السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..كتاب (قصص وعبر حقيقية للتائبين ..عنبر الحياة (الإعدام سابقا)))
الكتاب للشيخ احمد فريد حفظه الله يحكى فيه قصص لبعض التائبين ممن حكم عليهم بالإعدام في جرائم بشعة أراد الله أن تكون سببا في توبتهم وهدا يتهم وقد علم الشيخ بحكاياتهم عن طريق احد الإخوة الكرام الذين تربوا في ربوع الدعوة السلفية المباركة وهو( أبو عبد الرحمن )حيث قدر له أن يسجن فى عنبر الحياة (الاعدام سابقا )فإذا به يتعرف على هذا الشباب الذى يرتدى البدلة الحمراء بعد ان حكم عليهم بالاعدام ففتح لهم قلبه واستمع الى قصصهم _قصص الضياع والجريمة والشقاء_فشكوا اليه ما يقطع قلوبهم مما جنت أيديهم وسالت الدموع غزيرة تحكى مرارة الألم الذى يعصر قلوبهم كلما تذكروا جرائمهم النكراء وكأنهم كانوا فى عالم غير العالم الذى نعيشه او كانو سكارى ثم افاقوا من سكرهم على الواقع المرير ؛انهم الان يرتدون البدلة الحمراء وينتظرون مع اشراقة كل صباح ان يفتح عليهم باب الزنزانة حتى يلاقوا جزاء جرائمهم فسبحان من انعم عليهم بالتوبة واخرجهم من الظلمات الى النور فكانوا يتسابقون الى طاعة الله عزوجل فتسابقوا فى حفظ القران والقيام والصيام والذكر والاستغفار وكان من دعاهم الى الله عزوجل (ابو عبد الرحمن )يغبطهم على هذه العبادة ويتمنى من الله عزوجل ان يوفق توفيقهم فى طاعة الله عزوجل
فأطلقوا على هذا العنبر الذى ما عرفوا الحياة الحقيقية الا فيه عنبر الحياة كما أطلقوا على حبل الموت حبل الحياة لانه يوصلهم الى الحياة الدائمة الباقية فى رحمة الله عزوجل .
القصة الأولى
عجائب الرحمة بقاتل أمه
قال ابو عبد الرحمن : كانت بداية القصة وانا اتصفح جريده من الجرائد اليوميه حيث قرأت خبر حادثة شنيعة تحت عنوان جريمة فظيعة هزت الاسكندريه
شاب يقتل امه لانها رفضت زواجه من اسرائيليه : وقعت الجريمه فى دائرة قسم محرم بك وشاءت الأقدار ان انزل معتقلا سياسيا فى هذا القسم لبضعة ايام والتقيت هذا الشاب فوجدته شابا نحيفا طويل القامة هادىء الطباع وكانت زنزانتى بجوار زنزانته وكان يمر على أثناء ذهابه للوضوء فلفت نظره انى رجل ملتحى واقبل الى متلهفا كأنه وجد ضالته وقال لى يا شيخ
اننى ارتكبت جرما كبيرا اننى قتلت امى فهل لى من توبة ؟ فقلت له يا اخى ان كان ذنبك عظيما فعفو الله عزوجل اعظم والله تبارك وتعالى يقول قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفور الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم
فتهلل وجهه بالفرح فقلت له يا اخى تب الى الله واكثر من الاستغفار والدعاء لامك عسي الله ان يعفو عنها بدعائك فتعفو عنك يوم القيامه فيغفر الله لك ....وافترقنا على ذلك وذهبت الى معتقلى وكنت اسكن فى عنبر الاعدام ومرت الايام تلو الايام وفى ذات يوم رايت هذا الشاب داخلا على العنبر وقد حكم عليه بالاعدام فاعتنقته وقلت له هل تذكرنى .؟