فهرس البحث الموضوع 
رقم الصفحة 
الفصل الأول
حوكمة الشركات (الاستراتيجيات المضادة للفساد)  

 
مقدمة .................................................................. 

1-1 مفهوم ومبادئ حوكمة الشركات.................................... 

1-2 أهداف حوكمة الشركــــــات................................ 

1-3 العناصر الأساسية لتطبيق حوكمة الشركات......................... 

الفصل الثانى

المحاسبة والمراجعة قوى دافعة فى الإدارة الرشيدة


2-1 حوكمة الشركات – الرقابة ضد الفساد المالي والإداري............. 

2-2 أهمية المحاسبة السليمة وإتباع المعايير الدولية لقياس الأداء ....... 

2-3 الرقابة الداخلية ودور لجان المراجعة فى تطبيق حوكمة الشركات.. 

2-4 إثبات فروض الدراسة ........................................... 

- نتائج الدراسة........................................................ 

- التوصيات...........................................................

- ملخص البحث....................................................... 

- المراجــع......................................................... 
 


مقدمة :


إن ما يشهده العالم الآن من تحرير لاقتصاديات السوق وما يتبعها من تحرير للأسواق المالية، مما يترتب عليها تزايد انفصال رؤوس الأموال والتوسع فى حجم الشركات، وانفصال الملكية عن الإدارة، كل ذلك أدى إلى ضرورة الاستعانة بآليات جديدة للرقابة من خلال إطار تنظيمى يضمن حماية رؤوس الأموال فى الشركات والمشروعات.

كل هذه التغيرات والتفاعلات الاقتصادية الجديدة عرضت الشركات للمنافسة الشرسة ولقدر كبير من التذبذبات الرأسمالية، مما نتج عنه سوء الإدارة وانتشار الفساد نتيجة للممارسات الخاطئة. ومن ثم كان لابد من تفعيل إسلوب حوكمة الشركات CORPORATE GOVERNANCE وما يتبعها من إجراءات تستند على عدة مبادئ تدعو إلى الإدارة الصحيحة والرشيدة لهذه الشركات.

أولاً : مشكلة البحث 

إن الانهيارات المذهلة لمنشآت الأعمال – مثل الفضيحة الشهيرة لبنك الاعتماد والتجارة الدولى، وكارثة بنوك الادخار والإقراض Saving and loan Banks فى الولايات المتحدة، والفجوة الكبيرة بين مرتبات ومكافآت المسئولين التنفيذيين فى الشركات وبين أداء تلك الشركات (1)  
، وكذلك افلاسات شركة إنرون وورلدكوم وغيرها من الممارسات الخاطئة فى قطاعات الأعمال والاقتصاد فى بعض الدول العربية، مما جعل الإخفاق فى جذب المستويات الكافية من رأس المال يهدد وجود المنشآت ذاتها، مما يكون لـه أثار شديدة الوطأة على الاقتصادات، وإضاعة المكاسب الاجتماعية والاقتصادية، مما أفقد هذه الشركات مصداقية الجدوى المالية لها وافتقاد الشفافية فى كل ما يتصل بقوائمها المالية وإجراءاتها فى المحاسبة والمراجعة.

لذ ا فإننا من خلال هذا البحث سنحاول عرض وجهة النظر المحاسبية لتفعيل دور حوكمة الشركات فى محاربة الفساد وسوء الإدارة حتى يمكن توطيد العلاقة بين الشركة ومساهميها بهدف حماية مصالحهم واستثماراتهم المالية.


ثانياً : أهمية البحث

إن المستثمرين يسعون إلى الشركات التى تتمتع بهياكل حوكمة سليمة، حيث إنها تلك المجموعة من "قواعد اللعب" التى تجرى بموجبها إدارة الشركة داخلياً، كما يتم وفقاً لها إشراف مجلس الإدارة على الشركة، بهدف حماية المصالح والاستثمارات المالية للمساهمين فى ظل وجود الشافية والإفصاح الكامل عن كل ما يتصل بنتائجها المالية فى الوقت المناسب لتفادى الأزمات المالية التى فجرها الفساد وسوء الإدارة فى الآونة الأخيرة.

لذا فان أهمية البحث تنطلق من ضرورة التطبيق السليم للمعايير المحاسبية ومعايير المراجعة لتفادى الفشل المالى والأزمات الاقتصادية حتى يمكن قيام نظام قوى لحوكمة الشركات، مع عدم إغفال أهميتها فى القطاع العام بجانب القطاع الخاص لمحاولة القضاء على انتشار الفساد فى القطاع العام لضمان حصول الشعب على عائد عادل من الأصول الوطنية، واستمرار النشاط الإقتصادى وتحقيق النمو، ودعم القرارات التنافسية.

ثالثاً : فروض البحث

1-  
إن طلب الشفافية والإفصاح الكامل فى إجراءات المحاسبة والمراجعة والتطبيق السليم لمعايير المحاسبة والمراجعة المتعارف عليها يساعد إسلوب حوكمة الشركات فى محاربة الفساد.

2-  
إن نظم المحاسبة المالية تعمق مفهوم المساءلة وبالتالى تقديم نظام عادل لنقل المعلومات وتبادلها بين إدارة الشركة والمستثمرين مما يؤدى إلى دعم الثقة والحفاظ على مصالح كل الأطراف.

رابعاً : حدود البحث 

من خلال استعراض مشكلة البحث والتعرف على طب ي عتها وأهمية تناولها، فإن البحث سيحاول إعطاء وجهة نظر محاسبية لتمثل تصوراً قد يساعد فى تفعيل دور حوكمة الشركات فى محاربة الفساد وسوء الإدارة، وإيضاح مدى أهمية دور المحاسبة والمراجعة فى هذا المجال.

خامساً : إسلوب البحث

يتبع الباحث إسلوب الدراسة المكتبية وما تناولته الكتابات المختلفة فى مجال حوكمة الشركات ودور المحاسبة والمراجعة فى المساعدة على تطبيق أساليب الإدارة الرشيدة وتعميق مفهوم المساءلة من خلال القراءة السليمة لتقارير المحاسبة والمراجعة ومعالجة القصور وتصحيح الخطط والاستراتيجيات.

