الابداع الثقافى

يضم الثقافة فى شتى مجالاتها

طبيعة أحكام المحكمة الدستورية العليا وحدود استثمار هذه الأحكام بقلم: خالد على عمر المحامى سوف نتناول فى هذه الورقة البحثية في قسمين: الاول: يتعلق بطبيعة أحكام المحكمة الدستورية من حيث الحجية ومن حيث أثرها سواء كان ذلك قبل القرار بقانون رقم 168 لسنه 1998 بشأن تعديل نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لسنه 1979 أو بعد صدور هذا التعديل الثانى: يتعلق بكيفية استثمار أحكام المحكمة الدستورية العليا عن طريق الطعن ببطلان التصرفات التى نشأت فى ظل القانون المقضى بعدم دستوريته القسم الأول طبيعة أحكام المحكمة الدستورية من حيث الحجية ومن حيث أثرها سواء كان ذلك قبل القرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 بشأن تعديل نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لسنة 1979 وبعد صدور هذا التعديل. لــذلـك سوف نتناول هذا القسم فى مبحثين المبحث الأول: من طبيعة أحكام الدستورية قبل التعديل، والمبحث الثانى: عن طبيعة أحكام الدستورية بعد التعديل. مبحث أول طبيعة أحكام المحكمة الدستورية قبل صدور القرار بقانون رقم 168 لسنه 1998 مطلب أول:حجية أحكام المحكمة الدستورية:- الاصل فى الاحكام القضائية أن حجيتها حجة نسبية لا ينصرف أثرها إلا إلى خصوم الدعوى الصادر بشأنها الحكم . أما فيما يتعلق بأحكام المحكمة الدستورية فلما لهذه المحكمة ولما لقضائها من طبيعة خاصة فقد تكفلت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية بتحديد حجية أحكام المحكمة الدستورية ونصت على "أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ....." ومما لا خلاف عليه فقها وقضاءاً أن أحكام المحكمة الدستورية التى تقضى بعدم دستورية نص تتمتع بحجية مطلقة، وتلتزم به جميع سلطات الدولة، ويصبح له حجية على الكافة بما يعنى عدم جواز إثارة النزاع مرة أخرى حول مدى دستورية نص كانت المحكمة الدستورية قد قضت بعدم دستوريته سواء كان ذلك من ذات الخصوم فى الدعوى الدستورية أو من خصوم آخرين فالحكم يحوز الحجية فى مواجهة الكافة، وفى مواجهة سلطات الدولة جميعها، وفى ذلك أوردت المحكمة الدستورية فى الطعن رقم 31 لسنه 10قضائية دستورية [1] "حيث أنه أيا كانت المطاعن الموجهة إلى النصوص التشريعية فإن قضاء المحكمة فى شأنها وفى النطاق السالف بيانه إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة سلطات الدولة جميعها وبالنسبة للكافة ، وهى حجية لا يجوز المساس بها وتعتبر بذاتها مانعة من إعادة عرض النزاع محلها من جديد على هذه المحكمة" وإذا كانت هذه هى أسس الحجية فى الاحكام الصادرة بعدم دستورية نص أو قانون فإن الوضع مختلف نوعا فى أحكام المحكمة الدستورية الصادرة برفض طعن الدستورية وحتى نتيجة هذا الاختلاف فإننا نفرق بين حالتين الاولى عندما يكون رفض الطعن بسبب شكلى قبل الخوض فى الموضوع ويسمى فى هذه الحالة عدم قبول، والثانية عندما يكون رفض الطعن بما يفيد دستورية النص أو القانون المطعون فيه الحالة الاولى: وهى أن يكون عدم قبول الطعن لسبب شكلى مثل انعدم الصفة أو المصلحة أو رفعها بعد الميعاد أو أن يكون الفصل فى الدعوى الدستورية غير لازم للفصل فى الدعوى الموضوعية ..الخ وفى مثل هذه الحالات ينحصر بحث المحكمة الدستورية فى الشكل دون أن تتطرق فيه لموضوع مدى دستورية النص أو القانون وذلك فأحكام المحكمة الدستورية فى هذه الحالة يكون لها حجية نسبية بما يفيد أنه ليس هناك ما يمنع من طرح النزاع مرة أخرى أمام المحكمة الدستورية حول ذات النص أو القانون سواء كان ذلك الطرح من ذات الخصوم - بأوضاع جديدة - أو من خصوم أخرين الحالة الثانية: وهى أن يكون رفض الطعن بعدم دستورية نص أو قانون بما يفيد دستورية هذا النص أو القانون ، وفى مثل هذه الحالة هل يجوز إعادة الطعن مرة أخرى امام المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا النص أو القانون ....؟ وقبل أن نجيب على ذلك السؤال نوضح أن كلا من المحكمة العليا والمحكمة الدستورية العليا كان له اجابته الخاصة على هذا السؤال وذلك على النحو التالى : المحكمة العليا ترى أن الحجية هنا حجية نسبية وليست حجية مطلقة بما يفيد أنه من حق الافراد الطعن مرة أخرى على ذات النص الذى سبق وقضى برفض الطعن المقام عليه بعدم دستوريته وفى ذلك تقول المحكمة العليا فى الطعن رقم 8 لسنة [2] 3 قضائية عليا "الرقابة القضائية على دستورية القوانين التى تمارسها المحكمة العليا من خلال الفصل فى الدعاوى الدستورية طبقا للفقرة الاولى من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنه 1969 تستهدف حماية الدستور وصونه وذلك عن طريق إنهاء قوة نفاذ النص المخالف للدستور . ولما كانت الدعوى الدستورية دعوى عينية توجه فيها الخصومة إلى التشريع ذاته فإن مقتضى ذلك أن الحكم الذى يصدر بعدم دستورية نص تشريعى يلغى قوة نفاذ هذا النص ،ويغدو معدوما من الناحية القانونية أو يسقط كتشريع من تشريعات الدولة ، ولما كان ذلك الاثر لا يقبل التجزئه بطبيعته فإن حجية الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعى لا يقتصر على أطراف النزاع فى الدعوى التى قضى فيها فقط ، وانما ينصرف أثر هذا الحكم إلى الكافة ، والامر يختلف بالنسبة إلى حجية الحكم الذى يصدر من المحكمة العليا برفض الطعن بعدم دستورية نص تشريعى ، فهذا الحكم لا يمس التشريع القائم مرة أخرى ولا وجه للقول بأن المادة 31 من قانون الاجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون 66 لسنه 1970 إذ تنص على نشر منطوق الاحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل فى دستورية القوانين وتكون لهذه الاحكام جميعها حجية على الكافة وذلك أن المادة 31 المشار اليها نصها على التزام جميع جهات القضاء بالاحكام الصادرة من المحكمة العليا بعدم دستورية النصوص التشريعية فحسب ، إذ أن النص على التزام جميع جهات القضاء بهذه الاحكام مرده إلى الاثر الذى يترتب على صدورها ، فى إنهاء قوة نفاذ النص التشريعى واكتساب الحكم حجية على الكافة نتيجة لإنهاء قوة النص المقضى بعدم دستوريته ، وأما الاحكام الصادرة برفض الطعن فإنها لا تمس التشريع المطعون فيه ، ولا يكون لهذه الاحكام سوى حجية نسبية بين أطرافها ...." المحكمة الدستورية العليا إطرد قضاء المحكمة الدستورية العليا على تقرير الحجية المطلقة للحكم الصادر فى الدعوى الدستورية استناد إلى أن مؤدى نصوص الدستور وقانون انشاء المحكمة أن الاحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية ، وهى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستورى ، تكون حجيتها مطلقة لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الاثر إلى الكافة ، وفيما يتعلق بنطاق هذه الحجية ومداها فى الاحكام الصادرة بالرفض فى الدعوى الدستورية ، فإن المحكمة الدستورية العليا قد اتخذت موقفا واتجاها مناقضا لقضاء المحكمة العليا المشار إليه ، لذلك فقد نقضت المحكمة الدستورية العليا قضاء المحكمة العليا فى الدعوى الدستورية رقم 8 لسنه 3 عليا السابق بيانه وكذلك عن طريق تواتر أحكامها - المحكمة الدستورية على أن الحجية المطلقة للاحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية تحوزها الاحكام الصادرة بعدم الدستورية وتلك الصادرة برفض الدعوى ومن ذلك الحكم رقم 39 لسنه 2 ق د "ومؤدى ذلك أن الاحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية . وهى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستورى تكون لها حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت فيها وانما ينصرف هذا الاثر إلى الكافة وتلتزم به جميع الجهات القضائية ، سواء كانت هذه الاحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعى المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الاساس وذلك لعموم نص المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا والمادة 31 من قانون الاجراءات والرسوم أمامها ، تقابل المواد 25،48،49 من قانون المحكمة الدستورية ولأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين التى اختصت بها المحكمة العليا دون غيرها هى رقابة شاملة تمتد إلى الحكم بعدم دستورية النص فتلغى قوة نفاذه أو إلى تقرير دستوريته وبالتالى سلامته من جميع العيوب واوجه البطلان ...." وهــكذا استقام قضاء المحكمة الدستورية العليا - وبحق - على تقرير الحجية المطلقة للاحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية سواء بعدم الدستورية أم بالرفض ، وسواء صدرت عن هذه المحكمة أم كانت صادرة عن المحكمة العليا - على ما تضمنه الحكم فى القضية الدستورية رقم 39 لسنه 2 قضائية المشار اليه ، ولذلك قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 3 لسنه 8 القضائية (منازعة تنفيذ) بجلسة 4 من يونيو سنة 1988 بعدم قبول الدعوى التى استهدفت إصدار حكم تفسيرى ، ينكر الحجية المطلقة للاحكام التى أصدرتها المحكمة العليا اعمالا لقانونها ويعتبرها ذات حجية نسبية قولا من المدعى أن هذه المحكمة وأعضاءها كانوا لا يتمتعون طوال فترة ولايتهم بالحصانة القضائية ، ولقد استظهرت المحكمة الدستورية العليا فى هذا الحكم أن المدعى يتغيا إنكار الحجية المطلقة التى أسبغتها هذه المحكمة فى القضية الدستورية رقم 39 لسنه 2 القضائية المشار اليها على أحكام المحكمة العليا مستندة فى ذلك إلى النصوص المنظمة لعملها ، وآخذه فى اعتبارها طبيعة الدعوى الدستورية التى كان المشرع قد خص المحكمة العليا بنظرها وأفردها بها ، وكذلك نطاق الرقابة القضائية التى باشرتها المحكمة العليا على دستورية القوانين مستخلصة من ذلك كله انسحاب حجية الاحكام التى أصدرتها المحكمة العليا إلى الكافة ، وتبعا لذلك رأت المحكمة الدستورية العليا أن الجدل فى قيام هذه الحجية أو انتفائها ينحل إلى طعن مباشر فى الحكم الصادر عنها فى القضية الدستورية رقم 39 لسنه 2 المشار إليه بالمخالفة لنص المادة 48 من قانون انشائها الذى يقضى بأن أحكام المحكمة ، وقراراتها نهائية ، وغير قابلة للطعن وبعد أن بينا نطاق ، الحجية للحكم الصادر فى الدعوى الدستورية ، تجدر ملاحظة أنه ولئن كان مقتضى الحجية المطلقة التى يحوزها هذا الحكم سواء أكان بعدم الدستورية أم بالرفض ألا تثار المسألة الدستورية التى تضمنها من جديد أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ثمة حالة وحيدة يمكن أن تتم فيها إعادة عرض هذه المسألة على المحكمة التى تتولى عندئذ الفصل فيها دون أن يكون فى ذلك خروج على الحجية المطلقة للحكم الذى سبق صدوره فى شأنها ، وتتحقق هذه الحالة عندما يصدر دستور جديد، أو يعدل الدستور القائم ، ويصبح النص التشريعى الذى سبق للمحكمة أن قررت دستوريته مخالفا للدستور الجديد ، أو التعديلات المستحدثة فالأصل العام أن المرجع فى دستورية تشريع معين يكون إلى أحكام الدستور الذى صدر هذا التشريع فى ظلها وذلك طوال فترة سريانها ، فإذا استبدلت بها أحكام