فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

 

 

الأخبار الطريفة وطغيان التأثير الجماهيري

                                                                                                 فراس حج محمد

19/7/2012

 

ما العيب في الأخبار الطريفة؟ وهل يحظر على الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية الاهتمام بها؟ هل يحظر على الصحفيين والمراسلين نقلها وتتبعها ورصدها؟ وأخيرها هل يمكن اعتبارها خطرا ثقافيا معرفيا جماهيريا طاغيا، يجبّ غيره من الأخبار؟ تداعيات من تساؤلات شتى، عساها تلقى بعض ما يشفي عطش النفس من إجابات في هذه الوخزة.

ابتداء لا عيب في تتبع الأخبار الطريفة الممتعة، ولا بد منها في كل وسيلة إعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية، ووجود مثل تلك الأخبار هو عاكس طبيعي لطبيعة الناس والعالم، وأن الحياة على قسوتها لا تخلو مما يمتع ويُبهج، ولكن العيب الفادح والواضح في عقلية القائمين على الإعلام هو أن تكون لتلك الأخبار الصدارة في الموقع أو الصحيفة أو تبرز في موجز نشرات الأخبار، هنا يكمن ما يمكن اعتباره خللا أو خروجا عن منطق الإعلام الصحيح، لاسيما إذا لم تكن وسيلة الإعلام المعنية بنشر الخبر مخصصة للأخبار الطريفة.

يرصد المتابع لوسائل الإعلام أن هناك كمّا لا بأس فيه من الأخبار الطريفة المبثوثة في الفضاء الإلكتروني الذي أضحى حاملا لكل الوسائل الإعلامية الأخرى من صحف ومجلات وفضائيات، وتستحوذ هذه الأخبار على اهتمام الجماهير المتابعة بصفتها متلقيا، تستهويه تلك الأخبار، وتسيطر عليه بحيث لا يمكنه إلا أن يتابعها ويقرأها، وقد يقوم إعجابا بها بربطها بحسابه على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وخاصة (الفيس بوك) و (تويتير)، وينسى في غمرة تلك الطرائف الأخبار المهمة، فلم تعد تعنيه الأحداث الكبرى والهزات السياسية، ولسان الحال يقول: مللنا من هذه الأخبار من مائة سنة ونحن نسمع بها، اللهم إلا تغيير في اللاعبين والأمكنة، ولكن الفحوى واحد، وبالتالي فإن الجماهير نافرة مشمئزة من الأخبار الكبرى والأحداث الجسيمة، فنشرة أخبار الرياضة والأخبار الخفيفة الطريفة أكثر جدوى وتجديدا من أخبار وطننا العربي والعالم.

يكشف هذا التصرف عن عقلية تشكلت عند الجماهير بأنه لا شيء مهم، ووصلت إلى حافة اليأس، وقد غسلت أيديها من الواقع، فما الداعي لأن تقرأ وتتعب نفسها وترتد نفسيتها إلى أسفل سافلين؟ هذا هو منطقهم وقد باءت أحلام التغيير بالفشل، وبدا الذبول على أزهار الربيع العربي البلاستيكية المحنطة في الشاشات وفي أوهام أعمدة الصفحات.

فليس بمستغرب أبدا أن ترى خبر "مفعول نبات الحلبة أكبر من مفعول الفياغرا" يتصدر بعض المواقع العريقة والرصينة، ويحوز لفترة طويلة أعلى نسبة من القراء، وكذلك خبر "زواج أمريكية من حمار بعد علاقة حب استمرت لعامين" تتربع سلم أولويات الجماهير، عدا أخبار لاعبي كرة القدم وأخبار الفنانين والفنانات، فتسريحة سين من هؤلاء أو ماركة حمالة صدرها أو أغلى صدرية مرصعة بالماس والذهب، أهم من جيوش الأسرى والقتلى على امتداد الساحة العالمية في بورما وأفغانستان والعراق وباكستان وفلسطين وسوريا، والقائمة شاملة لوطن ذبيح من الشريان إلى الشريان!!

وأخيرا نقول: أين التغيير؟ ومن سيصنع التغيير؟ فأنا أطمئنكم أن التغيير مستحيل إذا كانت أخبار "قطة وقعت في بئر وهبت لجان الدفاع المدني لإنقاذها لدوافع إنسانية" أولى من أخبار شعب كامل يرزح تحت نيرين: الاحتلال والفقر المدقع، وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية في حصوله على لقمة الخبز المجردة من أدم، فمتى تتحرك النخوة؟ ومتى تغلي في عروقنا الكرامة والدم؟ كفانا نوما أيها المساكين!!

 

المصدر: خاص بالكاتب فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 152 مشاهدة
نشرت فى 19 يوليو 2012 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

569,161

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024.

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.