قصة إبراهيم الخليل عليه السلام

 

هو إبراهيم بن تارخ/ بن باحور/ بن ساروغ/ بن راعو

250/ 148/ 230/ 239

ابن فالغ/ بن عابر/ بن شالخ/ بن أرفخشذ

439/ 464/ 433/ 438

ابن سام/ بن نوح عليه السلام

600

هذا نص أهل الكتاب في كتابهم؛ وقد أعلمت على أعمارهم تحت أسمائهم بالهندي كما ذكروه من المدد، وقدمنا الكلام على عمر نوح عليه السلام فأغنى عن إعادته. وحكى الحافظ أن عساكر في ترجمة إبراهيم الخليل من تاريخه عن إسحاق بن بشر الكاهلي صاحب كتاب "المبتدأ" أن اسم أم إبراهيم "أميلة"، ثم أورد عنه في خبر ولادتها له حكاية طويلة. وقال الكلبي: اسمها "بونا" بنت كربتا بن كرلي، ومن بني أرفخشذ بن سام بن نوح.

وروى ابن عساكر من غير وجه عن عكرمة أنه قال: كان إبراهيم عليه السلام يكنى "أبا الضيفان". قالوا: ولما كان عمر تارخ خمساً وسبعين سنة ولد له إبراهيم عليه السلام، وناحور وهاران، وولد لهاران "لوط".وعندهم أن إبراهيم عليه السلام هو الأوسط، وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها، وهي أرض الكلدانيين؛ يعنون أرض بابل.
وهذا هو الصحيح المشهور عند أهل السير والتواريخ والأخبار، وصحح ذلك الحافظ ابن عساكر، بعدما روى من طريق هشام بن عمار، عن الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن ابن عباس قال: ولد إبراهيم بغوطة دمشق، في قرية يقال لها: برزة، في جبل يقال له: قاسيون، ثم قال: والصحيح أنه ولد ببابل. وإنما نسب إليه هذا المقام لأنه صلى فيه إذ جاء معيناً للوط عليه السلام.

قالوا: فتزوج إبراهيم سارة، وناحور ابنة هاران، يعنون ابنة أخيه.

قالوا: وكانت سارة عاقراً لا تلد.

قالوا: وانطلق تارخ بابنه إبراهيم وامرأته سارة وابن أخيه لوط بن هاران فخرج بهم من أرض الكلدانيين إلي أرض الكنعانيين، فنزلوا حران فمات فيها تارخ وله مائتان وخمس ستين، وهذا يدل على أنه لم يولد بحران، وإنما مولده بأرض الكلدانيين وهي أرض بابل وما والاها.

ثم ارتحلوا قاصدين أرض الكنعانيين، وهي بلاد بيت المقدس، فأقاموا بحران وهي أرض الكلدانيين في ذلك الزمان، وكذلك أرض الجزيرة والشام أيضاً، وكانوا يعبدون الكواكب السبعة. والذين عمروا مدينة دمشق كانوا على هذا الدين، يستقبلون القطب الشمالي ويعبدون الكواكب السبعة بأنواع من الفعال والمقال. ولهذا كان على كل باب من أبواب دمشق السبعة القديمة هيكل لكوكب منها، ويعملون لها أعياداً وقرابين.

وهكذا كان أهل حران يعبدون الكواكب والأصنام، وكل من على وجه الأرض كانوا كفاراً، سوى إبراهيم الخليل وامرأته وابن أخيه لوط عليهم السلام. وكان الخليل عليه السلام هو الذي أزال الله به تلك الشرور، وأبطل به ذاك الضلال؛ فإن الله سبحانه وتعالى آتاه رشده في صغره، وابتعثه رسولاً واتخذه خليلاً في كبره.

قال الله تعالى:

{وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } (سورة الأنبياء:51) .

أي: وكان أهلاً لذلك. وقال تعالى:

{وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * {وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }{أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * {قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } * {وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * {وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }*{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * {وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }*{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } (سورة العنكبوت:16ـ27) .

ثم ذكر تعالى مناظرته لأبيه وقومه كما سنذكره إن شاء الله. وكان أول دعوته لأبيه، وكان أبوه ممن يعبد الأصنام، لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له، كما قال تعالى:

{وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً } * {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً } * {يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } * {يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً } * {يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } * {قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } * {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً } (سورة مريم:41ـ48) .

وذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة، وكيف دعا أباه إلي الحق بألطف عبارة وأحسن إشارة، وبين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأوثان التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه، فكيف تغني عنه شيئاً أو تفعل به خيراً من رزق أو نصر؟ ثم قال له منبهاً على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع، وإن كان أصغر سناً من أبيه:
{يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } (سورة مريم:43) .

أي: مستقيماً واضحاً حنيفاً يفضي بك إلي الخير في دنياك وأخراك. فلما عرض هذا الرشد عليه، وأهدى هذه النصيحة إليه، لم يقبلها منه ولا أخذها عنه، بل تهدده وتوعده قال: (قال أرغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم؟ لئن لم تنته لأرجمنك) قيل: بالمقال، وقيل: بالفعال،

{وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } (سورة مريم:46) .

أي: واقطعني وأطل هجراني.

فعندها قال له إبراهيم: (سلام عليك) أي: لا يصلك مني مكروه، ولا ينالك مني أذى، بل أنت سالم من ناحيتي، وزاده خيراً فقال:

{ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } (سورة مريم:47) .

قال ابن عباس وغيره: أي لطيفاً، يعني في أن هداني لعبادته والإخلاص له، ولهذا قال:

{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً }(سورة مريم:48) .

وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام كما وعده في أدعيته، فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه كما قال تعالى:

{وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } (سورة التوبة:114) .

وقال البخاري: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني أخي عبد الحميد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقي إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين. ثم يقال: يا إبراهيم ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذبح متلطخ، فيؤخذ بقوائمة فيلقى في النار"

وقال في التفسير: وقال إبراهيم بن طهمان، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري عن أبيه، عن أبي هريرة. وهكذا رواه النسائي عن احمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان به، وقد رواه البزار من حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، وفي سياقه غرابة. ورواه أيضاً من حديث قتادة عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

وقال تعالى:

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } (سورة الأنعام:74) .

هذا يدل على أن اسم أبي إبراهيم آزر، وجمهور أهلالنسب، منهم ابن عباس، على أناسمأبيه تارخ، وأهل الكتاب يقولون تارخ بالخاء المعجمة، فقيل: إنه لقب بصنم كان يعبده اسمه آزر. وقال ابن جرير: الصواب أن اسمه آزر، ولعل له اسمان علمان، او أحدهما لقب والآخر علم. وهذا الذي قاله محتمل. والله أعلم.

ثم قال تعالى:

{وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } * {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } * {فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } * {فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }*{وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَٰجُّوۤنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * {وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * {ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } * {وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } (سورة الأنعام:75ـ83) .

وهذا المقام مقام مناظرة لقومه، وبيان لهم أن هذا الأجرام المشاهدة من الكواكب النيرة، لا تصلح للألوهية، ولا أن تعبد مع الله عز وجل؛ لأنها مخلوقة مربوبة مصنوعة مدبرة مسخرة، تطلع تارة وتأفل أخرى، فتغيب عن هذا العالم، والرب تعالى لا يغيب عنه شيء ولا تخفى عليه خافيه، بل هو الدائم الباقي بلا زوال، لا إله ألا الله هو ولا رب سواه. فبين لهم أولاً عدم صلاحية الكواكب لذلك، قيل: هو الزهرة؛ ثم ترقى منها إلى القمر الذي هو أَضوأ منها وأبهى من حسنها، ثم ترقى إلي الشمس التي هي أشد الأجرام المشاهدة ضياء وسناء وبهاء، فبين أنها مسخرة مسيرة مقدرة مربوبة، كما قال تعالى:

{وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } (سورة فصلت:37) .

ولهذا قال: فلما رأى الشمس بازغة أي: طالعة

{قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }*{وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَٰجُّوۤنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً } (سورة الأنعام:78ـ80) .

أي: لست أبالي في هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله، فإنها لا تنفع شيئاً ولا تسمع ولا تعقل، بل هي مربوبة مسخرة كالكواكب ونحوها، أو مصنوعة منحوتة منجورة. والظاهر ان موعظته هذه في الكواكب لأهل حران، فإنهم كانوا يعبدونها، وهذا يرد قول من زعم أنه قال هذا حين خرج من السرب لما كان صغيراً، كما ذكره ابن إسحاق وغيره وهو مستند إلي أخبار إسرائيل لا يوثق بها، ولاسيما إذا خالفت الحق.

وأما أهل بابل فكانوا يعبدون الأصنام، وهم الذين ناظرهم في عبادتها وكسرها عليهم، وأهانها وبين بطلانها، كما قال تعالى:

{وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } (سورة العنكبوت:25).