سادساً محتويات البحث

يحتوى البحث على فصلين كالآتى :-

الفصل الأول : حوكمة الشركات (الاستراتيجيات المضادة للفساد).

1-1  
مفهوم ومبادئ حوكمة الشركات.

1-2  
أهداف حوكمة الشركات.

1-3  
العناصر الأساسية لتطبيق حوكمة الشركات.
الفصل الثانى : المحاسبة والمراجعة قوى دافعة فى الإدارة الرشيدة

2-1 حوكمة الشركات – الرقابة ضد الفساد المالى.

2-2 أهمية المحاسبة السليمة واتباع المعايير الدولية لقياس الأداء.

2-3 الرقابة الداخلية ودور لجان المراجعة فى تطبيق حوكمة الشركات.

2-4 إثبات فروض البحث.

 


الفصل الأول

حوكمة الشركات (الاستراتيجيات المضادة للفساد)

تنبع الحاجة الأصلية لحوكمة الشركات من الفصل بين الملكية والإدارة فى الشركات ذات الملكية العامة، ويسعى المستثمرون إلى المشاركة فى مؤسسات وشركات ناجحة تأتى لهم بالأرباح – لذا فإن حوكمة الشركات أصبحت من الموضوعات الملحة على جدول أعمال المؤسسات والمنظمات الدولية، حيث أن هناك الكثير من الأحداث الاقتصادية السلبية والتى استحوذت على اهتمامات كل من مجتمع الأعمال الدولى، والمؤسسات المالية الدولية مثل فضيحة بنك الائتمان والتجارة الدولى، وأزمة المدخرات والقروض فى الولايات المتحدة، والفجوة القائمة بين مكافآت الإدارة وأداء الشركات، وغيرها من حالات الفشل الإقتصادى الذريع فى بعض دول آسيا والدول النامية والاقتصادات المتحولة والأسواق الناشئة، وبالتأكيد مما تتعرض له بعض الممارسات الإقتصادية فى البلاد العربية من فساد وسوء إدارة يؤدى بها فى النهاية إلى الإخفاق وفقد قدرتها التنافسية والقضاء على المكاسب الاقتصادية والاجتماعية مما تمثل عبء وعائق على المجتمعات والاقتصاد الكلى. (1) 

وعلى الجانب الآخر فإن المستثمرون يرفضون سداد فاتورة الفساد وسوء الإدارة وبالتالى فإنهم يلجأون إلى طلب إثبات أن الشركات التى سوف يساهمون بها تدار وفق ممارسات سليمة تقلل إلى أدنى حد احتمالات الفساد وسوء الإدارة، ويبحث المستثمرون أيضاً عن الشركات التى بها هياكل سليمة لحوكمة الشركات.

لذا فإنه حتى يكون هناك فوائد واضحة للشركات والدول من حوكمة الشركات اتباع هذا الأسلوب، فإن ذلك يتطلب ادخال تشريعات وتعديلات أساسية، وتغيير استراتيجيات الإدارة حتى يمكن تأسيس وصيانة إطار مؤسسى مناسب، وبالتالى سيكون هناك قواعد وهياكل ملزمة لك الأطراف ومن هنا ظهرت الحاجة الماسة إلى حوكمة الشركات.

1-1 مفهوم ومبادئ حوكمة الشركات

لفظ الحوكمة هو الترجمة للأصل الإنجليزي للكلمة " Governance " ، والذى توصل إليه مجمع اللغة العربية فى محاولة لتعريب الكلمة، حيث أن لها معان أخرى مثل الإدارة الرشيدة والحاكمية، لذا يطلق على اصطلاح " Corporate Governance " لفظ حوكمة الشركات.

ويشير مفهوم حوكمة الشركات إلى القوانين والقواعد والمعايير التى تحدد العلاقة بين إدارة الشركة من ناحية وأصحاب المصالح أو الأطراف المرتبطة بالشركة من ناحية أخرى، بحيث يضمن الممولون حسن استغلال الإدارة لأموالهم وتعظيم الربحية، وتحقيق الرقابة الفعالة.

أن حوكمة الشركات تعنى بالمفهوم الأوسع كيفية وضع هيكل يسمح بقدر كبير من الحرية فى ظل سلطة القانون، وتشمل التغييرات الأساسية تبنى المعايير الدولية للشفافية والوضوح والدقة فى البيانات المالية حتى يتمكن الدائنون والمقرضون من مقارنة احتمالات الاستثمار بسهولة.

هذا وقد حددت منظمة التعاون الإقتصادى والتنمية تعريفاً لحوكمة الشركات بإنها ذلك النظام الذى يتم من خلاله توجيه وإدارة الشركات، ويحدد من خلاله الحقوق والمسئوليات بين مختلف الأطراف مثل مجلس الإدارة والمديرين والمساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح، كما انه يحدد قواعد وإجراءات اتخاذ القرارات المتعلقة بشئون الشركة، وكذلك تحديد الهيكل الذى يتم من خلاله وضع أهداف الشركة ووسائل تحقيقها وآليات الرقابة على الأداء. (1) 
.

ويثير مصلح حوكمة الشركات بعض الغموض لثلاثة أسباب رئيسية مرتبطة بحداثة هذا الاصطلاح وهى :- (2) 

1- 
على الرغم من أن مضمون حوكمة الشركات وكثير من الامور المرتبطة به ترجع إلى أوائل القرن التاسع عشر، حيث تناولتها نظرية المشروع وبعض نظريات التنظيم والإدارة، إلا أن هذا المفهوم لم يتبلور إلا منذ قرابة عقدين أو ثلاثة عقود مضت.

