بدأت حركة التغريب في عهد السلطان محمود الثاني الذي تولى الحكم في القرن الثامن عشر الميلادي، حيث قام بإنشاء جيش جديد على غرار الجيوش الأوروبية، واستبدل بالقوانين الإدارية قوانين جديدة على غرار القوانين الأوروبية، كما أصدر قوانين تتعلق باللباس وأجبر الموظفين والعسكريين على لبس الطربوش وحلق اللحية، وقد لاقت هذه التغييرات معارضة قوية من قبل الشعب حيث أطلق على السلطان لقب (السلطان الكافر).
وفي مراحل تالية خلال القرن التاسع عشر جرت محاولات أخرى لمحاكاة الغرب فيما عرف بعهد التنظيمات الذي لقي دعما كبيرا من طبقة الشباب المثقفين، وفي العام 1860 تبين أن التنظيمات ليست كافية لجعل الدولة العثمانية دولة متقدمة في مصاف الدول الأوروبية وكان لا بد من القيام بثورة جديدة من أجل تحقيق ذالك.
وقد قاد المعارضة للنظام السياسي نامق كمال وضياء كوك ألب باش، كما أن الشباب الذين تأثروا بالثقافة الفرنسية أثناء وجودهم في فرنسا لطلب العلم شكلوا جمعية الشباب العثماني عام 1865 وقاموا بإعداد دستور جديد وطالبوا بفتح البرلمان وإعطاء السيادة في الحكم للشعب، ونتيجة لعملهم السري والمعلن في الخارج والداخل استطاعوا الوصول لبناء أرضية للنظام البرلماني والسياسي الجديد الذي شكل القاعدة للنظام العلماني في البلاد.
وإذا كان ما سبق يمثل الإرهاصات الأولى للعلمانية في إمبراطورية إسلامية فإن تولي مصطفى كمال الحكم بعد حرب التحرير وضع للعلمانية قواعد وأسسا ظلت راسخة حتى الآن بشكل أو بآخر.