رسالة من المنفى
تحيةً.. وقبلةً
وليسَ عندي ما أقولُ بعدْ
من أينَ أبتدي؟ وأينَ أنتهي؟..
ودورةُ الزمانِ دونَ حدّ
وكلُّ ما في غربتي
زوّادةٌ، فيها رغيفٌ يابسٌ، ووَجدْ
ودفترٌ يحملُ عنّي بعضَ ما حملتْ
بصقتُ في صفحاتهِ ما ضاقَ بي من حقدْ
من أينَ أبتدي؟
وكلُّ ما قيلَ وما يقالْ بعدَ غدْ
لا ينتهي بضمّةٍ.. أو لمسةٍ من يدْ
لا يُرجعُ الغريبَ للديار
لا يُنزلُ الأمطار
لا يُنبتُ الريشَ على
جناحِ طيرٍ ضائعٍ.. منهدّ
من أينَ أبتدي؟
تحيةً.. وقبلةً.. وبعدْ..
-2-
أقولُ للمذياع.. قلْ لها أنا بخيرْ
أقولُ للعصفورِ
إن صادفتَها يا طيرْ
لا تنسني، وقلْ بخيرْ
أنا بخيرْ
أنا بخيرْ
ما زال في عينيَّ بصرْ!
ما زالَ في السّما قمرْ!
وثوبي العتيق، حتى الآنَ، ما اندثرْ
تمزقت أطرافهُ
لكنني رتقتهُ.. ولم يزلْ بخيرْ
وصرتُ شاباً جاوزَ العشرين
تصوريني.. صرتُ في العشرينْ
وصرتُ كالشبابِ يا أمّاه
أواجهُ الحياه
وأحملُ العبءَ كما الرجالُ يحملونْ
وأشتغل
في مطعمٍ.. وأغسلُ الصحون.
وأصنعُ القهوةَ للزبونْ
وألصقُ البسماتِ فوق وجهيَ الحزينْ
ليفرحَ الزبونْ
-3-
أنا بخيرْ
قد صرتُ في العشرينْ
وصرتُ كالشباب يا أمّاه
أدخّنُ التبغَ، وأتّكي على الجدارْ
أقولُ للحلوةِ: آه
كما يقولُ الآخرونْ
« يا إخوتي، ما أطيبَ البنات،
تصوروا كم مُرَّةٌ هيَ الحياة
بدونهنَّ.. مُرّة هي الحياة »
وقالَ صاحبي: « هل عندكم رغيف؟
يا إخوتي؛ ما قيمةُ الإنسانْ
إن نامَ كلَّ ليلةٍ.. جوعانْ؟ »
أنا بخيرْ
أنا بخيرْ
عندي رغيفٌ أسمر
وسلّةٌ صغيرةٌ من الخضار
-4-
سمعتُ في المذياعْ
تحيةَ المشرّدينَ.. للمشرّدينْ
قالَ الجميعُ: كلّنا بخيرْ
لا أحدٌ حزينْ ؛
فكيفَ حالُ والدي؟
ألمْ يزَلْ كعهدهِ، يحبُّ ذكرَ الله
<FONT color=#00429a
ساحة النقاش