فقال لى نعم اذكرك جيدا فانت الذى فتح الله على بك ابواب رحمته وابشرك باننى منذ تركتك فاننى مواظب على الدعاء والذكر والاستغفار لامى عسي الله ان يغفر لى ويرحمنى وقد كان كما قال فرايته شغوفا بذكر الله عزوجل كان مواظبا على قراءة القران وكان حريصا على ختمه كل سبعة ايام وما يعلم بشىء من الخير امر به الرسول صلى الله عليه وسلم الا وكان من المسارعين اليه وكان حريصا على ان يكون سببا فى الحياة الطيبة لامه فى الاخره كما كان سببا فى انقطاع الحياة عنها فى الدنيا ...علم ذات يوم ان من حفظ القران الكريم كاملا شفه فى عشرة من اهله يوم القيامه وكسي والده حلة الكرامة فيكرمان على رؤوس الاشهاد يوم القيامة فقال لى يا شيخ احق هو ؟؟؟قلت حق ورب الكعبة فاجتهد وتوكل على الله ..فقال لى : وهل من الممكن ان اصل الى هذه الدرجة فقلت له : ولما لا فقد من الله عز وجل على الصحابة فاخرجهم من ظلمات الكفر وهو اعظم من القتل الى نور الايمان وهو اكبر الاعمال بل وجعلهم اصحابا لنبيه صلى الله عليه وسلم بل وجعلهم خير امة اخرجت للناس فبكي وقال ذنبي كبير يا شيخ ذنبي كبير كبير فانا لم اقتل جارا ولا صاحبا ولا صديقا ولم اقتل انسانا عاديا (( انا قاتل امى ))وانهمرت عيناه بالبكاء
فقلت له اخى ابشر بعفو الله (( ان ربك واسع المغفرة ))
وماذا يساوى ذنبك فى عفو ارحم الراحمين ..يا اخى ان الله عزوجل خلق الرحمة مائة رحمة انزل منها رحمة واحدة فى الدنيا وادخر منها تسعة وتسعين الى يوم القيامة
تخيل يا اخى الحبيب برحمة واحدة يتراحم الناس فيما بينهم برحمة واحدة ترفع الفرس حافرها عن ولدها مخافة ان تصيبه ..برحمة واحدة يرزق الله الكافر ويسبغ عليه الكثير من النعم فيطعمه ويسقيه ويكسوه ...كل ذلك برحمة واحده يا اخى
فتخيل كيف تكون رحمة ربك فى يوم يتطاول فيه الشيطان بعنقه طمعا فى هذه الرحمة ..اتدرى لماذا ؟؟ لانه راى عجبا !! راى ذنوبا كبيرة عظيمة يغفرها الله عزوجل ولا يبالى
وسبحان الله ..ما ان سمع هذه الكلمات حتى استنار وجهه ورأيت الفرح والسرور مزينا لوجهه فرحا بالله ..فرحا بعفو الله وساعتها عاهدنى ان يحفظ القران حتى يختمه فكان يحفظ كل يوم ربعا من القران او ربعين وكان يسمعها غيبا وفتح الله عليه فاخذ يقرا فى كتب العلم والعقيدة والسيرة حتى انعم الله عليه بقسط من العلم واستمر على هذه الحال وكان دوما فى ازدياد والحمد لله رب العالمين حتى حفظ القران كاملا وكان يقوم به الليل كل اربعة ايام او خمسة ؛
واحيانا كان يقرأ بألف اية فى الليل حتى يكون من المقنطرين وصام شهرين متتابعين كفارة القتل ثم بعد ذلك صار يصوم يوما ويفطر يوما فكان صواما قواما ..حتى تمنيت ان اكون على مثل حاله فى العبادة والصبر عليها وكان كثيرا ما يقول لى : كم انا فى شوق الى ربي عزوجل ؛ كفى بالموت تحفه للمؤمن ؛يا شيخ ان اعظم يوم فى حياتى هو ذلك اليوم الذى ينفذ على فيه حكم الاعدام لانه يوم اللقاء مع الحبيب يوم الرجوع الى الغفور الشكور الذى يغفر الكثير من الذلل ويقبل القليل من العمل
فقلت له جعلك الله من الصادقين فابشر يا اخى برحمة الله عز وجل وفى اخر يوم له فى الحياة قال لى : انا اشعر بانني سوف يفرج عنى من سجن الدنيا هذه الايام فبماذا تنصحنى ان افعله لكى افوز فى هذا اليوم بافضل الاعمال واعظم الأجور فقلت له احرص على قول لا اله الا الله