دستورية جديدة ، فإن الاحكام الدستورية المستحدثة تكون هى المرجع فى دستورية هذا التشريع ، وهذا هو ما يقتضيه تسويد أحكام الدستور القائم على ماعداها وفيما عدا الحالة السابقة فإن النزاع الدستورى الذى سبق القضاء بعدم دستوريته أو برفض الدعوى الدستورية بشأنه لا يجوز أن يتجدد أمام المحكمة الدستورية العليا مرة أخرى لأن الحكم الذى صدر بشأنه له حجية مطلقة ، تحسم الخصومة بشأن دستورية النصوص الطعينة حسما مانعا من نظر أى طعن يثور من جديد بشأنها . مطلب ثانى:- الحكم بعدم الدستورية يلغى قوة نفاذ النص التشريعى ليس هناك اختلاف بين المحكمة العليا أو الدستورية فى أن الحكم الصادر يلغى قوة نفاذ هذا النص فيغدو معدوما من الناحية القانونية ويسقط كتشريع من تشريعات الدولة ، والغاء قوة نفاذ النص المقضى بعدم دستوريته يتساوى عملا مع إلغاء هذا النص التشريعى بمعرفة المشرع فسقوط هذا النص من مجال التطبيق بسبب الحكم بعدم دستوريته وفقا لما أوضحه المشرع يجعل هذا الامر يتساوى عملا مع الالغاء مطلب ثالث:- النطاق الزمنى لتنفيذ الاحكام الصادرة من المحكمة الدستورية يقصد بفكرة النطاق الزمنى لتنفيذ الاحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية :تحديد التاريخ الذى تمتد إليه أثار الحكم وبالتالى الوقوف على ما إذا كانت هذه الاحكام تنفذ بالنسبة للمستقبل فقط أو يكون لها أثر رجعى فى بعض الحالات ، ولا تثور هذه الفكرة الا بالنسبة للأحكام الصادرة بعدم الدستورية باعتبارها أحكاما كاشفة للعوار الذى يصيب التشريع ، ويؤدى إلى الحكم بعدم دستوريته مما يتطلب تحديد النطاق الزمنى لتنفيذها، أما فيما عدا ذلك من أحكام كتلك الصادرة بعدم القبول أو الرفض فإنها لا تمس دستورية التشريع الطعين ، فلا تثور أية تساؤلات حول تنفيذها زمنيا ولذلك نجد أن المشرع قد عنى بتحديد النطاق الزمنى لتنفيذ الحكم بعدم الدستورية حين نص فى المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية على "...ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى ، تعتبر الاحكام التى صدرت بالادانة استنادا إلى ذلك النص كأن لم تكن ويقوم رئيس هيئة المفوضين تبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه" وتعليقا على هذا النص أوردت [4] المذكرة الايضاحية أنه "نص ورد فى القوانين المقارنة ، واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس فى المستقبل فحسب ، وانما بالنسبة للوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الاثر الرجعى للحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الامر المقضى ، أو بانقضاء مدة التقادم أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى ، فإن جميع الاحكام التى صدرت بالادانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كأن لم تكن ولو كانت أحكامها باتة ومن خلال استعرضنا لنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية ومن استعراضنا لتعليق المذكرة الايضاحية على النص نلحظ اختلاف ظاهرى بين معنى النص ومفهوم المذكرة ، فظاهرة النص يدل على أن المشرع يأخذ بالاثر المباشر للحكم لذلك جاء بجملة "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم .." إلا أن المذكرة الايضاحية للقانون أوضحت عكس هذا المفهوم الظاهرى للنص وأكدت على تمسك المشرع بالاثر الرجعى للحكم لأنه هو الاكثر اتساقا وتوافقا مع المنطق القضائى من حيث الهدف من وجود المحكمة الدستورية ، كما أنه بالرجوع للنظام المقتبس منه نص المادة 49 نجده يقرر الاثر الرجعى للحكم القاضى بعدم الدستورية ، فقد اقتبس هذا النص من النظام المعمول به فى ايطاليا حيث انتهى القضاء والفقه على ضوء تفسيرهما لأحكام الدستور وأحكام المحكمة الدستورية الايطالية إلى اعتبار النصوص التى يقضى بعدم دستوريتها غير نافذة من اليوم التالى لنشر الحكم لا بالنسبة للمستقبل فحسب ، ولكن بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة فلا تطبق أيضا عليها ، ويستثنى من هذا الاثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية الحقوق والمراكز التى تكون قد تقررت عند صدوره بحكم حاز قوة الامر المقضى أو أصبحت باتة بانقضاء مدة تقادم أو سقوط ، كما أنه ثمة استثناء أخر تضمنه تنفيذ الاحكام الجنائية النهائية الصادرة بالعقوبة استنادا إلى القانون الذى تقررت عدم دستوريته مع ما يترتب عليها من أثار جنائية، وتبعا لذلك فإنه ولئن كان ظاهر نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا يوصى بأن نفاذ الحكم بعدم الدستورية يكون بالنسبة للمستقبل ، إذ نص على عدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته اعتبارا من اليوم التالى لنشر الحكم، إلا أن تفسير هذا النص بمراعاة ما أوردته المذكرة الايضاحية ، وبعد الرجوع إلى النظام المقتبس منه ، يؤدى إلى تقرير الاثر الرجعى للحكم الصادر بعدم الدستورية فى الحدود المناسبة بإعتبار أن الحكم يكشف عن حالة البطلان التى أصابت التشريع المقضى بعدم دستوريته منذ أن لحقته ولا ينشئها ، ويفقد مقوماته كتشريع منذ اللحظة التى تحققت فيها مخالفته للدستور ، مما يقتضى إهدار ما رتبه من أثار مع الاخذ فى الاعتبار دواعى استقرار الحقوق والمراكز القانونية . لـــــذلك فهناك سؤال أخر يكمن فى ماهية الوقت الذى تبدأ منه أعمال رجعية الحكم بعدم الدستورية الوقت الذى يبدأ منه اعمال رجعية الحكم بعدم الدستورية فإذا كان الوضع الغالب أن تكون عدم الدستورية ناشئة عن مخالفة القانون (أو اللائحة) للدستور القائم عند صدوره، وهو ما يسمى بعيب عدم الدستورية الاصلى، فإن ذلك لا يمنع أن يكون عدم الدستورية بسبب مخالفة القانون (أو اللائحة) لدستور جديد أو للتعديلات التى وردت على الدستور القائم وهو ما يسمى بعيب عدم الدستورية الطارئ فالقانون (أو اللائحة) يجب أن يصدر صحيحا وفقا لأحكام الدستور المعمول به وقت صدوره، وأن يستمر صحيحا وفقا لاحكام الدستور الجديد الذى تجرى الرقابة فى ظله ويلاحظ أن عيب عدم الدستورية الناشئ عن المخالفة الشكلية للدستور وسواء من حيث الاجراءات أو الاختصاص لا يمكن إلا أن يكون عيبا أصليا فالقانون (أو اللائحة) يجب أن يصدر وفقا للاجراءات المنصوص عليها فى الدستور الذى صدر فى ظله، بحيث إذا صدر التشريع سليما من حيث الشكل فإنه لا يصبح باطلا بعد ذلك حتى ولو أختلفت الشكليات التى يتطلبها الدستور الجديد بالنسبة له أو تغيرت الجهة المختصة باصداره وعلى خلاف ذلك فإن عيب الدستورية الموضوعى (المخالفة الموضوعية للدستور والانحراف التشريعى) قد يكون عيبا أصليا إذا خالف التشريع الدستور المعمول به وقت صدوره، وقد يكون عيبا طارئا إذا كان التشريع قد صدر موافقا من الناحية الموضوعية أحكام الدستور القائم وقت صدوره ثم صدر دستور جديد أو تعديل دستورى جعل الاحكام التى تضمنها ذلك التشريع غير متفقة مع أحكامه ونتيجة لوجود نوعين من عيب عدم الدستورية (الاصلى والطارئ) فإن ذلك يقتضى تحديد الوقت الذى يبدأ منه اعمال الاثر الرجعى للحكم الصادر بعدم دستورية النص فقد يكون النص القانونى لعيب وفقا لأحكام الدستورين معا، وقد يكون لعيب وفقا لاحكام الدستور الذى صدر فى ظله ولكنه سليم وفقا للدستور القائم، كما قد يكون سليما وفقا للدستور الذى صدر فى ظله ومعيبا وفقا للدستور القائم ويلاحظ فى البداية أن التاريخ الذى يرتد إليه الاثر الرجعى قد يرد فى ذات الحكم الصادر من المحكمة بتقرير عدم الدستورية وبذلك لا يثور خلاف حول تحديد هذا التاريخ، حتى ولو كان التحديد مخالفا للمبادئ التى سنذكرها بعد ذلك لان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية حكم نهائى غير قابل للطعن . أما فى حالة عدم تحديد الحكم للتاريخ الذى يرتد اليه الاثر الرجعى، فاننا نفرق بين الحالات الثلاث السابق الاشارة اليها . ويتمثل الفرض الاول فى حالة صدور النص القانونى مخالفا لاحكام الدستور الذى صدر فى ظله، وفى نفس الوقت ظل مخالفا لاحكام الدستور القائم وقت الفصل فى الدعوى . وهذا الفرق لا يثير صعوبة فى تحديد الوقت الذى يرتد اليه الاثر الرجعى، إذ أن القاعدة صدور التشريع متفقا مع أحكام الدستور المعمول به وقت صدوره وأن يستمر صحيحا وفقا للدستور الذى يكون قائما وقت الرقابة على التشريع وعلى ذلك فإذا كان التشريع قد صدر مخالفا للدستور وظلت هذه المخالفة قائمة فى ظل الدستور اللاحق، فإن أثر الحكم الصادر بعدم دستورية هذا التشريع يرتد الي تاريخ صدوره التشريع ذاته ، وليس إلى تاريخ صدور الدستور الجديد أو تاريخ تعديل الدستور القائم، على الرغم من أن دعوى الدستورية قد رفعت فى ظله وذلك لان التشريع منذ صدوره كان مخالفا للنصوص الدستورية، فالعيب الذى شابه عيب أصلى وليس عيبا طارئا. والقول بغير ذلك يترتب عليه بقاء الاثار التى نشأت فى ظل الدستور القديم، واستمرت قائمة فى ظل الدستور الجديد، الا أنها لم تصل بعد إلى درجة الحق المكتسب وهذه نتيجة شاذة وغير مقبولة لان الاسباب التى من أجلها تقرر عدم دستورية التشريع لم تتغير فى الدستور الجديد كما كانت عليه فى ظل الدستور القائم ؟ أما الفرض الثانى فيتمثل فى أن يكون التشريع المطعون بعدم دستوريته قد صدر معيب وفقا لاحكام الدستور الذى صدر فى ظله، الا أن العيب الذى اعتوره أصبح غير موجود فى ظل الدستور القائم وقت الطعن بعدم الدستورية . قد يقال فى هذه الحالة أنه لا حاجة إلى أن تقضى المحكمة بعدم دستورية هذا التشريع استنادا إلى أن السلطة المختصة (التشريعية أو التنفيذية) تملك أن تقيد إصدار نفس النص القانونى من جديد بذات أحكامه فى ظل الدستور القائم، فضلا عن أن نية المشرع الدستورى قد طهرت التشريع من العيوب التى كانت تشوبه إلا أن هذا القول لا يقوم صحيحا فالتشريع قد ولد معيبا منذ صدوره لمخالفته للدستور الذى كان موجودا فى ذلك الوقت، ولو كان الطعن وجه اليه فى ظل ذلك الدستور لحكم بعدم دستوريته ولا يتصور أن يزيل الدستور الجديد المخالفة الدستورية التى شابت ذلك التشريع عن الفترة السابقة على صدوره، وكل ما هنالك أن هذا الدستور الجديد قد أباح اصدار مثل هذه التشريعات فى المستقبل، لتسرى على الحالات التى توجد بعد صدورها وفضلا عن ذلك فإن الاحتكام إلى الدستور الحالى وحدة قد يؤدى إلى توقيع العقاب على متهم عن فعل لم يكن يعد جريمة وفقا للدستور الذى صدر التشريع المطعون فيه فى ظله ومثال ذلك أن يجرم التشريع فعلا فى ظل دستور لا يجيز هذا التجريم، ثم يصدر دستور جديد يبيح للمشرع أن يجرم هذا الفعل، وينسب إلى شخص ارتكابه الفعل المجرم فى ظل الدستور الجديد. فلا طبق القاضى الدستور الجديد وحده كان تجريم الفعل متفقا مع أحكام الدستور وكان من المتعين على محكمة الموضوع أن تحكم على المتهم بالعقوبة أما لو طبق القاضى الدستور الذى صدر القانون فى ظله فإن المحكمة الدستورية ستقضى بعدم دستورية التجريم ويصبح من المتعين على محكمة الموضوع تبرئة المتهم . ونخلص من ذلك أن المحكمة الدستورية يجب عليها أن تطبق الدستور الذى صدر القانون فى ظله، وتقرر عدم دستوريته لأن العيب