تناقص القدرة الانتاجية وتدني وسائل الانتاج
أبرز مشاكل تعاونيات الصيد البحري
تناقص القدرة الانتاجية للمصايد وانخفاض مستوي وسائل الانتاج ابرز المشاكل
هجرة الصيادين الي القطاعات الاقتصادية الاخري مستمرة
حددت الدارسة التي أعدها الدكتور/ احمد برانية استاذ اقتصاد الموارد السمكية بمعهد التخطيط القومي حول "تعاونيات الصيد البحري . . متطلبات نجاحها في التجارب الدولية " ان ابرز المشاكل هي تناقص القدرة الانتاجية للمصايد وانخفاض مستوي وسائل الانتاج .
وحذرت الدراسة من استمرار هجرة الصيادين الي القطاعات الاقتصادية الاخري مما يعرض منظومة الصيد البحري للانحدار .
نواصل عرض " الجزء الثاني " من الدراسة المهمة التي اعدها الدكتور/ احمد برانية استاذ اقتصاد الموارد السمكية بمعهد التخطيط القومي ومستشار الاتحاد حول "تعانيات الصيد البحري . . متطلبات نجاحها في التجارب الدولية " .
وهذه الدراسة المهمة التي ننتشر " الجزء الثاني " منها في هذا العدد قد تم القاؤها في ملتقي التعاونيات الخليجي الثاني " التعاونيات في ضوء التجارب الدولية" خلال الفترة من 20 إلي 22 أكتوبر 2012 في أبو ظبي بالامارات العربية المتحدة .
ثانيا : الصعوبات والمشكلات التي تواجه تعاونيات الصيد البحري :
ان تناول الصعوبات والمشكلات التي تواجه تعاونيات الصيد البحري يتطلب تناول المشاكل والصعوبات التي تواجه المصايد البحرية بشكل عام باعتبارها مصدر الانتاج والمحدد الرئيسي لانتاجية الصياد ودخله ، وأن العوامل والمحددات التي تواجه المصايد البحرية هي المحرك الرئيسي للصياد الفرد للتعاون مع الآخرين لمواجهتها حيث لا يمكنه التعامل معها منفردا .
أ - المشاكل والصعوبات التي تواجه المصايد البحرية :
1 - تناقص القدرة الإنتاجية للمصايد :
تتعرض معظم المصايد البحرية علي مستوي العالم وباعتراف من المنظمات الدولية ( منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO ) لعمليات استنزاف مستمرة اما بسبب الصيد الجائر أو بسبب الاثار الناتجة من التلوث البيئي بأشكاله المختلفة ( التلوث البترولي والصناعي واستخدام معدات صيـد مدمـره للبيئه كذلك استقطاع مساحات من المسطحات المائية ) ، وكلها عوامل تؤدي إلي تقليل حجم المخزونات السمكية ، وبالتالي انخفاض قدرتها علي استعاضة عناصرها ، ذلك أن خاصية تكرار الأنتاج السمكي دون تدخل الأنسان ، سببها الطبيعة الديناميكية للموارد السمكية والتي هي عملية تبادل مستمر للاجيال علي مر الزمن تتضمن ولادة للاجيال المتتابعة ثم نموها ثم هلاكها وذلك من خلال نظام انضباطي يتكيف بصورة آلية مع أي تغيير في ظروف حياة هذه الموارد بطريقة انضباطية أخري ، وتعتبر عملية الصيد من حيث طبيعة تأثيرها علي الموارد السمكية ورد فعلها عليها عاملاً هاماً من عوامل التغيير ، اذ يجــب أن تكــون عمليــة الصيــد متوازنــة مع عملية استعادة الموارد السمكية لعناصرها بواسطة النمو والتوالد ، فاذا لم يتحقق هذا التوازن ، أي كانت نسبة الصيد أعلي من التعويض لعناصر الموارد السمكية كانت النتيجة تناقص هذه الموارد ثم انقراضها في النهاية ، لذا فإن الهدف والمهمة الأولي للادارة العلمية للمصايد تنحصر في تحديد مستوي الاستغلال البيولوجي الأمثل والذي يعني أكبر كمية من الأسماك يمكن أن تحصل عليها علي المدي الطويل والذي نطلق عليه المستوي الحرج للاستغلال .
