فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

الصفحة 18 من العدد (55) من مجلة الزيزفونة

 

الصفحة 19 من العدد (55) من مجلة الزيزفونة

---------------------

دور مدير المدرسة في بناء عملية تعليمية ناجحة

فراس حج محمد

لا شك في أن لمدير المدرسة دورا كبيرا نابعا من حساسية موقعه المتوسط في السلم التراتبي لجهاز التربية والتعليم؛ فالمدير يشغل موقعا وسطا بين المواقع التعليمية المختلفة، مما يجعله ذا مهمات كبيرة ومتعددة، فقد حتم عليه موقعه هذا الاتصال المباشر بمجتمع المدرسة من طلاب ومعلمين وإداريين والمجتمع المحلي ممثلا بمجالس الآباء والأمهات والمؤسسات الرسمية والأهلية، ومتواصلا مع الجهات الرسمية في جهاز التربية والتعليم ممثلا في المديريات التعليمية بأقسامها المختلفة الموزعة بين الصلاحيات الإدارية والفنية.

وفي هذا المقال أخصص الحديث عن دور مدير المدرسة الفني المتعلق بمتابعة أداء المعلمين والطلبة، وساعيا إلى رفع مستوى التحصيل وزيادة الإنتاجية ومخرجات عملية التعليم، بعيدا عن النظريات الكبرى والفلسفات التربوية المعقدة، ولكن بأفق مفتوح على توقعات حقيقية وأعمال واقعية تؤدي إلى بناء مجتمع مدرسي فعال، يقوم بدوره على أكمل وجه، متوقفا قليلا عند دور مدير المدرسة الإداري دون الخوض في التفاصيل.

لعلّ مهمات مدير المدرسة الإدارية هي أكثر التصاقا بعمله وطبيعة دوره ومهامه كونه قائدا تربويا، وليس مديرا تنفيذيا يدبر شؤون الدوام الرسمي اليومي وينفذ التعليمات بحرفيتها، بل إن مدير المدرسة بوصفه ممثلا للجهات العليا وله صلاحيات متعددة يفرضها عليه مسماه الوظيفي والمستند بطبيعة الحال إلى حزمة من التعليمات حتم عليه القيام بواجبات كثيرة، ولكن تلك التعليمات تبقى نظرية قد توافق أو تخالف الواقع التعليمي في مدرسته، ولذا فإن تلك التعليمات يجب أن ينظر إليها على أنها مرنة وقابلة للتعديل حيث يلزم، فبالتأكيد ليست تعليمات جافة ومقدسة لا يجوز تجاوزها، وهنا تبرز شخصية المدير القيادية في توجيه العملية التربوية بشكل يحقق أهداف المدرسة بوصفها مجتمعا تعليميا جزءا من المجتمع الأكبر القرية أو الدولة بشكل عام.

ويعدّ مدير المدرسة المسؤول المباشر الإداري عن توجيه كل العناصر البشرية في مجتمع المدرسة ورعايتها ومتابعتها، في الجانبين الفني والإداري، وقد حدد النظام التربوي للمدير مهاما في هاتين الناحيتين ليكون هو الشخص القادر بحكم عدة عوامل منطقية على تقييم العاملين وتقويمهم في هذه المؤسسة المجتمعية المهمة.