وقال في سورة الأنبياء:

{وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } * {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } * {قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } * {قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * {قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ } * {قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ }* {وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } * {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } * {قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * {قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } * {قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } * {قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ } * {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ }* {فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * {ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } * {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } * {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }* {قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * {قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * {وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } (سورة الأنبياء:51ـ70) .

وقال تعالى في سورة الشعراء:

{وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } * {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } * {قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } * {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } * {أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } * {قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } * {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * {أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ }* {ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } * {وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } * {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } * {وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } * {وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } (سورة الشعراء:69ـ82) .

وقال تعالى في سورة الصافات:

{وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } * {إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } * {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } * {فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }* {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ } * {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } * {فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } * {فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ } * {مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } * {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } * {فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } * {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } * {وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } * {قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } * {فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } (سورة الصافات: 83ـ98) .

يخبر تعالى عن إبراهيم خليله عليه السلام، إنه أنكر على قومه عبادة الأوثان وحقرها عندهم وصغرها وتنقصها، فقال:

{مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } (سورة الأنبياء:52) .

أي: معتكفون عندها وخاضعون لها، قالوا:

{وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } (سورة الأنبياء:53) .

ما كان حجتهم إلا صنيع الآباء والأجداد، وما كانوا عليه من عبادة الأنداد.

{قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } (سورة الأنبياء: 54) .

كما قال تعالى:

إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } * {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } * {فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } (سورة الصافات:85ـ87) .

قال قتادة: فما ظنكم به أنه فاعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره. وقال لهم:

{قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } * {أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } * {قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } (سورة الشعراء:72ـ74) .

سلموا له أنها لا تسمع داعياً ولا تنفع ولا تضر شيئاً، وإن الحامل لهم على عبادتها الاقتداء بأسلافهم ومن هو مثلهم في الضلال من الآباء الجهال، ولهذا قال لهم:

{قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * {أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } (سورة الشعراء:75ـ77) .

وهذا برهان قاطع على بطلان إلهية ما ادعوه من الأصنام؛ لأنه تبرأ منها وتنقص بها، فلو كانت تضر لضرته، أو تؤثر لأثرت فيه.

{قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ } (سورة الأنبياء:55) .

يقولون: هذا الكلام الذي تقوله لنا وتنتقص به آلهتنا، وتطعن بسببه في آبائنا تقوله محقا جادا فيه أم لاعباً؟.
{قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } (سورة الأنبياء:56) .

يعني: بل أقول لكم ذلك جادا محقا، إنما إلهكم اله الذي لا إله إلا هو، هو ربكم ورب كل شيء لا شريك له، فاطر السماوات والأرض، الخالق لهما على غير مثال سبق، فهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأنا على ذلكم من الشاهدين. وقوله:

{وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } (سورة الأنبياء:57) .

أقسم ليكيدن هذه الأصنام التي يعبدونها بعد ان يولوا مدبرين إلي عيدهم.

قيل: إنه قال هذا خفية في نفسه. وقال ابن مسعود: سمعه بعضهم. وكان لهم عيد يذهبون إليه في كل عام مرة إلي ظاهر البلد، فدعاء أبوه ليحضره فقال: إني سقيم: كما قال تعالى:

{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ } * {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } (سورة الصافات:88ـ89) .

عرض لهم في الكلام حتى توصل إلي مقصودة من إهانة أصنامهم ونصرة دين الله الحق وبطلان ما تهم عليه من عبادة الأصنام التي تستحق أن تكسر وأن تهان غاية الإهانة. فلما خرجوا إلي عيدهم، واستقر هو في بلدهم

{فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ } (سورة الصافات:91) .

أي: ذهب إليها مسرعاً مستخفياً، فوجدها في بهو عظيم، وقد وضعوا بين أيديها أنواعاً من الأطعمة قرباناً إليها، فقال لها على سبيل التهكم والازدراء

{أَلا تَأْكُلُونَ } * {مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } * {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } (سورة الصافات:91ـ93).

لأنها أقوى وأبطش وأسرع وأقهر، فكسرها بقدوم في يده، كما قال تعالى:

{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً } (سورة الأنبياء:58 ).

أي: حطاماً، كسرها كلها

{إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } (سورة الأنبياء:58) .

قيل إنه وضع القدوم في يد الكبير، إشارة إلي أنه غار أن تعبد معه هذه الصغار!. فلما رجعوا من عيدهم ووجدوا ما حل بمعبودهم

{قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } (سورة الأنبياء:59) .