2- 
عدم وجود تعريف قاطع وواحد لهذا المفهوم، فالبعض ينظر إليه من الناحية الاقتصادية على انه الآلية التى تساعد فى الحصول على التمويل، وتضمن تعظيم قيمة اسهم الشركة واستمرارها فى الأجل الطويل، وأخرون يعرفونه من الناحية القانونية على انه يشير إلى طبيعة العلاقة التعاقدية من حيث كونها كاملة أم غير كاملة والتي تحدد حقوق وواجبات حملة الأسهم وأصحاب المصالح من ناحية، والمديرين من ناحية أخرى، وفريق ثالث ينظر إليه من الناحية الاجتماعية والأخلاقية من واقع المسئولية الاجتماعية وتحقيق التنمية الاقتصادية.

3- 
إن مفهوم حوكمة الشركات مازال فى طور التكوين ومازالت كثير من قواعده ومعاييره فى مرحلة المراجعة والتطوير.

ومع ذلك فإن هناك شبه اتفاق بين الباحثين والممارسين حول أهم محدداته وكذلك معايير تقييمه حيث يحمل مجموعة من القواعد والتنظيمات القانونية والمحاسبية والمالية والاقتصادية التى تحكم الإدارة فى أداء عملها وتمكنها من الوفاء بمسئوليتها.

وقد شارك كل من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى مع منظمة التعاون الإقتصادى والتنمية فى دراسة آلية حوكمة الشركات ومدى فاعليتها فى الأسواق المتقدمة والناشئة وانتهت هذه الدراسة إلى صياغة ما يسمى "مبادئ حوكمة الشركات" Principles of Corporate Governance وتشتمل على :-

1)  
المبادئ الخاصة بحقوق المساهمين.

2)  
المبادئ الخاصة بالمساواة فى معاملة المساهمين.

3)  
المبادئ الخاصة بدور ذوى الشأن والمصالح فى حوكمة الشركات.

4)  
المبادئ الخاصة بالإفصاح والشفافية.

5)  
المبادئ الخاصة بمسئوليات مجلس الإدارة.

وهذه النقاط تعتبر مرجعية بالإمكان استخدامها من قبل صانعى السياسة عند إعدادهم للأطر القانونية والتنظيمية للحوكمة فى الشركات، وذلك بما يتفق مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بهم، حيث تعد هذه المبادئ دائمة التطور بطبيعتها، وينبغى على الشركات أن تدخل التجديدات المستمرة على أساليب ممارسة الحوكمة، وأن تطوع تلك الأساليب على النحو الذى يكون من شأنه دعم القدرة التنافسية بها.

كما انه يقع على عاتق الحوكمات مسئولية هامة لتشكيل إطار تشريعى فعال يوفر المرونة الكافية التى تكفل بدورها للأسواق إمكانية العمل بكفاءة والاستجابة لتوقعات المساهمين وغيرهم من الأطراف أصحاب المصلحة، كما يترك للحكومات والمتعاملين فى السوق حرية تقرير كيفية تطبيق هذه المبادئ عند تطوير الأطر الخاصة بالحوكمة مع وضع تكاليف ومنافع التطبيق فى الحسبان.

إن التزام الشركات بتطبيق مبادئ الأساليب السليمة للحوكمة فى الشركات تعتبر بمثابة عامل متزايد الأهمية بالنسبة لقرارات الاستثمار، ومن الجوانب ذات الصلة الخاصة وبذلك تبرز العلاقة بين جوانب أساليب حوكمة الشركات وبين الطبيعة العالمية المتزايدة لعملية الاستثمار، حيث أن التدفقات العالمية للاستثمار تمكن الشركات من الحصول على تمويل من جانب اكبر عدد من المستثمرين.

1-2 أهداف حوكمة الشركات

إن الممارسات الجيدة لحوكمة الشركات سيساعدها على جذب الاستثمارات ودعم الأداء الاقتصادي والقدرة على المنافسة فى المدى الطويل وذلك من خلال تحقيق الأهداف الآتية:- (1) 

1-  
العدالة والشفافية فى معاملات الشركة وحق المساءلة بما يسمح لكل ذى مصلحة مراجعة الإدارة حيث أن الحوكمة تقف فى مواجهة الفساد.

2-  
حماية المساهمين بصفة عامة وتعظيم عائدهم وذلك بتبنى معايير الشفافية فى التعامل معهم لمنع حدوث الأزمات الإقتصادية.

3-  
منع المتاجرة بالسلطة فى الشركة وذلك من خلال ضمان وجود هياكل إدارية يمكن معها محاسبة الإدارة أمام المساهمين.

4-  
ضمان مراجعة الأداء المالى وحسن استخدام أموال الشركة من خلال تكامل نظم المحاسبة والمراجعة.

5-  
الإشراف على المسئولية الاجتماعية للشركة فى ضوء قواعد الحوكمة الرشيدة.

6-  
تحسين الإدارة داخل الشركة والمساعدة على تطوير الاستراتيجيات وزيادة كفاءة الأداء.

1-3 العناصر الأساسية لتطبيق حوكمة الشركات

أصبحت درجة التزام الشركات بتطبيق مبادئ الحوكمة أحد المعايير الأساسية التى يضعها المستثمرون فى اعتبارهم عند القيام باتخاذ قرارات الاستثمار، خاصة فى ظل النظام الإقتصادى العالمى الحالى والذى يتسم بالعولمة واشتداد المنافسة بين الشركات والمؤسسات المختلفة لدخول أسواق المال سواء المحلية أو العالمية من أجل الاستثمار.

لذا فإن تطبيق حوكمة الشركات من شأنه محاربة الفساد والعمل على مزيد من فرص الاستثمار والتنمية الاقتصادية.

وهناك مجموعة من العناصر الأساسية التى يجب توافرها لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الشركات وهى كما يلى:- (1) 

1-  
وضع أهداف استراتيجية ومجموعة القيم والمبادئ التى تكون معلومة للجميع. 

 حيث انه يجب على مجلس الإدارة أن يضع الاستراتيجيات اللازمة لتوجيه وإدارة النشاط، وتطوير المبادئ فى الإدارة بما يساعد على منع الفساد والرشوة سواء بالنسبة للمعاملات الداخلية أو الخارجية. 

