<!-- / icon and title --><!-- message -->
أكدت الأبحاث العلمية الحديثة فوائد العسل في عدد من المجالات، ومن أحدث هذه الأبحاث، تلك التي قام بها أستاذ جامعي في جامعة waikato في نيوزيلندة، يدعى البروفيسور (بيتر مولان)، وقد قضى وزملاؤه في مخابر البحث عشرين عامًا في تجاربهم العلمية وفق شروط البحث العلمي السليم ـ على العسل، وخرجوا بعشرات الأبحاث العلمية التي نشرت في أشهر المجلات الطبية في العالم، نشر آخرها في شهر أبريل 2003م، ولم يكن هو الباحث الوحيد في هذا المجال؛ فقد قام عشرات الباحثين بنشر أبحاثهم أيضًا في مجال العسل.
وقلت في نفسي: يا سبحان الله، عالم غير مسلم، وربما لم يعلم بما جاء في القرآن الكريم، يقضي عشرين عامًا في البحث العلمي ليثبت فوائد العسل في علاج الجروح والقروح وغيرها، ثم ينشئ مراكز متخصصة لدراسة فوائد العسل على أمراض المعدة والربو وغير ذلك، وتسخّر له الإمكانات المادية للخروج بتلك الأبحاث، وهي ـ على ما أعتقد ـ من أكثر الأبحاث العلمية التي أجريت على العسل دقة وموضوعية، وهو الآن يحاضر في الجامعات الأمريكية حول العسل، ويستمع إليه المتخصصون بدهشة، بعد أن كانت أمريكا وأوروبا الغربية تتجاهل البحث في العسل. فخلال العشرين سنة الماضية كانت تنشر أبحاث قليلة متفرقة هنا وهناك. إلا أن هذا الباحث النيوزلندي قام بخدمات جُلَّى ـ ربما من حيث لا يدري ـ لإظهار الإعجاز القرآني في موضوع العسل.
وقد استعمل الإنسان العسل في علاج الأمراض منذ قديم الزمان. ومن الاعتقادات الشائعة بين الناس أن مُرَبّي النحل يعمّرون ويحيون حياة صحية مديدة أكثر من غيرهم.
ويذكر المؤرخون أن (فيثاغورث) صاحب نظرية فيثاغورث الشهيرة، قد عاش أكثر من تسعين عامًا، وكان طعامه يتألف من (الخبز والعسل). وأن أبا الطب (أبو قراط) الذي عمّر أكثر من 108 سنوات كان يأكل العسل يوميٌّا.
وفي حفل عشاء للاحتفال بعيد الميلاد المئوي ليوليوس روميليوس، سأله يوليوس قيصر عن سبب قوة صحته العقلية والجسمية حتى تلك السن المتأخرة، فأجاب: (العسل من الداخل والزيت من الخارج).
وقد يقول قائل: تذكرون أيها المسلمون أن قرآنكم جاء بأن في العسل شفاء: }فِيهِ شِفَآءٌ لِّلنَّاسِ{، ونحن نعلم أن كثيرًا من الأمم القديمة كالفراعنة واليونانيين والرومان كانوا يستعملون العسل في علاجاتهم، كما أن ذكر العسل قد ورد في الكتب السماوية السابقة، فأي إعجاز هنا؟ ونقول لهذا السائل: إن إعجاز آية النحل لا يكمن في ذكر أن العسل شفاء للناس فحسب، ولكن الإعجاز كله يكمن في ثلاثة أمور:
الأول: أن الله تعالى لم يذكر العسل صراحة في الآية فقال: }يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ{ ولم يقل: (يخرج عسل) وترك الله تعالى للإنسان أن يدرس ماذا يخرج من النحل من عسل، وغذاء ملكي، وعكبر، وشمع، وسم نحل. يدرس خصائص هذه المواد ويعلم تركيبها، وهذه هي مرحلة التعرف.
