- النساء تتفوق على الرجال في البيتي والرجل الأول في السوقي
- 560 مليون جنيه تكلفة كعك العيد والأسرة المصرية لا تتنازل عنه
تحقيق: سالي مشالي
يقولون في الأمثال الشعبية إن رمضان (أوله مرق "يعني شوربة" وأوسطه خَلَق "الملابس الجديدة" وآخره حلق "يعني الكعك")، ومع دخول الثلث الأخير من أيام شهر رمضان تبدأ استعدادات البيوت والأسر لاستقبال عيد الفطر، وفيه لا يخلو بيت من كعك العيد، سواء في مصر أو الدول العربية، يستوي
في هذا الأغنياء والفقراء، وكلٌّ حسب إمكانياته وقدرته على الشراء من حيث الكمية ومن حيث الجودة، وتُفضل أغلب الأسر صنع الكعك بالمنزل لكونه أوفر ماديًّا ويُمثل فرحة العيد بالنسبةِ للكبار والصغار، فالأمهات يتفنن في صنع كعك كل عام أفضل من العام الذي قبله، وتعتبر فرحة التجمع بين الجيران من أهم ما يميز عملية صنع الكعك، يلي ذلك فرحة الصغار بإثارة الشغب وبعثرةِ الدقيق وصنع العرائس والأحصنة من العجين ليأكل كل طفل العروسة التي صنعها بيديه بعد أن تُخبز في الفرن، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحيان حجز "الصيجان" من الفرن القريب وموعد التسوية حتى لا يفسد العجين.
وهناك أسر تُفضل شراء الكعك جاهزًا من المحلاتِ ربما لعدم إتقانهم طريقة الصنع أو حتى يُوفِّروا من الوقت والجهد في أيام تكون للعبادة فيها الأولوية، ولا مفر في كل الأحوال من تقديم كعكٍ للضيوف والزائرين أيًّا كان مصدر هذا الكعك سواء أكان مصنوعًا منزليًّا أو تمَّ شراؤه من محل الحلواني أو كان عبارة
عن هدية من أحد الجيران. وقد كشفت الإحصاءات بالغرفة التجارية المصرية أن تقديرات حجم استهلاك المصريين من الكعك بلغت قرابة 56 ألف طن كعك بتكلفة 560 مليون جنيه مصري لعام 2006م, مقارنةً بـ 474.4 مليون جنيه في عام 2005م. وتتراوح أسعار الكعك السادة بين ٢٠ و٢٤ جنيهًا للكيلو جرام، والمحشو فستق بين ٣٦ و٣٨ جنيهًا، وفي بعض المحلات- الراقية- تراوح سعر الكعك المحشو فستق إلى ٥٠ جنيهًا، والمحشو ملبن بين ١٨ و٢٢ جنيهًا، والبندق ٤٨ جنيهًا، أما أسعار البسكويت بأنواعه المختلفة، فتراوحت بين ١٦ و٢٠ جنيهًا، والغريبة بين ٢٠ و٢٣ جنيهًا، والبيتي فور بين ٢٤ و٣٠ جنيهًا، والمحلات نفسها عرضت أنواعًا خاصةً من الكعك خاص بمرضى السكر بأسعار ٢١ جنيهًا، وعرضت بعض المحلات علبًا جاهزةً تضم تشكيلةً من كل الأنواع تعوض بها ارتفاع الأسعار، ويصل سعر العلبة التي تزن 1.5 كيلو جرام إلى ٣٤ جنيهًا، و٢ كيلو جرام ٤٤ جنيهًا، و٣ كيلو جرام ٦٤ جنيهًا، و٤ كيلو جرام ٨٧ جنيهًا. أما الكعك المخصص للهدايا، فقد تفننت المحلات في عرضه ومنها من عرض الكعك في "أسبتة" مزينة بطريقةٍ جذابة، بأسعار تترواح من ٢٤٠ جنيهًا للسبَتِ الكبير الذي يزن 3.6 كيلو جرام، و١٨٥ جنيهًا للسبت المتوسط الذي يزن 2.5 كيلو جرام، و١١٥ جنيهًا للسبت الصغير زنة ١.