الذى شابه عيب أصيل وليس عيبا طارئا . وأمام هذا الرأى الذى انتهينا اليه، يمكننا القول بأن التاريخ الذى يرتد اليه الحكم بعدم الدستورية هو تاريخ صدور القانون (أو اللائحة) الذى انتهت المحكمة إلى عدم دستوريته :فيعتبر النص غير دستورى من يوم صدوره ، ولمخالفته منذ ذلك التاريخ الدستور الذى صدر فى ظله. الفرض الثالث فى أن يكون القانون المطعون فيه (أو اللائحة) صحيحا وفقا للدستور الذى صدر فى ظله، ثم يأتى الدستور الجديد بأحكام تجعل ما تضمنه القانون (أو اللائحة) مشوب بعيب عدم الدستورية وواضح هنا أن العيب الذى شاب النص المطعون فيه هو عيب طارئ ترتب على صدور النص الدستورى الجديد الذى يتعارض مع أحكامه . وإذا كان الاصل كما سبق أن ذكرنا أن تجرى الرقابة على دستورية القوانين وفقا لنصوص الدستور الذى صدر التشريع فى ظله صونا لهذا الدستور من الخروج على احكامه، فإن هذا الاصل يقتضى أن تظل النصوص التى صدرت صحيحة فى ظل دستور معين مطبقة وقائمة طوال مدة العمل بهذا الدستور فإذا صدر دستور جديد تصبح معه نصوص التشريع غير دستورية فإنها يجب أن تعتبر كذلك من تاريخ وجود هذا التعارض وهو تاريخ صدور الدستور الجديد، لأن التشريع وان كان قد صدر دستوريا، الا أنه لم يعد كذلك من وقت العمل بالدستور المتعارض معه والذى تمت الرقابة وفقا لاحكامه، إذ يجب أن يصدر التشريع صحيحا وفقا لاحكام الدستور المعمول به وقت صدوره، وأن يستمر صحيحا وفقا لاحكام الدستور القائم وقت اعمال الرقابة عليه، والا شابه عيب عدم الدستورية مما يستوجب رفع القوة الملزمة عنه ونتيجة لذلك فإن الحكم بعدم دستورية نص تشريعى كان صحيحا فى ظل الدستور الذى كان موجودا وقت صدوره وأصبح باطلا فى ظل الدستور الجديد وهو حكم يرتد إلى تاريخ صدور الدستور الجديد المتعارض مع احكام التشريع وليس إلى تاريخ صدور التشريع ذاته فالتشريع فى الفترة السابقة على التعارض كان صحيحا ولا يجوز تقرير عدم دستوريته خلال تلك الفترة، وتبقى صحيحة أيضا جميع الآثار التى ترتبت عليه فى فترة صحته ونخلص من ذلك، إلى أن الفروض الثلاثة السابق ذكرها لا تأخذ حكما واحد بالنسبة للوقت الذى يرتد اليه الاثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية، بل يختلف التاريخ بحسب ما إذا كان العيب أصليا أم طارئا . ونستطيع أن نضع قاعدة تقضى بأنه فى حالة العيب الاصلى فإن الرجعية ترتد إلى تاريخ صدور النص التشريعى المعيب، أما فى حالة العيب الطارئ فإن الرجعية ترتد إلى تاريخ صدور النص الدستورى الذى أدى إلى عدم دستورية النص المطعون بعدم دستوريته . والواقع أن هذه الرجعية إذا لم تتقرر فسنجد محكمة الموضوع نفسها ملزمة بتطبيق النصوص المقضى بعدم دستوريتها على النزاع المعروض عليها لأنها تتعلق بوقائع سابقة على الحكم بعدم الدستورية وتلك ولا شك نتيجة شاذة يأباها المنطق ، وتتعارض مع الحكمة من رقابة الدستورية . كما أن هذه الرجعية يفرضها المبدأ الذى استقام عليه قضاء المحكمة العليا ، ومن بعدة قضاء المحكمة الدستورية العليا بخصوص قبول الطعن بعدم دستورية التشريع حتى وإن الغى هذا التشريع أو تم تعديله، من أن كل قاعدة قانونية تحكم المراكز القانونية التى نشأت وترتبت أثارها القانونية فى ظلها، فبدون تقرير الرجعية للحكم الصادر بعدم الدستورية تنتفى الفائدة من هذا الحكم، وتنعدم جدواه فى الدعوى الموضوعية وهذا أمر غير سائغ وقضت المحكمة الدستورية العليا فى الحكم رقم 22 لسنة 18 ق د بأنه "فإذا قضت المحكمة الدستورية بأن قانونا غير دستورى فإنه يعتبر منذ صدوره مخالفا لاحكام الدستور، وهو والعدم سواء بما لا يجوز معه أن نخلع عليه حصانة عن أى فترة طبق فيها ولو كانت هذه الفترة سابقة على صدور حكم المحكمة الدستورية لان مباشرة المحكمة الدستورية لهذه الرقابة وهو ما كشفت عنه أحكامها العديدة غايته تقرير اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو مجاوزتها للضوابط التى فرضها، وتقييمها لهذه النصوص لا ينفصل عما يكون قد اعتراها من عوار عند إقرارها أو إصدارها فلا تكون عيوبها أمراً طارئا أو عارضا عليها بل كامنا فيها ولصيقا بها منذ ميلادها ومتصلا بها لزوما اتصال قرار بما يشوهها، وأن المحكمة الدستورية وهى تقضى بعدم دستورية قانون انما تطبق نصوص الدستور بافتراض أن النص الباطل منعدم ابتداء لا انتهاء، فلا يكون قابل للتطبيق أصلا منذ أن نشأ معيبا وان قضاء المحكمة بعدم دستورية النصوص القانونية المخالفة للدستور يعتبر تقريراً لزوالها نافيا وجودها منذ ميلادها" هل يجوز للمحكمة أن تحدد التاريخ الذى يرتد اليه أثر الحكم بعدم الدستورية ؟ ليس هناك نص يتيح للمحكمة الدستورية تحديد التاريخ الذى يرتد اليه أثر حكمها القاضى بعدم الدستورية وإنما تنظيم هذا الاثر كان خاضعا لنص المادة 178 من الدستور والتى نصت على "تنشر فى الجريدة الرسمية الاحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعى من آثار" وقد نظم قانون المحكمة الدستورية فى مادته رقم 49 كيفية اعمال هذا الاثر وأوضحته المذكرة الايضاحية ولم يكن من سلطات المحكمة التى خولها لها القانون أو المذكرة الحق فى تحديد التاريخ الذى يرتد اليه أثر الحكم القاضى بعدم الدستورية وبالرغم من ذلك فإنه إذا صدر حكم المحكمة الدستورية وحدد التاريخ الذى يرتد إليه أثره، فإنه يجب تنفيذ هذا الحكم استنادا إلى عدم جواز الطعن فى أحكام وقرارات المحكمة الدستورية (م48 قانون المحكمة الدستورية) ولا يملك المتضرر من هذا الحكم إلا الدخول فى منازعة