وهذا فيه دليل ظاهر لهم لو كانوا يعقلون، وهو مخا حل بآلهتهم التي كانوا يعبدونها، فلو كانت آلهة لدفعت عن أنفسها من أرادها بسوء، لكنهم قالوا ما جهلهم، وقلة عقلهم، وكثرة ضلالهم وخبالهم .

{مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } ر(سورة الأنبياء:59) .

{قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } (سورة الأنبياء:60) .

أي: يذكرها بالعيب والتنقص لها والازدراء بها، فهو المقيم عليها الكاسر لها. وعلى قول ابن مسعود: أي يذكرهم بقوله:

{وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } (سورة الأنبياء:57) .

{قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } (سورة الأنبياء:61) .

أي: في الملأ الأكبر على رءوس الأشهاد، لعلهم يشهدون مقالته ويسمعون كلامه، ويعاينون ما يحل به من الاقتصاص منه. وكان هذا أكبر مقاصد الخليل إبراهيم أن يجتمع الناس كلهم، فيقيم على جميع عباد الأصنام الحجة على بطلان ما هم عليه، كما قال موسى عليه السلام لفرعون:

{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } (سورة طه:59) .

فلما اجتمعوا وجاءوا به كما ذكروا (قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا). قيل معناه: هو الحامل لي على تكسيرهم، وإنما عرض لهم في القول:

{قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } (سورة الأنبياء:63) .

وإنما أراد بقوله هذا أن يبادروا إلي القول بأن هذه لا تنطق، فيعترفوا بأنها جماد كسائر الجمادات.

{ فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } (سورة الأنبياء:64) .

أي: فعادوا على أنفسهم بالملامة، فقالوا: إنكم أنتم الظالمون، أي: في تركها لا حافظ لها ولا حارس عندها.

{ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } (سورة الأنبياء:65) .

قال السدي: أي ثم رجعوا إلي الفتنة فعلى هذا يكون قوله:

{ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } (سورة الأنبياء:64) .

أي: في عبادتها. وقال قتادة: أدركت القوم حيرة سوء، أي: فأطرقوا، ثم قالوا:

{ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } (سورة الأنبياء:65) .

أي: لقد علمت يا إبراهيم أن هذه لا تنطق فكيف تأمرنا بسؤالها!. فعند ذلك قال لهم الخليل:

{ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } * { أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } (سورة الأنبياء:66ـ67) .

كما قال:

{ فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } (سورة الصافات:94) .

قال مجاهد: يسرعون، قال:

{ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } (سورة الصافات:95) .

أي: كيف تعبدون أصناماً أنتم تنحتونها من الخشب والحجارة، وتصورونها وتشكلونها كما تريدون

{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } (سورة الصافات:96) .

وسواء كانت: "ما" مصدرية أو بمعنى الذي، فمقتضى الكلام أنكم مخلوقون، وهذه الأصنام مخلوقة، فكيف يتعبد مخلوق لمخلوق مثله؟ فإنه ليس عبادتكم لها بأولى من عبادتها لكم وهذا باطل، فالآخر باطل للتحكم؛ إذ ليست العبادة تصلح ولا تجب إلا للخالق وحده لا شريك له.

{ قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } * { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } (سورة الصافات 97 : 98) .

عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعوا وغلبوا، ولم تبق لهم حجة ولا شبهة إلي استعمال قوتهم وسلطانهم، لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم، فكادهم الرب جل جلاله؛ وأعلى كلمته ودينه وبرهانه كما قال تعالى:

{ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } (سورة الأنبياء:68ـ70) .

وذلك أنهم شرعوا يجمعون حطباً من جميع ما يمكنهم من الأماكن، فمكثوا مدة يجمعون له؛ حتى أن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت أن تحمل حطباً لحريق إبراهيم، ثم عمدوا إلي حوية عظيمة فوضعوا فيها ذلك الحطب وأطلقوا فيه النار فاضطرمت وأججت والتهبت، وعلا لها شرر لم ير مثله قط.

ثم وضعوا إبراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له "هيزن"، وكان أول من صنع المجانيق، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلي يوم القيامة. ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه وهو يقول: لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد، ولك الملك لا شريك لك. فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيداً مكتوفاً، ثم ألقوه منه إلي النار، قال: حسبنا الله ونعيم الوكيل.

كما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقى في النار، وقالها محمد ين قيل له:

{ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } * { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } (سورة آل عمران:173ـ174) .

