هوامش في عناق فيروز الصباحي
فراس حج محمد/ نابلس
الهامش الأول:
أعرفُ أنها تحبّ فيروز نغما إنسانيا معبرا عما في النفس من عميق المشاعر، بلغة بسيطة ممتعة، فلطالما أهدتني من عذب الغناء ما أسعد الروح وأشبع في خاطري مشهدا رومانسيا حالما كانت ربما تتمناه ليكون متنفسا واقعيا لكل تلك المشاعر التي خرجت من مشكاة روحها تهدل هديل الحمام، فتشعر بالغد القادم بين يديك شاخصا يحدث بأحاديث الغواية والصبا والحب والجمال!!
الهامش الثاني:
تأتي فيروز وسيطا إنسانيا وسفيرا كامل العدة والعتاد، بكل ما حملت من تلك الرهافة بأحاسيس وكلمات وصور تشعر أنك من فرط البساطة تستطيع أن تحاكيها وتقول مثلها، ولكن يدركك العجز، فتقتنع بأن ما كان جميلا هو ما كان عميقا وبسيطا، يقول لك ما أنت بحاجة إليه في وقته ولحظته، إنها لحظة الفن الممزوجة بالحياة، فلا تدري أيهما قبل الأخرى، وقد كوّنا أيقونة من الحب المثاليّ الخالي من أدران الجسد، عميقا يحفر في الروح لحنه وصورتها، فلم يفترقا ولن يفترقا!!
الهامش الثالث:
لن يضير البعدُ كليهما، فهما روح واحدة، وإن كان أحدهما في شرق الأرض والآخر في غربها، يكفي حضور الطيف الصباحي مع فنجان من القهوة الموشاة بصورتها المتألقة المحفورة في المخيلة كأبدع مثال على جمال لن يتكرر طعمه ومذاقه، وذلك كل صباح قبل أن يغادر بيته متوجها إلى عمله حيث نبض القلب يزداد اشتعالا والفكر أرقا والروح شقاء، ولا يدري كيف يمكنه أن ينساها صورةً بهيةً وسورةً من كتاب العشق السرمدي، فليس بوسعه إلا أن يقول عنها عند كل رشفة من صورتها المهداة ذات حب وذات لحظة جامعة:
صور تسافر في الجوى وتذيبني |
وتشدني في الحب بالأمراس |
الهامش الرابع:
كل صباح تأتيه وتأتيه فيروز، بـ "يسعد صباحك يا حلو"، و"اذكريني كلما الطير شدا" و"عودك رنان" و"سلم لي عليه"، لتنفلت التحية المعتادة برسائل الوسائط الإلكترونية التي غدت محرمة ذات صباح، ليتلو لها تحيتها التي لم تنقطع يوما، ولكن بسر سره هذه المرة:
صباح الخير يا فيروز
|
صباح الخير يا أنتِ
|
صباحا ناعما يشدو
|
بحب الروح فليأتِ
|
الهامش الخامس: (قصيدة هي في ليلتي فيروز)
فيروز تصدح بالغناء مرنما |
وتعيد شدو القلب سحرا ملهما |
يحلو الصباح بها بآمال الرؤى |
فتعطر الأجواء عطرا مُكرما |
هي نعمة الزمن الجميل وفجره |
أنعم بها أنساً بهيا مُنْعما |
هي آية للفن تكتب روحنا |
وترا شجيا فاتنا متناغما |
فسلامها للحب أحلى غنوة |
كشفت عن السر الجميل تكلما |
والنايَ إذ تعطى فيعزف لحنه |
أهدى إليها روحه متيمما |
سألت بكل الحب عن أحواله |
فجرى يعيد القول يسري في الدما |
نهلت من الأسرار فنا بارعا |
سكبت رؤاها صورةً وتكتما |
جمعت حنين العاشقين على الهوى |
طرب الحزين لحبه فتبسما |
كتبت خلود العشق في سفر المدى |
حبا يحاور في الغرام الأنجما |
والشعر إذ يحدو إليها بالشذى |
سعد الفضاء وصار يرقص هَوّما |
عذب الغناء بفكره وأدائه |
والفرق يكبر عند ذلك كلما... |
ما كل من غنى أجاد وربما |
مسخ القصيدة ماجن فتلعثما |
وتقهقر المعنى بأتفه كلمة |
وتشتت الفن المهين مُجرّما |
إلا بفيروزَ التي برعت به |
فتطاول الفن البهيّ إلى السما |
وتصاغرت آلامه وتبدلت |
منها الدواء بفيض روح إنما |
هي قُبلةٌ مرسومة في خاطر |
شوق الحبيب إلى الحبيب تقدّما |
يتعانقان الوقتَ لن يتفرقا |
إلا على أمل العناق متمما |
فالبعد ليس بحاجز في شرعها |
فالروح تسري للحبيب تضرّما |
وتعود فيروزُ الهوى برحيقها |
فتضم قلب القلب زهرا مفعما |
ويظل ينعم باللقاء محبها |
يحدو إليها بالوصال مُحَتّما! |
الأول من سبتمبر أيلول عام ألفين واثني عشر ميلادية