٥ كيلو جرام. القيمة الغذائية للكعك وتختلف القيمة الغذائية للكعك حسب المواد التي تدخل في صناعته، وهذه المواد بصورة عامة يكمل بعضها البعض وتعطي في النهاية غذاء متكاملاً مرتفع القيمة الغذائية، فدقيق القمح غني بالمواد النشوية والبروتينية وبه قدر من الدهون، كما يحتوي على الكالسيوم والحديد ويعطى قدرًا عاليًا من السعرات الحرارية 322 سعرًا لكل 100 جرام، أما اللبن الحليب فهو غني بالدهون والكالسيوم وبه قدر من النشا والبروتين وكل 100 جرام من اللبن يعطي 117 سعرًا حراريًّا، كذلك فإن السكر يعطي 410 سعرًا حراريًّا لكل 100 جرام من السكر، ناهيك عن أن الزبد يحتوي على قدرٍ واف من الدهون يمثل 81% ويعطي أعلى نسبة من الطاقة 729 سعرًا حراريًّا لكل 100 جرام. وهناك أيضًا المكسرات مثل الجوز واللوز والبندق والفستق، والتي تتميز بارتفاع نسبة النشا والبروتين والدهون بها، بالإضافة إلى أنها تحتوي على قدرٍ كبيرٍ من الكالسيوم (حوالي 1000 ملليجرام لكل 100 جرام) ونسبة من الحديد تقدر بحوالي 8.4 ملليجرام لكل 100 جرام، كما أنها تُعطي قدرًا كبيرًا من الطاقة (حوالي 687 سعرًا حراريًّا لكل 100 جرام، كذلك فإن جوز الهند يحتوي على النشا والبروتين والدهون ويحتوي على قدرٍ هائلٍ من الكالسيوم 400 ملليجرام لكل 100 جرام، ويُعطي أيضًا طاقة حرارية عالية، وقد يُضاف الزبيب إلى مكوناتِ الكعك وهو بدوره يحتوي على قدرٍ كبيرٍ من السكريات ونسبة ضئيلة من البروتين والدهون وقدرٍ كبيرٍ من الكالسيوم 87 ملليجرام، أيضًا فإن (التمر) المستخدم في حشو الكعك يحتوي على نسبة عالية من النشا والسكر وقدرٍ بسيطٍ من البروتين والدهون، وتصل نسبة الكالسيوم بها إلى 60 ملليجرام لكل 100 جرام وتُعطي قدرًا من الطاقةِ يصل إلى 245 سعرًا لكل 100 جرام، أما البسكويت فبالإضافةِ إلى الدقيق والسمن ومكسبات الطعم والرائحة التي تدخل في صناعته فإنَّ البيضَ يعد من مكوناته الأساسية، وهذا الأخير يحتوي على نسبة عالية من البروتين 8.11% ودهون تُمثل 6.9%، والكالسيوم والفوسفور يعطيان طاقة قدرها 140 سعرًا لكل 100 جرام. طرق إعداد الكعك وتختلف طرق وعادات إعداد الكعك من بلد لآخر ومن محافظةٍ لأخرى، ففي القاهرة يختلف الأمر عن الصعيد الذي يختلف عن الوجه البحري تقول الحاجة كوثر محمد- ربة منزل-: إنَّ الكعك اختلف كثيرًا هذه الأيام عن الأيام الماضية، ففي الماضي كنا "نقدح السمن" حتى يصعد منه البخار، وكنا نضع مكونات كثيرة عن الآن، وكل المكونات كنا نصنعها بأنفسنا ولا نشتريها، وحجم الكعكة نفسه كان كبيرًا، ولا نضع فيه أبدًا إلا السمن البلدي والآن يضعون السمن الصناعي وأحيانًا الزيت ويُدارونه بريحةِ السمن البلدي الصناعية، وكان هناك عدة مستويات وأنواع للكعك، فالكعك المصنوع لاستعمال الأسرة له مواصفات، تختلف عن مواصفاتِ الكعك المصنوع ليُقدَّم للضيوف أو يُهدى للجيران، وهناك الكعك المصنوع للعروسة، و"قُرص القرافة". وتؤكد أم أحمد- ربة منزل- أنَّ كعكَ المدينة يختلف عن الفلاحين ويختلف أيضًا عن الصعيد، ففي الصعيد يضعون على الكعك كركم وحجمه يكون كبير و"ناشف"، أما عند الفلاحين فيصنعونه على شكل حلقة ويضعون به سمنًا كثيرًا، وتختلف جودة الكعك حسب نوع السمن ونوع الدقيق و"النفس" والخبرة، وتعتبر أم أحمد أنَّ شراء الكعك جاهزًا لا معنى له، ففرحة العيد لا تكون إلا بصنع الكعك في المنزل حتى لو كان أقل جودة من الجاهز. للكعك أصول وعن عادات صنع الكعك تقول سامية السيد- ربة منزل-: البعض يتشاءم إذا لم يصنعوا الكعك في أحد الأعوام ويعتبرون أن هذا نذير شؤم وأنَّ أحد أفراد الأسرة سيموت خلال العام، حيث إنه لا يصح من مات