*******
فتنة وفتنة
*******
فى زمن ليس بالبعيد كنا نتابع يحيا الصليب مع الهلال حيث يهتف المتظاهرون من أجل الحرية ضد المستعمر الانجليزى وكل منهما يمسك بيد اخيه يتصدر المشهد ضد طلقات الرصاص الحى فيتقبلها بصدر رحب متفاديا أن تنطلق نحو صدر اخيه ، ثم ياتى عهد عبد الناصر هذا الرجل الذى ضرب المثل فى وحدة الصف العربى والمصرى المسيحى والمسلم ،فى عهد جمال عبد الناصر لم تقع حادثة واحدة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولم تنتشر دعاوى تكفير الأخر ومعاداته. كان هناك عدو واحد معروف ومحدد هو الاستعمار الأمريكي وذيله الصهيوني في الوطن العربي وكان هناك مشروع قومي يوحد طاقات الأمة كلها ويجمعها لتحقيق أهدافها في التقدم ،
ثم يأتى عصر السادات وتستمر الحدة ضد العدو الصهيونى وبعد الانتصار نجد أن الحال تغير فسياسة المهادنة التى اتبعها السادات مع الجماعات الاسلامية وخاصة الاخوان المسلمين ومع الشيوعين قد ولت وكان لابد من التخلص من الجانبين بالسجن حتى يتمكن من فرض سياساته الانفتاحية وبناء الدولة كما يرى ، ولكن هذا التوجه لم يخلو من المصادمات الطائفية مع المسيحين أيضا .
فى الثالث من سبتمبر 1981 امر الرئيس السادات باعتقال ثلاثة آلاف من رموز مصر السياسية والدينية والثقافية،فكانت مذبحة المماليك لرموز الوطن ومثقفيه ومنهم القس بولس باسيلى ،
أن حادثة حرق كنيسة الخانكة بالقليوبية عام 1972 فى عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات كانت من الشرارات الأولى لحدوث بما يسمى "نزاع دينى طائفى"، وقد بدأت المشكلة عندما حاول بعض الأقباط تحويل منزلهم بالخانكة إلى كنيسة، مما أدى إلى مواجهات مع المسلمين، فأسرع البابا شنودة الثالث (بابا الأقباط الأرثوذكس) وأرسل وفدا كنسيا لإقامة الشعائر الكنسية فى المنزل محل النزاع كنوع من التحدى للرئيس الراحل حيث كانت العلاقة متوترة بينهما آنذاك.. وإنتهى الأمر بلجنة تقصى حقائق شكلها البرلمان برئاسة الدكتور جمال العطيفى, زارت أماكن الأحداث، والتقى مع الشيخ محمد الفحام شيخ الأزهر فى ذلك الوقت والبابا شنودة الثالث، وأصدرت تقريرا فى نهاية عملها استطاع احتواء الأزمة بسلام.
ثم توالت أحداث الفتنة ووصلت لمرحلة التهديد بالخطر فى أحداث الزاوية الحمراء بالقاهرة فى 1981 فى أعقاب زيارة السادات للقدس المحتلة، وتوقيعه لمعاهدة كامب ديفيد، حيث بدأت الأحداث بصدام مع كل رموز مصر السياسية والدينية، بمن فيهم البابا شنودة، الذى عُزل بعد ذلك، فيما عرف بأحداث أيلول (سبتمبر
إلى جانب الاصابع الخفية التى تحاول دائما تاجيج الفتنة من آن لأخر ولكن هل القيادة فى مصر تريد أن تعود إلى أى من العصرين عبد الناصر أم السادات وهل التاريخ يعيد نفسه أم نحن من نصنع التاريخ بايدينا ؟
ساحة النقاش