعضا من معارفه جالسين في الصف الأول من القاعة ليدرك أن باستطاعته أن يتخلص من هذا الموقف المحرج لو استطاع أن ينقل العرض المخزن على جهازه وبسرعة إلى أجهزة كمبيوتراتهم.
من هنا نشأت الفكرة وراء منتج “ديسك أون كي” الذي هو عبارة عن قطعة للذاكرة الخاطفة يطلق عليها اسم “أصبع الذاكرة” أو “ميموري ستيك”. وسرعان من تم التوسع في استخدام هذا المنتج حتى أصبح يولد الآن مبيعات قيمتها 500 مليون دولار سنويا لشركة “إم-سيستيمز”.
يتطلع موران، المشاريعي البالغ 52 عاما من العمر، في الوقت الحاضر إلى تحقيق نجاح أكبر يتجاووز نجاحه السابق. فبعد أن أقدم على بيع شركة “إم-سيستيمز” إلى شركة “سان ديسك” الأمريكية المصنعة لرقائق خزن الذاكرة مقابل 1.6 مليار دولار، بدأ موران في العام الماضي العمل على تطوير نموذج جديد من الهاتف النقال حيث نجح في تعبئة 15 مليون دولار كتمويل من مستثمرين لإنجاز هذا العمل.
وقد جاءت فكرة الهاتف النقال الجديد إلى موران في عام 2002 عندما بدأ باستخدام أول جهاز خاص به من “الهاتف الذكي”، الذي هو عبارة عن جهاز يحتوي على كمبيوتر ووظائف الإنترنت. وقد كان هذا الجهاز كبيرا وثقيلا إلى درجة أنه أحدث ثقوبا في جيوبه مما جعله جهازا غير مريحا. ويريد موران أن يطور بدلا من ذلك جهاز هاتف يعكس مزاج المستخدم وطبيعته وتغير احتياجاته.
يقول موران في مقابلة أجرتها معه صحيفة الفاينانشيال تايمز “إن ابتكاراتي جميعها تستجيب إلى الحاجات الحقيقية”. ومع ذلك فإن موران يعترف بأن منافسة شركات كبرى مثل “نوكيا” و “موتورولا” لن تكون سهلة. وعن ذلك يقول “نحن الآن في سوق تعد ناضجة جدا، مما يجعل من مهمتنا صعبة للغاية”.
لقد كان الدرس الأول الذي تعلمه موران في القيام بعملية استحواذ درسا صعبا للغاية. ففي عام 1997 قررت شركة “إم-سيستيمز” شراء شركة “سي-وان تكنولوجيز”، وهي شركة تايوانية مصنعة لبطاقات الذاكرة الخاطفة، مع فرعها الكائن في وادي السيليكون بكاليفورنيا. وبعد عملية الاستحواذ شكلت “سي-وان” نحو نصف المبيعات المجمعة للشركة والبالغة 18 مليون دولار.
ولكن بدأت المشاكل بعد ذلك. فعندما كانت شركة “إم-سيستيمز”، التي كانت أسهمها مدرجة في سوق نازداك بنيويورك، مستعدة لتقديم نتائجها أمام لجنة الأوراق المالية والتبادل في الولايات المتحدة، قدمت شركة “سي-وان”، حسب موران، أرقاما مالية غير كافية. ويضيف موران بأن حسابات الشركة الأخيرة، التي كانت موجودة في تايوان فقط، لم تكن واضحة. ويصف موران ذلك باعتباره “فشلا ذريعا كاد أن يعصف بشركة أم-سيستيمز”.
وبعد أقل من عام على ذلك، أقدم مالكو “سي-وان” على إعادة شراء الجزء الأكبر من أسهمهم وذلك بعد أن هددت “إم-سيستيمز” بمقاضاة غوردون يو، رئيس “سي-وان” في ذلك الوقت، حسبما يتذكر موران. غير أن غوردون يو، الذي يشغل الآن منصب المدير التنفيذي لشركة “سي-وان” ينفي وجود أي تهديدات تم توجيهها له لكنه يرفض التعليق على صحة مزاعم موران.
هذا الفشل دفع بموران إلى أخذ قدر أكبر من الحيطة والحذر. إذ يقول “لم نفهم الصعوبات المرتبطة بالقيام بمثل تلك العملية من الاندماج، وما تحتاجه من اهتمام ووقت ومسوؤليات وجهود”.
وعودة على جهاز الهاتف النقال الذي يعتزم موران إنتاجه والذي يسمى بـ “مودو”، فهو عبارة عن جهاز رقيق في سمكه يحتوي على الوظائف الأساسية الخاصة بإجراء المكالمات الهاتفية بحجم أصغر من البطاقة المصرفية وبوزن خفيف للغاية.
وتعتزم “إم-سيستيمز” التعاون مع شركات مصنعة للمنتجات الإلكترونية الاستهلاكية التي ستقوم بتصنيع مكان في منتجاتها لإدخال الهاتف فيه. فعلى سبيل المثال، من شأن إدخال هاتف مودو في نظام الملاحة في السيارة أن يسمح المستخدم بتحميل الخرائط. وتجري الشركة الآن محادثات مع شركة “بلوبونكت” الألمانية المصنعة لتلك الأجهزة من أجل إنجاز تلك الوظيفة. ومن شأن إدخال جهاز مود في كاميرا تصوير أن يسمح للمستخدم بارسال الصور الملتقطة عبر الهاتف إلى من يريد أرسالها له.