كما يجب أن يضمن مجلس الإدارة قيام الإدارة العليا بتنفيذ سياسات من شأنها منع أو تقييد الممارسات والعلاقات التى تضعف من كفاءة تطبيق الحوكمة. 

2-  
وضع وتنفيذ سياسات واضحة للمسئولية فى الشركة. 

وذلك عن طريق تحديد السلطات والمسئوليات الأساسية للمجلس وكذلك الإدارة العليا، مع التزام الإدارة العليا بتحديد المسئوليات المختلفة للعاملين داخل الهيكل التنظيمى طبقاً للوظائف. 

3-  
ضمان كفاءة أعضاء مجلس الإدارة وإدراكهم لدورهم فى عملية الحوكمة. 

حيث يجب أن يتوفر لدى الأعضاء معلومات لحظية كافية تمكنهم من الحكم على أداء الإدارة لتحديد أوجه القصور وبالتالى اتخاذ إجراءات التصحيح المناسبة، مع تدعيم الاستقلالية والموضوعية لدى الأعضاء مع ضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين لتطوير الاستراتيجيات. 

إن تطبيق حوكمة الشركات على النحو السليم لا تعنى فقط مجرد احترام مجموعة من القواعد وتفسيرها تفسيراً ضيقاً وحرفياً، إنما هى ثقافة وأسلوب فى ضبط العلاقة بين مالكى الشركة ومديريها والمتعاملين معها، لذلك فكلما اتسع النطاق فى استخدامها كانت المصلحة أكبر للمجتمع. 


 


الفصل الثانى


المحاسبة والمراجعة قوى دافعة فى الإدارة الرشيدة

 


أصبحت قواعد إدارة الشركات اليوم موضع العديد من المناقشات بين المساهمين من المستثمرون ورجال الإدارة، ولقد تطورت نظم إدارة الشركات عبر القانون، وكان هذا التطور نتيجة للممارسات الخاطئة وتعثر الشركات وتعرضها للأزمات والتي تنشأ عن خلل فى النظام، وعادة كلما كان هناك أزمة أو تعثر واضح للشركة نتيجة عدم الكفاءة وإساءة استخدام السلطة، وكل ذلك يقابل باستخدام أحد نظم قواعد إدارة الشركات. (1) 

وقد حظيت إدارة الشركات بقدر من الاهتمام لم تكن تخط به من قبل، حيث أن حالات الفشل فى الشركات قد نالت جميع من لهم صلة مباشرة بالشركات مثل المديرين والمساهمين والمحاسبين وكذلك الموظفين والعملاء والموردين وكان لها تأثير على البيئة المحيطة بها اجتماعياً واقتصادياً.

إن العولمة تجبر العديد من الشركات فى ظل تطور وسائل الاتصالات وتدويل الاقتصاد والتحولات الهيكلية فى أشكال الملكية للشركات والمضى فى طريق الخصخصة – كل ذلك أجبر الشركات على الحاجة إلى قواعد فعالة لإدارة الشركات وذلك لتقليل مخاطر الاستثمار وكسب خبرة تنافسية فى ظل سياسات داعمة منها نظم المحاسبة والمراجعة داخل هذه الشركات.

2-1 حوكمة الشركات - الرقابة ضد الفساد المالى والادارى 

فى ضوء الواقع العالمى أصبح هناك ضرورة ملحة للالتزام بقواعد حوكمة الشركات لتأمين وتحسين المناخ الاستثماري العام سواء كان على المستوى المحلى أو المستوى الدولى مما له من قدرة على انعاش الاستثمار الخاص وتحفيز المدخرين على ضخ أموالهم فى السوق فى ظل توفير درجة عالية من الثقة للرقابة والسيطرة على المعاملات.

إن حوكمة الشركات لا تعنى فقط مجرد احترام مجموعة من القواعد وتفسيرها تفسيراً جامداً وحرفياً، وإنما هى ثقافة وأسلوب لضبط العلاقة بين مالكى الشركة ومديريها والمتعاملين معها.

إن هناك الكثير من الممارسات والأعمال التى تتجاوز القانون والقواعد والأصول الواجبة فى إدارة الشركات والأعمال وبالتالى تخالف اقتصاديات السوق الصحيحة والدقيقة وما تتضمنه من قواعد صارمة لضبط الأعمال والمعاملات والشركات لحماية الاقتصاد الوطنى للدولة وحماية المستثمرون والمساهمون وكذلك جهود المستهلكين والعملاء حيث يمثلون المنظومة التى تصنع فى النهاية القدرة التنافسية للاقتصاد وتخرجه عن طريق السوء والفساد والانحراف وتقوده إلى طريق النمو والانتعاش والتقدم والتحديث (1) 
.

إن الغش والخدا ع هما اللبنة الأولى فى منظومة الفساد، واكتشاف الغش خاصة فى الأمور المالية يمثل تحدياً كبيراً للمحاسبين، حيث يملك هؤلاء المفسدين أدوات جديدة ويطورونها من آن لآخر، وبالتالى لابد من مقابلتها بإجراءات وقائية متطورة تطوراً كاملاً تمثل آليات جديدة للرقابة تعمل فى ظل وضوح وجلاء أكثر. (2) 

اذاً لابد من تأسيس وتنفيذ استراتيجيات وإجراءات فعالة ضد الفساد بتحديد وتضمين القواعد واللوائح القانونية وتوضيح القوانين المعنية وتبنى مبدأ الشفافية، حيث من الضرورى أن تكون واضحة ومفهومه لدى جمهور المتعاملين. (3) 

عناصر الاستراتيجية المضادة للفساد :-

1- 
اصلاح الهيئات الحكومية – ومحاربة الأداء البيروقراطى، وتقييم أساليب العمل بصفة مستمرة، مع تقوية قدرات الهيئات الحكومية الإدارية والتنفيذية من خلال تطوير قدرات العاملين ورفع مستوى خبراتهم من خلال التأهيل الجيد، وتحسين كفاءة النظام القضائى بتوفير الموارد المالية والفنية الكافية واللازمة لتنفيذ القوانين.