وعلي هذا فإن الزيادة غير المخططة في اعداد ونوعية مراكب الصيد وتلوث المياه بالمخلفات الصناعية والبترولية ، وتجفيف مساحات من المناطق الساحليه واستخدام طرق ووسائل صيد مخالفة ، تؤدي إلي أنخفاض أنتاجية الصيادين الذي ينعكس علي مستوي دخولهم وقدراتهم المالية .
2 - انخفاض مستوي وسائل الأنتاج ونقص عناصر البيئة الاساسية في قطاع الصيد البحري
أن تنمية الأنتاج السمكي البحري سواء من حيث الكم أو النوع مرتبط اساسا بمستوي تتطور وسائل الأنتاج ومدي توفير عناصر البنية الاساسية الضرورية لاستغلال الموارد المتاحة . وتتصف وسائل الأنتاج السمكي المستخدمة في المناطق الساحلية بأنها تقليدية ، مما لا يسمح بالابتعاد كثيراً عن الساحل ، وكذلك فإن صغر حجم القوارب لا يسمح بوجود تجهيزات لحفظ الأسماك . وفي معظم مواقع الانزال لا تتوفر التسهيلات الاساسية الضرورية .
ونظرا لكون الأسماك سلعة سريعة التلف خاصة في الظروف المناخيـة الحــارة مثــل المنطقــة العربيـة ، فـإن حفظ الأسماك خلال مراحل التداول المختلفة تعتبر أحد المشاكل التي تعوق تنمية المصايد ، وذلك نتيجة النقص في أنتاج الثلج ، وكذلك وسائل التبريد والتجميد ونقل الأسماك واصلاح وصيانة وحدات الصيد .
3 - تناقص اعداد الصيادين
أدت العوامل السابقة إلي الهجرة من قطاع الصيد إلي القطاعات الاقتصادية الأخري كما ، أدي التباين في مستوي المعيشة بين قري الصيد ، والمناطق الحضرية يسبب تشتت تجمعات الصيادين علي امتداد السواحل والشواطئ ، وفي مناطق تكاد تكون معزولة في بعض الاحيان ، جعل من الصعوبة توفير عناصر البنيه الاساسية والخدمات الاجتماعية مما انعكس في انخفاض مستوي المعيشــة فـي مجتمعــات الصياديـن ، وهـذا بدوره أدي إلي الهجـره مـن قــري الصيد إلي المنـــاطق الحضرية بحثا عن مستوي معيشة أفضل ، كذلك فإن تطور بعض القطاعات الاقتصادية الاخري في المناطق القريبة من مجتمعات الصيادين وارتفاع مستوي الدخل فيها بالمقارنة بقطاع الصيد مثل السياحة والمناجم والبترول والنقل البحري والتشييد والبناء ، دفعت العديد من الصيادين إلي ترك مهنتهم والاتجاه للعمل بهذه القطاعات للحصول علي مزايا مادية واجتماعية في ظل ظروف عمل أكثر أمانا من قطاع الصيد .
4 - المحددات الادارية والتنظيمية
وتشمل المحددات الادارية والتنظيمية مجموعة المؤسسات والتنظيمات والتشريعات التي تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بقطاع الصيد البحري. ويمكن القول بصفة عامة أن المهام الاساسية والتي تمثل الحد الأدني للوظائف التي يجب أن تقوم بها الجهات المعنية في القطاع قد تكـون غـير متوفـره فـي بعـض الحـالات ، ويرجـع ذلك إلـي عدم تطور هذه الجهات بالشكل الذي يتيح لها القيام بهذه المهام ، حيث يعاني العديد منها من نقص الكوادر العلمية والفنية .
