فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة

أين محمد عبد الله؟ [*]

فراس حج محمد| فلسطين

الإعلامي محمد عبد الله، واحد من مذيعي الأخبار في قناة الغد الفضائية، لم يعد يظهر في نشرات الأخبار منذ مدة، كان يبدو على هذا الإعلامي التأثر الشديد حد القهر مما يحدث من تطورات في فلسطين، وخاصة استشهاد المقاومين في نابلس، وفي مخيم جنين، وما شهدته حوارة من حريق استيطاني. كان يحاور ضيوفه وهو في قمة الغضب، يتعثر صوته ويختنق وهو يغصّ بالكلام الحارق.

هل بقي في القناة أم تم استبعاده؟ أم أنه في إجازة سنوية أو إجازة تأديبية طويلة؟ هل نُقل إلى برامج أخرى ترفيهية؟ لا أظن ذلك، فأنا أشاهد برامج القناة أكثر من 10 ساعات يوميّاً.

هل هناك مخالفة للعمل الصحفي إذا ما انفعل المذيع؟ أليس هو بشرا وذا مشاعر لاسيما إذا كان يرى ويسمع ويعاين الظلم الواقع علينا نحن الفلسطينيين؟

هل كل ما أفكر فيه مجرّد هلوسات، لم تخطر على بال القائمين على "قناة الغد الفضائية"؟

كثيرون تأثروا وبكَوْا في أحداث عالمية، وأُشِيدَ بتأثرهم وأصبحوا (ترندات) على مواقع التواصل الاجتماعي. لماذا تأثُّر محمد عبد الله جريمة إن كان استبعاده نتيجة تأثره بأحداث التجبر الصهيوني في الضفة الغربية وكان يرى صلف الاحتلال من جهة، ومن جهة استخذاء السلطة ومهانة رموزها في جرّهم كالأطفال إلى اجتماع العقبة واجتماع شرم الشيخ الساعيَيْن إلى خدمة الأمن الصهيوني أولا وأخيرا، ولا اعتبار لأمن الشعب الفلسطيني وحياة أفراده.

بالفعل لقد كان مقهورا غاضبا وهو يسأل أسئلته لضيوفه، هذه الأسئلة التي تبرز المفارقة العجيبة بين احتلال لا إنساني بكل معنى الكلمة، لم يترك طفلا ولا شيخا ولا امرأة، وليس المقاومين فقط الذين يُقتلون كما يُقتل الفراش بالعشرات، وسلطة خانعة لا سلطة لها إلا على البلديات وجباية الضرائب.

كان يثيره بالفعل اختلال الموازين الدولية في التعامل الدولي مع أوكرانيا بوصفها بلدا معتدى عليها من روسيا، فيمدها الغرب بالسلاح ويفرض العقوبات على روسيا، لكنه لا يفعل الشيء نفسه مع الفلسطينيين الذين يقتلون كل يوم، وكل قتلاهم من المدنيين، وتهدم بيوتهم ومدارسهم، وتزال قرى وتجمعات بأكملها عن الوجود، ولم يترك الكيانُ الغاصب- ربيبةُ الاستعمار الحديث- شيئا من القانون الدولي الإنساني إلا انتهكه في أصغر الأمور وأعظمها، حتى حولوا فلسطين إلى سجن داخله سجون، في ظل تواطؤ دولي عجيب، وصمت عربي مخزٍ، وخضوع فلسطيني رسمي مخجل، فلا أحد يحاسب الاحتلال، ولا يعترض على أفعاله الإجرامية التي تزداد يوميا وحشية وتنكيلاً.

ويبقى السؤال قائما كنصل حادّ يحزّ العصب: لماذا هو الإعلام أيضاً منافق إلى هذا الحد المريض؟ تظهر "الغد الفضائية" أنها معنا، وتتبنى قضايانا، لكن على ما يبدو أنه لا فرق بينها وبين غيرها من القنوات المنحازة للاحتلال ولأمريكا ولمنظومة الهيمنة العالمية، فما القناة إلا سن في دولاب هذه الهيمنة، وذراع من أذرعتها، وأداة من أدواتها،  

إن منسوب النفاق في هذه القناة أعلى من غيرها، كلامها معنا وسيوفها علينا، وعند حد "الخط الأحمر" ينقلب الكل ليكون في خدمة "الصهيونية العالمية" والاستعمار، لا أحد يشذ عن ذلك إطلاقا. لعلّ هذا هو المقصود بالفعل، والعالم يحتفل نفاقاً باليوم العالمي لحرية الصحافة. فهل بالفعل صحافتنا حرة؟

كثير من الإعلاميين أصابهم ما أصابهم من طرد نتيجة مواقفهم من الشعب الفلسطيني وقضاياه. إعلاميون فلسطينيون، وعرب- وأظن أن محمد عبد الله مصريّ الجنسية- وإعلاميون غربيون. وكأن هناك تواطؤاً إعلاميا قذرا تجاه القضية الفلسطينية، إذ تريد هذه "الآلة" ترسيخ واقع وجود الكيان الغاصب في الوعي الجماهيري لتزييفه، فلا مشكلة مع هذا الكيان، لو كان منسوب العنف أقل وطأة مما هو عليه.

وأخيرا أين هذا الإعلامي الإنسان محمد عبد الله؟ أرجو أن يكون بخير وبعافية مشاعرية صافية ومتألقة ومشعة في مجابهة الظلم ولو بالاعتراض المحتدم بالكلام والدمعة المحبوسة في العين كما كان يفعل، آمل أن يكون في إجازته السنوية، ليعود صوته الممتد في الفضاء يعمر آفاقنا التي غمرها الحزن واليأس، وقلة الحيلة، فاستبقوا لنا مشاعرنا على الأقل أيها السادة!

[*] ظهر على شاشة الغد من جديد في نشرة السادسة صباحا، يوم الاثنين 29/5/2023
المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 220 مشاهدة
نشرت فى 8 مايو 2023 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

742,991

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.