- الجزيرة نت: وديع عواودة. حيفا يواصل الجنود الإسرائيليون العائدون من لبنان أو المتماثلون للشفاء بعد إصابتهم على أرضه الكشف عن ضراوة المواجهة المفتوحة مع حزب الله.
ومن ضمن المعارك القاسية التي ذاق بها أؤلئك الجنود طعم الموت واكتووا بـ"جحيم المقاومة" كما قالوا كانت بجوار بلدة الغندورية أثناء اجتيازهم وادي حجير(السلوقي). تحت عنوان "وادي الدموع" أفردت يديعوت أحرونوت في ملحقها اليوم شهادات موسعة روى فيها الناجون من الجنود تفاصيل المصيدة المبللة بالدماء التي نصبتها المقاومة بإحكام واستعادوا لحظات الهلع بمرارة بالغة.
وكان أفراد وحدة المدرعات رقم 401 قد تمكنوا من التقاط أنفاسهم فقط صباح أمس عند عودتهم من منطقة السلوقي في القطاع الغربي التي دخلوها يوم السبت.
وتنقل الصحيفة على لسان أحد الضباط العائدين أن وادي السلوقي شهد واحدة من أكثر معارك المواجهة قساوة ومأساوية التي شهدها الجيش الإسرائيلي. وفي هذه المعركة أعطبت 10 من بين 12 دبابة وقتل 12 جنديا يوم السبت عقب ساعات من اتخاذ القرار الأممي بوقف العمليات الحربية. وتتعالى داخل الجيش انتقادات بشأن التحضيرات التي سبقت هذه المعركة وإدارتها بعدما أدخل رتل دبابات ميركافا لاجتياز وادي السلوقي في منطقة شديدة الانحدار حولته لهدف ثابت لنيران المقاومة التي كانت تكمن فيها بعدما ظنوا أنه تم تطهيرها بواسطة وحدة مشاة من فرقة "الناحل".
وكشف أحد قادة الجيش للإذاعة العامة أن المعركة في وادي السلوقي خططت لتكون معركة على الوعي تهدف لتقديم البرهان بأن الاعتقاد بعجز الجيش عن مواجهة حرب العصابات هو اعتقاد خاطئ والإثبات لحزب الله من هو سيد الموقف على الأرض. واعتبر الجنود أن إرسالهم للموت المحتوم من أجل معركة على الوعي أو من أجل صورة إهانة كبيرة، وعلق أحدهم على ذلك بالقول "أرسلونا كي نجلب صور مخربين قتلى أو رافعي الأيادي وبدلا من إحراز انتصار نفسي واحتلال وعي الآخر تلقينا العكس كيدا مرتدا وقاتلا".
وروى أحد الجنود أنهم أرسلوا بغية التقدم نحو الليطاني بعدما أبلغوا بأن المنطقة طهرت من عناصر حزب الله.
وأضاف "لكن حينما بلغنا منحدرات الوادي استهدفنا جنود حزب الله بالصواريخ المضادة للدروع بدون رحمة من القرى المنتشرة في نقاط تعلو المكان".
وقال أحد الجنود "كنا نظن أن المنطقة مطهرة وسرعان ما اكتشفنا أننا ولجنا الجحيم حيث بلغتنا الصواريخ من كافة الجهات دون أن يتوقع أحد منا أن نقع بمثل هذه المصيدة. هذا فشل ذريع".
ولفت جندي آخر إلى أن المعارك كانت صعبة للغاية منوها إلى عدم التنسيق بين القوات في الميدان وإلى الفرق الواسع بين ما قيل لهم وبين ما جرى في الواقع.
وذكر آخر "حسبنا أننا داخلون لمنطقة نظيفة وإذا بالنيران تصوب علينا من مخابئ ومنازل. عندما أصيبت الدبابة الأولى فهمنا أن الكابوس قد بدأ. أعرف أن الصاروخ الأول ليس الأكثر خطرا إنما الرشقة التي تليه. كان هذا مرعبا فأنت تفكر فورا أين يمكنك الاختباء وتكاد تموت خوفا من المجهول".
وأضاف: "كانت هذه نار الجحيم ولا تعرف متى ستطالك وفي سرك تصلي لأن تنتهي الهجمة لتسمع بالجهاز اللاسلكي أن الآليات لم تصب وأن أفرادها بخير ولكن هذا لم يحدث. ينبغي التحقيق فيما شهدناه في وادي السلوقي فبعد أن خلنا أننا نوشك على العودة مبتهلين ومتبسمين ورافعين الرايات عدنا بدون زملائنا". يذكر أن الجيش الإسرائيلي قد تعرض إلى معركة مشابهة بمحاذاة الجدول القريب من بلدة الغندورية في أغسطس/آب 1997 حينما حاول 15 جنديا من وحدة "غولاني" نصب كمين فوقعوا بكمين مضاد لحزب الله الذي أمطرهم بنيرانه وقتل أربعة منهم. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت شهادات مماثلة من قرية دبل التي اصطاد فيها عناصر المقاومة العشرات من الجنود الإسرائيليين داخل أحد منازلها وكبدوهم تسعة قتلى وعددا كبيرا من الجرحى.
وروى أحد الجنود لإذاعة الجيش اليوم أن عشرات الجنود تقدموا نحو قرية دبل وسط تعليمات متلعثمة ومبهمة، ودخلوا أحد المنازل الصغيرة وناموا بعد أن كلفوا أحدهم بحراسة الباب.
وتابع "بعد ثلاث ساعات استيقظنا على دوي انفجارات ظانين أن الجيش قصفنا خطأ وفور قيام القائد بفتح الباب كي يجلب جهاز الاتصال دخل الصاروخ الأول وغرقنا بغمامة من الغبار وسط صيحات المصابين. لم أعرف إذا كنت حيا أم ميتا وفعلا أحسست أنني في الجحيم ولاحقا فهمنا أن ذخائرنا انفجرت أيضا".
وذكر الشاهد أن تسعة جنود قتلوا فيما أصيب عشرون وتطرق إلى هرب الجنود المصابين إلى تلة مجاورة منتظرين طيلة ثلاث ساعات من يأتي لإسعافهم قبل أن يهربوا للحدود مشيا على الأقدام.
ساحة النقاش