لكل خطاب رسالة يعبر عنها المرسل بلغة ملفوظة وأيضا لغة غير ملفوظة تتمثل فى لغة الجسد، وهى التى تعبر بدورها عن المشاعر الداخلية للإنسان وتعطى انطباعا عنها، وتكون إما مقصودة لمن يعلم ويتقن علم الرسائل الضمنية فى الخطاب والحديث، أو عفوية غير مقصودة فقط تعبر عما بداخل الإنسان من حالة نفسية ومزاجية، والتعبير عن الرسالة ينقسم إلى التعبير بلغة ملفوظة تحتوى على رسائل مباشرة وأخرى ضمنية، وتعبرعما يريد المرسل توصيله للمرسل إليه وينتج أيضا عن علم أو عن ذكاء وفطنة حتى لا يشعر المرسل إليه بالاقتراحات المرسلة بأنها أمر مباشر أو أمر مسلم به.
فدعونا نبدأ فى تحليل خطاب الرئيس بالهيئة العامة وهى بداية الانطباع فكان اختيار الدكتور مرسى البدلة الرسمية الداكنة واهتمامه بالمظهر العام يعكس أهمية الموقف بالنسبة له، وأيضا اختيار الألوان له مدلول فاللون الأزرق النيلى الذى اختاره لربطة العنق له مدلول الرخاء الذى يريد الرئيس بعثه فى نفوس الشعب كأمل فى غد أفضل فى وسط الحالة الاقتصادية المتردية، وعلى عكس هذا المدلول جائت تعبيرات وجه الرئيس فكانت تعكس حالة من التجهم كمرآة للحالة المزاجية الخاصة به.
أما التطويل والإسهاب فى الخطاب يدل على رغبة الرئيس فى إظهار الأفكار التى بداخله بشكل يقتنع بها الشعب ومحاولة منه للتواصل مع أطراف يخشى أن تكون تقطعت أواصل التواصل معهم، وللنبرة الصوتية دلالتها فالمزج بين النبرة الهادئة والحادة لمحاولة تهدئة حدة الغضب من الشعب تجاه ما آلت إليه الأحوال مع التهديد بالنبرة الحادة للحفاظ على حال السيطرة، والمزج بين نبرة التهكم والجدية لتمرير وجهة النظر بسلاسة فى مواضع كثيرة وخاصة عند ذكر المعارضة وحتى عند ذكر أطفال الشوارع واستعمالهم فى ضرب الإخوان بالطوب، وعند التهكم على بيع قناة السويس وبيع الهرم. واستخدام أسلوب السخرية والمزاح كوسيلة لفظية لتوضيح الفكرة.
وللوقوف على مدلول اتجاه حركات اليد وأعضاء الجسد عند التلفظ بكلمات بعينها يجب علينا معرفة وظائف الفص الأيسر والأيمن من المخ؛ لأن الفص الأيسر يتحكم فى الجانب الأيمن من الجسم والفص الأيمن يتحكم فى الجانب الأيسر؛ فوظائف الشق الأيسر تتعلق بعمليات كثيرة أهمها المنطق والتحليل والحساب والتركيب والتفكير السببى وتوجيه الأفعال الإرادية.
أما وظائف الفص الأيمن من المخ تكمن فى عمليات الإبداع الفكرى والقدرة على التخيل ومخزن الطباع التى هى الأفعال اللاإرادية، كما أن العاطفة تتمركز فى هذا الفص من المخ كما يعنى بالسلوك والتفكير غير السببى ويعنى أيضا بالجانب الروحانى المتمثل فى الشفاء والدعاء والعبادة، ويجب معرفة أن الفص الأيسر يتحكم فى الجانب الأيمن من الجسم والفص الأيمن يتحكم فى الجانب الأيسر من جسمك، فحين تقوم بعمل أشياء بيدك اليسرى تقوم بعمل وظائف الفص الأيمن والعكس بالعكس.
ونجد أن الرئيس مرسى خلال خطابه يستعمل يده اليمنى فى أغلب الحديث ويتكأ على الرجل اليمنى مما يعنى سيطرة التحليل والمنطق وتغليبها على المشاعر والعاطفه فما كتب ينطق بتعبير دقيق ومحاولة لتلوين نبرات الصوت لمزيد من التأكيد، وأيضا استخدام التعبير باليد اليمنى وفرد الكف بمواجهة المشاهدين لإيصال الأفكار بشكل مباشر، وفى أغلب الحديث يعبر بضم الأصابع والإشارة بالإنتظار والتى توحى بطلب مهلة من الشعب. واستخدم الرئيس يده اليمنى بالمسح على الذقن بها والتى توحى بنوع من التهديد عند ذكره لشركات بعينها، ولكن نجد الرئيس يستخدم يده اليسرى فى جمل التهديد والوعيد كدلالة للتعبير على ما يجول فى المشاعر وأن هذه الجمل تمثل التفكير غير السببى.
فما قرأت من الرسالة الضمنية من لغة جسد الرئيس أنه على الرغم من ثباته الانفعالى فى الخطاب إلا أن تعبيرات الوجه بالصراحة الكافية التى تعبر عن حالة مزاجية سلبية، ورسالة أخرى من الإيمائات الحركية أن التهدئة فى الوقت الحالى منهج حتى تمر الرياح ولكن مع القوة والشكيمة وزادت نبرات الصوت تأكيد لهذا المعنى فى مواطن كثيرة باستخدام النبرات المفتعلة فى مواطن التهدئة من غضب الشعب وفى مواطن أخرى للتهديد والوعيد والتحذير وللتأ كيد على أن المنهج المتبع هو المنهج السليم ولكن الظروف هى التى تحيل دون تحقيق النتائج المرجوة فعلى الشعب المزيد من الانتظار وإعطاء المهلة، وأن المعارضة مرحب بها ولكن بحدود عدم المساس أو تكون نبرة التحذير تعطى نهاية حد لمن يخالف هذا المنهج... فالرسالة من الخطاب واضحة والرسالة الضمنية من الخطاب تتلخص فى إعطاء الرئيس مزيد من الوقت مع التحذير من الاستمرار فى المعارضة.
منقول
ساحة النقاش