فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

لا مسافة إذاً فلسنا طرفين

فراس حج محمد/ فلسطين

من هنا بدأ كلّ شيء، هكذا فجأة دون مقدّمات. لا أدري ربّما ليس فجأة، وأنّ هناك تراكمات، صرت مسؤولاً عنها بمفردي. ها هي الشاشة الآن تحتفي بها، لست معها، وليست معي. كنّا نأمل أن نكون سويّة في هذا الحدث، ظلّي يعانق ظلّها ويبتسمان. لقد حدث ما حدث، شيء ما أطال المسافة بيننا. أعتقد أنّ هذا النوع من السرد ليس مسؤولاً وحده عن هذا المآل المُرّ، والظلّ محته العتمةُ الجائرة.

حكايةُ أنّ ما زال بيننا مسافة توحي بالأمل. فثمّة طرفان للمسافة متّصلان وإن ابتعدا، الحقيقة غير ذلك، لا مسافة بيننا الآن لنقطعها كيما نصل، لأنّنا ببساطةٍ متناهيةٍ في الألم لم نعد طرفين.

هكذا بدأت أقتنع أنّه لا داعي لحشر المسافة ههنا، لا شيء يفصلني عن صوتها- لو أرادت أن تسمعني- سوى عشْرة أرقامٍ، وكبسة زرّ إضافية لتصبح بيننا تلك المسافة. صوتها بين يديّ الآن، لكنّني لا أريد أن أسمعها. شيءٌ غامضٌ في داخلي يقول إنّ ذلك الأمر غير ممكن في هذه الساعة. حاولتُ، وفي الحقيقة لم تكتمل محاولتي، أنهيتها دون أن أساعد طرفيِ المسافة على الالتئام مرّة أخرى. وهي ألغت احتمال انتظار إضاءة صوتي في أيّ وقت.

عليّ التكهُّن بما سيحدث في قابل الأيّام. لا شيء يحدث بالمطلق، مضت سنتان، ونحن دون مسافة، كلّ الطرق مسدودة إلى ذينك الطرفين.

كيف هي الآن؟ يا ليتني أعرف. أريد أن تشاركني في صنع تلك المسافة. كانت قصيرة جدّاً يوماً ما، حتّى والمسافة طويلة كنت سعيداً، وعندما كانت المسافة صفراً، يجمعنا سريرُ شهوةٍ واحدةٍ، كنّا إنساناً واحداً مختلفاً. والآن أنا وهيَ طرفان بلا مسافة. أسوأ ما يمكن أنْ تعيشه هو أنّه لا مسافة لك مع أيّ طرف. كأنّك نقطة في فراغ شاسع.

كانت تحذّرني دائماً من هذا الوقت البارد حيث لا مسافة فيه. تحقّق كلّ شيء إلّا أن تجدَ من جديد بُعداً بين طرفينا لإحداث المسافة. أيّ خطأ هذا الذي ألغى احتمال المسافة بيننا؟ هل من المعقول أن نصبح نقطتين في فراغ هائلٍ؟ كيف سكتنا عن هذا؟ وكيف وصلنا إلى هذه الخاتمة؟

هي تعرف بالتأكيد إجابة هذه المعضلات العاطفيّة... وأنا كذلك. عندما كنتُ أحتجّ، كنت كأننّي صرخة في التلاشي، انعدام المسافة يقتل صوتي وظلي وضوء السرد.

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 229 مشاهدة
نشرت فى 5 مايو 2021 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

743,109

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.