فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

مجموعة من النصوص تحت عنوان "يوميات منزوعة من دفتر القلب"، بدأت بنشرها في صحيفة العراق اليوم، هذا النص بعنوان "إياك أن يستبدّ بك الوهم"، منشور في الصحيفة بتاريخ: 19-11-2013

************

يوميات منزوعة من دفتر القلب

إياك أن يستبد بك الوهمُ

فراس حج محمد

إياك أن يستبدّ بك وهم القلب فتظنين ظن البائسين بأنني ما زلتُ أكتب عنك، أو أنني ما زلت أستعذب الموت من أجل امرأة أصبحتِ تمثلينها، إياك أن تظني أن اللغة ما زالت تنزف مرارة بؤس وانتقام على وردة سحقت روحها بلا رحمة ولا راعيتِ فيها عطرها وجمالها وأناقة مظهرها، إياك أن يستبد بك نور اليقين لأن الشك بك أجدر وأولى!!

إياك أن ينقلك الإحساس إلى غوايته الأولى، لأن تلك المرأة التي أسلمتُ لها زمام القلب والعقل قد غادرتك إلى غير رجعة، امرأة رحمها الله برحمته الواسعة، فغادرت جنبات نفسك، وتركتك امرأة أخرى، فلم تعودي تلك المرأة "المصوغة من رحيق الورد"، لأن تلك المرأة التي كانت تتصف بذلك فعلا قد رحلت عن عالمك، ولم يكن للطيّب منها فيك نصيب لتحتفظي بها عمرك الذي ستعيشنه بعدها بلا قلب ولا روح ولا نجوى ولا حبّ، ولا حتى تحلمين بوهم الحب، فتلك الروح التي كانت تحب بعمق وتندى كزهرة صباحية لم تعد موجودة دفنتِها في صحراء امرأة أصبحتِها بكل جدارة.

إياك أن يسرح بك العقل بعيدا في التفسير، فأنا لم أحب امرأة لها في القسوة باع طويل، فتلك المرأة التي أحببتها وأحبتني، وأهديتها ألحاني وأهدتني انتقاءات روحها المرهفة، رحلت ولم تعد، فأنا أحببتها هي، امرأة لطيفة شفافة، والهة تخاف علي من هواجس الأحلام البعيدة، وليس امرأة تصفني بأنني "لا شيء"، فمحبوبتي تلك لم تكن في يوم من الأيام لتخدعني، ولن يتبدل بها الحال لتقول ما قالت، ولكنها تلك المحبوبة التي أبكيها صباح مساء، ولن أنسى لها حبا وشوقا وصوتا أسقيتِها بيديكِ من كؤوس التخدير ما جعلها تغط في سبات عميق، ويبدو أن الجرعة كانت كبيرة، فليس غريبا على امرأة لها في القسوة كل هذه الطقوس أن لا تزيد في الجرعة محاولة قتل تلك التي لن يجود الزمان بمثلها ومثيلها!!

إياك أن تظني ولو من بعيد البعيد أنني أرثيك وقد بانت فيك انتهازية المصلحيين في البحث عن أمان موهوم، من خلال شيء ربما كان عقيما أو أملا لم يولد إلا ميتا، أنا أرثي لحالة أصبحتُها، وفقدي لمحبوبتي التي كانت لي البلسم والشفاء والأمن والأمان والحلم والأمنيات والواقع، هذه هي التي أتحسر عليها، وليس على امرأة تستبدل بالذهب رديء المعادن وتافهها، لكل ذلك لا أحب لك التعلق بوهم أنك في يوم من الأيام كنت سيدة لروحي، فسيدة روحي قتلتها القسوة وبؤس الانتظار، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وعظم الله أجر نفسي وروحي اللتين غدتا وحيدتين إلا من طيفها المترائي كلما أيقنت أنها المستحيل، وبأنها كانت ضحية يديك العابثتين، ومطامعك التي لن تجلب لك السعادة، لأن السعادة تتطلب نفسا راضية مرضية هادئة شفافة كالوردة، وهذه كلها رحلت مع تلك المرأة التي وصفتُها بأنها مصوغة من رحيق الورد، فلا أظن أنها ستُبْعَث من جديد، فلن يرجع الأمواتَ أملٌ مقتول، فإياك أن يستبدّ بك الوهم أكثر مما ينبغي، لأن الحب لم يكن أكثر مما ينبغي، كان ينبغي له أن يظل حبيس نفس وروح، حتى لا يفقد طعمه وحلاوة وجوده عندما يتفاعل مع من لا يقدر له قيمة.       

إياك أن يستبد بك الوهم أنك ما زلت زاهية وناعمة ومتألقة ومتأنقة، فجمال الروح غادرك مذ قتلت تلك المرأة المرهفة التي كانت تسكن جسدا بهيا ناعما بضا، فطردت نفسها لتحل محلها امرأة مختلفة تماما عنها ولا تشبهها، لذلك لا تتوقعي أن يكون لك ذلك الألق وتلك الأناقة وهاتيك الشفافية والجاذبية، كلها تجمدت عندما رحلت تلك المرأة ولم يبق غير الزائف الخارجي الذي سيبليه الركض خلف أدخنة تعمي البصيرة قبل البصر، فلا الوجه يفيض بالنور ولا العينان لهما ذلك السحر والبريق، فقد غدوت امرأة من شمع أبيض لا أكثر، فكم هو ذلك التأثير بعدها على القلوب الراجية رذاذا ينعشها؟!

المصدر: العراق اليوم/ فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 166 مشاهدة
نشرت فى 20 نوفمبر 2013 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

718,290

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.