بسم الله الرحمن الرحيم
حول الضوء
الجزء الثاني
للإضاءة سحر لا يقاوم بارقا كان ام خافت فلكل نمط تأثير معين في النفس البشرية يوحي لها بإحساس انساني او يعبر عن حالة غضب او فرح او حزن .. لذا ينبغي توخي الدقة في اختيار زاوية مسقط الضوء ودراسة تأثيره على الشخصية او باقي عموم المشهد . بالضبط كما نتفنن في اختيار زاوية التصوير
تعد الاضاءة من الوسائل التعبيرية لإيصال فكرة ورسالة العمل ولها الدور الريادي في نجاح العمل ... كما وان فشل العمل يكون من خلال عدم الاهتمام بالإضاءة لذلك تنجح بعض الاعمال وتفشل اعمال كثيرة ....
هناك عوامل جاذبة للمتلقي من حيث التفاعل مع عمل ما او قل هناك اعمال تجذبنا وتسحرنا تلقائيا ومن النظرة الاولى . وهناك اعمال لا نتفاعل معها كونها تصيبنا بالملل وفي بعض الاحيان بالغثيان ....
اين يكمن السر ؟؟؟
السر هو في نوعية الاضاءة المستخدمة وتوزيعها على المشهد سواء كانت صورة ثابتة او مشهد متحرك ( سينما او تلفزيون) وجميعها تسمى فوتوغراف
فكثير ما نشاهد اعمال وننجذب لها رغم بساطة قصتها لكن سر متابعتنا لها هو ذكاء مصمم الاضاءة وتوزيعه للضوء بشكل جذاب وغير ممل بل اكثر من ذلك احترامه لمصدر الضوء وسقوطه على المشهد .. لنأخذ المثال الاتي وهو بلاصل غير مقنع وغير معقول والمشاهد تعج بهكذا نوع من الضوء
مثال ...
رجل في غرفة قليلة الاضاءة ويريد ان يشعل سيجارته وفعلا يشعل عود الثقاب او الولاعة ماذا نرى ؟ نرى ظل الشخص اصبح جانبي لماذا ؟؟ لان مصمم الاضاءة لا يحترم مصدر ضوئه .. لكن من المنطقي ان يكون ظل الشخص خلفه وهذا معتاد في الحياة اليومية .. في هذا المثال يكون المتلقي في حالة من الارباك وفي داخله تتكون اسئلة كثيرة حول مجيء هذا الظل جانبا وبذلك يفقد صاحب العمل الهدف الاساسي في ايصال فكرته كون المتلقي المستهدف من الفكرة مشغول بقضية فيزيائية لم تحل لحد الان وبذلك يفقد عنصر مهم من عناصر الجذب والتشويق
مثال اخر .. بنت تجلس خلف النافذة ومع ذلك يكون ظلها الى جانبها والامثلة كثيرة جدا في هذا المجال وكلها دلالات على عدم الالتزام او احترام مصدر الضوء او اعطائه الاهمية في الاعمال ويبدو ان هناك قاعدة خاطئة مفادها ( مادام المشهد منار والصورة من الناحية الفيزيائية مشبعة بالضوء اذا ليست هناك مشكلة ) لكن بالطبع ان العكس هو الصحيح في بعض الاحيان ...
للإضاءة انماط . ولكل نمط معين تأثير معين وقصد معين ينبغي الالمام به كيما تخرج النتائج ممتازة
مثلا مشاهد الفرح والكوميديا تكون فيها الاضاءة عالية وقليلة الظلال وعلى عكسها تكون مشاهد الجريمة والرعب تكون ذات اضاءة منخفضة وذات ظلال قاسية نوعا ما
النوتان * ــــــــــــــــــــــ
نمط النوتان .. كلمة يابانية تعني توزيع النور والظل وقد كان اساتذة الرسم اليابانيون الكلاسيكيون يشيرون بأن يرتب الفنان تكوين اللوحة بحيث يكون الانتقال بين الالوان تدريجيا اي بأن نتجنب ان يكون اللونان البعيدان الاختلاف في الطبقة المتلاصقة . بل أن نحاول اختيار وجهة المنظر وترتيب الموضوع بحيث تنتقل العين بين طبقات متتالية ارتفاعا او هبوطا بدون تغير فجائي كبير. وهذا الترتيب الذي يسعى اليه الرسام الياباني ويسميه ( النوتان الجيد) له تأثير نفساني هادئ رخيم يضفي على اللوحات شعورا بالطمأنينة الحالمة او التأثير الفلسفي لجمال الكون . وهو نفس الهدف الذي يسعى اليه فن الرسم الصيني الكلاسيكي ايضا فأذا قلنا ان صورة ما تتبع اسلوب النوتان فالمقصود بذلك .. هو الانتقال التدريجي بين قيم الالوان على طريقة الرسم الياباني الكلاسيكي .......
نمط الكياروسكــــورو ** ـــــــــــــــــــــ
كلمة ايطالية معناها النور والظل وقد استعملت في عصر النهضة الايطالية للدلالة على اسلوب في توزيع النور والظل يتوخى في ترتيب تكوين اللوحة أن يجيء اغمق جزء في الصورة امام افتح جزء فيها وبالعكس وذلك لغرض ابرازه بقوة . اي انه يسعى الى احداث تأثير مضاد بالضبط لطريقة النوتان اليابانية . والامثلة الجيدة للوحات عصر النهضة في ايطاليا واسبانيا من التي بنى تكوينها على نظرية الكياروسكورو نشاهد فيها اولا ابراز وتجسيما يكاد يكون ستريوسكوبيا لابعاد واحجام الموضوع وثانيا نستشعر فيها احساسا قويا بالنور . فالتباين يظهر اشد من حقيقته . وتلاصق السواد والبياض يجعل السواد اكثر حلكة والبياض اكثر نصاعة واللوحة كلها تتلألأ بنور مشرق مشمس يؤجج في موضوع الصورة حيوية دافئة غامرة لها وقع شعري جليل في قلب الرائي ...........
نمط (السيلويت او السلوت او السلهويت)*** ــــــــــــــــ
سميت هذه الطريقة بأسم سلهويت نسبة الى وزير فرنسي يدعى ( سلهويت) كان مولعا بعمل صور بتقطيع ورق اسود بالمقص ولصقه على ورق ابيض ومنذ ذلك الحين . تطلق على الصور الفوتوغرافية الشبيهة بالحالة السابقة ويتم فيها تصوير الموضوعات الامامية ضد مصدر الضوء فينقص تعريضها عمدا كي تظهر سوداء متباينة مع مؤخر الصورة
* ( الرسم بالنور ) تأليف جون آلتون .. ترجمة ثريا حمدان . مراجعة وديد محمد سري (ص 326 )
** ( المصدر السابق )(ص327)
*** ( الاضاءة والفلم) عبد الفتاح رياض (ص 294) مطبعة الانجلورسول بابل مجمل بحوث الضوء ج1
المصدر: رسول بابل
مجمل بحوث الضوء ج1
نشرت فى 29 سبتمبر 2014
بواسطة futurelightRASO
RASOOL BABEL
الاسم رسول بابل مواليد بغداد 1974 مصور ومخرج ومصمم اضاءة مختص في تصوير الافلام الوثائقية مصور فوتوغرافي منذ عام 1988 درست في معهد الفنون الجميلة قسم السمعية والمرئية عضو الهيئة الادارية للجمعية العراقية للتصوير \ مدير شؤون الدورات\ حالياً محاضر في نفس القسم منذ عام 1998 عضو نقابة الفنانين العراقيين »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
20,883
ساحة النقاش