فم ملوث
*****
لم يجد أمامه سوى مجموعة من الحبوب المتنوعة لا يعرف كنهها إلا أنه استطعمها فأخذ يبتلع الواحد تلو الأخر ، غاب عن الكون لا يدرى عدد الايام وعندما استفاق وجد بجانبه صبية لا يتعدى عمرها ايام، نظر حوله لكى يجد من يرعاها فلم يجد، أمعن النظر فى المكان ،فلم يكن بيته ولم تكن حجرته وليس عالمه، أين أنا؟ تسائل ولا مجيب ،انطلق فى كل مكان نظر من الشباك فوجد لونين يزينان الأرض والسماء، يمد كل منهما يده إلى الأخر حتى يمتزجا فينطلق منهما شعاع ثالث يضئ أرجاء الكون الفسيح حوله ، عاد بنظره الضعيف إلى الداخل فوجد الصغيرة قد صارت صبية فى العشرين من عمرها فاتنة الجمال عارية الجسد يشع من ثناياها ضوء خافت يسر العين ، ويهب من جنباتها نسيم عليل ينعش الفؤاد، نهل منها ونهل حتى ارتوى ، وتسربت من بين يديه قطرات ماء ملوثة بدماء رائحتها مسك فاذداد العطش ن ولكن هيهات فلم يبقى منها سوى ذرات رياح تتصاعد على شكل بلورات متناهية الصغر لكنها قوية العصف ،قذفت به خارج نطاق الجاذبية الأرضية فصار معلقا بين النورين كل منهما يجتذبه ناحيته بشدة ، وعنما توسطهما ، اعتصراه كقطعة سكر ذاب بينمها تقاطرت ثناياه أجزاءه وصار هيكلا عظميا لا يسمن ولا يغنى من جوع ، سقط سقطة مروعة يبحث عما يستر عظامه فلم يجد سوى بضع حبوب أخرى يجترها مع ما بقى فى فمه الملوث .
ساحة النقاش