المحـامي المتمرن
المحامي : معاوية الطباع
سنة النشر :2009
ليس المحامون الذين تحت التمرين والذين يريدون النجاح بأقل انشغالاً من زملائهم القدامى الذين كتبت لهم الشهرة والنجاح.
فالتمرين ليس بالأمر السهل والهين لأنه يأخذ من المحامي المتمرن كل وقته فنجده طيلة النهار يتابع دعاوى مكتب أستاذه والمراجعات الإدارية واستخراج القرارات وتنفيذها ليعود مساءً إلى المكتب لتقديم تقرير عمله اليومي لأستاذه الذي يراقب أعماله النهارية مباشرة أو بشكل غير مباشر ليبدأ عمل آخر في المكتب كالإطلاع على الأضابير والملفات ومراجعة القوانين والاجتهادات وتحرير مسودات ومشاريع للأجوبة والدراسات للدعاوى التي يكلف بها من قبل أستاذه وكثيراً من المكاتب قد تلجأ إلى عقد حلقات بحث بين المدربين والمتمرنين لمناقشة القضايا المطروحة عليهم لرفع سويتهم العلمية والمهنية.
وهكذا يعتاد المتمرن على كتابة المذكرات والعقود والدراسات ومراجعة الموكلين والإجابة على الهاتف وكيفية الرد على الاستشارة القانونية وتحصيل الأتعاب فدوام المتمرن في مكتب أستاذه ممارسة عملية وتحصيل مهني لهذه المهنة السامية.
ويوماً بعد يوم يجد المتمرن نفسه في تطور وتحصيل علمي ومهني متطور ومتزايد لتبدأ مرحلة جديدة في السنة الثانية من التمرين حيث يبدأ المحامي المتمرن ليعد نفسه ليكون محامياً أستاذاً مستقلاً في مكتبه الخاص فنجده يعتز بنفسه ويدي العلم والاقتراب من الكمال وهذا أكثر ما يؤذي المحامي المتمرن لأن حدود المعرفة والعلم لا تنتهي (فكلما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي) مما يستوجب على المحامي أن يبقى ساعياً وجاهداً لتحصيل العلم مهما بلغ من سنوات الخبرة والممارسة وكثيراً ما نشاهد بعض المحامين المتمرنين يستعجلون الأمور عليهم وعلى مهنتهم فيظهرون أنفسهم بخلاف ما هم عليه من مرتبة علمية أو وضع مهني فيقحمون أنفسهم في دعاوى كبيرة جنائية أو لدى محكمة النقض ويتقاضون أتعاباً طائلة متذرعين بأن أشخاصاً آخرين لديهم مطالبهم في هذه الدعوى والأتعاب وهذا ما يخالف الواقع في أكثر الأحيان ويخالف القانون الناظم لمهنة المحاماة الذب أجاز للمحامي المتمرن المرافعة في الدعاوى الصلحية فقط باسمه ولصالحه في سورية مما يشكل إساءة إلى مهنة المحاماة وللمحامي نفسه وللمؤسسة النقابية ويستدعي تدخل نقابته للحد من هذه الإساءات وللقضاء دور في ذلك حيث يتوجب على السادة القضاة عدم السماح لهؤلاء بتجاوز القانون مع التأكيد أن الصعود السريع لهؤلاء سيؤدي حتماً إلى نهاية سريعة في مهنتنا السامية النبيلة وإن نشر الجدول العام للمحامين الأساتذة والمتمرنين في بداية كل عام على المحاكم وفق أحكام القانون يحد وبشكل فاعل من هذه الإساءات ويكون القاضي عالماً بصفة المحامي الذي يترافع أمامه أستاذاً أم متمرناً كما يتوجب على المحامي المتمرن أن يحافظ على الأسرار المهنية بشكل عام وكل أسرار ومحتويات المكتب الذي يتمرن فيه لأن لكل مكتب ومهنة أسرارها وقد أودع صاحب المكتب ما في مكتبه من أسرار لدى المتمرن فيه مما يستوجب عليه المحافظة عليها قولاً وفعلاً مع عدم الإساءة إليه مع المراجعين والموكلين وأن يمثل المكتب خير تمثيل أمام القضاء بحضور أستاذه أو في غيابه فسمعة المحامي ومكتبه من أهم عناصر نجاح المهنة واستمرارها.
لقد أعطت جميع القوانين الناظمة لمهنة المحاماة في العالم وفي الوطن العربي الحقوق للمحامين المتمرنين وفرضت عليهم كذلك واجبات كبيرة عليهم مراعاتها والعمل بها وأي إخلال بذلك يعرض المحامي المتمرن للمسؤولية المسلكية ومن هنا يظهر دور هذه النقابات في المراقبة والتأهيل العلمي ورفع سوية هؤلاء الزملاء إلى المستوى المطلوب إضافة إلى دور المحامي الأستاذ المشرف على التمرين فهو المدرب المباشر للمحامي المتمرن وعليه مراقبة سلوكه ومستوى أدائه وتحذيره عن أي خلل أو خطأ يرتكبه أثناء التمرين وتزويده بكل وسائل العلم والمعرفة مكتبياً وميدانياً وأن يخطر نقابته عن أي خلل أو مخالفة في حال تكرارها أو عدم الالتزام بآداب وأخلاقيات المهنة وقانونها لأن المحامي المتمرن أمانة لدى من يدربه وهناك أنظمة داخلية لدى النقابات تعنى بنظام التمرين و أوجبت إعداد مناهج خاصة علمية ومهنية لتأهيل المحامي المتمرن وطرق الإشراف عليهم ورعايتهم مع وجوب مراعاة الناحية المادية لهم ويعتبر المنهاج العام الموجد لنظام التمرين الصادر عن المؤتمر العام للمحامين في سورية بتاريخ 29/6/1992م من الأنظمة المتطورة في هذا المجال كما أن بعض النقابات أنشأت معاهد خاصة تابعة لها لهذه الغاية فيستطيع المتمرن من خلال هذه المعاهد تحصيل أكبر قدر ممكن من العلم والتأهيل بإشراف نقابي مدروس ومناهج علمية ومهنية للوصول إلى هذه الغاية.
فمرحلة التمرين رغم صعوبتها وقساوتها أحياناُ على البعض لكنها تبقى من أجمل مراحل حياة المحامي ومن خلالها يستطيع ويجب أن يحصل على أكبر قدر ممكن من المعرفة وأن يعيش المحاماة بكل أبعادها وفيها يتعلم كيف يتعامل مع الآخرين من موكلين ومراجعين وعامة وفيها يحدد مساره في القضايا التي قد يتخصص بها ويبرع مستقبلاً فيها وكيف يتعامل مع ملفاته تنظيماً وأرشيفاً ومذكرات وكيف يكون للوقت ثمن عليه مراعاته وكيف أن للمحامي سمعة في المكتب ودور المحاكم والأماكن العامة وأسلوب يميزه عن الآخرين وصيغة متطورة لتعامله مع القضاء تستند إلى الاحترام المتبادل في إطار قانوني سليم وإلى كيفية تعامله مع نقابته التي أوجب المشرع عليه احترام قانونها واحترام حقوقها وواجباتها كما حقوقه وواجباته.
المحامي
معاوية الطباع
دمشق ـ سوريا
- أمين سر نقابة المحامين في سورية سابقاً
- رئيس رابطة الحقوقيين بدمشق سابقاً
- عضو المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب سابقاً
نشرت فى 22 إبريل 2011
بواسطة foxrever
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
812,645
ساحة النقاش