ب : المشاكل والمعوقات الخاصة بالتعاونيات
تعاني معظم تعاونيات الصيد البحري من مجموعتين من المشاكل أوالمعوقات:
الأولي : انخفاض مستوي الخدمات التي تقدمها لأعضائها نتيجة لضعف مواردها المالية بسبب نقص التمويل الخارجي أو انخفاض مساهمةالأعضاء ، والذي بدوره يمكن ارجاعه أما إلي انخفاض مستوي دخول الأعضاء أو إلي احجامهم عن دفع مساهماتهم كاملة نظرا لعدم حصولهم علي ما كان متوقعا من خدمات في المقابل أو كلا السببين ، ومجموعة هذه الأسباب المتداخلة تضع التعاونيات في حلقة مفرغة تعوقها عن تقديم الخدمات المستهدفة .
الثانية : انخفاض مستوي الإدارة التعاونية ، بسبب نقص الوعي التعاوني لدي الأعضاء وتفشي الأميه أحيانا ، وعدم توفر كوادر ادارية – في معظم الجمعيات – ذات مستوي مناسب من بين أعضائها ، أو بسبب عدم قدرة التعاونيه عن دفع أجور للخبرات المناسبة من خارج التعاونية .
ثالثا: نماذج عن تعاونيات الصيد البحري في بعض الدول
1 - تعاونيات الصيد البحري في جمهورية مصر العربية :
نشأت وتطورت التنظيمات التعاونية السمكية في مصر في اطار نشأة وتطوير الحركة التعاونية الزراعية المصرية باعتبارها الأم التي خرجت من احضانها التعاونيات السمكية وأرتبطت بها خلال مراحل تطورها المختلفة .
وفي ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي كانت سائدة كان من المستحيل قيام تنظيمات تعاونيات بدون تدخل من الدولة في شكل تشريعات تعاونية وكذلك مصادر تمويل مناسبه . وعليه فإن جميع الاشكال التعاونية التي وجدت في مرحلة ما يسمي ما قبل التشريع التعاوني والتي قامت علي اساس اختياري محض ودون دعم من الدولة ،كانت اتجازاتها محدود، وتقلص نشاطها تدريجيا إلي أن توقفت تماما.وعلي هذا ظهرت الحاجه إلي ضرورة إصدار تشريع تعاوني قبل السعي إلي تأسيس أية جمعيات تعاونية . وتوالي صدور الفوانيين المنظمة للتعاونيات السمكية وكان آخرها قانون تعاونيات السمكية رقم 123 لسنة 1983 والذي حدد مفهموم الجمعيا التعاونية السمكية باعتبارها وحدات اقتصاديــة اجتماعيـة تهدف إلي تطويــر وتنمية الثروة المائيـة في مجالاتها المختلفة وتقديم الخدمات المختلفة لاعضائها وتسهم في التنمية الاجتماعية في مناطق عملها وذلك بهدف رفع مستوي أعضائخها وغيرهم اقتصاديا واجتماعيا في اطار الخطة العامة للدولة ومما لا يتعارض والمبادئ المتعارف عليها دوليا .
وقد حدد القانون التنظيمات التعاونية السمكية كما يلي :
1 - الجمعيات التعاونية المحلية
وتتكون كل جمعية من عشرين عضوا علي الأقل، وتمارس أغراضها علي مستوي منطقــة صيد أوأكثر ذات حجم اقتصادي مناسب ويصدربتحديدها قرار من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية ،( الجهه الحكوميه المسئوله عن قطاع الثروة السمكية ) ويبين النظام الداخلي للجمعية مقرها ومنطقة عملها ، ويجوز بقرار من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية أن تنشأ بمنطقة الصيد الواحدة أكثر من جمعية تعاونية من نوع واحد .
وقد حدد القانون مهام الجمعيات المحلية في مجالات الانتاج وتنمية وتسويق الثروة المائية والقيام بالخدمات التي يحتاجها أعضائها في منطقة عملها خاصة في المجالات الاتية :
- مد أعضائها بادوات ومعدات الصيد المحلية والمستوردة .
