فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

على حركة فتح ألّا تتحوّل إلى مفرخة للتشبيح

فراس حج محمد/ فلسطين

في مقال سابق يعود إلى عام 2016، حيث كان هناك إضراب للمعلمين دون أن يكون هذا الإضراب تحت راية "اتحاد المعلمين" المناصر والداعم للحكومة، لأنه ابنها كما هو حال كل الاتحادات في فلسطين، نشرت مقالة قصيرة بعنوان "عندما تنحاز فتح إلى الجهة الخاسرة"، إذ حاولتْ بكل ما أوتيت من عنجهية وصلف أن تفشل هذا الإضراب، وأنهيت ذلك المقال بما يأتي: "إن في هذا لبلاغا لقوم يعقلون من حركة فتح أولا تلك التي كانت تطلق على نفسها أم الجماهير، فعليها ألا تتحول إلى خادمة ظلم وطغيان، لتجد نفسها وإذا بها عدوةٌ للجماهير وينفضّ عنها أتباعها أولئك الذين سيشعرون بغصة أن حركتهم لم تنتصر لهم في معركتهم النقابية من أجل لقمة عيش كريمة في وطن متجسد أولا وأخيرا في الإنسان الفلسطيني، ويشكل المعلم حارسا أمينا للذاكرة الثقافية والتاريخية لهذا الوطن، بعد أن أصبح مستَلبا، ولم يعد موجودا منه إلا أشلاء جغرافيا منهوشة على أرض الواقع. فلا تهزموا الفكرة والحلم والإرادة بعد ذلك العجز عن تحرير الأرض من المغتصبين".

وها هي حركة فتح مرة أخرى تنزلق نحو الهاوية في معاداة الشعب الفلسطيني، وهو يطالب بألا تتغول على أبنائه أجهزة أمنية وحشية، تسحل الناس في الشوارع، وتعتدي على النساء والصحفيين والناس أجمعين. لقد رضيت "فتح" أن تمارس دور الشبيحة في لباس مدنيّ لتضرب الناس أو تعتقلهم وتعين الظلمة على المظلومين. فما هو الذنب الذي جناه الناس من أجل أن تتغول حركة فتح عليهم؟

إن مثل هذا الأمر ليشعر الناس بالصدمة وخيبة الأمل من حركة كان خطابها السياسي يقول: إنها حركة تحرر بكل ما يعنيه مفهوم "التحرر" من معنى. لقد كان الأولى بحركة فتح أن تحترم نضالها وتاريخها الذي يدّعيه قادتها، وألا توظف هذا التاريخ لقهر الناس وإذلالهم، ليجتمع على الناس ثلاث جهات ظالمة، السلطة وأجهزتها الأمنية، والاحتلال، وأخيرا أبناء حركة فتح. والله إنها لكبيرة وعظيمة، وترقى لأن تكون خيانة عظمى للفكرة وللوطن ولكل القيم الإنسانية العالمية. لقد كان من الأولى أن تكون حركة فتح منحازة للجماهير، وضاغطة من أجل إصلاح عمل السلطة وأجهزتها الأمنية، وتربأ بنفسها أن تكون أداة قمعية بيد الأجهزة الأمنية، فمن أعان ظالما على ظلمه سلطه الله عليه. ومن أقدر من "فتح" من تصويب المسار والمطالبة بمحاسبة المسؤولين وأن تكون راعية لمطالب الجماهير المحقة وليس ضدها؟ فحركة فتح ليست هي الحكومة إلا إذا نظرت إلى نفسها كذلك، وحركة فتح ليست هي السلطة وإن كان رئيسها هو رئيس السلطة، إلا إذا هي رضيت أن تكون كذلك وتذوب في تلك الدهاليز.

لا شك في أن هناك عقلاء في حركة فتح، آمل أن يتداركوا الأمر وألا تأخذهم العزة بالإثم، وباستطاعة فتح كحركة أن توقف كل هذا العبث لو فكرت مثلا بسحب وزرائها من الحكومة، كما فعل حزب الشعب الفلسطيني بخطوة شجاعة ووطنية عندما استقال الوزير "نصر أبو جيش" ليسحب الحزب بذلك مقعده من الحكومة، وعلى كل الفصائل، وخاصة فصائل اليسار على الأقل أن تخرج من الحكومة، احتجاجا على ما يجري إن لم تقف فتح وقفة جادة، وتوقف الانهيار.

 وهنا أسجل استنكاري وشجبي العنيفين لموقف وزير الثقافة في عدم انحيازه للحق والعدالة والوطنية والإنسانية، وأستغرب بقاءه وزيرا للثقافة في حكومة أمنية تسحل الناس في الشوارع منتهكة أبسط الحقوق الإنسانية، حق التعبير عن الرأي وممارسة حرية التعبير المكفولة بوصفها حقا فطريا إنسانيا لا خلاف فيه، وأكدت هذا الحق كل الشرائع والمواثيق الدولية والوطنية، بما فيها القانون الأساسي الفلسطيني وميثاق حركة فتح نفسها. إن انسحاب وزير الثقافة من الحكومة- وإن كان منتميا إلى فتح- لهو انحياز لقيم الثقافة أولا، تلك القيم التي يقف دائما مدافعا عنها وأهمها حق التعبير عن الرأي والموقف. وثانيا هو انحياز لنقاء حركة فتح ذاتها، إلا إذا رضي الوزير عن أداء الحكومة وتصرفها الهمجي ورأى فيه "وطنية" و"فعل مقاومة" ثقافية.

فهل تصحو حركة فتح من سكرتها قبل أن يتحول أبناؤها إلى مجرد شبيحة يدافعون عن سلطة باتت مكروهة وبقوة من كل فئات المجتمع الفلسطيني ومثقفيه وقادته؟

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 266 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2021 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

742,991

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.