قضايا المرأة الصعيدية
جاءت الورشة لعرض التجارب الناجحة في مجال إبراز صورة المرأة العربية إعلاميا وهنا نقصد الصورة الحقيقية وليست الصورة النمطية ، ومن ضمن التجارب الواعية التي قدمت في بدء أعمال الورشة تجربة جمعية المرأة بالمنيا وجمعية بني سويف وكلاهما استطاع التأثير في المضامين التي تقدمها القناة السابعة ، تقول غادة مصطفى عن هذه التجربة : كانت البرامج تقليدية تهتم بتجميل المرأة الصعيدية وصحتها الإنجابية فحسب .
ثم بدأ الفريق المهتم بالتطوير في إعداد الإعلاميين للتعرف على قضايا المرأة المسكوت عنها مثل الاستماع للمراة المعنفة ثم بالفعل بدأ الإعلاميين يلفتوا نظر الرأي العام المتابع للقناة لمثل هذه القضايا ومن أمثلة هذه البرامج " حواء والحياة" وبرنامج " سكانيات" ووضعوا فقرات مستقلة عن قضايا المرأة مثل الختان وتعليم الفتيات والتعدي على المرأة بالضرب وعمل المرأة ، وتم التساؤل في المخارج القانونية من مشكلات المرأة ، وقد أفرزت إحدى الحلقات المذاعة بالتليفزيون عن خروج برنامج " دراما صعيدي" والذي يتناول المسلسلات التليفزيونية من منظور النوع أو يستخرج منها قضايا تهم المرأة والرجل .
استخلص الفريق العامل أيضا من أبحاثه حول صورة المرأة في الفيديو كليب نتيجة مفادها أن المراة هي الأنثى فقط التي يتغزل فيها وهي التي تضيع الشاب في النهاية أحيانا وأن والدتها دائما هي التي تقف في طريقه من أجل الحصول عليها ، أما بالنسبة للإعلانات فهي دائما ما تنمط صورة المرأة وتجعلها لا تقوم إلا بالأعمال المنزلية ، وفي فن الكاريكاتير لم تكن الأمور بأفضل على الإطلاق فالتركيز أيضا على الأنثى وليست الإنسانة وكذا جعل المرأة خلف المشكلات دائما وسبيل مفتوح للتريقة .
مشاركون : قضاياهن مهمشة في الإعلام
تقول أ/ عزة كامل : " الشبكة المعنية برصد صورة المرأة ضرورة في هذا الوقت لإنها تساعد على إفراز قيادات جديدة وهي نفسها ممكن تساعد على تنامي فرص التعليم والخبرات في مجال نقل صورة المرأة الحقيقية ، ومن خلال الشبكة العربية نتجنب تشتيت الموارد والطاقات وتخرج وجهات نظر صائبة وقوية ، ومن الممكن بعد هذا أن يتعاون منتجو الدراما لإخراج قضايا المرأة الحقيقية وتجسيدها في أعمالهم".
خلال المناقشة تداخل الباحث الفلسطيني صلاح عواد والمهتم بقضايا المرأة وأكد على أن قلة التوعية وسيطرة العادات والتقاليد تقوي المجتمع الذكوري ودائما المراة هي الضعيفة والمحتاجة وتنشأ على أنها دائما في حاجة لمن يحميها ويرى أن عملية التوعية بالنظرة الصحيحة للمرأة لابد أن تبدأ من مرحلة الطفولة.
الباحثة هديل قزاز وهي فلسطينية وتعمل مع مؤسسة هاينريش بول الألمانية رأت أن المؤسسات النسوية أهملت الإعلام ، وحزب الخضر الألماني على سبيل المثال تمثل المرأة والرجل معا داخله في توازن منطقي ، ورأت أن الصورة التي يراها الإعلامي حقيقية عن المرأة ليست دائما حقيقية لأنه رآها وهو يحمل تركيبة ثقافية واجتماعية ودينية وسياسية معينة تؤثر في عملية النقل.