وتتوجه أنظار الجميع إلى مدير المدرسة لمعرفة مدى تقدم التحصيل العلمي للطلاب، فهو المرجعية الأولى لرفد أولياء الأمور بمؤشرات تقدم أبنائهم واستفادتهم من عملية التعلم والتعليم، سواء في ذلك إتقانهم للمهارات التعليمية المتوخاة أو في انخراط الطلبة في الأنشطة غير المنهجية التي تعدها المدرسة، وذلك لأن مدير المدرسة هو المسؤول الأول بعد المعلم عن مخرجات النظام التعليمي، ولذا فإن مدير المدرسة يأخذ في اعتباره دائما – وهذا من ضمن مهامه ومسؤولياته- بناء إستراتيجية تستهدف رفع نسبة التحصيل العلمي لدى طلبة المدرسة ومعالجة الضعف، فيتعاون هو والمعلمون من أجل هذا الهدف، ويمارس دوره بصفته مشرفا مقيما في المدرسة فيوجه المعلمين إلى توظيف الوسائل والأساليب الناجعة في توضيح المحتوى التعليمي، ويتبادل الآراء مع المشرفين التربويين ليقدموا له المساعدة، إذا ما وجد أن المعلم يحتاج إلى دعم ومساندة أو مساعدة فيما يتصل بالمادة العلمية وخصوصياتها، ليساعد ذلك في بناء طالب تتمثل فيه الأهداف العليا التي تحددها السياسة التربوية، وأهمها: أن يتسلح الطالب بالمعرفة والوعي اللازمين لمتابعة مسيرته التعليمية في صفوف أخرى لاحقة أو مراحل تعليمية متقدمة.

إن لمدير المدرسة دورا مهما وفعالا وذا دلالات واقعية ومؤشرات يمكن ملاحظتها وقياسها في متابعة الجانب الفني للمعلمين، وفي الإطار العام الذي يحكم العملية التربوية برمتها، فالمدير هو من يلاحظ دور المعلم القياديّ والتربوي من خلال متابعته لأعماله ومدى اندماج المعلم في مجتمع المدرسة وتأثيره إيجابيا فيه من خلال علاقاته مع طلبته وزملائه، مما يؤدي إلى تحسين ظروف العمل، وخلق فرص إنتاج ذي سوية مرتفعة تظهر في مخرجات عملية التعليم، فتكون متابعات المدير المستمرة للحصص الصفية للمعلم، وملاحظة الأداء الفني للمعلم في الكفايتين المهنية والعلمية، فيرصد المدير ويوثق مؤشرات النجاح ويعززها، ومواطن الضعف فيعمل على الحد من تأثيرها أو يبني الخطط العملية الواقعية لمعالجتها، فيعمل على رفع مستوى الأداء، من خلال إلحاق المعلم في دورات تدريبية أو ورش عمل عنقودية أو على مستوى المدرسة، أو من خلال الزيارات التبادلية مع معلمين ذوي خبرة، أو توجيهه إلى قراءات محددة، وإعداد نشرات تثقيفية أو إرشاده لمصادر تعلم ذاتي للرجوع إليها كالكتب المتخصصة أو الاتصال مع أشخاص محددين أو التواصل الإلكتروني عبر مواقع تعليمية، ليساهم بكل ذلك في تحسين الأداء ورفع مستواه في الكفايتين المشار إليهما أعلاه.      

أما فيما يتصل بالطلبة ورعايتهم فلا بد من تأكيد مهمات مدير المدرسة في هذا الجانب، ومن أهمها عدا متابعة التحصيل العلمي رعايتهم النفسية والخُلُقية والاهتمام برعاية الجانب القيمي وبناء الاتجاهات التربوية السليمة في مجتمع المدرسة، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وتأكيد مبدأ محاربة العنف بشتى أشكاله وحظره في المدرسة، سواء في ذلك العنف اللفظي أو الجسدي، وسواء أكان بين المعلمين والطلبة أم بين الطلبة أنفسهم، وأن يكون الحوار هو سيد المواقف كلها، وتطبيق القوانين واللوائح التي تراعي انتظام العملية التربوية، وأن يسعى المدير لتكون المدرسة صديقة للطالب فعلا وحقيقة وليس شعارا يرفع دون أن يكون له واقع ملموس في المجتمع المدرسي، ناهيك عن أن على مدير المدرسة الكشف عن مواهب الطلبة الإبداعية ورعايتها حسب ما يتوفر من إمكانيات مادية، أو بما تسمح به الظروف والوقائع المختلفة. 

المصدر: مجلة الزيزفونة/ فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 644 مشاهدة
نشرت فى 24 يناير 2013 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

742,672

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.