بقلم نبيل صالح : السبّاك

وها قد طفت مجارير الطائفية بمسعى فصائل المعارضة السورية، الشريفة والشرموطة، فيما كانت تسري مخفية تحت سطح الأرض زمن البعثيين، إلى أن أقدمت التنسيقيات العنصرية بفتح الريكارات والكهاريز العتيقة لتمرير مسلحيها عبر الأحياء المغلقة على إرثها العثماني.. ومن بين ما تسببت به طائفية المعارضين امتناع أكثر من أربعين ألف معلم ومعلمة من أبناء الساحل السوري عن الالتحاق بمدارسهم في المدن والبلدات الشرقية اتقاء لغدر الثورجيين.. فأي ثورة هذه التي تقتل المعلمات وتعطل تعليم أبنائها!؟ .. وبالتدقيق في تاريخ نشوء المجارير والتمديدات الصحية نلاحظ أنها افتتحت بمجيء عسكر الفرنسيين مع مهندسيهم المعماريين، إذ قدموا لنا، بالإضافة إلى رصاصهم، أفضل اختراعات الصحة المدينية والقوانيين الإنسانية التي قامت عليها الجمهورية، بعد أربعمئة عام على استخدام السوريين نظام الحفرة العثمانية أسفل بيت الأدب أو (الششمة) كما كان يسميها أجداد إردوغان، مضافا إليها نظام التشريع الطائفي في قوانين الأحوال المدنية.. .. وها عدنا إلى نظام التنسيقيات العثمانية برعاية العشيرة الإيردوغانية بانتظار ديمقراطية الخازوق التركي ومشانق القوميين العرب في ساحة المرجة.. مع ذلك، وعلى الرغم من التوجهات التركية والسعودية لجعلها حرباً مذهبية، فإن الصراع في سوريا أخذ شكل الطائفية السياسية لا الدينية، طالما أن غالبية طائفة الأكثرية بدمشق وحلب مازالت تعارض توجهات مسلحي المعارضة الريفيين، حيث ثقافة الإسلام المدنية ارتقت وابتعدت عن أمية مسلمي الأرياف المتأثرين بالسلفية الوهابية وأموالها النفطية، ذلك أن الإسلام الشامي الذي صدرته دمشق إلى العالم مازال برعاية علماء بلاد الشام، وهو إسلام مدني ساهم بنقل العرب من بداوتهم وأدخلهم في حضارة متجددة امتدت من دمشق إلى الأندلس.. فطائفة الأكثرية السورية اليوم هي من يرأس الحكومة والجيش والبرلمان والإفتاء وغرف التجارة والصناعة المؤسسات الإعلامية والثقافية وإدارة المخابرات والأمن القومي وحتى أمن الرئيس الشخصي، بما يدحض اتهامات المعارضة للسلطة بالأمراض التي تعاني هي منها.. ومعركة المدن اليوم هي مع الأرياف الأكثر فقراً والأقل ثقافة ومعرفة، ولهذا يجب أن تكون الأرياف مقدمة للإصلاح الذي نعمل عليه لأجل إعادة إدماج انعزاليي الأكثرية ببقية الطوائف السورية.. وقد ينكر البعض اتهام مجمل قوام التنسيقيات بالطائفية والأمية مستشهداً بوجود كتاب ومثقفين وممثلين من طوائف شتى بين المعارضين، وأنا أعرفهم جيداً، فهؤلاء هم الطائفة المعضوضة بأسنان السلطات الأمنية سابقاً، وقد أصيبوا بداء الكلب لاحقاً، فصاروا طائفة عضوضة لا يرتجى شفاءها طالما أن هناك من يرعى ويمول جرثومة الكلَب فيها إلى درجة أنها باتت تعض بعضها عندما لا تصل أنيابها إلينا، والأمثلة متوفرة للمتنزهين على دروب الإنترنت.. وأمام هذا (الواقع الكلبي الخرائي) يقع على عاتقنا نحن السباكين، في الإعلام والجيش وغرف التجارة ونقابات العمال والفنانين والناشرين غير الطائفيين، فتح وتسليك المجارير الطائفية المسدودة وإعادة جرذانها