تحدثت باحثة عربية ومهتمة بشأن المرأة من الحضور مشيرة إلى أن الإعلام العربي وبالأخص التليفزيوني فيما دون المتوسط ، ونحن ننتج في 50 أو 70 سنة ما يفعله الغرب في سنتين وهذا الإعلام ابن هذا المجتمع وينقل نظرته للمرأة ، رأت أن البرامج السياسية في نعمة مقارنة بالبرامج الاجتماعية ، وأن هناك إساءة غير مباشرة للمرأة في وسائل الإعلام العربية ربما تكون أخطر من الإساءات المباشرة لها ومنها على سبيل المثال أن المعد للبرنامج يستضيف عدد كبير من الرجال ليناقشوا ظاهرة ما ولا تكون في الاستوديو غير امراة واحدة ، مؤكدة كذلك على أن العالم بأسره يعاني من تدني النظرة للمرأة في وسائل الإعلام ففي الصين نجد أنه في إعلانات الكمبيوتر والاتصالات يكون الطفل ولد أما البنت فتظهر وهي تقوم بالأعمال المنزلية.
وردا على سؤال شبكة الأخبار محيط حول ما إذا كانت القنوات الفضائية تبدي اهتماما أكبر بصورة المرأة الحقيقية ،أجابت أ/ عزة كامل أنه " بالفعل هناك اختلاف بين القنوات الفضائية والأرضية بهذا الشأن ولكنه طفيف ولاتزال غابية البرامج في الفضائيات تركز على الأدوار النمطية للمرأة وتكرس للأنثى أو الأم فحسب ، كما أن مستوى الحرية المطلوب لم يتحقق بعد في مناقشة جميع قضايا المرأة" .
وفي حوار قصير مع نجاة بشرا حامد المشاركة من السودان حول أوضاع المرأة السودانية وفي دارفور ونظرة الإعلام لها ، قالت أن السلطة الأبوية هي المتحكمة في المجتمع ، وأن المرأة غالبا ما تنالها الأدوار المهمشة ، وحتى لو وصلت لوزيرة أو نائبة في البرلمان فهي لا تتخذ القرارات ولكن يتخذها رجال بيدهم السلطة ، على الرغم من أن المرأة السودانية قطعت شوطا كبيرا في التعليم ، إلا أن العادات والتقاليد هي المتحكمة في المجتمع ربما بدرجة أكبر حتى من الشريعة الإسلامية ، أما الإعلام فترى أنه يصور المرأة ضعيفة تنقصها العديد من الأشياء.
في حديث "محيط" مع الباحث الفلسطيني صلاح عواد قال أن حال المرأة الفلسطينية هي دائما في نضال مستمر ، وقد فرض الاحتلال ضغوطا على المؤسسات الإعلامية الفلسطينية مثل الصحافة والإذاعة والتليفزيون ربما تكون قد أدت لقلة عدد المواد التي تطرح قضايا المرأة الفلسطينية للاهتمام بما يخلفه الاحتلال الإسرائيلي من قصص مأساوية بكل بيت ، وشدد على معاناة الطالب الفلسطيني الجامعي والذي ربما يقطع كيلومترات كثيرة في طريقه لجامعته حينما تغلق الطرق وهذا كثيرا ما يحدث .
في ورقة عمل حول الإعلام المحلي المرئي في فلسطين وقضايا النوع الاجتماعي أعدتها المخرجة سهير فراج مديرة تنمية وإعلام المرأة بفلسطين وجد عدو وجود مساحات حرة في الإعلام لغياب الموضوعية والمحسوبية ووجود الرقابة على الإعلام ، والاهتمام بقضايا معينة بها تغليب للجانب السياسي نظرا للظروف السياسية وغياب التخصص في الإعلام ، تهميش قضايا المرأة بسبب نظرة المجتمع للمرأة ، وعدم تلبية البرامج المقدمة لاحتياجات النساء ومراعاة الفئات المختلفة ، وغياب المتخصصين ، والرقابة ، ومن ضمن أسباب المشكلة نظرة المرأة الدونية لذاتها وقدراتها وإمكانياتها ، سيطرة العقلية الذكورية على المناصب المهمة ، عدم توفر المعلومات الكافية حول واقع المرأة الفلسطينية ، عدم إدراك المرأة لأهمية الإعلام في حياتها ، وإحجامها عن المشاركة في البرامج المختلفة.