- تمكين أعضائها من امتلاك مراكب وقوارب الصيد ولوازمه .
- امتلاك أو تدبير وسائل النقل المجهزة لنقل الأسماك .
- تسويق منتجات الثروة المائية واقامة المنشآت التسويقية اللازمة لذلك .
- انشاء وإدارة المزارع السمكية التعاونية .
- الاقراض والاقتراض لتنفيذ أغراضها من مصادر التمويل المختلفة.
- تقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية لرفع مستوي أعضائها.
- تنفيذ البرامج التدريبية التي تنظمها الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بالتنسيق مع الاتحاد التعاوني للثروة المائية .
2 - الجمعيات التعاونية المشتركة
لكل جمعيتين تعاونيتين محليتين أو أكثر أن تؤسس جمعية تعاونية مشتركــة تختـص بتقديـم خدمـات اقتصاديـة أو ماليـة أو اجتماعيـة تتطلبهــــا الجمعيات المنتمية إليها أو تحديد الوسائل التي تكفل للجمعيات المذكورة تحقيق هذه الخدمات ولا يجوز أن تقبل الأفراد ضمن أعضائها .
ومن مهامها تقديم خدمات الاصلاح والصيانة لمراكب الصيد والتسويق والتصنيع والاستزراع السمكي واقتراح مواعيد الصيد وطرقه وحرفه لأعضائها .
3 - الجمعيات التعاونية العامة :
وهي التي تضم في عضويتها الجمعيات التعاونية المحليه والجمعيات التعاونية المشتركة .
وتهدف الجمعية العامة إلي معاونة الجمعيات التعاونية المحلية والمشتركة للثروة المائية المنتمية إليها في اداء نشاطها وتحقيــق أغراضهـــا وتقديـــم الخدمـــات الاقتصاديـــة أوالماليــة أو الاجتماعية التي تتطلبها هذه الجمعيات ، ولها علي الأخص القيام بما يلي :
أ - توفير احتياجات الجمعيات الأعضاء من معدات وآلات وقطع غيار وكافة مستلزمات الأنتاج المختلفة .
ب- القيام بعمليات التسويق التعاوني .
ج- تصدير المنتجات لحساب أعضائها .
د - انشـــاء الصناديــق اللازمــة لدعـم النشــــاط الاقتصـــادي والاجتماعي ومساعدة الجمعيات الأعضاء في انشاء هذه الصناديق.
ويوجد في الوقت الحالي 100جمعية تعاونية سمكية منها 69جمعية تعاونية تعمل في مجال الصيد البحري علي سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليجي السويس والعقبه، 21 جمعية تعمل في المياه الداخليه ، 10جمعيات استزراع سمكي .
4 - الاتحاد التعاوني للثروة المائية
يتآلف الاتحاد التعاوني للثروة المائية من الجمعيات التعاونية المحلية والمشتركة والعامـة ، ونص قانـون تعاونيات الثروة المائية أن مهمة الاتحــاد نشـر الدعـوة إلي التعاون والدفــاع عــن مصالح الجمعيات التعاونيـة وارشادها في إدارة أعمالها ومراجعة حساباتها والتفتيش علي أعمالها وبث الروح التعاونية ومساعدة المواطنين علي انشاء الجمعيات التعاونية وله في سبيل ذلك أن يعين المشرفين والمنظمين والمراجعين لهذه الأعمال .
ويشكل البنيان التعاوني للثروة المائية أحد مكونات ، البنيان التعاوني القومي الذي يمثله الاتحاد التعاوني العام للتعاونيات والذي يضم الجمعيات الزراعية والاستهلاكية والانتاجية والاسكانية .
ويشارك الاتحاد التعاوني للثروة المائية بشكل فعال في وضع السياسات الخاصة بإدارة المصايد وحمايتها من خلال عضويته في مجلـس إدارة الهيئة العامـة لتنميـة الثــروة السمكيـة وهــي الجهـه
الحكوميـة المسئوله عــن تخطـــيط وإدارة تنميـــة المصايـد السمكية .