وقد استطاع موارن إقناع شركات مشغلة للاتصالات اللاسلكية في إيطاليا وإسرائيل وروسيا بأن تبدأ بتوزيع جهاز الهاتف الذي تعتزم “إم-سيستيمز” طرحه في نهاية عام 2008. ويجري موران الآن محادثات مع شركات مماثلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتبلغ كلفة جهاز مودو للهاتف النقال أقل من 200 دولار، مع أنه يمكن أن يكون أرخص أو حتى بالإمكان توزيعه مجانا إلى جانب عقد بين الشركة المشغلة لشبكات الهاتف والمستخدمين، حسبما يقول موران.
لقد استثمر موران نحو 5 ملايين دولار من أمواله الخاصة واستطاع أن يحصل على 15 مليون دولار إضافية من شركات للاستثمار المالي. ويقوم الآن إلى جانب 150 موظفا يعملون في “إم-سيستيمز” ببذل جهود من أجل الحصول على أموال إضافية لا تقل قيمتها عن 50 مليون دولار من أجل تسهيل مشروع إنتاج هاتف مودو الذي أسس منذ الآن مكتب مبيعات في النمسا إلى جانب موقع للتصميم الصناعي والهندسة في كوريا الجنوبية.
ويحاول موران تشجيع الابتكار وسط الموظفين العاملين في الشركة. فعلى سبيل المثال، يقوم في كل أسبوع بإرسال رسالة إلى الموظفين بشأن درس تعلمه أو موضوع أثار إعجابه كأن يكون موضوعا بشأن ابتكار جديد. وعن ذلك يقول “أملي بأن ذلك سوف يدفع العاملين إلى التفكير وإلى التطلع نحو شيء جديد أو إلى أن يجربوا شيئا جديدا”.
وحتى بالنسبة إلى مشاريعي يمتلك خبرة واسعة، فإن أهداف موران طموحة للغاية. فالمبيعات المتوقعة عند 100 مليون دولار في العام المقبل ستتضاعف بنحو أربع مرات في عام 2010 وستصل إلى مليار دولار بحول العام 2011، حسبما يتوقع. ومن المنتظر أن يصبح جهاز مودو للهاتف النقال مربحا في عام 2010 حيث يتوقع موران أن تقدم الشركة على بيع أسهم في اكتتاب عام يدر عليها أكثر من 250 مليون دولار.
لقد دشن موران حياته في مجال الأعمال عندما ترك الخدمة العسكرية في عام 1984. إذ أصبح مستشارا في قطاع الكمبيوتر وبدأ بالتفكير بشأن بدء عمل خاص به. إلا أن الآفاق بدت له محدودة عندما لم يكن بحوزته سوى شهادة ماجستير غير مكتملة في إدارة الأعمال والقليل من الأفكار والتجارب في كيفية تعبئة الأموال.
وبمعاونة صديق له، أقدم على استئجار مكاتب في بناية قديمة تفتقر إلى التبريد المركزي في فصل الصيف وتنضح فيها مياه الأمطار في فصل الشتاء. وأحد الأخطاء التي ارتكبها في ذلك الوقت، حسبما يعترف، قد تمثل في سعيه للعيش على عمل الاستشارة خلال النهار وتطوير أفكار بشأن منتجات جديدة أثناء الليل. وعن ذلك يقول “استغرق مني الأمر عامين حتى أفهم أنه ليس بإمكاني القيام بكل شيء معا”.
في البداية، علق موران وزملاؤه آمالهم على القيام بإنتاج لعبة تعليمية ابتكروها، وهي عبار عن أداة ملونة تحتوي على لوحة مفاتيح تم تصميمها على شكل قطة وتستجيب للأوامر الكلامية. وقد قرر موران الانتقال إلى الولايات المتحدة في عام 1989 من أجل تعبئة الأموال لإنتاج اللعبة ولكي يتعلم كيفية بيعها في السوق الأمريكية. في غضون ذلك، عرض عليه أحد زبائنه في أعمال الاستشارة مشروعا لتصنيع جهاز كمبيوتر يدوي مخصص للقوات المسلحة وذلك بالتعاون مع شركة “ميلتوب” وهي شركة أمريكية متخصصة بتصنيع التكنولوجيا العسكرية.
وجد موران أن إنتقاله إلى الولايات المتحدة كان فاتحة خير لما أصبح بعد ذلك مجال الأعمال الرئيسي لشركة “إم-سيستيمز”، الذي ليس له أي علاقة بلعب الأطفال. فأثناء وجبة غذاء عرض عليه رئيس شركة “ميلتوب” 300 ألف دولار لتطوير قرص للذاكرة، يقوم بمقام القرص الصلب لكنه يقرأ ويكتب المعلومات بشكل أسرع.
يقول موران الذي بقي في الولايات المتحدة لسنوات عديد أخرى من أجل إقامة علاقات وروابط مع زبائن محتملين “إن ذلك كان أول منتج من منتجات إم-سيستميز”. ورغم وضع فكرة لعبة الأطفال جانبا إلا أن ذلك لم يمنع موران من استثمار مليون دولار من أمواله الخاصة في شركة إسرائيلية تقوم بصناعة جهاز مشابه.
يؤكد موران على أن المثابرة تساعد في استقطاب الزبائن. ويتذكر ذلك عندما كانت شركة “إم-سيستيمز” تبحث عن موزعين لمنتجاتها حيث قامت بالاتصال بشركة “ديل” الأمريكية المصنعة لأجهزة الكمبيوتر لكنها واجهت رفضا قاطعا من قبل الأخيرة. ولكن بعد أن قضى عدة سنوات وهو يدرس كيف أن شركة “ديل” تقيم مجهزيها، وبفضل تحسينها لعمليات الدعم واللوجستية، نجحت “إم-سيستيمز” في إيجاد موطئ قدم لها في عمليات شركة “ديل”.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 123 مشاهدة
نشرت فى 2 مارس 2015 بواسطة gharibbaba

عدد زيارات الموقع

1,737