تعتبر إصابة العمل مؤشراً على وجود خلل في نظام السلامة المتبع في الموقع. هذا يتطلب دراسة حيثيات الحادث أو الإصابة، واستخلاص العبر لتعديل إجراءات السلامة ومنهجية العمل المتبعة. كما يتطلب تصحيح الإجراءات المستقبلية وإصلاح نقاط ضعف النظام، لتجنب تكرار وقوع حادث مماثل مستقبلاً.
إن الهدف الرئيس للتحقيق هو معرفة الحقيقة المجردة، دون استباق للأحكام أو إدخال للمشاعر الشخصية ضمن التحقيق، كإرضاء مسؤول أو إدارة، أو السعي لتبرئة أو إدانة جهة محددة (سواء أفراد أو مسؤولين أو إدارات أو مؤسسات)، أو الالتفاف على قانون الضمان الاجتماعي، أو لإبراز حجج أو معطيات قانونية.
لذا فإن لمنهجية التحقيق أهمية كبيرة في تصويب الإجراءات القائمة.
من المعروف أنه كلما تحسنت إجراءات السلامة في مؤسسة ما، بما تتضمنه من شفافية في الإجراءات وتوثيق لها، ووضوح لمنهجية العمل، والرقابة الدائمة على إجراءات ومعدات السلامة، كلما قلّت فرص حدوث إصابة أو خطأ جسيم.
· منهجية التحقيق بالحادث:
أن يقوم بالتحقيق شخص أو لجنة من ذوي الخبرة في مجال العمل. ولا بد من إعداد محققين للقيام بهذه المهمة، وإخضاعهم لدورات متخصصة.
يجب أن تكون أسئلة المحققين محددة لمعرفة تسلسل الأحداث كحقائق على أرض الواقع، وتتم عادةً مقابلة كل شاهد على انفراد، ولا يسمح للشهود بالتشاور فيما بينهم حول مضمون المقابلة. كما لا تتضمن الإفادات أي رأي شخصي للشهود، كإعطاء الأعذار أو المبررات أو إلقاء اللوم على تصرف أدى لوقوع الحادث.
إلا أنه في نهاية المقابلة مع الشهود يمكن طلب رأيهم واقتراحاتهم، لتجنب تكرار مثل هذا الحادث مستقبلاً، وغالباً ما تكون آرائهم ذات قيمة للأخذ بها مستقبلاً.
· يهدف التحقيق عادةً إلى التالي:
1- جمع المعلومات الكافية من الشهود ومن المصابين حول حقيقة ما حدث، متضمنة البيئة المحيطة والمعدات والمواد المستخدمة ومنهجية العمل، والعوامل المساعدة لحصول الإصابة أو الحادث، إضافة لأية سلوكيات غير مبررة في الموقع، وكذلك مكان وقوع الحادث وزمن وقوعه، إضافة لحصر الأضرار المادية (المعدات والمواد والممتلكات ...).
2- وضع تصور لتسلسل الأحداث، متضمناً تسلسل الإجراءات وتحديد العيوب والنواقص في إجراءات السلامة والوقاية التي كانت متخذة قبل وقوع الحادث، وهل كانت صحيحة وكافية.
3- تحديد أسباب الحادث المباشرة(السبب الرئيس) وغير المباشرة(العوامل المساعدة). 4- مراجعة ملفات المعنيين بالحادث من حيث تدريبهم السابق، وأية حوادث أخرى كانوا معنيين بها، وكذلك كشف أعمال الصيانة الدورية أو الطارئة التي تمت سابقاً على الآلات والمعدات. َإضافة إلى مراجعة أية حوادث مشابهة، أو إصابات لموظفين آخرين.
5- إعداد تقرير مختصر للأسباب بشكل مجرد، غير متأثر بالعواطف أو المشاعر الشخصية تجاه المعنيين بالحادث، سواء كانت المشاعر متوافقة أو متعارضة مع الحقائق.
وأن يتضمن التقرير الأسباب الرئيسة والمساعدة التي أدت للحادث أو الإصابة. كذلك ذكر الحقائق المستخلصة من التحقيق.
إضافةً لوصف واضح لكيفية حصول الإصابة، ونتائج الحادث وتسلسل الأحداث، وتحديد السبب أو الأسباب والاستنتاجات، وأخيراً التوصيات لتصحيح الأخطاء أو الثغرات لتلافي تكرار مثل هذا الحادث مستقبلاً.
وإذا أشير في التوصيات إلى سلوكيات أفراد، فينبغي عدم تحديد الأسماء، بل الإشارة إلى السلوك فقط، وما كان يمكن القيام به لتجنب الحادث.
6- وضع توصيات وتحديد عمليات تصحيحية وإجراءات لتحسينات مقترحة، للمساعدة على عدم تكرار وقوع مثل هذا الحادث، ومتابعة تنفيذها.
· منهجية الوقاية من الحوادث:
1- مراجعة سياسات ومنهجيات السلامة المتبعة في المؤسسة بين الحين والآخر، وإعادة توثيقها وتعميمها. ومطابقة السياسة الوقائية للمؤسسة مع الواقع وهل هي عملية وكافية.
2- تحسين بيئة العمل مستقبلاً، وتحديد مواقع الخلل والخطر في بيئة العمل، والمساعدة على إتباع منهجية عمل أكثر وضوحاً وأماناً، بما في ذلك الاهتمام بسلامة العاملين وبمشاعرهم الإنسانية. كذلك توفير معدات وأدوات السلامة الضرورية للعاملين وتدريبهم على استخدامها،
3- إعداد سجلات بالحوادث، وفرزها وتصنيفها، وكذلك تصنيف نتائج التحقيقات، ووضع الاقتراحات والتوصيات المناسبة.
4- التدريب الكافي لأساليب العمل الوقائية لتجنب حصول حوادث. كذلك الأساليب العلاجية في حالة حصول حادث، وتثقيف العاملين بأسباب الحوادث والتعامل معها، وكيفية كتابة التقارير المتعلقة بها.
7- اطلاع ممثلي العمال على نتائج التحقيق، وإشراكهم بإبداء الرأي بالإجراءات والتوصيات.
5- التفتيش الدوري الوقائي في المواقع من قبل مشرفين مدربين، للتأكد من التزام الكوادر ببرامج وتعليمات السلامة في المؤسسة باستمرار، وتوفر المعدات اللازمة ومعاقبة المخالف. إضافةً إلى الكشف على أساليب العمل غير المأمونة، واقتراح العلاج اللازم لها، والإبلاغ عن مواطن الخطر والمصادر الرئيسة للحوادث، للانتباه لها ومعالجتها.