وشاركته الرأي الباحثة الفلسطينية ميساء شديد إلا أنها انتقدت أجهزة الإعلام في الاعتماد على صورة المرأة التي تبكي من فقدتهم على أيدي الصهاينة كصورة وحيدة للفلسطينيات فالمجتمع مليء بالقضايا الهامة للمرأة مثل الثغرات القانونية المؤذية للمرأة ومنها العقوبات والأحوال الشخصية وتعدد الزوجات والحق بالميراث.
مشروعات نحو صورة حقيقية
تحدث بعد ذلك في الورشة أ/ جمال عرفاوي من تونس عن تجربة مؤسسة كوثر الشهيرة والتي هدفت لحث الإعلاميات على الالتزام بالتنمية وخلق علاقات شراكة مع مؤسسات عربية ، وتحدث عن جائزتها لأفضل الإعمال الإذاعية والتلفزيونية حول المرأة .
وتحدثت ا/عزة كامل ن جائزة مركز وسائل الاتصال الملائمة لأحسن فيلم عن المرأة في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة .
وقال : " نلاحظ أن دور الرقيب يظهر في السياسة فحسب وإذا انتهكت صورة المرأة لا يظهر الرقيب" ، وتبدو بخصوص صورة المرأة في الإعلام مشكلة أو عقبة هائلة وهي أن المستثمرين في المجال الإعلامي في كثير من الأحيان لا يكون لهم أي علاقة بالمجال .
وقد أجرى مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث بتونس "كوثر" وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة "اليونيفيم" دراسة بعنوان برنامج النوع الاجتماعي والإعلام العربي ، وشملت الدراسة الفترة ما بين أعوام 1995 إلى 2005 ، وخرجت 17 دراسة من أصل 23 على أن صورة المرأة سلبية تقليدية ، و4 أن صورتها كانت إيجابية متوازنة في وسائل الإعلام ، وبحثان ذكرا أن صورتها إيجابية وسلبية ، وذكرت الدراسات أن سلبية صورة المرأة في الإعلام العربي اتصلت بفساد عقلها من حيث أنها فاسدة الأخلاق والطباع أو جاهلة وضيقة الأفق أو فاسدة العقل أو مادية وانتهازية أو لا يهمها الشأن العام ، ودعت الدراسة إلى أهمية الشراكة والتشبيك مع مؤسسات البحث والمنظمات الإقليمية والنقابات وصانعي القرار.
تحدثت ماريان خوري المخرجة والمنتجة السينمائية عن مشروعها نساء رائدات وهو سلسلة أفلام تسجيلية عن نساء رائدات في العالم العربي ، بحيث أن الأفلام تكون في قالب فني ومدة الفيلم ساعة وكان المشروع بالتعاون مع مؤسسة يورومينت الأوروبية .
في حوار قصير خلال الورشة أجرته "محيط" مع أ/ منتصر حمدان المراسل الصحفي لعدد من الصحف العربية والأجنبية من الأراضي الفلسطينية ومنسق مشروع شاشات ، أجاب عن تساؤل حول الهدف من مؤسسة شاشات وهي مؤسسة غير ربحية وغير حكومية ، تركز في عملها على سينما المرأة وأهميتها لوضع تصورات عن ماهية النوع الاجتماعي والقيم الثقافية الناتجة عن هذا التطور ، وبحيث تقوم لجنة من الخبراء بانتقاء الأفلام التسجيلية العربية والأجنبية والتي تتمحور فكرتها حول المرأة وتبدأ في عرضها ، ومن خلال الشراكة مع عدد من الجامعات الفلسطينية تابع الطلبة هذه الأفلام ونفس الحال في المدارس وبدون مقابل ، والمشروع ممول من عدد من الجهات
وساهمت مخرجات فلسطينيات في الخارج بالمشروع وتم استقدام البعض ، وبالفعل تم إجراء 100 عرض سينمائي بالضفة وغزة ، وكان من أبرز النتائج وصول الفكرة لرجل الشارع العادي البسيط والذي تابع هذه الأفلام على الرغم من عدم انتشار ثقافة مشاهدة السينما بين الأوساط الشعبية الفلسطينية وبالفعل حازت المؤسسة على ثقة الجماهير.
