من مقالة للكاتب زياد خداش، في صحيفة عُمان، الخميس 9/1/2025، وكان قد اتصل بي خداش لأكتب له عن رأيي عن "نص الحب في المشهد الشعري الفلسطيني" ورد فعل الناس والنقاد على نصوص الحب التي أكتبها.
جاء في المقال:
سألنا الكاتب والشاعر فراس الحج محمد وهو صاحب كتب شجاعة توغلت عميقا داخل عوالم الممنوع في الكتابة الفلسطينية عن تجربته في مواجهة جملة (إحنا في إيش وأنت في إيش):
لا شيء يستفز القراء كما يستفزهم موضوع الحب والجمال وعلاقة الرجل مع المرأة، فترى القراء مهووسين بالمتابعة والتعليق، والتلصص وبناء الأفكار فيما بينهم وبين أنفسهم، لا سيما إذا كان أحد الطرفين مجهولا في النصوص، فيبادرون ويسألونك من تقصد أو لعلها فلانة، ويأخذون بقراءة "مخابراتية"، وقد يوفقون أحيانا في اقتناص معلومة لم يحترس لها الشاعر المتغزل، لتبدأ عملية تبئيرية فيضعون الطرفين تحت المراقبة الدائمة.
وهناك مظهر آخر يتم فيه مهاجمة كاتب النصوص الغزلية، وخاصة الفلسطيني، بدعوى أن الفلسطيني لديه ما يشغله عن الحب، والوقت ليس وقت غراميات، "والعالم عم تموت"، هكذا قيل لي مرات كثيرة، ولكن تزداد النقمة عليك إذا كان النص مفخخا بالأيروسيات، فيدخلك القراء في دائرة الأخلاقيات والحلال والحرام وانتهاك الأعراض، لتبدأ معركة أخرى، تحضر فيها الشعبوية، وعدم فهم النص، والانحراف في التأويل، وخاصة لشخص مثلي يعمل في سلك التربية والتعليم، لتزداد عبارات التنمر، والطرد من جنة الأخلاق الفاضلة، وتصبح شخصا خطرا على المجتمع التربوي برمته.
انتهى إلى هنا النص المقتبس من رأي الناس والقراء، وبقي الشق الثاني المتعلق بالنقاد. في الحقيقة الكتاب لا يعانون من النقاد في هذا الجانب. المعاناة الحقيقية من القراء. وتحدثت عن ذلك مرارا وتكرارا وضمنت كل ذلك كتابي "الوقوع في اللهب".
أما النقاد والناقدات فالأمر مختلف لديهم، فلم يحدث أن هاجمني ناقد أو ناقدة لنص غزلي كتبته، حتى لو كان ذا صفة أيروسية مباشرة، بل كانوا يأخذون النصوص لأبعاد معرفية وفلسفية تسعدني جدا، ويرون في النص ما لم يره القارئ العادي، وإن وصفوني مثلا بالجرأة والشجاعة، متوقعين نقمة المجتمع عليّ بسبب هذه النصوص، ولا أعدو الحقيقة لو قلت إنهم كانوا يشكلون شبكة أمان لي أحتمي بها في وجه بركان المجتمع المتربص.