توصل فريق من العلماء الى أن السبب الذي يجعل البعوض ينجذب للبعض من الناس دون الاخر هو كون بعض الأشخاص يفرزون رائحة جذابة تروق لتلك الحشرات الطائرة المغرمة بامتصاص الدماء.
والأشخاص الأقل قابلية للدغ من هذه الحشرات يفرزون رائحة خاصة تخفي الرائحة الاخرى التي تغري البعوض بالإنقضاض عليهم ولدغهم.
وربما الحل الذي يضمن للأشخاص الأكثر عرضة من غيرهم للدغات البعوض ابتعاد البعوض عنهم هو بقاءهم قرب أصحاب القدرات الخاصة على دفع البعوض بعيدا عنهم! بدلا من استخدام مبيدات البعوض التي تبيد الإنسان أيضا حيث يتزايد استخدام هذه المبيدات بكثرة في البلدان العربية وهذا حتما نتيجة لوجود المستنقعات وعدم معالجة مياه الصرف الصحي وانتشار مكبات القمامة المكشوفة في كل مكان مما يشكل وسطا مناسبا لتكاثر وتزايد هذه الحشرات.
ما دفعني لكتابة هذا المقال هو كثرة الشكاوى من الاهالي التي وردت في احدى الجرائد العربية اليومية عن تقصير البلديات في رش هذه المبيدات حيث ورد في إحدى الشكاوى أنهم في صيف السنة الماضية كانت حملات الرش يومية أما هذة السنة فهي لا تزيد عن مرتين في الأسبوع!!
أحد هذه المبيدات المستخدمة بكثرة في البلدان العربية هو مبيد ديكلوروڤوس حيث يرش على شكل ضباب حراري (دخان أبيض) ممزوجا بالبنزين أو الكيروسين.
قبل الكلام عن هذا المبيد، من المعروف أن دخان المواد البترولية يُنتج كثيراً من المواد المسرطنة والضارة بالجهاز التنفسي والعيون، وهذا بحد ذاته يشكل خطراً كبيراً مع تكرار التعرّض لهذا الدخان. وكثير منا قد شاهد الأولاد الصغار في المدن والقرى يركضون فرحين وراء العمال والسيارات التي تضخ هذا الدخان في الشوارع وبين البيوت فرحين بهذه اللعبة دون أي علم أو توجيه من الأهل بخطورة هذا التصرف.
الديكلوروڤوس هو مبيد حشري فوسفوري عضوي استخدم أول مرة في بريطانيا عام 1955، تم استخدامه في الحرب العالمية الثانية كغاز قاتل من غازات الأعصاب، ويستخدم حالياً بكثرة في الدول النامية، في عدة مجالات منها..
- في زراعة الفطر وضد كثير من الحشرات والخنافس في البيوت البلاستيكية وفي تربية الدواجن
- في الأدوية البيطرية وتربية الأسماك، وكبخاخ لحشرات الكلاب والقطط.
- في الصحة العامة كمبيد ضبابي دخاني ضد البعوض، وبخاخ حشري منزلي وفي المصائد الحشرية اللاصقة
- كما استخدم بكثرة في الدول النامية كمبيد حشري على الخضار، الفاكهة، الرز، وعدة محاصيل مثل القطن، القهوة، الشاي، الكاكاو، الموز، التبغ والبهارات.
الديكلوروڤوس يعمل كمبيد تلامسي يؤثر على المعدة والجهاز التنفسي، وهو كغيره من المبيدات الفوسفورية العضوية يثبّط عمل أنزيم الكولين أستيراز، مما يؤدي إلى تعطيل الجهازين التنفسي والعضلي.
وهو شديد السميّة حيث أن الجرعة القاتلة الفموية( 56إلى108مغ-كغ.).وهو مصنّف من قبل منظمة الصحة العالمية في المجموعة "عالية الخطورة".إضافة إلى أن التسمم به عن طريق الجلد مماثل لتناوله أو استنشاقه. في معظم حالات التسمم الشديد المباشر نتجت عن تلوث الجلد برذاذ المبيد المركز.
كما أنه يتبخر بسرعة لكنه يحتاج إلى ثلاثة أيام حتى ينتشر في المكان المرشوش فيه، ويبقى تأثيره من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. ولا ننسى أنه بعد عمليات الرش يتركز في التربة ومن ثم يمكن أن ينتقل إلى المياه الجوفية.
كما أنه يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، ويمكن أن يسبب أعراضاً تتراوح بين الغثيان، إلى فقدان السيطرة على المثانة، وحتى فشل التنفس والغيبوبة، وصولاً إلى الموت عند الجرعات القاتلة.
أجرى باحثون في برنامج سرطان الثدي وعوامل الأخطار البيئية في جامعة Cornell – New York عدة دراسات على الديكلوروڤوس وفي إحدى الدراسات ازدادت إصابة فئران التجارب الإناث بسرطان المعدة، وسبب أيضاً عدة إصابات بأورام البنكرياس وسرطان الدم (اللوكيميا) عند الذكور، كما ظهر في الأبحاث أن المزارعين الذين استخدموا الديكلوروڤوس لمدة أكثر من 10 أيام في السنة، لديهم حالات كثيرة من سرطان الدم، مقارنة باللذين لم يستخدموه.