الثاني: أن في هذا الذي يخرج من النحل شفاء: ففي العسل شفاء، وفي غذاء الملكة شفاء، وفي العكبر شفاء، وفي الشمع شفاء، حتى في سم النحل ذاته شفاء. وكيف يتأكد الإنسان أن في هذه المواد شفاء دون أن يبحث فيها ويتدبر، ويجري الدراسات والأبحاث، ليتعرف على الخصائص العلاجية الشافية لهذه المواد. أفي هذه المواد ما يقتل الجراثيم الفتاكة، أم بها مقو للمناعة، أم أنها تشفي العيون والجلد والأسنان، أم سوى ذلك؟ وهذه مرحلة البحث العلمي في المختبرات.
الثالث: قوله تعالى: (شِفَآءٌ لِّلنَّاسِ) فلم يقل المولى ـ جل في علاه ـ شفاء لكل الناس، بل ترك الأمر مطلقًا ليبحث العلماء عن الأمراض التي جعل الله في هذه المواد لها شفاء.
وفي هذا حث للإنسان أن يقوم بإجراء الدراسات لمعرفة الناس الذين تَشفي أمراضَهم هذه المواد. في كلمات ثلاث (فِيهِ شِفَآءٌ لِّلنَّاسِ) معجزات ومعجزات: لفت فيها النظر إلى ما يخرج من بطون النحل. ثم قال: إن في هذا وذاك شفاء. وترك الأمر لنا لنعرف من يَشفى بهذا ومن يَشفى بذاك.
في كلمات ثلاث أرسى الله تعالى قواعد البحث العلمي في الطب وعلم الأدوية. فحين يعتقد العلماء أن في نبات ما مادة دوائية، يدرسون تركيبها وخصائصها أولاً، ثم يجرون أبحاثًا في المختبرات، في الأنابيب وعلى حيوانات التجربة، ليتعرفوا على الخصائص الشافية فيها، وهذه هي المرحلة الثانية. ثم ينتقل البحث إلى الإنسان فتجرى الدراسات على أولئك المرضى الذين يمكن أن تكون لهم شفاء. ألم يختم الله تعالى آية النحل بقوله: (إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
وفي حديث العسل وقفات عديدة في أبحاث علمية نشرت خلال السنوات القليلة الماضية في مجلات طبية رصينة نقتطف منها هذه الدراسات.
استخدام العسل كضماد للجروح:
ففي دراسة نشرت في مجلة Ann Plast Surg في شهر فبراير 2003م، وأجريت على 60 مريضًا هولنديٌّا مصابًا بجروح عميقة مختلفة؛ شملت الجروح المزمنة (21 مريضًا)، والجروح المعقدة (23 مريضًا)، وجروحًا ناجمة عن الرضوض الحادة (16 مريضًا).
أكد الباحثون أن استعمال العسل كان سهلاً في تطبيقه عند كل المرضى إلا واحدًا، وساعد في تنظيف الجروح، ولم يحدث أي تأثير جانبي لاستعماله في علاج تلك الجروح.
وذكر الباحثون أن العديد من الأطباء ما زال يتردد في استخدام العسل كعلاج موضعي للجروح، وذلك لأن البعض يعتقد أن استعمال العسل يبدو غير محبب بسبب لزوجته ودبقه(10).
العسل وقشرة الرأس:
بما أن للعسل تأثيرًا قاتلاً للجراثيم، ومضادٌّا للفطور، ومضادٌّا للأكسدة، وبما أنه يتمتع بقيمة غذائية عالية ـ فقد قام باحث يدعى الدكتور (Al ـ Waili) بإجراء دراسة لمعرفة تأثير العسل في معالجة التهاب الجلد الدهني وقشرة الرأس.
ونشرت نتائج دراسته في مجلة Eur J Med Res عام 2001م. فقد درس ثلاثين مريضًا مصابًا بالتهاب الجلد الدهني المزمن الذي يصيب فروة الرأس والوجه ومقدم الصدر. وكان عشرون منهم من النساء، وعشرة من الرجال، وتراوحت أعمارهم بين 15 و60 عامًا.
وكانت الآفات الجلدية عندهم تطرح قشورًا بيضاء فوق سطح جلدي محمر. وقد طلب من المرضى وضع محلول ممدد من العسل (90% عسل ممدد في ماء دافئ) كل يومين على المناطق المصابة في الرأس والوجه مع فرك لطيف يستمر من 2 ـ 3 دقائق.