2-  
وضع آليات تنفيذ حوكمة الشركات

حيث أن تأسيس الإطار المؤسسى اللازم لتثبيت جذور حوكمة الشركات يتطلب إصلاح الكثير من القوانين واللوائح المعمول بها الآن فى مختلف الشركات، وذلك لتنفيذ مبادئ الحوكمة. 

3-  
مراعاة النزاهة والعدالة فى العمل
حيث أن تحمل المسئولية وقبول المحاسبة والشفافية تجاه المساهمين وأصحاب المصلحة لايقتصر على تحسين سمعة الشركة وجذب الاستثمارات فقط، بل يعطيها ميزة تنافسية، وبالتالى لابد من إقامة علاقات جيدة بين أصحاب المصالح لتحقيق أهداف الشركة، وجعلهم جزءاً من استراتيجيتها طويلة المدى، فالاهتمام بأصحاب المصلحة وتحقيق الربح يسيران جنباً إلى جنب مع النمو الإنتاجي، وبمعنى آخر الاهتمام والربح يسيران جنباً إلى جنب مع الاستخدام الحكيم لرأس المال. 

تأسيس وممارسة حوكمة الشركات فى هياكل الشركات العامة والخاصة

حيث أن شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام وكلاهما مرادفاً للآخر تساهم فى الاقتصاد اكثر من شركات القطاع الخاص وبالتالى يكون لها النصيب الأكبر فى الناتج الوطنى والتوظيف والدخل واستخدام رأس المال وبالتالى تشكيل السياسات العامة – وإن كان الاتجاه إلى ما يسمى بإدارة الأصول فى هذه الشركات – أي التخلص منها وبيعها والاندماج فى اقتصاديات السوق الجديدة وإن كان هذا الاتجاه لاينفى ضرورة اتباع أساليب الحوكمة لتحقيق التنمية الاقتصادية وإدارة الموارد بكفاءة ونزاهة وزيادة الإنتاجية وحماية حقوق العاملين.

إن الممارسات الجيدة فى الإدارة والتركيز على القيم تؤدى إلى تحقيق الأرباح المالية المستمرة حيث يؤدى ذلك إلى تحسين العلاقة والتعامل الجيد مع أصحاب المصلحة. (1) 

2-2 أهمية المحاسبة السليمة واتباع المعايير الدولية لقياس الأداء

بينما تتزايد درجة العولمة على مستوى الاقتصاديات المحلية من خلال تبسيط القواعد واصطلاحات السوق – تتزايد الحاجة أيضاً لإيجاد نقطة تلاقى بين المعايير المعمول بها فى إعداد التقارير المالية على المستوى المحلى وبين معايير المحاسبة الدولية، ولكن لتحقيق درجة أكبر من الشفافية على المستوى العالمى فى إطار المساءلة، يجب توافر المؤسسات اللازمة لاقتصاد السوق الحر قبل حدوث هذا التوافق، وبالتالى إن تعبئة الموارد المالية يؤدى إلى مثل هذا التوافق. (2) 

إن الخبرة الدولية تثبت أن عمليات الغش فى القوائم المالية والتلاعب فى المراكز المالية تهدف إلى حصول الإدارة العليا للشركات على مكافآت وتعويضات إضافية غير حقيقية بإثبات تحقيق الهدف من الخطط الموضوعة بالشركة على عكس الحقيقة وهذا ما ينطوى تحت التدليس المالى والمحاسبى – لذا فإن تطوير وتطبيق الأساليب الحديثة المرتبطة بحوكمة الشركات واحترام القوانين والأعراف المحاسبية والمالية والإدارية يستوجب الشفافية والإفصاح عن مؤشرات الأداء للشركات والمتمثلة فى تنفيذ مؤشرات السوق وتطبيقها وكيفية استخدام الموارد المحددة والتكامل مع المتنافسين وكذلك مؤشرات التشغيل الداخلية حيث يتعين التركيز على جودة الأداء فى الإجراءات وبالتالى جودة المخرجات مع مراعاة التكلفة.

وأصبح من المؤكد أن للمحاسبة دور رئيسى وفعال فى خدمة الاقتصاديات، مما أدى إلى ضرورة تنظيم عملية الإفصاح عن السياسات المحاسبية على المستوى القومى والدولى، حيث تساهم نظرية المحاسبة فى ترشيد التطبيق المهنى للمحاسبة عن طريق إرساء المبادئ العلمية المتعلقة بتحديد أسس قياس وعرض العمليات المالية، حيث أن المعايير المحاسبية ليست أداه للاسترشاد العام وإنما هى تعبير عن كيفية تطبيق مبدأ محاسبى معين، ونظرية المحاسبة هى الإطار الفكرى والمعايير هى الإطار التطبيقى لتنظيم الممارسة العملية، لذلك لابد من الربط بين الإطارين حتى تتحقق خاصية الملائمة والتوافق بين النظرية والمعايير وفيما بين المعايير وبعضها البعض. (1) 

ويعتبر الإفصاح المحاسبى هو جوهر النظرية المحاسبية، حيث يقضى بضرورة أن تفصح القوائم المالية الختامية عن السياسات والمعلومات المحاسبية بصورة كاملة وشاملة وواضحة بهدف تمكين أصحاب المصالح من حسن إصدار القرارات.

ويجدر ملاحظة أن إعداد التقارير المالية الشفافة يتعدى مجرد تطبيق مجموعة من المعايير المحاسبية التى تهدف إلى توفير التناسق وقابلية المقارنة، إذ أن ذلك يعتبر جزءاً لا يتجزأ من نظام جيد مصمم بعناية لحوكمة الشركات، وفى الولايات المتحدة يطلب إلى مجالس الإدارة أن تتأكد من قيام المحاسبين والمراجعين وإدارة الشركة بأداء أعمالهم بطريقة سليمة وبشكل مستقل مع مراعاة أن يؤدى تطبيق المعايير المحاسبية إلى توفير الشفافية والتي تعكس اقتصاديات الشركات.