كما ظهرت زيادة كبيرة في حالات سرطان الدماغ عند أطفال العائلات التي استخدمت هذا المبيد. وهناك عدة دلائل تظهر أن الديكلوروڤوس يؤدي إلى عُصاب متأخر الظهور عند الدواجن، وتغيرات سلوكية، عصبية ووظيفية عند فئران التجارب. كما أن الهيئة الدولية لأبحاث السرطان تعتبره مسرطناً محتملاً للبشر.
مخاطره على البيئة
الديكلوروڤوس سام للأسماك، والأحياء المائية المفصلية حساسة جداً تجاهه، كما أنه عالي السمية للطيور ونحل العسل. وسميته الشديدة في الماء جعلت التركيز المسموح به في الماء: 0.001ppm فقط!
وهو موضوع على اللائحة الحمراء في بريطانيا، كمادة ممنوع رميها في الماء الجاري، لكن الملوث المائي الأكبر الذي لا يزال موجوداً هو زراعة أسماك السلمون الصناعية المزدهرة حالياً.. وفيها يستخدم الديكلوروڤوس كمبيد لـ قمل البحر الذي يمرض السلمون وبسبب العدد الكبير لمزارع السلمون (130 مزرعة في الساحل الغربي وجزر سكوتلاند) وتزايد الإنتاج من 600 طن علم 1980 إلى 48000 طن عام 1993.
أدى هذا إلى طرح كميات كبيرة من الديكلوروڤوس في المياه الطبيعية، وقد تم اكتشاف أن أسماك السلمون البرية قد تأثرت وازدادت عندها معدلات عمى العيون وإعتام العدسة (الماء الأزرق والأبيض) بسبب تعرضها لالديكلوروڤوس. وقد بدأ البريطانيون منذ فترة طويلة باستخدام بدائل أخرى طبيعية بدل هذا المبيد.
إن استخدامه في البلدان النامية وخصوصا البلدان العربية بكثرة بالرغم من سمّيته الشديدة الفموية والجلدية، وسهولة تداوله في هذه الدول يشكل موضوعاً خطيراً يجب النظر فيه فوراً.بالرغم من أن منظمة الفاو والبنك العالمي وGTZ (Germany) وODA (UK) لا يشجعون أبداً على تصنيع أو تداول هذه المواد.
وتظهر أبحاث Pesticides Trust (PAN UK) أن الديكلوروڤوس يستخدم حالياً في كثير من الدول عشوائياً دون أي قانون، وأنه قد سبب كثيراً من حالات التسمم في: الصين، كوستاريكا، الهند، الباراغوي، ومصر. وهو يُصنع بسهولة وبكميات كبيرة في الهند، البرازيل، المكسيك، وحتى في سورية.
وهو ممنوع الاستخدام في بريطانيا، السويد، الدنمرك. ومقيّد الاستعمال في أميركا، الكويت، اندونيسيا، كوريا الجنوبية وڤيتنام. حيث كان منعه في الدانمرك عام 1998 وفي بريطانيا عام 2002 باعتباره مادة مسرطنة. وتم سحب جميع المنتجات الحاوية على هذه المادة من الأسواق، ومنع الإعلان والترويج وتصنيع أي مبيد حشري يحتوي عليها.
وقد طلبت الحكومة البريطانية، بعد استشارتها لعديد من هيئات السرطان والصحة والبيئة، طلبت من البائعين إزالة هذه المنتجات فوراً من على رفوفهم والاتصال بالشركات المصنعة أو شركات النفايات المتخصصة للتخلص السليم منها، وكان ذلك بعد نصيحة UK Advisory Committee on Pesticides في 20-4-2002، التي تحذّر من خطورة تسبب الديكلوروڤوس بسرطانات في الجلد والكبد والثدي.
كما أن المشكلة لا تتعلق فقط بمبيد الديكلوروڤوس فقط، بل المشكلة كبيرة جداً وتشمل كثيراً من المبيدات كـ Deltamethrin و Malathion وغيرها، وآلاف المبيدات المستخدمة بجهل تام، حتى المبيدات المدروسة والمرخّصة لا يمكن الوثوق بها، لأن التأثيرات العصبية والسرطانية خصوصاً على البشر قد لا تظهر إلا بعد سنوات من تلقّي المبيد أو بقاياه، من الهواء، الماء، والغذاء.
لماذا لا تتم الاستفادة من تجارب دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا والدانمرك، بتطبيق طرق المكافحة الحيوية والمتكاملة
نصرخ عاليا يجب التوقف فوراً عن تصنيع واستخدام مبيد الديكلوروڤوس ومنعه بصفة رسمية من قبل وزارات الصحة والزراعة في البلدان العربية، وسحب جميع أنواع المبيدات الزراعية والمنزلية الحاوية على هذا المركب الخطير.
هل سيحتاج هذا لعشرات السنين؟ وإذا كانت الشركات المستفيدة من هذه المركبات لا تتوقف عن انتاجه لعدم تضرر مصالحها المادية فإننا نحن البيئيون نناشد الضمير لإيقاف مثل هذه المجازر التي تترتكب بحق الإنسان كل يوم.
أليست المبيدات أشد خطرا من البعوض في بلادنا؟!
المصدر: بواسطه د.حافظ زينهم حافظ مدير عياده اسلام البيطريه عن مقهى البيطريين
نشرت فى 21 مارس 2012
بواسطة eslamclinic
عدد زيارات الموقع
485,767
ساحة النقاش