تنفيذ تفصل فيها المحكمة الدستورية (م50 قانون المحكمة الدستورية) أو تقديم طلب تفسير للحكم (192 مرافعات) على أنه يلاحظ فى طلب التفسير أمرين : الأول : أنه مجرد وسيلة لتفسير الاحكام القطعية التى يشوب منطوقها الغموض أو الابهام أو الشك فى التفسير، لذلك فالمحكمة الدستورية تحرص دائما على الا تكون هذه الطلبات تكئة لتجديد الخوض فيما سبق فصله، وفى هذا الصدد[8]فإن المحكمة الدستورية حين يقدم :إليها طلب التفسير، فإنها تتولى تقدير مدى اعتباره طلبا مقبولا من عدمه، باعتبار أن تكييف الدعوى هو مما يخضع لرقابة المحكمة التى تعطى الدعوى وصفها الحق، وتكييفها القانونى الصحيح متقصية فى سبيل ذلك طلبات المدعى فيها مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها الثانى :- أن الاصل فى طلبات التفسير وطبقا لنص المادة 192 مرافعات مقصورة فقط على الخصوم فى الدعوى الموضوعية التى صدر الحكم فيها إلا أن المحكمة الدستورية العليا خولت حق طلب تفسير أحكامها فى الدعوى الموضوعية، ولغيرهم ممن يكون الحكم المطلوب تفسيره بتطبيقه عليهم ذا أثر مباشر فى مصالحهم الشخصية . المبحث الثانى : طبيعة أحكام المحكمة الدستورية بعد التعديل وصدور القرار بقانون رقم 168 لسنه 1998 نص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنه 1998 بتعديل المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية على "يستبدل بنص الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنه 1979 النص الاتى: ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر أسبق على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الاحوال إلا أثر مباشر وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص" وقد أحدث هذا التعديل ثورة وانقلاب فى طبيعة أحكام المحكمة الدستورية فقد تحولت أحكام المحكمة بعدم دستورية نص أو دستوريته من الحجية المطلقة فى جميع أحوالها إلى الحجية المطلقة أحيانا وإلى الجمع بين الحجية النسبية والحجية المطلقة فى أغلب الاحيان وبعد أن كانت أحكام المحكمة تعتنق الاثر الرجعى فى مبادئها، وبعد أن كان ذلك الاثر الرجعى احداهم مفردات أحكامها طالما توافرت الضوابط اللازمة لاعمال هذا الاثر أحدث هذا التعديل تغييرا جذريا فى تحديد طبيعة أثر أحكام المحكمة وذلك على النحو التالى:- مطلب أول : حجية الأحكام اذا كان الأصل فى الأحكام القضائية أن حجيتها حجية نسبية ولا تنصرف أثرها الا الى خصوم الدعوى الصادر بشأنها الحكم. فإن الأمر لم يكن كذلك فى أحكام المحكمة الدستورية فقد كانت أحكامها تتمتع بحجية مطلقة وينصرف أثر حكمها الى الكافة - سواء الخصوم فى الدعوى أو غيرهم - وتلتزم بذلك جميع سلطات الدولة، وقد تواترت أحكام المحكمة الدستورية على إقرار هذه الحجية. أما اليوم وبعد ذلك التعديل الأخير فى نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية فلم يعد الأمر كذلك فقد تباينت الحجية بين المطلقة أحيانا وبين الجمع بين الحجية المطلقة والنسبية فى أغلب الأحيان. 1- المزج بين الحجية المطلقة والنسبية فى أحكام المحكمة الدستورية يحدث ذلك المزج متى كان النص المقضى بعدم دستوريته نص ضريبى أو كان نص غير ضريبى ولم يقرر الحكم اثرا رجعيا له أو قرر الاثر الرجعى للخصوم فى الدعوى الدستورية فقط، ففى هذه الحالات تصبح الحجية نسبية بالنسبة للخصوم فى الدعوى الدستورية وينسحب أثر الحكم على الماضى بالنسبة لهم فقط، وفى ذات الوقت وبالنسبة لذات الحكم يحوز حجية مطلقة بالنسبة للمستقبل وابتداء من اليوم التالى لنشر الحكم بعدم الدستورية. هو ما يؤكده المستشار/ شفيق أمام فى كتاب أزمة المحكمة الدستورية "إن مؤدى التعديل الذى أورده القرار بقانون رقم 168 لسنه 1998م فيما يتعلق بالنصوص الضريبية هو الجمع والمزاوجة فى أحكام المحكمة الدستورية بين الحجية المطلقة وبين الحجية النسبية فى الحكم الدستورى الواحد فهو يتمتع بحجتين فى أن واحد: - حجية مطلقة تشمل كافة المخاطبين باحكام القانون غير الدستورى بالنسبة إلى المستقبل فقط ابتداء من اليوم التالى لنشر الحكم بعدم دستورية القانون - حجية نسبية تقتصر على ذى الصفة فى الدعوى الدستورية بالنسبة إلى الفترة السابقة على نشر الحكم بعدم دستورية القانون فى الجريدة الرسمية والتى تبدأ من تاريخ العمل بالقانون غير الدستورى" 2_ الحجية المطلقة لاحكام المحكمة الدستورية العليا تكون الحجية للاحكام مطلقة متى كان النص المقضى بعدم دستوريته نص غير ضريبى وكان الحكم قد قرر الاثر الرجعى للحكم وقرر انصرافه للكافة فهنا تصبح الحجية مطلقة ويستفيد منه الكافة طبقا للتاريخ الذى حدده الحكم والذى يرتد اليه أثره مطلب ثانى : الحكم بعدم الدستورية يلغى قوة نفاذ النص التشريعى كما لم يكن هناك اختلاف بين المحكمة العليا والمحكمة الدستورية فى أن الحكم الصادر بعدم الدستورية يلغى قوة نفاذ النص فليس هناك أى أختلاف أيضا بين أثر الحكم فى إلغاء قوة نفاذ النص سواء قبل التعديل أو بعده، فالنص يعد معدوما من الناحية القانونية ويسقط كتشريع من تشريعات الدولة منذ اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية مطلب ثالث : النطاق الزمنى لتنفيذ الاحكام الصادرة من المحكمة الدستورية كما سبق بيانه فإنه يقصد بفكرة النطاق الزمنى لتنفيذ الاحكام الصادرة من المحكمة الدستورية "تحديد التاريخ الذى تمتد إليه أثار الحكم" وإذا كان الاثر الرجعى لاحكام المحكمة الدستورية هو أحد أهم المفردات التى تتمتع بها هذه الاحكام