فانها افضل الذكر واعظم فى الميزان من السماوات والارض فقال لى : ما رايك فى ان اكثر من قول لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين ؟ فتبسمت وقلت له : لقد اخترت دعاء عجبا فان اوله تهليل واوسطه تسبيح واخره اعتراف بالذنب فاكثر منه وارجو من الله ان يرحمك به وان يتقبله منك برحمته ولا تنسي ان تصلى ركعتين سنة القتل ولا تفتر عن الذكر والدعاء
وكان عنده شىء من الطعام الطيب فاستاذن وتركنى مسرعا وقال لى اريد ان افعل شيئا قبل فوات الاوان فاخذ الطعام وتصدق به على اخوانه فقلت له : كم بقي من الطعام يا فلان ؟ فقال لى بقي كله ان شاء الله ...ثم فارقنى وهو يقول لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين وفى عينه نظرات الوداع وكأنه كان يشعر بما ينتظره من امر الله عزوجل وبعد ان مضى الليل وبرق الفجر ورفع الاذن مجلجلا فى ارجاء الكون فاستيقظت لصلاة الفجر واستيقظ هو وكل من حولنا وحانت ساعة الصفر فقطع سكون الصوت صوت خطوات كثيرة مسرعة تتجه نحو حجرة صاحبي ففتحوا عليه الباب فى خفة الطيور فوجدوه وقد فرغ من صلاته ممسكا بكتاب ربه يرتل ايات من القران فكان اول قول له حين رآهم لا اله الا الله ..انا لله وانا اليه راجعون ؛ لا اله الا الله
فقيدوه واخرجوه وخرج معهم فى سكينة وفرح ووقار قد الهمه الصبر والثبات فى لحظة لا يثبت فيها الا المؤمنون خرج وهو يردد لا اله الا الله ..وسلم على اخوانه واحدا بعد الاخر وهم يردون السلام ويقولون لا اله الا الله ومن كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة
فانطلقوا به الى المكاتب ومكث هناك ساعة قال لنا من كان معه انه توضأ فيها وصلى ومكث يذكر الله عزوجل وقد حاول بعض الضباط ان يعطيه طعاما فقال له انى صائم والحمد لله؛ فقد كان يصوم ويفطر يوما وكان من فضل الله عزوجل عليه ان جاءه التنفيذ وهو صائم فسبحان ارحم الراحمين ..وفى تمام الساعة السابعة صباحا مر من وراء المبنى الذى نسكن فيه متجها الى حجرة الاعدام فرايته ورانى فقال لى : السلام عليكم ورحمة الله .. لا اله الا الله
فقلت له ابشر يا اخى الحبيب بعجائب رحمة الله (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ))
ثم انطلقوا به الى حجرة الاعدام ونوافذ حجرات اصحابه تطل على هذه الحجرة بحيث يرون عن قرب معظم مراسم الاعدام ويرونه فى اخر لحظات عمره قبل الدخول للتنفيذ فاوصاهم بدوام الطاعه والذكر والثبات على الاسلام حتى الممات واوصى اخا له بكتابة اوراق صغيره يأمر بقراءة سور يس والدخان والرحمن والواقعة والحشر وتبارك ..وان يوزع تلك الوريقات على كل من فى المكان وامرهم ان يقرأوها بترتيل وتدبر لانه كان يعلم ان الدال على الخير كفاعله ثم استدار الى احب اخوانه اليه وقال لا تنس قيام الليل يا فلان ثم سجد شكرا لله عزوجل بعدها لقنه الشيخ ثم هرول الى الحبل وما هى الا لحظات حتى فاضت روحه الى بارئها
تغمده الله بواسع رحمته ...وكان من فضل الله عليه انه راى قبل موته بايام امه فى رؤيا وهى تقول له: يا بنى اعلم اننى راضية عنك
وهذه من المبشرات له برحمة الله عزوجل ....
نشرت فى 1 ديسمبر 2005
بواسطة emansamy
عدد زيارات الموقع
1,306,732
ساحة النقاش