وطرحت جميع هذه الأفلام صورة بديلة للمرأة كإنسان ودور المرأة في المجتمع وأهمية العدل بينها وبين الرجل في مجالات الحياة بما يتسق وطبيعة كل منهما .
الإعلام والمرأة والإنتخابات المصرية
في ورقة د.نولة درويش تحدثت عن كيفية مواجهة العنف ضد النساء من خلال الإعلام ، وركزت على فترة الانتخابات التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة وكيف تعاملت معها وسائل الإعلام المصرية ، وبدا الصورة السلبية للمرأة في الانتخابات ، وقالت أن جماعة الأخوان المسلمين ذكرت أن 50 سيدة مرشحة للانتخابات وما حدث أن أزواج المرشحات رفضوا نزولهم واقتصرت المشاركة النسائية الإخوانية على سيدة واحدة فقط ، وترى د/ نولة أن هذه المرشحة هاجمت مطالبة المرأة بحقوقها لإنها دعاوي غربية ، وننظر إلى عناوين الصحف المصرية لنتأكد من تحقيره للمرأة ومن هذه العناوين " غضب حريمي ضد ترشيحات الأحزاب للانتخابات".
في مداخلة أ/ جمال صلاح الدين من الجمعية المصرية للتنمية قال أننا نعيش ردة حضارية والمرأة من البداية ارتضت تراجع دورها ، مؤكدا على أن الحقوق لا يطالب بها وإنما تنتزع انتزاعا ، وذكر أيضا أن المرأة لا تساند المرأة التي تتولي المناصب؛ فالمستشارة نهى الزيني التي كشفت التلاعب في الانتخابات في دائرتها لم يساندها سوى الرجال ، وقال أن الدكتورة سعاد صالح حينما قالت أن النقاب ليس بفرض لم تساندها النساء .
في تقرير أعدته مؤسسة المرأة الجديدة بالتعاون مع منتدى المنظمات النسائية من أجل التغيير حول النساء والانتخابات البرلمانية 2005 لاحظ التقرير أن الأجهزة الحكومية أو شبه الحكومية مثل المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي لحقوق الإنسان لم يفلح في حشد النساء والنهوض بحقوق المصريات السياسية حتى ان الحزب الوطني لم يرشح سوى 6 سيدات من أصل 444 مرشحا ، نزول عدد كبير من المستقلات للانتخابات ، انتشار ظاهرة استخدام النساء في الدعاية الانتخابية واستخراج البطاقات لهن .
إلى جانب التشهير بالنساء اللائي أردن دخول الحياة العامة ، ظهور البلطجة النسائية في المجال السياسي واللائي يستعين بهن المرشح لترويع الناخبين للمنافسين ، استمرارا للإقصاء والانتهاك تم الاعتداء من قبل أجهزة الأمن على وجه الخصوص على عدد كبير من الصحفيات اللائي تقمن بتغطية الانتخابات ووصل الاعتداء للضرب والركل والاحتجاز وخدش الحياء وإلقاء واحدة في حالة إعياء تام في الطريق .
في دراسة أخرى من إعداد المغربية فاطيما أبو طالب بعنوان "أي دور للإعلام في ترسيخ الصورة النمطية للمرأة بالنظر للتجربة المغربية" وفيه نجد أن الواقع الإعلامي المغربي غير مواكب للتطورات التي شهدتها البلاد من الناحية القانونية أو التمثيلية للنساء في البرلمان ، وفي مراجعته لصورة المرأة في الإعلام العربي يرى "أديب خضور" أن صورتها تتلخص في كونها أنثى جميلة ، أم بالمفهوم التوالدي الرعوي للأمومة، زوجي بالمفهوم الخضوعي للأمومة ، العاطفية والانفعالية ، السلبية والضعيفة ، ويعلق الكاتب على ذلك بإن ثمة قدرا كبيرا من عدم التناسب بين ملامح هذه الصورة وبين الصورة الحقيقية للمرأة العربية .
المصدر: موقع محيط
نشرت فى 20 يناير 2010
بواسطة farouksulimantv
عدد زيارات الموقع
49,013
ساحة النقاش