ولما كانت الدول فى جميع أرجاء العالم مازالت مستمرة فى جهودها لتنمية الاقتصادات الديمقراطية القائمة على أساس السوق، فقد زادت أهمية اتباع المعايير المحاسبية ومعايير إعداد التقارير السليمة، لسلامة نظمها المالية، ومن الممكن أن يؤدى اتباع المعايير المحاسبية الدولية المعترف بها إلى تسهيل جهود الخصخصة، نظراً لما توفره من ثقة لدى أصحاب المصالح.

ومما لاشك فيه أن المعايير المحاسبية السليمة تدعم كفاءة الإدارة المالية، كما أن النظام السليم للتقارير هو الذى يوفر المعلومات الحيوية والتي تساعد على اختيار القرارات الاستثمارية السليمة. (1) 

ونظراً للحاجة إلى معايير محاسبية سليمة فى جميع أرجاء العالم فقد بدأت المنظمة الدولية للجان الأوراق المالية ( OSCO ) فى بداية التسعينات بالمطالبة بوضع مجموعة واحدة من المعايير المحاسبية يمكن استخدامها كجواز مرور فى أسواق الأوراق المالية بمختلف الدول، وقررت المنظمة أن أفضل فرصة لوضع هذه المجموعة الواحدة من المعايير المحاسبية، تكمن فى البناء على المعـايير الـتى وضعتـها لجـنة المعايير المحاسبية الدولية ( IASC ) والتي ينظر إليها باعتبارها قائمة على مبادئ على عكس المعايير الأمريكية التى ينظر إليها على أساس إنها قائمة على أحكام وقواعد.

ويرى البعض أن استخدام وقبول مجموعة واحدة من المعايير المحاسبية يمكن أن يؤدى إلى زيادة القدرات المالية وإضفاء نوعاً من المرونة فى المعاملات الدولية، وبالتالى زيادة الجودة العالية فى التقارير المالية، وقد ساعد الاتحاد الأوربي حركة التوجه إلى معايير المحاسبة الدولية بالموافقة على خطة عمل الخدمات المالية فى عام 1999، وتلا ذلك تقرير " Lamfalussy Report " عن تنظيم أسواق الأوراق المالية الأوربية فى فبراير 2001 وكلاهما معاً سيتطلبان من الشركات المقيدة فى بورصات الاتحاد الأوربى أن تعلن وتخطر عن نتائجها المالية باستخدام المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية أبتدأ من عام 2005.

إن أهداف المحاسبة المالية تحتل مركز اهتمام الهيئات والمجالس المعنية بإعداد معايير المحاسبة ومحور أعمالها ونشاطاتها وبالتالى نتج مفهومين عن أهداف المحاسبة المالية هما:-

1- مفهوم المساءلة Accountability Context 

 وتزامن ظهور هذا المفهوم مع فصل إدارة الشركات عن ملاكها مما أدى إلى ظهور الحاجة لتلك المساءلة من قبل الملاك للاطمئنان على استثماراتهم كما أدت هذه المساءلة إلى الحاجة للتسجيل من أجل إعداد التقارير، والحاجة إلى المراجعة من أجل دعم الثقة والى التحليل من اجل الاستيعاب، وأصبح مفهوم المساءلة أكثر شمولاً ويقدم نظام عادل لنقل المعلومات بين السائل والمسئول.

ويرى الباحث أن تعميق مفهوم المساءلة يتفق مع أسلوب حوكمة الشركات بما يبديه من شفافية وإفصاح عن المعلومات مما يُعضد عن عملية التواصل والتعاون بين الملاك والإدارة وبالتالى ازدهار ونمو الاقتصاد.

إن المحاسبة المسئولة هى إحدى الأدوات الرئيسية فى ضمان الحوكمة السليمة فى الشركات، لذا يجب على المحاسبون أن يفهموا جيداً مفهوم حوكمة الشركات.

2-3 الرقابة الداخلية ودور لجان المراجعة فى تطبيق حوكمة الشركات

إن التغير الهيكلى فى مكونات البيئة الإنتاجية والتسويقية وما صاحبها من تطورات فى نظم الاقتصاد العالمى، خلق نوعاً من المنافسة الحادة نظراً لبعض المستجدات مثل التطور الحديث فى نظم التكنولوجيا، وتطبيق بنود اتفاقية الجات، وكذلك انفصال الملاك عن الإدارة، مما حدى بالإدارة إلى المسارعة لإيجاد أساليب جديدة فى الرقابة الداخلية تحقق الطمأنينة لها وللمشروع وأصحابه وذلك من خلال إطار منظم وهو نظام الرقابة الداخلية، بما يحتويه من أساليب رقابة محاسبية وأساليب رقابة إدارية والتي أكد المعهد الأمريكى للمحاسبين القانونيين ( AICPA ) على أهمية العلاقة الوثيقة بين كلا النوعين من الرقابة المحاسبية والرقابة الإدارية من اجل تحقيق مراقبة داخلية فعالة. (1) 

2-3-1 نظام الرقابة الداخلية 

أن نظام الرقابة الداخلية يمثل قاعدة أساسية وضرورية للاطمئنان إلى دقة البيانات المالية والتحقق من قدرتها على تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للمحافظة على الاستثمار، لابد أن يحقق مستويات ملائمة من المراجعة والفحص داخل كل شركة، ويؤدى التطبيق السليم لمبادئ الحوكمة إلى جعل عمل المراجعين اكثر سهولة، حيث يساهم فى دعم التعاون المشترك بين الإدارة والقائمين على نظام الرقابة الداخلية.

كما يجب أن يتم وضع نظام الرقابة الداخلية بناء على تصور ودراسة المخاطر التى قد تواجه الشركة مع ضرورة متابعة وتقييم تلك المخاطر بشكل دورى.

كما أن أساليب الرقابة الداخلية التى يحتوى عليها نظام الرقابة الداخلية تساعد الإدارة الرشيدة من خلال إسلوب حوكمة الشركات فى الوصول إلى درجة من التأكيد المعقول Reasonable Assurance عند قياس وتقييم المخرجات المالية حتى يمكن تقدير المنافع ومقارنتها بالتكاليف. 

