رئيس رابطة الخطاطين السوريين محمد قنوع: الخط العربي إنجاز فني لا يلغيه الكومبيوتر
دمشق: هشام عدرة
تأسست قبل سنتين في دمشق رابطة للخطاطين السوريين، وكان قد تأسس قبل ذلك بسنين طويلة ما سمي بالجمعية الحرفية للخطاطين السوريين وتتبع اتحاد الجمعيات الحرفية، ويرأس الرابطة والجمعية الخطاط الدمشقي المخضرم محمد قنوع، الذي يعمل في الخط العربي منذ عام 1950 من خلال مكتبه في قلب مدينة دمشق. وحول مبررات تأسيس رابطة للخطاطين السوريين وبرعاية وزارة الثقافة السورية يقول الخطاط قنوع ان الخط العربي فن اصيل من فنوننا العربية الاسلامية صحب الحضارة ومضى مع تطورها، وقام بدور مهم لا كوسيلة للتفاهم ونقل الافكار والمعاني فحسب وانما كعمل فني له كل خصائص الفنون وقيمها الجمالية الرفيعة. وكانت المخطوطات العربية وفي مقدمتها المصاحف مجالا لتفنن المبدعين حفظت هذا التراث وقدمت شواهد على تطوره. وظلت لوحات الخط تأخذ مكانها في بيوتنا كأنيس للروح ومتعة للوجدان بما تحمله من معان، وما يضيفه عليها الفنان من صياغة وتشكيل يتفق واصول هذا الفن.
ولكن هذا الفن الاصيل لم يستبق على العصور جلاله، حجبته عن الوجدان العربي تأثيرات وافدة طمست حاسة التذوق الاصيلة فتراجع الخط كفن عظيم، وهبطت احيانا باسم التطوير اساليب ادائه، وتخلى عن الدور الكبير الذي اضطلع به بين الفنون في العصور الاسلامية الزاهرة.
واضاف قنوع انه من اجل هذا ولدت رابطة الخطاطين في سورية لتعمل على رفع التذوق عند الناشئة والقيام بأعباء اعادة هذا الفن الى مكانته القديمة والحفاظ على هذا الموروث الذي يلاقي الصراع مع الحداثة.
لقد تأسست رابطة الخطاطين في سورية بعد ان لاقى الخط العربي في هذه الآونة اهتماما كبيرا في المحافل الدولية. لتأخذ على عاتقها مهمة صون هذا التراث وتجمع الاساتذة والمحبين في بوتقة ورابطة تتدارس وتتناقش معهم شؤون هذا الفن وما هو بحاجة اليه.
وحول الفرق بين جمعية الخطاطين ورابطة الخطاطين في سورية يقول قنوع: «الخط من فنوننا الاصيلة يتذوقه ويمارسه العالم والطبيب والمهندس والفنان والمؤرخ والموسيقي وكل محب للفن. وتتطلب حاجة السوق الى من يقوم بعمل حرفة الخطاط الذي يقدم الاعلان.. وكل ما له صلة.. لذا.. فإن جمعية الخطاطين هي جمعية حرفية تابعة لتنظيم حرفي ضمن جمعيات حرفية وتسمى «الجمعية الحرفية للخطاطين وصناع اللوحات الاعلانية» وهي جمعية مهمتها اعطاء الرخص لمزاولة صنعة الخط وصيانة اعمال الحرفيين وينضوي تحتها كل من له صلة بالاعلان. اما الرابطة فهي مختلفة تماما انها فنية ثقافية تهتم بشؤون فن الخط وتاريخه وكل ما له علاقة بالمخطوطات العربية، ومهامها مختلفة، اذ ينضوي تحتها الشاعر والاديب والفنان والموسيقي والعالم والطبيب والمهندس وكل محب للتراث. ونقوم بنشاط ثقافي لرفع الحس والتذوق عند الناشئة».
وحول المشاريع والمعارض التي قامت بها الرابطة والتي ستقوم بها مستقبلا يقول الخطاط قنوع ان للرابطة مشاريع كثيرة ضمن برنامجها، وعلى رأسها اصدار مجلة فصلية تهتم بشؤون هذا الفن وتوضح المعالم والقيم الجمالية التي يتمتع بها الخط العربي. واصدار بطاقات ولوحات لاعمال الفنانين العظام الذين تركوا لنا هذا التراث الفني. واما المعارض فإن الرابطة قامت بعد تأسيسها بمعرض كبير في مكتبة الأسد بدمشق ضم اعمالا ضخمة لكبار الخطاطين السوريين.
وتعد الرابطة لمعارض في معهد العالم العربي بباريس، وبرلين، وبلجيكا وفي مركز ارسيكا باستانبول.
وحول انواع الخطوط العربية المعروفة حاليا يقول الخطاط قنوع: «هناك الثلث والنسخ والرقعة والفارسي والديواني والكوفي. اما اكثر انواع الخطوط التي ارتاح اليها فجميع انواع الخطوط اكتب بها إلا ان كل فنان يرتاح لنوع خاص من الخط يرى فيه روحه وابداعه وشخصيته. فنحن نقول عن خط التعليق (الفارسي) انه عروس الخطوط لما فيه من مد وتوازن. وقد وجدت هذا الخط ملائما لروحي فكتبت به واتخذت القاعدة الدمشقية اسلوبا ومنهجا، وهي قاعدة تختلف اختلافا تاما عن قواعد الفرس الحديثة، وتختلف عن قواعد الترك في التعليق ايضا».
وحول علاقة الكومبيوتر بالخط العربي ووجهة نظر البعض التي تقول ان حرفة الخطاط ستنقرض في مجال الخط العربي يقول قنوع ان الكومبيوتر آلة يسيرها الانسان كيف يشاء، والانسان هو الذي يقدم البرامج، ولذلك ترى اليوم آلاف الحروف العربية قد دخلت بالكومبيوتر مبرمجة إلا انها ما زالت بعيدة كل البعد عن القيمة الجمالية التي يتمتع بها الحرف العربي والخطاط العربي.. «اريد ان اسأل: هل يلغي الكومبيوتر عمل الرسام والفنان؟! والخط عمل فني لا يمكن للآلة أن تلغيه».
ساحة النقاش