ويترك العسل لمدة ثلاث ساعات قبل غسل العسل بالماء الدافئ. وقد تابع الباحث هؤلاء المرضى يوميٌّا من حيث شكواهم من الحكة والتقشر وسقوط الشعر. واستمر العلاج لمدة 4 أسابيع، وقد استجاب كل المرضى بشكل جيد جدٌّا لهذا العلاج. فقد اختفت الحكة والتقشر خلال أسبوع واحد. كما أن الآفات الجلدية قد شفيت خلال أسبوعين.
ثم تابع المرضى لمدة ستة أشهر أخرى على أن يطبقوا العسل على المنطقة المصابة مرة واحدة في الأسبوع. ولاحظ الباحث أنه لم يحدث نكس في الأعراض عند أي من الـ 15 مريضًا الذين طبقوا العسل موضعيٌّا على مكان الالتهاب الجلدي الدهني مرة واحدة كل أسبوع، في حين عادت الآفات الجلدية للظهور خلال شهرين إلى أربعة أشهر عند 12 مريضًا من أصل 15 مريضًا توقفوا عن العلاج بالعسل.
واستنتج الباحث في ختام دراسته أن العلاج بالعسل موضعيٌّا يمكن أن يحسن أعراض التهاب الجلد الدهني بشكل كبير، ويمنع انتكاس الأعراض إذا ما طبق مرة كل أسبوع(20).
وصدق المولى تعالى حيث يقول: {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (69) سورة النحل
العسل في التهاب المعدة والأمعاء:
ففي دراسة نشـــرت بمجلة Pharmacol Res عام 2001م ـ أثبت البـاحثون أن العسـل يمكـن أن يســاعد في علاج التهاب المعـــدة، فقــد أعطيت مجمـوعة من الفئران الكحول لإحــداث تخــريشــات وأذيات في المعدة، ثم أعطيت مجمـــوعة أخرى العسل قبل إعطائها الكحول، فتبين أن العسل استطاع أن يمنع حدوث الأذيات المعدية الناجمة عن الكحول(16).وكانت دراسة سابقة نشرت في المجلة الإسكندنافية للأمراض الهضمية عام 1991م قد أظهرت نتائج مماثلة.
كما قام الباحثون بإجراء دراسة أخرى حول تأثير العسل الطبيعي على الجـرثوم الـــذي ثبت أنـــه يمكــن أن يســــبب قرحة المعدة أو التهاب المعدة والتي تدعى جرثومة Helicobacter Pylori ـ فتبين أن إعطـــاء محلــــول من العسل بتركيز 20% قد استطاع تثبيط ذلك الجرثوم في أطباق المختبر. وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة Trop. Gastroent عام 1991م. ويحتاج الأمر إلى إجراء دراسات على الإنسان.
ومن أوائل الأحاديث التي استوقفتني في موضوع الطب النبوي حديث رواه البخاري ومسلم فقد جاء رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ:
إِنَّ أَخِي استطْلَقَ بَطْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم: (اسْقِهِ عَسَلاً)، فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَقَيْتُهُ عَسَلاً فَلَمْ يَزِدْهُ إِلا استطْلاقًا، فَقَالَ لَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَال: (اسْقِهِ عَسَلاً) فَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلا استطْلاقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم: (صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ)، فَسَقَاهُ فَبَرَأَ.
فقد نشرت مجلة B M J الإنجليزية الشهيرة عام 1985م دراسة على 169 طفلاً مصابًا بالتهاب المعدة والأمعاء.
وأعطي 80 طفلاً المحلول العادي مضافًا إليه 50مل من العسل بدلاً من سكر العنب (الجلوكوز).
ووجد الباحثون أن الإسهال الناجم عن التهاب المعدة والأمعاء استمر 93 ساعة عند الذين لم يعطوا العسل، في حين شفي الذين أعطوا العسل في وقت أقصر (58 ساعه)
ساحة النقاش