أصدّق القلبَ يا قلبي فأتبعه!!
فراس حج محمد
يتغنى الرواة ببيت بشار بن برد المشهور:
يا قومُ أذني لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
وما درى هؤلاء أنه لا العين ولا الأذن توفي القلب ما كان من أمر الهوى المشتعل وجدا في مساءات الهوى المشتاق لطلعة البدر بين سطري حبيبة تكتب روايتها ملحنة كل ليلة، لينتهي البوح بكلمة "أحبك"، فيبدأ الليل مسيرته مستحضرا نجومه وأقماره وساعاته الطوال قرابين حب كامل في طقوسه!!
القلب قدّم قبل الكل برهانا
لا العينُ، لا الأذن تهدي الروح ما كانا
والروح تسري إلى الأحباب في ولهٍ
فينهض الفجر أزهارا وألحانا
ويكتب الصبح في عين المدى أملاً
يبثّ ساقيةَ الأرواح سكرانا
يا زهرة الروح يا أحلى أطايبه
كم سار حبّ يهادي السحر هيمانا
كم كان حبٌّ جميل الوقت يبذله
فيض الأماني بوجد "الشات" أهدانا
لم تعرف العين ما شكل الحبيب وما
قد صافح الصوتُ قبل الحب آذانا
فالأذن قاصرة، والعين عاشية
والسر سر الهوى، بوح الجوى بانا
إن قال شاعرنا في شعره حكما
"الأذن تعشق قبل العين أحيانا"
جاء الفؤاد على بُعْدِ المدى عتبا
القلب يعشق قبل السمع ولهانا
والروح تعشق قبل العين ما برحت
تشتاق بهجتها في العقل إنسانا
إن كان بشار أعمى يا لضلته!
يعتاده الجهل إفصاحا وتبيانا!
يا قومُ روحي إليها سافرت وحكت
عنى الرواياتُ عبر الشعر نشوانا
أصدّق القلبَ يا قلبي فأتبعه
والعين تبدي لروح المرء خذلانا
والأذن تصمي وتشقي السمع في وقرٍ
فيرتوي الصمتُ، إذ ذاك الصدى خانا
فالروح عندي أمين السرّ منبعه
والقلب يصدقُ لا حينا وأحيانا
بل إنه الصدق في آماده أبدا
آياته الغرّ تهدى الحبّ ريانا!
يا شهرزاد الهوى ليلي أمتّعه
بالفكر فيك، فجودي بالرضا الآنا
لا تستهيني بخفقي فاللظى زفرت
منه الحنايا أوقاتا وأحزانا
فصدقي القلب إذ يعطيك غايته
واستفتحي الروح إذ أروت حنايانا!!