لها عزيز أن تقوم بصنعِ الكعك في العام الأول على الوفاة؛ بل إنَّ الجيرانَ لا يصح لهم أن يصنعوا الكعك للعيد أو لعروس إلا إذا استأذنوا جيرانهم أصحاب حالة الوفاة، أما بالنسبة لكعك العروس فهو أساسي ومهم للغاية؛ حيث إنه من مظاهر الفرح لدى العروس وأسرتها، كما أنه من دواعي التباهي أمام مهنئي العروس، ويُوفِّر ماديًّا أكثر من تقديم الشيكولاتة أو الجاتوه، وحل سهل وسريع للعروس التي لا ينبغي أن تنشغل عن ضيوفها بصنع حلويات لتقديمها، وعلى العريس أمداد أهل العروس بالسمن والدقيق، وتقوم أم العروس بصنع الكعك، وتنفي سامية أن يساعد الرجال في صنع الكعك وتقول إن مهمتهم الأساسية أن يأكلوا وينتقدوا ما يأكلون. ولكن هذا الكلام لا ينطبق على أبو عمرو محمد إبراهيم- الذي تقول زوجته إن الكعك مسئوليته كل عام، بل إنهم يضطرون لصنع كمياتٍ كبيرةٍ؛ لأن العائلة كلها تنتظر إنتاجه الذي يتفوق على أشهر المحلات، وتقول: صنع الكعك هواية بالنسبة له ولا أعرف أن أصنع الكعك بنفس كفاءته مهما حاولت، وأشعر أنه من أكثر ما يسعده أن يسمع عباراتِ المديح والإعجاب من الضيوفِ أو العائلة أو الجيران. وبنفس الجودة كان الكعك الذي تصنعه أم شيماء والتي قررت الاستفادة من هذه المهارة في رفع دخل الأسرة، تقول أم شيماء: شجعني كثير من أقاربي وجيراني على الاستفادة من مهارتي في صنع الكعك، فبدأت بصنعه بمقابل لأسر معارفي وبعد سنتين ازداد الطلب عليه من أشخاص تذوقوه عند زبائني حتى أصبح مَن يطلب مني الكعك يحتاج إلى حجزه قبل رمضان بفترةٍ، وأصبحتُ أستعين ببناتِ الجيران مقابل أجرٍ لصنع الكمياتِ المطلوبة. وتؤكد أم شيماء أن زبائنها في البداية كُنَّ من الموظفاتِ اللاتي لا يملكن وقتًا لصنع الكعك بأنفسهن ولكن الآن كثير من زبائنها من "أولاد الذوات" الذين يبحثون عن طعمٍ متميزٍ ونظافة مضمونة أكثر من المحلات، وأحيانًا يُحضرون لي وصفات جداتهم التي لا يعرفون أن ينفذوها، ولكن ليس كل الوصفات أقبل تنفيذها فبعضها يكون ناقصًا وأتوقع أن تكون نتيجته غير موفَّقة. العيد موسم الكعك وبالنسبة للمحلات يقول صلاح صالح- مدير محلات لابوم الشهير- في العادةِ يبدأ بيع الكعك في العشر أيام الأواخر من رمضان، ورغم أن الكعك موجود طوال العام إلا أنَّ الإقبال على شرائه يكون منقطع النظير وقت عيد الفطر؛ لأنه "موسم" كما يقولون، ويكون حظ الكعك بأنواعه من الشراء هو الأكبر يليه البسكويت ثم الغريبة والبيتي فور، وتعتبر الأسعار هذا العام أعلى من العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار السكر والدقيق والمكسرات، وإن كان في رأيي أن أسعار الكعك الجاهز أقل من تكلفةِ صنعه في البيت، ويرجع هذا لأسعار الجملة التي نشتري بها المكونات ولسر الصنعة من جانب آخر. ويتفق معه أسامة ممدوح- محلات قصر الإليزية- في ارتفاع الاسعار هذا العام مقارنةً بأسعار العام الماضي، ولكنه يعود فيؤكد أن الإقبال على شراءِ الكعك الجاهز من المحلاتِ عالٍ؛ نظرًا لضيق الوقت للسيدات العاملات وقلة الجهد، وضعف مهارة أكثر السيدات في صنعه، وطبعًا الإقبال على الحلوياتِ الشرقية والغربية يقل في الأيام التي يُباع فيها الكعك، وحتى الذين لا يحبون تناوله أو ممنوعون منه لأسبابٍ صحيةٍ يشترونه لتقديمه للضيوف.