وقال أبو يعلى: حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي جعفر الرازي، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما ألقى إبراهيم في النار قال: اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في الأرض واحد أعبدك"

وذكر بعض السلف أن جبريل عرض له في الهواء فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال<strong

essamyahia

Essam yahia Ahmed الهم ارزقنا علمنا نافع واعنا على زكرك وحسن عبادتك ولا تأخذنا ان نسينا اواخظأنا

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 228 مشاهدة

عصام يحى احمد هندى -Essam yahia Ahmed Hendy

essamyahia
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ [email protected] تم استبدال e-mail باخر لوجد عطل فى e-mail القديم نأسف لذالك Tele:0127152370 »

البحث فى الموقع

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

810,493

step to future






بحبــك يامـصـر

Large_1238192172

if you are happy

 

alphabet song

وطنى (هاجر وهيام )

 الصف الاول الاعدادى

 

رساله الى صلاح الدين

للشاعر :فاروق جويده

 

 

كانت لنا يوما هنا اوطان ...وطن بلون الصبح كان

وطن أضاء الكون عمرا بالسماحة ..والهداية .. والأمان

وطن تطوف عليه مكة كعبة الدنيا وبيت الحق .. والإيمان

وطن عنيد أيقظ الدنيا وعلمها طريق المجد

علمها

وطن على أرجائه الخضراء هل الوحى

فى التوراة ..والأنجيل ..والقرآن

فنون الحرب علمها البيان

وطن بلون الصبح كان

وطن كبير انت فى عينى هزيل فى ظلام السجن والسجان

وطن عريق انت فى عينى

أراك الان اطلالا بلا اسم بلا رسم بلا عنوان

من علم الاسد الأبى بأن ينكس رأسه ويهادن الجرذان

من علم القلب التقى بأن يبيع صلاته ويعود للأوثان

يا سيدى فلأعترف أن الجواد الجامح  المجنون قد خسر الرهان

وبأن اشباه الرجال تحكموا وبان هذا العصر للغلمان

يا سيدى فلأعترف أن الفراشات الجميلة لن تقاوم خسة الثعبان

ان الاسود تموت حزنا عندما تتحكم الفئران

أن السماسرة الكبار توحشوا باعوا الشعوب وأجهضوا الأوطان

ولأعترف يا سيدى انى وفيت وان غيرى خان

غنيت للقدس الحبيبة أعذب الالحان

وأنساب فوق ربوعها شعرى يطوف على المآذن والكنائس والجنان

القدس ترسم وجه طه والملائك حوله والكون يتلو سوره الرحمن

القدس تبدو فى ثياب الحزن قنديلا بلا ضوء بلا نبض بلا الوان

تبكى كثيرا كلما حانت صلاة الفجر

وانطفأت عيون الصبح وانطلق المؤذن بالأذان

القدس تسأل: كيف صار الابن سمسارا وباع الام فى سوق الهوان بأرخص الأثمان

صوت المآذن والكنائس لم يزل فى القدس يرفع رايه العصيان

الله اكبر منك يا زمن الهوان

الله اكبر منك يا زمن الهوان

الله اكبر منك يا زمن الهوان  

المصدر: الاستاذة هناء بمدرسة طه حسين الابتدائية امبابة جيزة

 

 

دعنى وجرحى فقد خابت أمانينا

هل من زمان يعيد النبض يحينا

يا ساقى الحزن لا تعجب ففى وطنى

تهر من الحزن يجرى فى روابينا

كم من زمان كئيب الوجه فرقنا

واليوم عدنا ونفس الجرح يدمينا

جرحى عميق خدعنا فى المداوينا

لا الجرح يشفى ولا الشكوى تعزينا

كان الدواء سموما فى ضمائرنا

فكيف جئنا بداء كى يداوينا

هل من طبيب يداوى جرح امته؟

هل من أمام لدرب الحق يهدينا؟

أين الامام رسول الله يجمعنا؟

فاليأس والحزن كالبركان يلقينا

دين من النور بين الخلق جمعنا

ودين طه ورب الناس يغنينا

يا جامع الناس حول الحق قد وهنت

فينا المروءة اعيتنا مأسينا

بيروت فى اليم ماتت قدسنا انتحرت

ونحن فى العار نسقى وحلنا طينا

بغداد تبكى وطهران يحاصرها بحر

من الدم بات الان يسقينا

هذى دمانا رسول الله تغرقنا

هل من زمان بنور العدل يحمينا

مالى أرى الخوف فين ساكنا ابدا

ممن نخاف؟! ألم نعرف اعادينا؟

أعداؤنا من أضاعوا السيف من يدنا

وأودعونا سجون اليل تطوينا

هل من زمان يعيد السيف مشتعلا؟

لا شئ والله غير السيف يبقينا

يا خالد السيف لا تعجب... ففى زمنى

باعوا المأذن والقرآن راضينا

قم من ترابك يا ابن العاص ..

