فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

إحساسات فادحة

الخادعات الثلاثة: المرأة والقصيدة والذات

فراس حج محمد

24-6-2012

-1-

المرأة:

درب طويل ومعاناة مستمرة

تبدو العلاقة بالأنثى علاقة رؤيا قاصرة مجردة عن اليقين، مولعة بالشك وانتهاك المعاني المصلوبة على أوتار الذكريات المعلقة في فضاءات تنويمة المقتول المترنح في حبال مشنقته، درب طويل تبدأه الحياة وهي  الأنثى القاتلة الأولى، والمرأة الخادعة بلا منافس، لتتناغم مع أحلام أنثى الجسد الخاوي من أي مشاعر، تلعق ما تبقى من حنين، كما يُلعق دم الفريسة، وتواصلان معا مشوار الحياة بلا اكتراث، انقضاضا على فريسة أخرى، فلا يتعبن من الصيد، ولا الفريسة تتعب من أن تقع راضية مرضية في الحضن القاتل المشبع بدم الكلمات المتساقطة ثلجا، يحمي لحمنا من عفن الصيف المقيت!!

هكذا تظل الرحى دائرة لتسلم النفس البلهاء لسعير يطحنها كما تطحن الأيام في ذاكرة الموت في درب طويل لا ينتهي، ويتواصل ما استمرت الحياة هذا المسمى الوقت في لعبة الخديعة المجبولة من تنفسات الأنثى المشبوبة في بعض أوقاتها كلاما خادعا يسلمك إلى الخدر، وينقلك إلى مفاتن الخيال البهيج، حيث عوالم السحر والجمال والماء النمير، فستغرقك المسافة وتستنفد روحك في عطش مؤجل، فتهمّ بالشرب، فإذا بالحلم يعلن انتهاءه بقسوة فادحة، فلا شربتَ ماءك ولا تمتعت بدنياك، وصحوت على نبع تكور في حمأة الطين والزفت المغلي، ليصبك سطرا باكيا في كل حين!!

 

-2-

القصيدة

نبوءة الكذب

تشتعل في مسافات حلمك الطويل، تصادفك يانعات الزهور، وتستدرجك ماتعات الأماني، ويستغلك الغرور فيسحبك إلى حيث يريد العدم، فتثق بما تولد من إحساس بالوهم جارح، فتأخذ القصيدة بالتشكل يمامة زاهية تتراقص أمامك بكل خيلاء وبهجة، فترى فيها نبع الكوثر الذي فاض في زمن جديد، وتأخذ القصيدة بالعناية لكل يمامة سانحة وتطعمها بيديها جمالا بدا روحانيا عفا مولها صادقا، حتى إذا ما مرت الريح، وقصّفت أجنحة اليمام المتجمع في مدارات الفضاء السرمدي، وقعت القصيدة مغشيا عليها لتعتذر منك أنها لم تكن تقصد أن تكون جامعة ليمام مقتول أو مبتور الأجنحة، فتكتشف أن قوافي القصيدة الخادعة كانت على علم بما كانت تخفي من أقدار لم تصنعها القصيدة، ولكنها زيفت إحساسك بها، فكانت كالمتنبئ الدعيّ واهمة ومموهة شقية ومشقية.!!

-3-

الذات

كتلة من الرماد مجبولة بالسفر

لماذا رضيت الذات بالخديعة وسكتت عن جنون عرفته وجربته قبل ذلك مرارا، إنها خدعتك هي الأخرى، نفضت من دمها كل وهم لتريك رؤيا كاذبة، وتكتبك جملة ناقصة في سِفْر بلا عنوان، وبلا مؤلف، إنها كالحكاية الشعبية التي تتقن سردها الجدات، تضع العنوان المناسب لكل مرحلة، وترد الحكاية إلى أشخاص يرتبطون بكل واقع عبر تحريف هو في الحكاية جميل، ولكنه خادع عندما تمارسه الذات بإتقان لتقول لك: عش ما شئت فإنك لن تفارق، فأنا لا أعرف فراقا ولا رحيلا، سأظل فيك دما ساريا يضيء لك العتمة، ويؤنس فيك الوحشة، ويعطيك العسل أصفى من برهان البراهين في برهان العسل المدلوق تحت أقدام السابحين في أخيلة عبر أجنحة الغيم.

 

فراغ الأسئلة:

ماذا تبقى لأعترف أن الخديعة قاتلة والصوت مكتوم والرياح مشتتة؟ ماذا تبقى لأقول أن الفرح أحيانا يأتي في غير موعده ليكون خادعا ومخاتلا وعنيفا ولا يعرف الرحمة؟ ماذا تبقى من القصيدة في خيالي؟ وماذا تبقى من المرأة في دمي؟ وماذا بقى من الذات في دربها المسافر بلا قرار؟؟

أسئلة ليس لها جواب إلا بالخادعات الثلاثة: المرأة والقصيدة والذات!!

 

 

المصدر: خاص بالكاتب (فراس حج محمد)
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 176 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2012 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

587,692

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024.

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.