إليها، لأن حضارة المدن ونظام التعايش الديني والإثني لا يحتمل نظام الحفرة العثمانية الذي استعادته بعض الأرياف التي حكمت على نفسها بالإنغلاق ورفض الآخر، الأمر الذي سيزيد من فقرها وجهلها وعنفها ضد بعضها .. والمستقبل السوري سيكون بيد المدن الكبيرة التي تصارع ردّة أريافها، كما تصارعت مكة المكرمة مع بواديها بعد وفاة رسولها الأكرم عندما ارتدت القبائل والعشائر ضد الدولة فحاربهم أبا بكر الصديق بلا هوادة وقتل منهم الكثير حتى استعاد هيبة الدولة الإسلامية وتماسكها.. *** والتمرد عندنا اليوم إسلاموي في أغلبه لا وطني، يقوده أمراء التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والوهابيين وسائر التكفيريين الأميين، حيث الوطن في عقيدتهم وثن (حسب تعبير أستاذهم سيد قطب) إذ غدت عقيدتهم وطنهم وليس أرض سورية، بدليل أن الإرهابي السوري يقتل مواطنه السوري بالتعاون مع تكفيريين ليبيين وسعوديين وبريطانيين وأفغاناً ومصريين، يعملون تحت لواء تركيا لاحتلال شمال سوريا تحت مسمى (منطقة عازلة) وإضافتها إلى مساحة لواء اسكندون السليب!؟ فكيف وصل هؤلاء إلى اعتبار وجود السوريين فوق أرضهم احتلالاً واحتلال الأجانب لها تحريراً؟ وكيف يمكن لنا أن نتحاور مع طرف فقد عقله تماماً! هؤلاء الذين يقتلونا غدراً وصبراً باعتبارنا كفاراً سنة وعلوييين، دروزاً ومسيحيين، أكراداً وأرمن، آشوريين وشركس، بعثيين وقوميين وناصريين، وسائر من لا يوافقهم (مذهبهم الإرهابي) بتسمية الدول نفسها التي تمدهم بالمال والسلاح والخطط العسكرية عبر أنفاق الخيانة التي تصل الحاقد بالقاتل، والمرتزق بالمتسلق، بغرض تدمير الدولة واقتصادها وأفغنة مجتمعها.. فقد كان المجتمع الأفغاني يوما مثل المجتمع السوري، قبل أن يخطف إسلامه ثورجيو اللحى والشواريخ وبقايا المستكلبين والمرتديين عن روحانية الإسلام وثقافة التسامح في الحديث والقرآن.. كذلك نشهد تصدي أبطال الجيش لجرذان الناتو وبعران السعوديين الذين يأتون من كل مجرور عتيق، رافعين شعار النظافة بينما رائحة الكراهية تفوح من أنفاسهم، حاملين معها جراثيم الطاعون التي تنشر الموت والخراب حيثما حلت.. فلم يلبث «ربيع العرب» إلا قليلاً حتى جاء «خريفهم السلفي» من ليبيا إلى سوريا فلبنان، وامتد اليباس إلى كل شيء يلمسونه كما لو أنهم لعنة الصحارى التي أحرقت الزرع ونشفت الضرع من الرحمن الرحيم وروحانية الإسلام القويم.. لهذا وجب حماية الطوائف من مفخخات متطرفيها، وخصوصاً فريق الأكثرية الذي ساهم شيوخه بإطلاق عصر النهضة العربية قبل قرن من الزمان، فإن صلح هذا الكثير صلحت أحوال الأمة وإن فسد كانت نهايتها وعليه إثمها وإثم نفسه في حضرة الله رب الأرباب، باعتبار أنه صار لكل طائفة ربها الذي يكره أزباب الطوائف المنافسة (والنقطة زائدة فوق الراء كخصلة الشعر في مقدمة رأس رضوان زيادة ) تكبير..

fauze

فوزي أحمد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 111 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2012 بواسطة fauze

fawzi fawzi

fauze
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

139,493