وتلعب جودة المراجعة دوراً كبيراً فى تفعيل أسلوب حوكمة الشركات حيث يزيد معدل الثقة لدى مستخدمي التقارير المالية، حيث أن وضع نظم للرقابة على الجودة والالتزام بها تلعب دوراً كبيراً فى ضمان جودة عملية المراجعة.

2-3-2 لجان المراجعة

مع ازدياد فرض القيود القانونية فى كثير من الدول المتقدمة الاقتصادية، وضخامة حجم مجلس الإدارة وعدم التجانس بين أعضاءه بما لا يتناسب مع تناول العملية الخاصة باستعراض مراجعة القوائم المالية للشركات، وكذلك الخلافات التى قد تثور بين مصالح الإدارة ومصلحة جودة التقارير المالية – كل ذلك أدى إلى ظهور لجان المراجعة فى الشركات لمساعدة مجالس الإدارة على الالتزام والوفاء بمسئوليتها الإشرافية، وهذه اللجنة تتكون من أعضاء مجلس الإدارة المستقلين والذين يمتلكون المهارات المالية والمحاسبية وذلك لدعم استقلال المراجع الخارجى وتحديد أتعابه ومراجعة القوائم المالية والتقارير للتأكد من جودة المعلومات الواردة بها. (1) 

وهناك اتجاه قوى داخل الشركات للاعتماد على لجنة المراجعة مع الوضع فى الاعتبار توافر عدة عناصر لازمة لكى يكون دورها فعال ومنها التمتع بالاستقلالية، الخبرة، والفحص النافى للجهالة وهو ما يتفق مع أسلوب حوكمة الشركات ، وكذلك تقييم الإفصاح المالى، ومدى كفاية الرقابة الداخلية.

وتعتبر وظيفة لجنة المراجعة بالنسبة لإعداد التقارير المالية هى وظيفة إشرافية رقابية ولا يدخل فى دورها إعداد هذه القوائم – أي أن هذه اللجنة تقوم بدور المنسق بين مجلس الإدارة والمراجع الخارجى واستعراض نتائج المراجعة الداخلية والخارجية، كما تقوم بالنظر فى أى تغييرات ملموسة بشأن مبادئ وممارسات المراجعة والمحاسبة المستخدمة عند إعداد القوائم المالية أو أي ممارس لاختيار مثير للشك تم استخدامه فى إعداد تلك القوائم.

كما يجب على لجنة المراجعة أن تقوم بتقييم المخاطر التى تنشأ عن الضغوط على مجلس الإدارة لإعداد التقارير، ومن الواضح انه لكى تكون لجنة المراجعة فعالة فى إشرافها على عملية إعداد التقارير المالية، فإنها لايمكن أن تعمل فى فراغ، حيث تعتمد على المعلومات التى تقدم إليها من الإدارة المالية، وموظفى المراجعة الداخلية، والمراجعين الخارجيين للقيام بمسئوليتها – لذا فإن من المهم أن تقوم اللجنة بخلق حوار مفتوح وحر وصريح ومنتظم مع كل أولئك المشاركين فى العمل، وفى الواقع أن المحاسبة المالية وعملية إعداد التقارير المالية ذات الجودة العالية لايمكن أن تنتج إلا عن طريق الاتصالات الفعالة.

وقد أكد البنك الدولى على أهمية الشفافية فى نظم المحاسبة والمراجعة من اجل الحصول على تقارير مالية للشركة تتمتع بمصداقية ودرجة ثقة عالية، وكجزء من التقارير الخاصة بمبادرة الالتزام بالمعايير والقواعد ( ROSC ) سوف يقوم البنك الدولى بمراجعة مدى الالتزام بمعايير المحاسبة والمراجعة فى عدد من الدول، ويهدف هذا العمل إلى وضع أساس لمقارنة الأساليب فى الدول موضع البحث والتي سيتم مراجعتها على أساس المعايير المحلية والدولية والهدف من هذه المراجعة هو تقييم القدرة على مقارنة معايير المحاسبة والمراجعة المحلية مع الدولية والدرجة التى تلتزم بها الشركات فى كل دولة. (1) 

2-4 إثبات فروض الدراسة

توصل الباحث من خلال هذه الدراسة إلى أن اقتصاد السوق المفتوح قد أملى علينا ضرورة استخدام أساليب حديثة فى الإدارة للمحافظة على الأموال واستمرار الشركات فى ظل انفصال الملكية عن الإدارة، ومن هذه الأساليب أسلوب حوكمة الشركات وما يتبعه من إجراءات تستند على عدة مبادئ تدعو إلى الإدارة الرشيدة، وتوطيد العلاقة بين الملاك والشركة للحفاظ على حقوق المساهمين وتعظيم الربحية.

ومن ثم فإن الباحث قد أثبت الفروض الآتية:-

1- 
إن طلب الشفافية والإفصاح الكامل فى إجراءات المحاسبة والمراجعة والتطبيق السليم لمعايير المحاسبة والمراجعة المتعارف عليها، يساعد إسلوب حوكمة الشركات فى محاربة الفساد، وذلك عن طريق تفعيل المحاسبين والمراجعين من خلال هذا الأسلوب للحصول على المعلومات المالية اللازمة لاتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة ووضع استراتيجيات العمل وتطويرها بصفة مستمرة وكذلك تفعيل دور لجان المراجعة داخل الشركات للاستفادة من فكرة إنشاءها.

2- 
إن نظم المحاسبة المالية تعمق مفهوم المساءلة وبالتالى تقديم نظام عادل لتلك المعلومات وتبادلها بين إدارة الشركة والمستثمرين مما يؤدى إلى دعم الثقة والحفاظ على مصالح كل الأطراف، حيث تساعد النظم المحاسبية على دعم القابلية للمحاسبين عن المسئولية والشفافية، كى تشجع على الاستخدام الكفء للموارد، وجذب رؤوس الأموال، ودعم القدرة التنافسية للمشروعات والشركات، وخلق وظائف جديدة.
نتائج الدراسة

1- 
إن حوكمة الشركات تهدف إلى وضع هيكل يسمح بقدر كبير من الحرية فى ظل سلطة القانون وتبنى المعايير الدولية للشفافية والوضوح والدقة فى البيانات المالية.