فاليوم وبعد هذا التعديل الاخير فإن الاثر المباشر أصبح يزاحم الاثر الرجعى فى أحكام المحكمة الدستورية وذلك على النحو التالى 1- الاحكام التى تقضى بعدم دستورية نص ضريبى : إذا قضى بعدم دستورية نص ضريبى فإن أثر الحكم هنا يكون مزيجا بين الاثر المباشر والاثر الرجعى فإعمال هذا الحكم وإنفاذ أثره لا يكون ألا من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية بما يفيد تطبيق الاثر المباشر على الحكم، إلا أن ذلك عليه استثناء وهو يتعلق بذى الصفة فى الدعوى الدستورية فإنه الوحيد الذى يستطيع الاستفادة من هذا الحكم حتى ولو رتب ذلك أثرا رجعيا له دون الغير، فإذا كان المشرع قد نص فى التعديل على "الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الاحوال إلا أثر مباشر" فإن ذلك لا يعنى عدم أحقية ذى الصفة فى الدعوى فى الاستفادة من الحكم لمجرد أن الامر يستدعى سريانه بأثر رجعى، فإذا كان الحكم يطبق بأثر مباشر على الجميع فإن ذلك لا يسرى على ذى الصفة فى الدعوى طالما أنه لم يمكنه من الاستفادة من الحكم وفى ذلك توضح المذكرة الايضاحية للتعديل ثالثا : وحسما لأى خلاف فى شأن ما إذا كان الاثر المباشر للاحكام الصادرة ببطلان نص ضريبى ينسحب إلى ذى المصلحة فى الخصومة الدستورية أم ينحسر عنهم فقد نص المشروع على أنه سواء أثيرت المسألة الدستورية عن طريق الدفع أو عن طريق الاحالة أو التصدى فإن الفائدة العملية للخصومة الدستورية يتعين أن يجنيها كل ذى شأن فيها من أطرافها ضمانا لفاعلية حق التقاضى، ولان الترضية القضائية هى الغاية النهائية لكل خصومة قضائية على ما جرى به قضاء هذا المحكمة" وفى ذلك يوضح المستشار شفيق أمام أن [11] "تقرير أثر رجعى للحكم بعدم دستورية النص التشريعى الضريبى بالنسبة إلى رافع الدعوى الدستورية وحدة دون سائر المخاطبين باحكام هذا النص غير الدستورى، والذين يستمر تطبيق هذا النص عليهم وتحصيل الضريبة منهم عن الفترة السابقة على نشر الحكم فى الجريدة الرسمية ولو تم ذلك بعد صدور الحكم بعدم دستورية النص" 2- الأحكام التى تقضى بعدم دستورية نص غير ضريبى إذا كان النص المقضى بعدم دستوريته يتعلق بنص غير ضريبى وحددت المحكمة تاريخا يرتد اليه أثر ذلك الحكم فإن الحكم فى هذه الحالة يتمتع بأثر رجعى حتى ذلك التاريخ الذى حددته المحكمة الدستورية فى حكمها ، وهنا يجب أن نفرق بين حالتين : الأولى : إذا كان التاريخ الذى حددته المحكمة لا يمكن ذى المصلحة فى الدعوى الدستورية من الاستفادة من الحكم الثانية : إذا كان التاريخ الذى حددته المحكمة يمكن صاحب المصلحة فى الخصومة الدستورية ويمكن غيره من الاستفادة من الحكم ففى الحالة الاولى : يسرى الحكم بأثر رجعى حتى التاريخ الذى حددته المحكمة ويستفيد منه الكافة، ويمتد أثر الحكم فيما يتعلق بأصحاب المصلحة فى الدعوى الدستورية فقط حتى التاريخ الذى يمكنهم من الاستفادة من الحكم وفى الحالة الثانية : فإن اثر الحكم يمتد إلى التاريخ الذى حددته المحكمة ويستفيد منه الكافة حتى ولو كانت استفادة ذى المصلحة فى الدعوى الدستورية من الممكن أن تتحقق فى تاريخ أسبق على التاريخ الذى حدده الحكم . هل يجوز للمحكمة أن تحدد التاريخ الذى يرتد اليه أثر الحكم بعدم الدستورية ؟ بعد هذا التعديل الاخير أصبح من حق المحكمة الدستورية أن تحدد فى أحكامها التاريخ الذى يرتد اليه أثر حكمها، فقد خولها المشرع هذه السلطة حتى تقدر وفقا لظروف كل دعوى مدى حاجتها لتقرير أثرا رجعيا لاحكامها . وإذا كان هذا الحق مخول للمحكمة على جميع النصوص التشريعية التى يطعن فيها أمامها إلا أن النصوص التشريعية الضريبية تخرج عن نطاق هذا الحق وهذه السلطة، فمتى قضت المحكمة فى شأن أحد النصوص الضريبية فإنه يمتنع عليها تحديد التاريخ الذى يرتد اليه هذا الحكم فقد تكفل المشرع بتحديد الاثر الذى يترتب على الحكم الصادر بعدم الدستورية القسم الثانى هل يجوز استثمار حكم المحكمة الدستورية القاضى بعدم دستورية نص عن طريق الطعن ببطلان جميع التصرفات التى نشأت فى ظل النص المقضى بعدم دستوريته؟ قبل أن نجيب على ذلك السؤال لابد أن نتعرض لمفهوم البطلان وتقسيماته، ثم بعد ذلك نستعرض كيفية استثمار الحكم. أولا:- مفهوم البطلان يرى الدكتور جميل الشرقاوى أن البطلان "هو وصف يلحق التصرف القانونى ذاته نتيجة عيب". ويرى د/ عبد الحكم فودة أن البطلان "وصف يلحق التصرف المعيب، غايته تحقيق جزاء معين، هو مثل أثار التصرف القانونى" وعلى ذلك فإنه على القاضى قراءة التصرف القانونى والنظر فى أمر المطاعن الموجهة اليه وتحقيقها، فاذا ثبتت لديه مخالفة القواعد القانونية فإنه ينتهى الى نعت التصرف بالبطلان كمرحلة اولى إذ هو بذلك يكيفه أنه تصرف باطل ، وعندئذ ينتقل الى المرحلة التالية وهى تطبيق الجزاء على هذا التصرف متمثلا فى منعه من ترتيب اثاره القانونية. مناط البطلان ومصدره يقصد بمناط البطلان أساسه أو سببه ويتمثل فى العيب الذى يلحق بالتصرف القانونى ، فقيام العيب هو اساس البطلان والمبرر لايقاع حكمه، فإذا انتفى العيب فلا محل للبطلان ويكون عندئذ التصرف صحيحا. أما مصدر البطلان فإنه يقصد به السند القانونى للبطلان وأحيانا يضع المشرع بنفسه جزاء مخالفة نصوصه وهنا يسمى البطلان الصريح، وأحيانا أخرى يترك للقضاء مهمة ذلك ويسمى هنا بالبطلان المستنتج أو المقتبس من روح القانون. مذاهب البطلان ذهبت الشرائع فى معالجتها للبطلان مذاهب شتى المذهب الأول:- يرتب البطلان على كل عيب يشوب الاجراء ولو كان العيب التافه فى الأمر، وهذا