في هذا الشتاء جاءت رياح الموضة محملة بكم من البنطلونات والمعاطف والجاكيتات المفصلة وقطع الصوف المترفة والتنورات ذات الأطوال المختلفة، أو بعبارة أخرى تصميمات مفصلة ومحددة، ترفع شعار «القليل كثير»، الموضة التي ظهرت في التسعينات وتعود من جديد بأسلوب جديد أكثر قوة وجمالا ليناسب امرأة واثقة ومستقلة وتفرض نفسها في كل المجالات من دون أن تحتاج لأي جهد يذكر لإقناع أقرانها بكفاءتها.
ومع ذلك، فإن هنا مشكلة صغيرة لكن متعبة جدا في هذه الموضة، وتتمثل في أنها على الرغم من مخاطبتها ذكاء المرأة وجانبها الراقي، لم تنس أنها تحتاج إلى جرعة أنوثة تدخل على هذا المظهر بعض الشقاوة ويخرجه من الرسمية التي يمكن أن تميل إلى الاسترجال في بعض الأحيان.
بعد أن فكر خبراء الموضة في حل لهذا المشكلة، توصلوا إلى أن الإكسسوارات يمكن أن تكون الحل، وعلى رأسها الأحذية ذات الكعوب العالية، وهذا ما حصل بالفعل، فقد تم طرح تصميمات متنوعة تتباين بين الكعوب العريضة، والـ«ويدج» والمدببة التي لا تتعدى الـ4 بوصات.
إلى هنا، تبدو المشكلة محلولة، لكنها في الحقيقة ليست بهذه السهولة، لأنه على الرغم من تنوعها وتوافرها، تبقى معدودة مقارنة بالأحذية ذات الكعوب المنحوتة بأشكال فنية أو تلك التي تصيب الناظر بفوبيا الارتفاع. وفي كلتا الحالتين تتناقض مع وظيفتها الأساسية وهي المشي فيها بثقة، فضلا عن أنها قد تثير بعض الشكوك والتساؤل حول شخصية صاحبتها أو نيتها: هل هي مجرد واثقة بنفسها وبقدرتها على المشي في هذه الكعوب، أم هي استعراضية؟
وقد أفاد مسح شمل 3000 امرأة بأن من الإصابات التي يتعرضن لها كسر في الكاحل والتواءات في الركبة بسبب علو الأحذية التي يرتدينها، وعلى الرغم من ذلك فإن ستا من بين عشر منهن اعترفن بأنهن يتحملن كل الآلام والإصابات ولا يتخلين عنها ما دامت أنيقة وتجذب الأنظار إليهن. فهن يعتقدن أنها أهم من أي إكسسوار آخر، لما تضفيه على مظهرهن وشكل أجسامهن من أنوثة ورشاقة، ويؤكدن أنها كلما ارتفعت كان التأثير أقوى.
من هذا المنطلق، يمكن القول إن زيادة مبيعاتها هو تحصيل حاصل، وهذا ما أفادت به دراسة للسوق تشير إلى أن نسبة مبيعات الأحذية العالية ارتفعت لتناطح ارتفاع الكعوب. ونسبة الزيادة حسب الدراسة تقدر بأربع مرات عما كانت عليه منذ سنوات، حيث أن الاعتقاد السائد بأن الكعب العالي هو الطريق إلى الأنوثة من جهة، وإلى اكتساب مظهر شاب وحيوي يواكب إيقاع الحياة من جهة ثانية.
ساحة النقاش