2- 
هناك اتفاق بين الباحثين الممارسين حول محددات ومعايير تقييم إسلوب حوكمة الشركات، حيث يحمل مجموعة من القواعد والتنظيمات القانونية والمحاسبية والمالية والاقتصادية التى تحكم الإدارة فى عملها.

3- 
إن مبادئ حوكمة الشركات تعتبر نقاط مرجعية لصانعى السياسات عند إعدادهم للأطر القانونية والتنظيمية للحوكمة فى الشركات وبالتالى فإن تطبيقها يعتبر اهتمام متزايد بالنسبة لقرارات الاستثمار.

4- 
الشفافية والفساد وجهان متناقضان لعملة واحدة وبالتالي لابد من بذل الجهود الكافية للقضاء على الفساد – حيث تعتبر الشفافية المصل المضاد للفساد، وبالتالى لابد وأن تأتى هذه الجهود من داخل المجتمع ذاته وإغلاق المنافذ فى وجهة ومتابعة إنفاق المال العام حيث انه حق ديمقراطى.

5- 
تزايد الحاجة إلى تفعيل استخدام معايير المحاسبة الدولية ومعايير المراجعة الدولية لتحقيق درجة أكبر من الشفافية على المستوى العالمى فى إطار المساءلة.

6- 
إن نظام الرقابة الداخلية ولجان المراجعة داخل الشركات تلعب دوراً كبيراً فى تفعيل إسلوب حوكمة الشركات من خلال دراسة المخاطر والقيام بعملية الربط بين مجلس الإدارة والمراجع الخارجى وتحقيق الاستقلالية للوصول إلى الشفافية والإفصاح الكامل بالقوائم المالية من خلال جودة الأداء المهنى.

التوصيات

1- 
يجب على الحكومات تبنى مفهوم الحوكمة وأن يكون ذلك من خلال إصدار التشريعات اللازمة لتشجيع الشركات على تنفيذ هذا الأسلوب للحفاظ على الأموال وزيادة الاستثمارات ودعم الاقتصاد القومى.

2- 
ضرورة متابعة الفساد ومعرفة وسائله وأساليبه ومقاومته بمبدأ الشفافية والإفصاح وعلاج الفساد الإداري واعلان الحرب عليه لتحقيق الإصلاح السياسى والاقتصادى وتعميق مفهوم المساءلة، وحسن اختيار القيادات فى ظل معايير الكفاءة وليست المحسوبية.

3- 
ضرورة الالتزام بمعايير المحاسبة والمراجعة واستمرار العمل بها لإنتاج تقارير مالية ذات جودة عالية واستخدامها فى القرارات الاقتصادية التى تحقق الكفاية للمجتمع، ودعم ممارسات المحاسبة والمراجعة من خلال التنظيمات الثقافية والمهنية الخاصة بها.

4- 
وضع قواعد لأفضل الممارسات فى مجال إدارة الشركات على المستوى الدولى والمستوى الإقليمي، وتدريب العاملين عليها، وتحديد الأدوار من خلال ثقافة إسلوب حوكمة الشركات وتبادلها بين الكيانات الاقتصادية العربية.

5- 
تعميم استخدام إسلوب حوكمة الشركات فى قطاع الأعمال العام بجانب القطاع الخاص للاستفادة من الممارسات الأفضل مع التركيز على القيم لتحقيق الأرباح المالية وترسيخ المسئولية الاجتماعية والأخلاقية فى المجتمع.

 

 

 


ملخص البحث

إن ما يشهده العالم من تحرير لاقتصاديات السوق وما يتبعها من تحرير للأسواق المالية مما يترتب عليه تزايد انفصال رؤوس الأموال والتوسع فى حجم الشركات وانفصال الملكية عن الإدارة، كل ذلك أدى إلى ضرورة الاستعانة بآليات جديدة للرقابة من خلال إطار تنظيمى يضمن حماية رؤوس الأموال فى الشركات والمشروعات وكانت إحدى هذه الآليات هو إسلوب حوكمة الشركات CORPORATE GOVERNANCE ، أو ما يسمى بالتحكم المؤسسى وما يتبعها من إجراءات تستند على عدة مبادئ تدعو إلى الإدارة الصحيحة والرشيدة وتوطيد العلاقة بين الشركة وأصحابها للحفاظ على حقوق المساهمين وتعظيم الربحية وتفعيل مبدأ محاسبة المسؤلية.

ويهدف هذا البحث إلى تفعيل وتعظيم دور المحاسبين ومراقبى الحسابات فى إسلوب حوكمة الشركات من خلال الإفصاح والشفافية الكاملة عن كل ما يتصل بالقوائم المالية ونتائجها فى الوقت المناسب مما يمكن من خلاله تقييم الموقف المالى والأداء وتسهيل الحصول على المعلومات المالية والتى تلعب دوراً رئيسياً فى اتخاذ القرارات الاستثمارية ووضع استراتيجيات العمل داخل الشركات وذلك من خلال التطبيق السليم للمعايير المحاسبية ومعايير المراجعة لتفادى الفشل المالى والأزمات الاقتصادية، بما يضمن استمرارية النشاطات وتحقيق النمو الإقتصادى ودعم القدرات التنافسية لخدمة الأهداف المجتمعية وزيادة الدخل القومى.

محاسب /الأستاذ أحمد الأمين

esraaa
IDB بكالوريوس تجارة ، دراسات عليا دبلومة محاسبة مالية - مدير الحملات الإعلانية والتسويقية - صاحب مكتبة الإسـراء بجديدة الهالة، مركز المنصورة واتس استعلامات : 00201007395725 [email protected] - جميع خدمات الموقع لجميع الدول العربية »

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

490,788