هو مذهب الشرائع القديمة فى القانون الرومانى فى الدعاوى القانونية كان يحتم استيفاء أشكال وصيغ وبيانات خاصة يجب مراعاتها حتما فى أتفه التفصيلات، وإلا سقطت الدعاوى وقد تبدو صلاحية هذا المذهب على اعتبار أنه يرشد الخصوم بدقة إلى ما يتعين مراعاته فيطمئنوا إلى حقوقهم حتى اتخذوا الشكل القانونى وإنما يعيب هذا المذهب المبالغة فى التمسك بالشكليات مما قد يترتب عليه إهدار الحق من أجل الأوضاع وتفضيل الشكل على الموضوع. المذهب الثانى:- يجعل من البطلان مجرد وسيلة تهديدية حتى تحترم الاجراءات والأوضاع الشكلية، فإذا شابها عيب فلا تكون باطلة وإنما تقدر المحكمة بحسب ظروف كل دعوى وبحسب أهمية المخالفة واثرها فى حسن سير القضايا ما يستوجب الحكم بالبطلان، وهذا هو مذهب القانون الألمانى والنمساوى واللبنانى وقانون الجزائر والمغرب ويمتاز هذا المذهب بمرونته فهو يسمح للقاضى أن يحكم بالبطلان كلما وجد داعيا مسترشدا بظروف كل خصومه وانما يعيب هذا المذهب أن القاضى قد يصعب عليه أن يجد الضابط العادل الذى يهتدى به فى تقرير ما يجب الجزاء على مخالفته بالبطلان وما لا يجب فيكون عرضه لأن يتورط فى الحكم. المذهب الثالث:- لا يجعل البطلان جزاء لكل مخالفة فى القانون مهما كانت تافهة وهو أيضا لا يترك للمحكمة تقدير حالات البطلان وفق ظروف كل قضية وانما يجعل للمشرع وحدة الحق فى تحديد هذه الحالات فيكون على القاضى أن يحكم فيها دائما بالبطلان دون أن تكون له سلطة تقديرية بصددها، ويمتنع عليه أن يحكم بالبطلان فى غيرها ويقال تعبير لهذا المذهب "لا بطلان بغير نص". ويعيب هذا المذهب أن المشرع عليه أن يتبع الحالات التى تستحق البطلان فيستقصيها استقصاء قد لا يسلم فيه من الافراط أو التفريط فيلتوى عليه قصده. المذهب الرابع:- يعلق الحكم على حصول ضرر للمتمسك به فى كل قضية بذاتها، فلا يحكم بالبطلان إلا اذا ترتب على مخالفة الأوضاع التى نص عليها القانون ضرر للخصم ويقال تعبيرا لهذا المذهب "لا بطلان بغير ضرر" والملاحظ ومن خلال هذا العرض أن هناك كثيرا من المذاهب التى تناولت نظرية البطلان فهناك من يرتب البطلان استنادا إلى عدم مراعاة الشكل الذى حدده المشرع حتى ولو كانت المخالفة بسيطة وهناك من يشترط لتقرير البطلان وجود نص تشريعى يلزم القاضى بالقضاء بالبطلان متى تحققت المخالفة، وهناك من يترك الامر للسلطة التقديرية للمشرع فى تقدير مدى استحقاق المخالفة للبطلان كجزاء عليها، وهناك من يشترط تحقيق ضرر للتمسك بالبطلان من جراء المخالفة. وجميع هذه المذاهب تتصارع حول وجوب العمل على تنفيذ أوامر القانون ونواهيه بتوقيع الجزاء حتى لا تصبح حبرا على ورق، وضرورة رفع الحرج الذى ينشأ من الاندفاع فى ايقاع الجزاء مهما صغر شأن المخالفة وانتفى ضررها وأمكن تدراكها. ثانيا: نماذج من تقسيمات البطلان فى التشريع المصرى:- لم يأخذ المشرع المصرى بمذهب من هذه المذاهب السابق بيانها دون الباقين وإنما أخذ بكل هذه المذاهب كلا فيما يناسبه وذلك على النحو التالى:- المذهب الأول:- والذى يرتب البطلان على عدم اتباع الشكل الذى حدده المشرع وكان تطبيقا له نص المادة 488/1 من القانون المدنى "تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر". المذهب الثانى:- والذى جعل البطلان وسيلة تهديدية يقدرها القاضى ومن ذلك نص المادة 125 مدنى "يجوز ابطال العقد للتدليس اذا كانت الحيل التى لجأ اليها أحد المتعاقدين، أو نائب عنه ، من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثانى العقد" ومن الثابت أن استخلاص عناصر التدليس بحث فى الواقع متروك لقاضى الموضوع "نقض جلسة 13/3/1973/ المكتب الفنى لسنة 24 رقم 7 ص396" المذهب الثالث:- والتى يحدد فيها المشرع حالات البطلان على سبيل الحصر دون ترك ذلك للسلطة التقديرية للمشرع ومن ذلك المادة 114/1 مدنى "يقع باطلا تصرف المجنون والمعتوه، اذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجز". المذهب الرابع:- والذى يعلق فيه البطلان على تمسك المضرور به ومن ذلك نص المادة 23/1 مدنى "لا يكون رهن الدين نافذا فى حق المدين إلا بإعلان هذا الرقم الرهن اليه أو بقبوله له وفقا للمادة 305". المبحث الثانى: حدود استثمار الأحكام الدستورية هل يجوز استثمار حكم المحكمة الدستورية القاضى بعدم دستورية نص بالطعن ببطلان جميع التصرفات التى نشأت فى ظل النص المقضى بعدم دستوريته. بتطبيق القواعد السابق بيانها نجد أنه ليس هناك ما يمنع من المطالبة ببطلان التصرفات التى نشأت فى ظل النص المقضى بعدم دستوريته، فمناط تقرير بطلان هذه التصرفات يستمد قوته من خلال نشأتها فى ظل قانون أو نص قضى بعد دستوريته ومصدر تقرير هذا البطلان مستمد من القضاء بعدم دستورية هذا النص الذى نشأت التصرفات فى ظله، والبطلان هنا مستنتج فليس هناك نص صريح يرتب البطلان على التصرفات التى نشأت فى ظل نص قضى بعدم دستوريته وانما يستمد ذلك البطلان من المبادئ التى استقرت عليها المحكمة الدستورية فى أحكامها ومن ذلك:- "فإن الأصل فى النصوص التشريعية هو حملها على قرينة الدستورية بإفتراض مطابقتها للدستور ومن ثم لا يجوز أن يكون سريانها متراخيا بل قد يكون انفاذها - واعتبا
المصدر: بواسطة: احمد الريس from لواء المحامين الاحرار - بلا حدود - Forum
  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 2242 مشاهدة
نشرت فى 5 مايو 2011 بواسطة foxrever

ساحة النقاش

عبدالوهاب اسماعيل

foxrever
»

عدد زيارات الموقع

812,566

تسجيل الدخول

ابحث