 فى دمنا ثأر طويل لهيب العار يكوينا

قم يا بلال وأذن صمتنا عدم

كل الذى كان طهرا لم يعد فينا

ما زال فى العين طيف القدس يجمعنا

لا الحلم مات ولا الأحزان تنسينا

لا القدس عادت ولا احلامنا هدأت

وقد نموت وتحيينا أمانينا

 

المصدر: الاستاذة هناء بمدرسة طه حسين

 
 

 تكريم المدرسين المتفوقين

 علميا وتكنولوجيا على مستوى الجيزة حضر الحفل

وزير التربية والتعليم أ.د . احمد زكى بدر

والمهندس سيد عبد العزيز

 محافظ الجيزة.

وزير التربية والتعلي أ.د. احمد ذكى بدر

ومحافظ الجيزة المهندس

سيد عبد العزيز ووكيل الوزارة

ومديرعام ادارة شمال الجيزة

الاستاذ محمود خطاب

http://kenanaonline.com/photos/1238051/1238051475/large_1238051475.jpg?1283727378

 

المقطع الاول

المقطع الثانى

 

 الجزء الثالث المدرسين المتفوقين الجيزة

مدير إدارة شمال الجيزة التعليمية

الاستاذ محمود خطاب 

 

 

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ 


 

بــحبــك  يـــا مـــصـــر

بلادي بــلادي بلادي  لــك حبـي وفــؤادي

مصـر يا أم البلاد  انـت غايتي والمراد

وعلى كل العبــاد  كم لنيلك من أيـادي

بلادي بــلادي بلادي لــك حبـي وفــؤادي

مصر انت أغلى درة  فــوق جبين الدهـر غرة

يا بلادي عيشي حرة واسلـمي رغـم الأعــادي

بلادي بــلادي بلادي لــك حبـي وفــؤادي

مصر يا أرض النعيم سدت بالمـجد القديم

مقصدي دفع الغريم وعلى الله إعتمـادي

بلادي بــلادي بلادي  لــك حبـي وفــؤادي

مصر أولادك كــرام أوفياء يرعـوا الزمـام

نحن حرب وسلام وفداكي يا بلادي

بلادي بــلادي بلادي لــك حبـي وفــؤادي

 ابـن النـيـل

Large_1238058475

للشاعر/حافظ ابراهيم

أهــلاً بنـابتة البـلاد ومرحبـــاً     

                 جــددتم العــهد الـذى قـد أخـلقـا

لاتيـأسوا أن تســتردوا مجـدكــم   

                  فلـربـا مغلـوبٍ هـوى ثـم أرتـقى

فتـجشموا للمـجد كـل عظـيمةٍ    

                   أنــى رأيت المـجد صـعب المـرتـقى

عـار على ابـن النـيل سباق الـورى 

               مهــما تقـلب دهـره أن يســبقا

فتـعلموا فـالعـلم مفتـاح العـلا   

                  لـم يبـق بـابـاً للسـعادة مـغـلـقاً 

ثـم استـمدوا منـه كـل قـواكـم     

               إن الـقـوى بـكـل أرض يتــقـى

 

قواعد اللغة الانجليزية للكبار والصغار 

شرح وافى لقواعد اللغة الانجليزية

Grammar


قواعد الإنجليزية



View

 more 

  مشروع المدرسة التكنولوجية

(جمعية تطوير 100مدرسة)

محافظة الجيزة

school Teach

View more 

presentations from essam yahia Ahmed .

 

 

 المقطع الاول

المقطع  الثانى






جمعية تطوير 100مدرسة مصرية

شكر خاص لكل القائمين على هذ العمل من كل مدرسين شمال الجيزة التعليمية

(دورة 77 يوم لتطوير المدرس المصرى من 4 أو 7 مستويات English+ICDL)

 




View more presentations from essam yahia Ahmed .

التسرب الدراسى Be active2 الاساذ سعد احمد




View
 more presentations from essam yahia Ahmed .

 

Young bankers اميمة عبد الغفار2

 

presentations from essam yahia Ahmed .